عنوان الفتوى : خمار المرأة على شاطىء البحر
هل يجوز للفتاة أن تكشف عن ساقيها وذراعيها أثناء وجودها على شاطئ البحر؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالتزام المرأة بشرع الله –عز وجل- لا يرتبط بهذه المناسبة أو تلك، فالمسلمة مأمورة بشرع ربها أينما حلت، أو ارتحلت، ولذلك فالواجب على المرأة أن تلتزم بحجابها سواء كانت على شاطئ البحر أو كانت في الجامعة أو في المسجد، فمتى وجدت في مكان يتواجد فيه غير محارمها فيجب عليها أن تستر ما أمر الله بستره فلا يظهر منها إلا الوجه والكفان –عند جمهور الفقهاء- وما عدا ذلك فيحرم كشفه.
يقول فضيلة الدكتور نصر فريد واصل -مفتي مصر سابقا-:
لا يجوز للمرأة أن تكشف زينتها التي أمرها الله بسترها أمام غير محارمها – وهم من يحرم عليها الزواج منهم-.
والحجاب في شريعة الإسلام فريضة دينية واجبة على المرأة المسلمة إذا بلغت المحيض، وذلك لقوله تعالى ” وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ” –آية 31 النور-، وقوله تعالى: ” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ” –آية 59 الأحزاب-. ، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المتفق عليه لأسماء بنت أبي بكر –رضي الله عنهما- “يا أسماء إذا بلغت المرأة المحيض فلا يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى الوجه والكفين”.
وقد أجمع جمهور الفقهاء على أن الزينة التي يجوز للمرأة إظهارها لغير محارمها التي أشارت إليها الآية الكريمة هي التي بينها النبي – صلى الله عليه وسلم- في حديثه لأسماء – رضي الله عنها- هي الوجه والكفان.
ولا فرق في ذلك بين مكان ومكان، فالمصايف وغيرها سواء، وعلى كل مكلف مراعاة الواجبات والتكاليف الشرعية التي كلف بها والالتزام بها وعدم الخروج عليها، وهذا لا يحرمه بحال من التمتع بكل زينة في الحياة الدنيا التي أحلها الله لعباده بما في ذلك البحار والأنهار لقوله تعالى ” قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ” –آية 32 الأنعام-.
ويقول فضيلة الشيخ عطية صقر -رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا-:
التمتُّع بالحلال الطيب من نِعَم الله جائز، ومنه مشاهد الطبيعة والنسيم العَليل والحدائق والزُّهور قال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعَبَادِهِ وَالطَّبِّيَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) (سورة الأعراف:32)، وقال: (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَواتِ وَالأرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) (سورة الأعراف: 135)، وكل ذلك في نطاق قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ) (سورة المائدة:87)، وقوله: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ) (سورة الأعراف : 31).
فالتَّمتُّع بِالطَّيِّباتِ يَكُون في اعْتِدَالِ وَبِقَدَر، ولا يَتَعدَّى حُدُودَ المَشْروع. وشواطئ البحار يَقْصدها الكثيرون في الصيف لطِيب الهواء والاستحمام بالماء وهدوء الأعصاب ولغير ذلك من الأغراض التي لها علاقة بالحكم؛ لأن الأعمال بالنيات. ولو التزمَ الإنْسان، وخاصَّة النساء، بالحِشْمة المطلوبة والأدب في السلوك عامة ما كان هناك مانع من ارتيادها.
والحفاظ على الآداب من الناحية تقع مهمَّتُه الأولى على أولياء الأمور، من الأزواج والآباء، إلى جانب الجهات المسئولة عن الأمن والآداب، فلا بد من تعاون الجميع شَعبًا وحكومة على ذلك. مع العلم بأن “التصْييف” ليس أمرًا ضروريًّا حتميًّا حتى يُسْمح فيه ببعض التجاوزات، على قاعدة الضرورات تُبيح المَحْظورات، وإنَّما هو أمْر تَرْفِيهِيٌّ كَمَالِي، لا بدَّ فيه مِن مُراعاة كل الاحتياطات حتى لا تكون نتيجتُه إفساد الأخلاق والإسراف والتبذير، وبالتالي غضب الله سبحانه قال تعالى: ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (سورة الشورى : 30).
والله أعلم .