عنوان الفتوى : التبكير إلى الجمعة والتنفل المطلق قبل الخطبة
هناك مسجد يشترط إمامه أن تصلي سنة الجمعة القبلية والذي لا يصلي فيه هذه الصلاة يخشى على نفسه من سطوة السلطان الجائر إلا أنني أتاخر عن الذهاب إلى المسجد حتى يؤذن علما أني جالس في البيت وليس لدي عمل لأتأخر عن الصلاة وأدخل المسجد لأصلي تحية المسجد فلا يعلمون ماذا صليت أفتونا هل تأخري عن الذهاب إلى صلاة الجمعة لترك البدعة أؤجر عليه أم أحاسب عليه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا أنه ليس للجمعة سنة قبلية في الفتوى رقم: 4301،والفتوى رقم : 5293، وإن كان في المسألة خلاف لبعض أهل العلم كما أشرنا إليه في الفتوى المحال عليها، وإذا كنتَ تتعمد التأخر إلى ما بعد الأذان الثاني وصعود الخطيب المنبر فهذا خطأ بلا شك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الإمام إذا صعد المنبر طوى الملائكة الصحف وجلسوا يستمعون الذكر، فأنت بهذا تفوت على نفسك فضلاً عظيماً.
وأما إذا كنت تتأخر إلى ما بعد الأذان الأول لتدخل المسجد فتصلي بنية تحية المسجد، والناس يصلون ما يسمونه السنة القبلية، فأنت لم تصنع شيئا لمشاركتك الناس في صورة ما يفعلونه، ونحنُ ننصحك بما هو خيرٌ لك من هذا كله، فإن التبكير للجمعة مشروع فلا تفوت فضيلة التبكير لأجل ما أحدثه الناس من مخالفة، فإن الحق لا يُترك للباطل، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم ندبَ إلى التنفل المطلق قبل صعود الإمام المنبر، كما في حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى. رواه البخاري.
وعليه، فالذي ننصحكَ به أن تبكر إلى الجمعة، ثم تصلي ما كتبه الله لك حتى يصعد الإمام المنبر، وأنت بهذا على خير، ولا يضرك ما يفعله الناس من قيامهم لما يسمونه السنة القبلية.
ويمكنك أن تبحثَ عن مسجدٍ آخر لا تُرتكبُ فيه هذه المخالفة وهذا أحسن، وعليكَ بمناصحة هذا الإمام بلينٍ ورفق ببيان أقوال أهل العلم وذكرها له، فلعله أن يرجع عن قوله.
وينبغي أن يعلم أن هذه المسألة محل خلاف بين الفقهاء كما أشرنا من قبل، فمنهم من يرى استحباب الصلاة قبل الجمعة ويستدلون بحديث وإن كان لا يصح. فبيان هذا النوع من المسائل ينبغي أن يكون بذكر الحجج العلمية للمخالف، ولا ينبغي إحداث النزاع والشقاق بسبب هذا النوع من الخلاف في مسائل العلم، وإن خشيت ضرراً من هذا البيان فلا شيء عليك في تركه فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.