عنوان الفتوى : أحوال رد المبيع بالعيب وما يلزم عند الرد
اشتريت سيارة منذ 8 سنوات وكنت أستعملها للذهاب إلى الشغل فقط تقريبا وفي شهر يوليه 2007 قررت إدارة الشركة التي أعمل بها أن تعطيني سيارة لأستعملها، حينها أردت بيع سيارتي، ومن بين من أرادوا شراءها زوج أختي فذهب هو وزوجي لمن سعرها ودفع لي الثمن على أساس أنه يحتاجها لمدة شهر فقط ثم سيبيعها فيما بعد وحينها نحرر عقد البيع مع المشتري الجديد تفاديا للمصاريف فقبلت وبقيت المسألة مفتوحة 6 أشهر خلالها أعطى السيارة لأخيه وزوجته ثم بعد ذلك أتى ليخبرني أنه عندما أراد تغيير أوراق السيارة وجد أن رقمها المنجمي الموجود من الداخل مزيف وأنه لا يستطيع تغييرها باسمه ولا بيعها، فماذا أفعل مع العلم بأن السيارة وقع استعمالها من عدة أطراف، فهل يجب علي إرجاع النقود بعد كل تلك المدة التي فقدت فيها السيارة سعرها الحقيقي؟
خلاصة الفتوى:
فإن من حق المشتري أن يرد السيارة إذا وجدها متعيبة، إلا أن تتعيب عنده عيباً آخر مخرجاً عن المقصود فيتحتم عليه استبقاؤها وأخذ أرش العيب، وإن تعيبت عنده عيباً متوسطاً كان مخيراً بين ردها والتمسك بها، وإذا ردها فإنه لا يرد شيئاً عن استعماله لها... ويشترط للرد أن لا يرضى المشتري بالعيب بعد الاطلاع عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن رقم السيارة المنجمي الموجود من الداخل إذا كان مزيفاً، وكان ذلك يمنع من تغيير اسم مالك السيارة، ويمنع من بيعها فإن هذا يعتبر عيباً يعطي للمشتري الحق في رد البيع.
قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: وبما العادة السلامة منه...
قال الشيخ الدردير: (و) رد (بما العادة السلامة منه) مما ينقص الثمن أو المبيع أو التصرف أو يخاف عاقبته.. انتهى.
وإذا رد المشتري السيارة، فإن من حقه أن يسترجع جميع الثمن الذي دفع عنها، ولا يرد شيئاً عن استعماله لها، لأن الغلة قبل الاطلاع على العيب له، قال الناظم:
الفائزون بغلة هم خمسة * لا يطلبون بها على الإطلاق
الرد في عيب وبيع فاسد * وبشفعة فلس مع استحقاق
وإذا تعيبت السيارة عند المشتري، فإن ذلك العيب إما أن يكون قليلاً لا يؤثر عادة في الثمن، أو يكون متوسطاً، أو يكون عيباً كبيراً مخرجاً عن المقصود، فإن كان عيباً خفيفاً فإنه يعتبر كلا شيء، وإن كان متوسطاً خير المشتري بين ردها واسترجاع الثمن وبين استبقائها وأخذ أرش العيب القديم، وطريقة معرفة أرش العيب القديم أن تقوم سالمة ومعيبة يوم عقد البيع، ثم يرد من ثمنها نسبة النقص، فلو قيل مثلاً إن ثمنها ثمانون، وقيمتها سالمة من العيب مائة، وقيمتها معيبة سبعون، فإن الأرش يكون 30% أي أربعة وعشرين..
وأما إذا كان العيب الحاصل عند المشتري كبيراً مخرجاً عن المقصود فإنه يتعين عليه أخذ الأرش، قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: وتغير المبيع إن توسط، فله أخذ القديم ورده ودفع الحادث، وقوماً بتقويم المبيع يوم ضمنه المشتري... إلى أن قال: والمخرج عن المقصود مفيت فالأرش.... انتهى.
ومثل جميع ما ذكرنا هنا يقال أيضا فيما بينك وبين من اشتريت منه، أي أنك إذا كنت قد اشتريت منه السيارة متعيبة، فلك الحق في أن ترديها عليه إذا رُدت عليك، ولك الحق في أن ترجعي عليه بالأرش إذا رُجع عليك به، إلا أن يكون حدث لها عندك عيب على نحو التفصيل الذي ذكرناه... ولمن ابتعت منه أن يرجع هو الآخر أيضاً على من باع له... وهكذا، وجميع ما ذكرناه من الرد بالعيب هو بشرط أن لا يرضى المشتري بالمبيع بعد الاطلاع على العيب، واستغلال المبيع بعد الاطلاع على العيب يعتبر رضا إلا أن يكون في زمن الخصام وهو مما لا ينقص.
قال الشيخ عليش: .... الاستغلال إما قبل الاطلاع على العيب أو بعده وقبل الخصام، أو في زمن الخصام، أما الأول فليس رضا مطلقاً، وأما الثاني فهو رضا مطلقاً، وأما الثالث فإن كان منقصاً كالركوب فهو رضا وإن كان غير منقص فليس رضا. انتهى.
وبناء على هذا التفصيل يكون المشتري لسيارتك، إذا كان قد استغلها بعد علمه بالعيب فإنه لا يكون له الحق في ردها به.
والله أعلم.