عنوان الفتوى : شاب يعاني من الشهوة في يقظته واحتلامه بشقيقته في منامه !
أحاول دائماً أن أكون أفضل مسلم ، قدر استطاعتي ، فأصلِّي ، وأصوم ، وأتلو القرآن بقدر ما أستطيع ، إلخ ، إنني في ال 16 من عمري ، وفي هذا العمر الولد يخرج منه المني كثيراً ، والذي يخرج بطريقة أو بأخرى ، مثل : الاستمناء باليد ، والأحلام ، وغيرها ( هذا يحدث مرة أو مرتين في الأسبوع ، هذا إذا لم يخرج بطرق أخرى ) ، والآن في الأحلام يحلم الشخص بامرأة فاتنة ، وكما قلت إنني أحاول أن أكون مسلماً جيِّداً فلا أنظر إلى جمال الفتيات ( لأنه حرام ) ، وأنظر ، وأرى ، وأتكلم فقط إلى محارمي ( وبدون شهوة طبعاً ) ، وإحداهن أختي ، وهي فتاة جميلة ، وفاتنة ! أراها كل يوم لأننا أخ وأخت ، أحلم بها في منامي ، وهذا يجعلني أشعر بمرض لا أدري كيف أتخلص منه ؛ لأنها موجودة معي في نفس البيت ، والأحلام لا يمكن تفاديها ؛ لأن المني لا بد أن يخرج بسبب ذلك ، أحاول إيجاد حلول وسأكون شاكراً لكم إذا استطعتم عوني في هذا الشأن ، هناك حلاَّن وجدتهما ، ولكنهما حرام - وهما أفضل من أن تحلم بأختك – أحدهما : أنني أنظر إلى امرأة مثل ممثلة ، أو أخرى ، أُعجب بجمالها ، فيحل ذلك محل أختي في الأحلام ، هل هذا حسن ؟ وإذا كان لا : فلماذا ؟ فأنا متأكد أن هذا أحسن من رؤية أختي في منامي ، وثانيهما : أن أستمني بيدي بدون تخيل أحد ما أو صورة ما في مخيلتي ، فقط مرة واحدة لكي يخرج المني بالاستمناء ( وهذا يعني أنني سأتخلص من الأحلام بقدر المستطاع ) ، أعلم أن الاستمناء حرام ، لكني أجده أفضل من أن أحلم بأختي ، وهذا بحق محرج ، هل هذا ابتلاء من الله ؟ أرجو إخباري : أيّا منها ينبغي عليَّ أن أفعل ، وإذا كانت الإجابة بلا : فما ينبغي عليَّ فعله ؟ أرجو الإجابة سريعاً .
الحمد لله
أولاً:
من فضل الله تعالى عليك - أخي السائل – أن وفقك في هذا السن إلى عبادته ، وطاعته ، ومن فضله عليك أن رزقك نفساً لوَّامةً تلومك على التقصير في طاعته ، وتلومك على فعل ما لا ينبغي لك فعله ، وتلك النعَم من الرب تعالى تحتاجان لشكر قلبي ، وقولي ، وعملي ، وخاصة وأنت ترى حولك الشباب في مثل سنِّك كيف جرفهم تيار الشهوات ، وغرقوا في بحار الهوى والضلال والانحراف .
ثانياً:
يجب أن تعلم أن الاحتلام يحصل للنساء والرجال ، وللعزاب والمتزوجين ، ويحصل لمن قرأ الأذكار قبل نومه ، ولمن لم يفعل ، وأنه لا إثم على ما يراه الإنسان في نومه ؛ لأنه لا يملك إيجاده ، ولا دفعه ، ومثل ذلك لا يحاسَب عليه المسلم ، كما أنه لا يُثاب على ما يفعله في منامه من طاعات وعبادات ، وقد صحَّ الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم برفع قلم التكليف عن " النائم حتى يستيقظ " .
فلا ينبغي لك القلق من هذا الذي تراه في منامك ، والذي عليك القلق من جهته ، والاهتمام له هو ما تفعله وقت يقظتك ، وهو ما اقترحته من علاج لمشكلة احتلامك بأختك ، وكلا الاقتراحين منك محرَّم ، لا يحل لك فعله ، فلا النظر إلى صور الممثلات ، والمغنيات ، وغيرهن من الفاتنات مباح – انظر في تحريم ذلك جواب السؤال رقم : ( 1774 ) - ، ولا كذلك ممارستك للعادة السرية – انظر في تحريمها جواب السؤال رقم : ( 329 ) - ، ومع كون الفعلين من المحرمات فهما لن يغنيا عنك شيئاً ، ولن يمنعا من أن ترى في منامك احتلاماً ، وقد سبق أن ذكرنا لك أن الاحتلام يحصل مع المتزوجين ، والذين يفرغون شهوتهم في الحلال .
واعلم أن نظرك لأختك نظر شهوة محرَّم أشد التحريم ، وهو مع كونه محرَّماً فإن له علاقة قوية بما تراه في منامك ، ومن المعلوم أن بعض ما يُرى في المنام هو نتيجة لحديث النفس الذي يراود المستيقظ في يقظته ، وهذا يعني أن نظرك المحرَّم لأختك – أو غيرها – والتفكير في الجنس قبل نومك : يمكن أن يؤدي إلى رؤية ذلك في منامك ، ولذا كان من وصايا أهل العلم لمن ابتلي بهذا : أن يتطهر لنومه ، وأن يقرأ آية الكرسي ، وأن يقطع التفكير في الجنس والشهوة ، وإذا رأى بعد ذلك شيئاً في منامه مما يكرهه فلا يلوم نفسه على تفريط حصل منه في يقظته ، فانتبه لهذا ، وكن متفطناً له .
ومما يذكره بعض أهل الاختصاص في تعبير الرؤى وتفسير الأحلام : أن مثل تلك الأحلام التي تراها إنما هي من الشيطان ليسهِّل لك فعل الفاحشة في اليقظة ! وهذا أمر خطير ينبغي عليك التنبه له ، وقد يتلاعب الشيطان في الطرف الآخر فيريها مثل ما ترى أنت في منامك للقصد نفسه ! وهذا يتمشى تماماً مع من يقول إن للشيطان علاقة بالاحتلام ، وشتان شتان بين من يرى في حلمه نفسه يفعل الفاحشة في أخته وهو عفيف شريف في يقظته معها ، ومن يرى ذلك وهو ينظر إليها في يقظته نظر شهوة وفتنة ، فإن الأول هو الذي يخاف ويقلق في منامه ، وهو الذي يستبعد حصول مثل ذلك في واقع الحال ، بخلاف من كان مفتوناً في يقظته ، فإن الشيطان لا يتركه في نومه ، كما لم يتركه في يقظته .
ثالثاً:
قد ذكر بعض أهل الاختصاص من الأطباء أن الإنسان قد يفعل في يقظته ما يسبِّب له الاحتلام في نومه – مع التسليم بوجود خلاف بين العلماء في تفسير هذه الظاهرة - ، وذلك مثل : النظر المحرَّم للنساء ، والتفكير بالجنس والشهوة ، وعدم التبول قبل النوم ، وامتلاء المعدة من الطعام ، فيًرجى إن تخلصتَ من ذلك كله ، ونمت على طهارة وذِكر أن تتخلص مما يقلقك في منامك .
رابعاً:
الحل الجذري لمشكلتك : هو الزواج ، فإن عجزت عنه : فالصيام الذي يهذب النفس ، ويسبب التقوى التي تحجزك عن فعل الحرام ، وهذا هما وصية نبيك محمد صلى الله عليه وسلم لمن هم مثلك من الشباب .
عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسْعُود قال : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) .
رواه البخاري ( 4779 ) ومسلم ( 1400 ) .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 9208 ) ففيه بيان أن الاحتلام أمر طبيعي لا يؤاخذ عليه الإنسان .
ويمكنك الاطلاع على جواب السؤال رقم : ( 20229 ) ففيه بيان الوسائل التي تعين على غض البصر ، وجواب السؤال رقم : ( 20161 ) وفيه بيان حل مشكلة الشهوة وتصريفها ، وفي جواب السؤال رقم : (39768) ذكرنا الآثار الصحية للعادة السيئة على الجسم ، والعقل ، والوجه ، والذاكرة ، وذكرنا فيه طرق التخلص منها ، وعدم الوقوع فيها .
خامساً : إذا كنت ـ أخي الكريم ـ قد عانيت من هذه الشكوى ، وألقى الشيطان في قلبك طرفا من ذلك الفكر في أختك ، فينبغي عليك أن تحتاط لنفسك جيدا ، فقلل من النظر إليها، والخلوة بها ، وهي أختك !! وأْمُرها بألا تتساهل في ملابسها أمامك ، فالمحارم ليسوا على درجة واحدة في حكم إبداء الزينة أمامهم ؛ أما الزوج فإنها تبدي له كل شيء من زينتها ، وأما غيره ، كالأب والأخ ونحوهما ، فلا تظهر أمامهم إلا ما يظهر منها غالبا ، كالساعد والعنق ، ونحو ذلك ، وهذا حكم أصلي ، بغض النظر عن مشكلة عارضة كمشكلتك .
وأما حين يوجد عارض آخر ، كالذي نتحدث فيه ، فينبغي أن يكون التحرز أشد ، والتستر أكمل ، لكن دون أن تلفت نظرها إلى شيء مما وقع في بالك ، وإنما حاول إرشادها إلى ذلك ، عن طريق الوالدين ـ إن أمكن ـ ودون إشارة لما يجول في خاطرك، أو تراه في منامك .
قال العلامة ابن القطان رحمه الله ـ "النظر في أحكام النظر" (312) ـ :
" مسألة : فإن كان إنما ينظر منها ، أعني ذلك من ذات محرمه ، إلى الوجه والكفين والقدمين ، صغيرة كانت أو كبيرة ؛ فهذا جائز بلا خلاف ، لأنه شيء يبدو في حال المهنة ... ، اللهم إلا أن ينظر إلى ذلك من ذات محرمه بقصد اللذة ، فهذا لا شك في تحريمه ، وأظن أنه لا خلاف فيه . وابن عبد البر قد نص على تحريمه ، ولم يحك عن أحد فيه شيئا .. " . انتهى .
وقال أبو بكر الحصني الشافعي رحمه الله ـ "كفاية الأخيار" (1/460) ـ :
" يحرم النظر إلى المحارم بشهوة بلا خلاف ". انتهى .
والله أعلم