أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : خفقان في القلب ورعشة وتلعثم في الكلام

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 21 عاماً، أعاني من خفقان في القلب ورعشة وتلعثم في الكلام إذا كنت عند ناس أو في المدرسة، حتى مع الأستاذ لا أستطيع أن أجيب رغم معرفتي بالإجابة، فأرجو أن تفيدوني بالعلاج المناسب، وأن لا تكون له أعراض جانبية.

وشكراً.

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الحالة التي تعاني منها والتي وصفتها بصورة واضحة نسميها بالقلق الاجتماعي أو قلق الأداء الزائد، بمعنى أنك في بعض المواقف التي تتطلب المواجهة والقيام بأفعال معينة تجد صعوبة في ذلك وتصاب بهذا القلق الذي يظهر لديك في شكل أعراض نفسية وأعراض فسيولوجية، والأعراض النفسية لا شك أن الخوف والقلق هو أهم الأعراض التي تستشعرها، أما الأعراض الفسيولوجية أو الجسدية فهي تأتي في شكل خفقان في القلب وكذلك رعشة وتلعثم في الكلام.

والذي أود أن أوضحه لك أن علاج هذه الحالة سهل إن شاء الله، وهي لا تعتبر مرضاً نفسياً حقيقياً، إنما يمكن أن ندرجها تحت الظواهر النفسية التي ترتبط بالقلق، والقلق بصفة عامة هو طاقة نفسية إيجابية يحتاجها الإنسان ليؤدي أداءً حسناً في كل نشاطاته الحياتية، فالقلق الإيجابي يدفعنا من أجل الإنجاز ومن أجل المثابرة، وأن نكون أفضل تركيزاً واهتماماً للأمور التي نود القيام بها، أما القلق الغير إيجابي فهو القلق الذي يزيد على الحد المطلوب، ويؤدي إلى تعسر في التركيز والتفكير، وكذلك يؤدي إلى وساوس ومخاوف.. هذه هي النقطة الأولى.

النقطة الثانية: أن الذين يعانون من القلق الاجتماعي البسيط مثل حالتك دائماً تأتيهم تصورات وأفكار ليست صحيحة حول هذه الأعراض، الواحد منهم يحس خفقان القلب بشدة ويأتيه الاعتقاد بالتلعثم في الكلام، أو أنه سوف يسقط أرضاً، أو أنه لن يتحكم في الموقف، أو أنه سوف يفقد السيطرة أمام الآخرين، هذه المشاعر نستطيع أن نقول أنها موجودة، ولكن بدرجة أقل مما يتصوره الإنسان.

فالذي أريدك أن تتفهمه هو أن كل الذي تعاني منه يظهر لك في صورة أشد مما هو عليه في واقع الأمر، أي أن هذه الأعراض أقل بكثير، وقد قام أحد العلماء النفسانيين بتصوير الأشخاص الذين يعانون من القلق أو الخوف الاجتماعي في مواقف اجتماعية دون علمهم، وحين سئلوا عن مشاعرهم في تلك المواقف كانوا دائماً يقولون يحسون بخفقان شديد وبرعشة وبتلعثم في الكلام، ويأتيهم الشعور بالسقوط أرضاً، وهكذا، وحين عُرض عليهم الشريط الذي تم تسجيله اتضح لهم وبما لا يدع مجالاً للشك أن أعراضهم كانت أقل كثيراً مما كانوا يتصورون ويتخيلون، مثل التلعثم في الكلام، كان اعتقادهم قوياً حول هذا الموضوع، ولكن بعد أن استمعوا لما تم تسجيله في الموقف الاجتماعي وجدوا أنه لا يوجد تلعثم حقيقي، إنما هو شيء بسيط جدّاً، فهذا أمر ضروري، وأرجو أن تصحح مفهومك أن هذه الأعراض التي تعاني منها بالرغم مما تسببه لك من إزعاج إلا أنها أقل كثيراً مما تستشعر.

أيضاً المبدأ الرئيسي في العلاج هو المواجهة، والمواجهة تكون أولاً بتجاهل الخوف نفسه، وتجاهل الخوف يصل إليه الإنسان بأن يخاطب نفسه (ما الذي يجعلني أخاف؟ ما الذي يجعلني أقلق؟ أنا لست بأقل من الشخص الآخر بأي حال من الأحوال، هو إنسان وأنا إنسان)، وهكذا... هذا الحوار مع النفس مهم وضروري جدّاً، وهنالك مواجهة نسميها بالمواجهة في الخيال، وجد أنها مفيدة، هذه المواجهة في الخيال يمكن تطبيقها بأن تجلس في الغرفة وتتخيل أنك تقدم عرضاً أو محاضرة أمام زملائك، أو أنه قد طلب منك مثلاً أن تصلي بالناس في جماعة، أو بزملائك الطلاب، وكان بين المصلين بعض المدرسين مثلاً، عش هذا الموقف بدقة وبتركيز ولمدة لا تقل عن عشر دقائق إلى ربع ساعة يومياً، هذا نسميه بالتعريض في الخيال أو التعرض في الخيال، وهو نوع من الإغراق الشديد في مصدر الخوف، ولكن بصورة تخيلية، هذه التمارين طبقها يومياً.

بعد ذلك أدعوك لأن تقوم بالتدرج بتعريض نفسك لمصادر الخوف، ويجب أن ترفع من مهاراتك الاجتماعية، مثلاً حين تبدأ الكلام مع إنسان: سلِّم عليه أولاً وتبسم في وجهه، هذا أمر جيد جدّاً.
وبالنسبة للأستاذ ابدأ وقل له: السلام عليكم أستاذي الفاضل، هذه لغة جميلة وطيبة وتبعث الطمأنينة في نفسك وفي نفسه، وسوف يقدرك كثيراً، إذن البدايات هي المهمة والبدايات يجب أن تكون سلسة، ويجب أن تكون متوازنة، وهذا يزيل الاضطراب أو القلق أو الخوف الاجتماعي.

أنصحك أيضاً بأن تقوم بممارسات اجتماعية تلتقي فيها مع الآخرين، مثل لعب الكرة القدم أو السلة أو أي نوع آخر من الرياضات الجماعية، فقد وجد أنها تصقل النفس وتقلل من الخوف الاجتماعي، كذلك المشاركة في حلقات تلاوة القرآن أمر جيد جدّاً ويزيل الخوف الاجتماعي؛ لأن الإنسان بطبيعة الحال في هذه الحلقات يتفاعل مع الآخرين، وهذا لاشك أنه جو إيماني طيب يحس الإنسان فيه بالطمأنينة.

الجزء الأخير هو العلاج الدوائي، وأقول لك أنه بفضل الله تعالى توجد أدوية ممتازة وفعالة وأنا سأصف لك دواء يعتبر هو الأفضل، الدواء يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو ما يسمى تجارياً أيضاً باسم (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، وهو متوفر في المملكة العربية السعودية، وتحتوي الحبة الواحدة على خمسين مليجراماً، أنا أريدك أن تبدأ بنصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجراماً - تناولها يومياً في المساء بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ارفعها إلى حبة كاملة يومياً مساءً واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجراماً - ليلاً لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء، هذا هو الدواء الأساسي، وهو غير إدماني وغير تعودي، وليس له أي آثار جانبية مزعجة.

بجانب الزولفت أريدك أن تتناول دواء آخر مساعد يعرف تجارياً باسم (إندرال Iinderal) ويعرف علمياً باسم (بروبرانلول Propranlol)، هذا الدواء جيد جدّاً في علاج الأعراض الجسدية كالخفقان والرعشة والشعور بالتلعثم، أرجو أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرامات صباحاً ومساءً لمدة شهر، ثم عشرة مليجرامات صباحاً لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناوله، ولكن لا مانع من تعاطيه مرة أخرى عند اللزوم مثلاً إذا كان لديك مهمة اجتماعية كبيرة ومتوقع أنك سوف تشعر بالخوف فلا مانع من أن تتناول الإندرال بجرعة عشرة إلى عشرين مليجراماً ساعتين قبل الانخراط في هذه المهمة الاجتماعية.

وأتوقع أنك إذا طبقت الإرشادات السابقة وتناولت الدواء الأساسي وهو زولفت فإنك ستكون إن شاء الله في غاية الارتياح وسوف تزول كل هذه الأعراض القلقية والمخاوف الاجتماعية التي تعاني منها، وأرجو أن تجتهد في دراستك وأن تكون من المتميزين.

وبالله التوفيق والسداد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، ما الحل؟ 2388 الخميس 23-07-2020 06:16 صـ
كيف أتخلص من أعراض الرهاب الاجتماعي؟ 1731 الأربعاء 22-07-2020 04:28 صـ
أريد دواء يخلصني من الرهاب، فبماذا تنصحونني؟ 3648 الأحد 19-07-2020 09:33 مـ
كيف أمارس حياتي بشكل طبيعي وأتخلص من الأمراض؟ 1562 الخميس 16-07-2020 06:08 صـ
لا أشعر بالسعادة وأكره لقاء الناس، أرجو تشخيص الحالة. 1904 الأربعاء 15-07-2020 03:33 صـ