عنوان الفتوى : أنواع القتل وما يترتب على كل نوع من أحكام
ماهوحكم القتل بغير قصد كالضرب الذي يفضي إلى الموت ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن القتل ينقسم إلى ثلاثة أنواع:
1-العمد.
2-شبه العمد.
3-الخطأ.
والتفريق بينها يتوقف على أمرين:
1-القصد.
2-نوع الآلة المستخدمة في القتل.
وحقيقة القتل العمد: هو أن يقصد قتل شخص بما يقتل غالباً، كالسيف والسكين وغيرهما، مما هو محدد أي: (الآلات الحادة)، وكذلك ضربه بمثقل كبير يقتل مثله غالباً. سواء كان من حديد، كمطرقة وشبهها، أم كان من غير الحديد كالحجر الكبير، ويدل لذلك ما رواه أنس رضي الله عنه أن جارية وجد رأسها قد رض بين حجرين، فسألوها من صنع بك هذا؟ فلان فلان؟ حتى ذكروا يهودياً، فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي فأقرّ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين. رواه البخاري. ومعنى رض رأسها: أي: دق. ويدخل في العمد أيضاً: إطلاق الرصاص على المجني عليه فيموت منه، وغرز إبرة في مقتل فيموت منه... إلخ.
وحقيقة شبه العمد: أن يقصد المكلف الجناية على إنسان معصوم الدم بما لا يقتل عادة، كأن يضربه بعصاً خفيفة، أو حجر صغير، أو يلكزه بيده، أو بسوط، أو نحو ذلك فيصيب منه مقتلاً فيموت من ذلك. قال البهوتي في كشاف القناع: (وشبه العمد أن يقصد الجناية: إما لقصد العدوان عليه، أو قصد التأديب له، فيسرف فيه بما لا يقتل غالباً، ولم يجرحه بها فيقتل، قصد قتله، أو لم يقصده، سمي بذلك لأنه قصد الفعل، وأخطأ في القتل..) إلخ. كشاف القناع(5/603)
وحقيقة القتل الخطأ: أن يفعل المكلف ما يباح له فعله، كأن يرمي صيداً، أو يقصد غرضاً، فيصيب إنساناً معصوم الدم فيقتله، أو كان يحفر بئراً، فيتردى فيها إنسان، .. إلخ. فقه السنة للسيد سابق(2/438).
وعرفه ابن قدامة بقوله: (والخطأ: وهو أن لا يقصد إصابته فيصيبه فيقتله). الكافي (4/3)
والقتل العمد يوجب أموراً أربعة:
1-الإثم.
2-الحرمان من الميراث.
3-الكفارة فيما إذا عفا ولي الدم أو رضي بالدية. أما إذا اقتص من القاتل فلا تجب عليه الكفارة.
4-القود: أي (القصاص) أو العفو.
ويوجب شبه العمد أمرين:
1-الإثم، لأنه قتل نفس حرم الله قتلها إلا بالحق.
2-الدية المغلظة على العاقلة.
كما يوجب القتل الخطأ أمرين:
1-الدية المخففة على العاقلة مؤجلة في ثلاث سنين.
2-الكفارة: وهي عتق رقبة مؤمنة، سليمة من العيوب المخلة بالعمل والكسب، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين. وأصل ذلك قول الله تعالى: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأً)[النساء:92] ولا يأثم القاتل هاهنا لأنه لم يتعمد القتل ولم يقصده.
وبناءً على ما تقدم، فإن كان القصد من الضرب الاعتداء بغير حق وإلحاق الأذى بما لا يقتل غالباً فهو شبه عمد، وليس من قبيل الخطأ. وإن انتفى قصد الاعتداء مثل أن يرمي صيداً فيصيب إنساناً فهو خطأ. ولمزيد من التفصيل يمكنك مراجعة المغني لابن قدامة، وكشاف القناع للبهوتي، وفقه السنة للسيد سابق، والفقه المنهجي على مذهب الشافعي لمصطفى الخن، والبغا، والشوربجي .
والله أعلم.