عنوان الفتوى : هل هذه العبارة صحيحة ؟
هل في هذه العبارة محظور : " لو يعرف الشخص منا وش مع الغيب بيجي له كان جنبنا المشاكل قبل ما يوقع ضررها " ؟
الحمد لله
هذه العبارة معناها : أن الإنسان لو يعلم ما يكون له في الغيب ، لكان تجنب ما
يقابله من المشاكل والشرور ؛ وهي متفقة مع عقيدة المسلم ، وليس فيها أي خطأ أو
محذور ؛ لأن الغيب مما استأثر الله به ، ولو فُرض أن الناس يطلعون على الغيب
ويعلمون بالحوادث قبل وقوعها لاستكثروا من كل خير ، واجتنبوا كل شر ، فنظروا أسباب
الصحة والغنى والسعادة فسلكوها ، ورأوا أسباب الفقر والمرض والهلاك فاجتنبوها ، وهو
فرض عقلي لأمر مستحيل ، الغاية منه بيان عجز الإنسان وضعفه واستسلامه للقدر الذي
قضاه الله عز وجل .
وفي القرآن الكريم ما يدل على صحة معنى هذه العبارة .
يقول الله تعالى : ( قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا
شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ
وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ
يُؤْمِنُونَ ) الأعراف/188
جاء في تفسير ابن كثير "تفسير القرآن العظيم" (3/524) قوله :
" والأحسن في هذا ما رواه الضحاك ، عن ابن عباس : ( وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ
الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ ) أي : من المال . وفي رواية : لعلمت إذا
اشتريت شيئًا ما أربح فيه ، فلا أبيع شيئًا إلا ربحت فيه ، وما مسني السوء ، قال :
ولا يصيبني الفقر .
وقال ابن جرير : وقال آخرون : معنى ذلك : لو كنت أعلم الغيب لأعددت للسنة المجدبة
من المخصبة ، ولعرفت الغَلاء من الرخص ، فاستعددت له من الرخص .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ( وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ) قال : لاجتنبت ما
يكون من الشر قبل أن يكون واتقيته " انتهى
.
ويقول الشيخ السعدي في "تيسير الكريم الرحمن" (ص/311) :
" ( وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا
مَسَّنِيَ السُّوءُ ) أي : لفعلت الأسباب التي أعلم أنها تنتج لي المصالح والمنافع
، ولحذرت من كل ما يفضي إلى سوء ومكروه ، لعلمي بالأشياء قبل كونها ، وعلمي بما
تفضي إليه .
ولكني - لعدم علمي - قد ينالني ما ينالني من السوء ، وقد يفوتني ما يفوتني من مصالح
الدنيا ومنافعها ، فهذا أدل دليل على أني لا علم لي بالغيب "
انتهى
.
وانظر جواب السؤال رقم (49004)
والله أعلم .