أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : المخاوف الوسواسية من الموت .. بين اقتحامها والهروب من مسبباتها

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو عرض رسالتي على طبيب نفسي.

الدكتور الفاضل المجيب على سؤالي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مشكلتي أني أعاني من خوف شديد وخاصة من الموت، قد يكون السبب من تجارب سابقة في صغري لا يتسع الوقت لذكرها، ولكني ظللت على حالة الخوف لمدة سنين طويلة، إلى أن سمعت عن معالج نفسي يصدر شريطاً للتغلب على الخوف، فحصلت على الشريط وبدأت أستمع إليه، ويقول الدكتور فيه أنه على الشخص التغلب على مخاوفه باقتحامها، فمثلاً الشخص الذي يخاف من الموت (مثلي) عليه أن يقتحم مخاوفه بزيارة المقابر والجثث وغير ذلك، استفدت كثيراً من الشريط ولكني لم أستطع أن أطبق نصيحته لخوفي الشديد أن أقدم على ما نصح به، فأنا أخاف من مجرد المشي جوار المقابر فكيف سوف أستطيع أن أدخلها؟!

استمر الخوف معي إلى أن قررت الذهاب إلى طبيب نفسي وعملت في حسابي أن العلاج سوف يكون طويلاً، ولكني صدمت من الجلسة الثالثة فجميع الجلسات الثلاث كانت عبارة عن محاضرات عن حب لقاء الله ولماذا نكره الموت أكثر مما تعلمت كيف أتخلص من خوفي من الموت، صدمت بمعالج يقول لي أني حساسة جداً، ونصحني بألا أذهب إلى مكان عزاء ولا أظل في مكان يتحدثون به عن الموت وغيرها، وبصراحة أنا لا أذهب إلى أماكن مثل هذه أصلاً، وأخبرني ألا أعود إليه إلا بعد شهر بعد أن أطبق ما قاله لي.

أحسست بعدها أني في حيرة أكثر مما كنت، فالطبيب المعروف الذي استمعت إليه في الشريط ينصح باقتحام المخاوف للتخلص منها، والطبيب الذي ذهبت إليه ينصحني بأن أبتعد عن كل ما يجعلني أذكر مخاوفي لكي أتخلص منها.

الدكتور الفاضل/ أنا أريد حلاً لمشكلتي، فهل أعمل بما قاله لي الطبيب في الشريط أو أعمل بما نصحني به طبيبي، أو أذهب إلى طبيب آخر أو أعالج نفسي بمواقع الأطباء النفسيين.

كنت في البداية أظن أني تخلصت من مخاوفي، ولكني أيقنت أني تعودت عليها لا أكثر، صحيح أني تحسنت كثيراً مما سبق ولكني أريد أن أعيش حياة طبيعية، فأنا أموت في اليوم مائة مرة قبل أن يأتي أجلي، كل شيء في حياتي أربطه بالموت بشكل غير طبيعي، لقد عانيت منذ صغري ودرست وعملت ومخاوفي لا تفارقني، حتى في الأفراح والمناسبات كثيراً ما أكون خائفة وقلقة، إذا لم يكن خوفاً من الموت فإنه قلق من شيء أجهله.

أتمنى ان أتخلص من مخاوفي وقلقي، فكرت كثيراً في الانتحار، وقد تستغرب من شخص يخاف الموت ويفكر في الانتحار، ولكن هذا ما كنت أراه حلاً مؤقتاً على الأقل، فأي حادثة حتى وإن كانت صغيرة تظل معي لمدة طويلة ينساها الجميع ما عداي، أرجو أن أجد عندك جواباً وحلا لمشكلتي وجزاك الله خير الجزاء، وهل هناك دواء قد أستطيع تناوله يساعدني؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ قمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، فإن المخاوف أيّاً كان نوعها هي شيء مكتسب، والخوف من الموت أمر يعتري جميع الناس، وحقيقة الخوف من الموت لدرجة معقولة هو أمر مطلوب؛ لأن الإنسان يجب أن يعمل لآخرته ويجب أن يعمل لما بعد الموت، ولكن إذا كان هذا الخوف مسيطراً على كيان الإنسان دون أي مبررات فلا شك أنه خوف مرضي.

ما استمعت إليه في الشريط هو الصحيح؛ لأن المخاوف أيّاً كان نوعها تعتبر أمراً مكتسباً، والشيء المكتسب – أي المتعلم – يعالج عن طريق التعلم المضاد، لذا اتفق جميع علماء النفس خاصة من السلوكيين أن المواجهة لمصدر الخوف هي أحد العلاجات النفسية الأساسية، وهذا يسمى في علم النفس السلوكي (التعريض مع منع الاستجابة) أي أن تعرضي نفسك لمصدر خوفك أو المتعلقات به، وتمنعي نفسك من الاستجابة السلبية وهي الهروب من الموقف.

إذن ما ذُكر في الشريط من زيارة للمقابر ومشاهدة الجثث والذهاب إلى أماكن العزاء هي من صميم العلاج الخوف من الموت، وهذا هو الخوف المرضي، وعلى الإنسان أن يتذكر وأن يتفكر وأن يعرف أن الموت حقيقة أبدية لا شك فيها. فما ذكر في الشريط هو الصحيح وهو يقوم على الأسس العلمية التي ذكرتها لك، وهي التعرض أو التعريض مع منع الاستجابة، أي أن تقتحمي مصدر خوفك بمواجهته، وهنا بالطبع لا يمكن مواجهة الموت، ولكن هنا نرتبط ونقتحم المتعلقات به أو الأشياء المرتبطة به، وهي كما ذكر لك الأخ المعالج في الشريط (زيارة القبور، وحضور الجنائز) أمر مهم وضروري جدّاً، وإذا أُتيحت فرصة شرعية للمشاركة في غسل الموتى هذا أيضاً نوع من التعريض الفعال جدّاً.

أنصحك بأن تصطحبي معك أحد المحارم وتزوري المقابر؛ لأن هذا فيه عظة وفي نفس الوقت فيه تذكرة، ومن الناحية العلاجية فيه نوع من التعريض المفيد، وحين تتذكرين ما ورد في السنة المطهرة من آداب زيارة المقابر والسلام على أهلها، هذا في حد ذاته يبعث طمأنينة كبيرة جدّاً وعظيمة جدّاً، وهذا الأمر مجرب.

من أخطر الأشياء التي تنمي المخاوف هي التجنب، التجنب يزيد من المخاوف، وربما يؤدي إلى نوع جديد من المخاوف، لذا عليك بالمواجهة أيّاً كان نوع هذه المواجهة، وأعتقد في نهاية الأمر أنك سوف تكونين بخير وعلى خير، وحتى نسرع في علاجك من هذه الحالة وحتى نجعل أمر المواجهة سهلاً ومقبولاً بالنسبة لك فإني أنصحك أن تتناولي أحد الأدوية الجيدة جدّاً في علاج المخاوف، هذا الدواء يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة عشرة مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى عشرين مليجراماً ليلاً، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى عشرة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم إلى خمسة مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء، وهو من الأدوية الممتازة والطيبة والفاعلة، وهو مضاد للقلق وللمخاوف ومحسن كبير للمزاج.

تفكيرك في الانتحار لا شك أنه تفكير غير مقبول، ليس أبداً من شيم المسلم أن يدفع نفسه نحو هذه الأفكار، أنت امرأة مؤمنة ومسلمة وتعرفين غلظ حرمة الانتحار، وليس هنالك حقيقة ما يدعوك لهذا أبداً، لقد تعاملنا مع الكثير من الناس الذين يعانون من حالات أصعب وأفظع من حالتك كثيراً ولم يذكر أحدهم أو قلّ أن يذكر أحدهم أنه يريد أن ينتحر، فعليك أن تستعيذي بالله من مثل هذه الأفكار، وأن تقوي من إيمانك، وتتناولي الدواء الذي وصفناه لك، ونسأل الله لك الشفاء والعافية، وبالله التوفيق.

============
وللاستزادة أكثر عن العلاج السلوكي للخوف من الموت، راجعي هذه الاستشارات:
(261797 - 263659 - 263760 - 272262 - 269199)


أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
وسواس الموت سبب لي العديد من الأمراض، فكيف أتخلص منه؟ 2873 الثلاثاء 21-07-2020 03:16 صـ
الخوف من الموت، كيف أتخلص منه؟ 2800 الأحد 19-07-2020 07:11 صـ
كرهت حياتي والناس كرهوني بسبب تبلد مشاعري.. أريد حلا 1111 الخميس 16-07-2020 02:42 صـ
فكرة الموت وذكريات طفولتي لا تفارقني، أرجو المساعدة. 2137 الثلاثاء 14-07-2020 02:54 صـ
أشعر بعدة أعراض ولا أعرف هل هي نفسية أم جسدية أو روحية؟ 1576 الأربعاء 15-07-2020 03:36 صـ