عنوان الفتوى : دور العم في توجيه ونصح أولاد أخيه

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

لو أن أبوين لهما أولاد يذهبون إلى المدرسة الثانوية ، فهل يجوز لأحدهما أن يذهب لتأدية الحج ؟ إلى أي مدى يستطيع العم أن يساعد في توجيه أولاد وبنات أخيه ، مثلا تذكيرهم بالصلاة ، وتوجيههم في كل نواحي الحياة الممكنة لأن الآباء لا يقومون بالالتزام بواجباتهم على أكمل وجه ، وثقافتهم لدرجة كبيرة ليست إسلامية ؟ .

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

الحمد لله.

أولاً:

إذا كنتَ أنت العم : فإنه يسرنا جدّاً اهتمامك بأولاد أخيك ، وحرصك على رعايتهم والعناية بهم ديناً وخلُقاً ، ونرجو الله أن يتقبل منك غيرتك على الدين ، وأمرك بالمعروف ، ونهيك عن المنكر .

ثانياً:

اعلم أن واجب المسلم أن يقدم النصيحة لمن يستطيع إيصال النصح له ، وأن على المسلم أن يبدأ بالأقرب ، فالأقرب ، كما قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) الشعراء/ 214 ، والأمر له أمرٌ لأمَّته .
قال الشوكاني – رحمه الله – : " خصَّ الأقربين لأن الاهتمام بشأنهم أولى ، وهدايتهم إلى الحق أقدم " انتهى . " فتح القدير " ( 4 / 171 ) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - : " ولما أمره بما فيه كمال نفسه : أمره بتكميل غيره ، فقال : ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) الذين هم أقرب الناس إليك ، وأحقهم بإحسانك الديني ، والدنيوي ، وهذا لا ينافي أمره بإنذار جميع الناس ، كما إذا أُمر الإنسان بعموم الإحسان ، ثم قيل له : " أحسن إلى قرابتك " ، فيكون هذا خصوصاً دالاًّ على التأكيد ، وزيادة الحق ، فامتثل صلى الله عليه وسلم هذا الأمر الإلهي ، فدعا سائر بطون قريش ، فعمَّم وخصَّص ، وذكَّرهم ووعظهم ، ولم يُبْق صلى الله عليه وسلم من مقدوره شيئاً ، من نصحهم ، وهدايتهم ، إلا فَعَله ، فاهتدى مَن اهتدى ، وأعرض من أعرض " انتهى . " تفسير السعدي " ( ص 598 ) .

ثالثاً:

اعلم أنه ليس للعم ولاية مباشرة على أولاد أخيه إذا كان أبوهم حيا ، ولذا فإنه لا يستطيع أمرهم كما يأمر أولاده ، ولا أن يستعمل الشدة كما يستعملها مع أولاده ، وهم ولا شك أولى من الأجانب أن يأخذوا من اهتمام عمهم ، لكن ليسوا هم في الحقيقة مسئوليته المباشرة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - : " قال الله عز وجل : ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) يخاطب النبيَّ عليه الصلاة والسلام ، والعشيرة تنقسم إلى قسمين : قسم لك ولاية عليهم مباشِرة ، كأولادك وأهلك ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته ) ، وقسم آخر من العشيرة منفصلاً عنه ، ولست مسئولاً عنه سؤالاً مباشراً ، فأما الأول : فإن مسئوليتك نحوه أبلغ من الثاني ، والثاني له عليك مسئولية أبلغ من الأجانب الذين ليس بينك وبينهم قرابة ، والجيران أبلغ ممن ليس بجار ، فعليك أن تؤدي لكل إنسان حقه ، وأن تكون دعوتك بالحكمة ، والموعظة الحسنة ، والمجادلة بالتي هي أحسن ، وأن تستعمل العنف إذا كان أنفع ، واللين إذا كان أنفع ، فمن المعلوم – مثلاً - أن دعوة الإنسان لأهله الذين له الولاية المباشرة عليهم ليست كدعوته للأجانب ، الأولون قد تستعمل معهم الشدة ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( واضربوهم عليها لعشر ) لكن الآخرين لا تستعمل الشدة ، استعمل الرفق واللين ، وكم من كلمة لينة جذبت من كان بعيداً عن الحق ، والإنسان العاقل يستعمل ما يرى أنه أصلح، فليس هناك ضابط يستوي فيه الناس كلهم " انتهى . " لقاءات الباب المفتوح " ( 125 / جواب السؤال رقم 16 ) .

رابعاً:

لا نرى مانعاً من ذهاب أحد الأبوين لأداء مناسك الحج ، بل هو ركن من أركان الإسلام ، يجب أداؤه على المستطيع منهما ، إلا أن الأم بحاجة لمحرَم من الرجال يرافقها في سفرها ؛ فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سفر المرأة إلا ومعها محرَم .
وعلى الأب أذا سافر للحج : أن يترك نفقة لأهله ، وأن يوصيهم ويذكرهم بما فيه صلاح دينهم .
وليعلم الآباء والأمهات عظَم الأمانة التي هي بين أيديهم ، فيجب عليهم تربية أولادهم على طاعة الله ، وعلى البعد عن المعاصي ، وليعلموا أن الله تعالى سائل كل راع عن رعيته ، فمن نصح وأدى الأمانة : فقد فاز ، ومن لم ينصح لهم ، وضيَّع الأمانة : فقد خسر ، ولا ينبغي للأهل التركيز على ذريتهم بأمور الدنيا من الطعام ، واللباس ، والدراسة، ويغفلون عما هو أهم من ذلك كله ، وهو الدِّين ، وهو الذي به سعادة المرء دنيا وأخرى .
ونسأل الله تعالى أن يتقبَّل حجَّهم ، وأن يعينهم على تربية أولادهم ، وأن يجزي عمَّ الأولاد خيراً على اهتمامه بأولاد أخيه ، ومحبة الخير لهم ، وليحذر من التعامل مع زوجة أخيه على أنها من محارمه ، فهي أجنبية ، لا يحل له رؤيتها ،ولا الخلوة بها ، وليكن منتبهاً لمكائد الشيطان ووساوسه .

والله أعلم

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...