أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : توبة فتاة لكنها تريد أن تعمل عملية ترقيع لغشاء البكارة
السلام عليكم.
فعلت ذنباً من الكبائر، وقد نتج عن ذلك أني لم أعد بكراً، علماً بأن الشاب الذي كنت أحبه تركني، فهل إذا أجريت عملية وتزوجت من شخص آخر يعتير ذلك حراماً رغم أني تبت إلى الله؟ ومتى أستطيع إجراء عملية الترقيع؟ وهل الذنب الذي نتوب منه سنحاسب عنه يوم القيامة؟!
وشكراً.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mona حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله أن يغفر لك وأن يتوب عليك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يسترك بستره الذي لا ينكشف في الدنيا والآخرة، وأن يمنَّ عليك بزوج صالح يكون عوناً لك على طاعته ورضاه، وأن يوفقك في دراستك، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن هناك توبة تجبُّ ما قبلها، وهناك توبة لا تُحدث هذا الأمر، ومعنى التوبة التي تجبُّ ما قبلها أي التي تمحو الذنب الذي حدث قبلها تماماً، وحتى تكون التوبة كذلك لابد فيها من شروط:
الشرط الأول: الإقلاع عن الذنب فوراً، فإن الإنسان يتوقف عن الذنب نهائياً ولا يرجع إليه تحت أي ظرف من الظروف.
الشرط الثاني: أن يندم الإنسان على فعل الذنب ندماً شديداً، ولا يعتبر الأمر أمراً عادياً وإنما كلما تذكر هذا الذنب تمنى أنه يكون قد مات ولم يفعل هذا الذنب.
الشرط الثالث: أن يعقد العزم على أن لا يرجع إلى الذنب أبداً، هذا فيما يتعلق بحق الله تبارك وتعالى، وإذا كانت توبتك من هذا الباب فإن الله تبارك وتعالى يغفرها.
وهناك شرط رابع وهو: أن تكون هذه التوبة حياءً من الله تبارك وتعالى وحده، وليس خوفاً من أحد وليس تحقيقاً لأي مصلحة أخرى، فإن الشخص قد ينحرف ويفعل ما يفعل ثم يشعر بأن الناس بدأوا يتكلمون عنه فيتوقف عن الذنب حتى لا يتكلم عنه الناس، فتاب حتى لا يتكلم عنه الناس ولم يتب حياءً من الله، فإذا كانت التوبة من أجل الله وخوفاً منه وحده فإن هذه هي التوبة النصوح التي يغفر الله بها الذنب.
فإذا وجدت هذه الأمور الأربعة في التوبة فإن الله تبارك وتعالى يقول: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ))[التحريم:8]، فالعلماء يقولون أن {عسى} هنا تحقيق وعد الله كما قال: (( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ))[النساء:17].
فإذا كان الذنب – أيّاً كان الذنب – فيه هذه الشروط الأربعة فإن الله تبارك وتعالى لا يحاسب عليه العبد يوم القيامة؛ لأنه ما دام قد تاب عليه وغفر له فإنه لا يحاسبه عليه مرة أخرى، بل إذا كانت التوبة صادقة وقوية وجادة فعلاً فإن هذا الذنب قد يُمحى حتى من صحف الملائكة الكتبة – كما ورد في بعض الروايات – لا تتذكره الملائكة، بل وحتى الأعضاء والشهود الذين يشهدون على الإنسان لا يذكرونه أبداً يوم القيامة، ولهذا لصدق التوبة، وهذا متوقف على إرادتك أنت وعزيمتك وعلى إرادة كل إنسان وعزيمته.
وأنت فعلت ذنباً من الذنوب، وهذا الذنب واضح، ولابد أن تعلمي أن أي رجل يمشي مع أي فتاة فإنه لا يريد منها إلا هذا الأمر، فإن أخذه فإنه ينظر إليها نظرة حقيرة، ويقول: (كما فعلت معي ستفعل مع غيري)، ورغم أنك كنت تحبينه لكنه كان يعلم بأن التي تفرط في عرضها لا يمكن أن تصلح زوجة ولا تصلح حبيبة، ولذلك أنت بعت نفسك بثمن بخسٍ، لأنك لم تنتبهي لنفسك وظننت أن هذا الحب سوف يترتب عليه زواج وسلمت نفسك بلا مقابل.
ولابد أن تعلمي أن هذا طبع الرجال جميعاً، فالرجل يظل متعلقاً بالمرأة ما دامت عفيفة وفاضلة، وما دام لم يستطع أن يأخذ منها شيئاً، وأما إذا أخذ منها شيئاً خاصة إذا كان أعز ما لديها فإنه يتركها، ولذلك أنت ضيعت الفرصة التي أعطاك الله إياها، وهي أن تكوني أماً رائعة وأن تكوني زوجة متميزة.
وبعد أن حدث ما حدث فإن هذا الشاب لن يرجع إليك، وإن رجع إليك مرة أخرى فسيرجع ليسلبك مرة ثانية، وقد يضحك عليك أيضاً ليأخذ حظه منك مرة ومرة، ولكن إياك ثم إياك، ما دمت قد تبت إلى الله تعالى فهذا الأمر ينبغي أن ينتهي تماماً، ولا تفعلي هذا مطلقاً مع أي أحد كائناً من كان، إلا مع زوجك الشرعي الذي قدره الله تبارك وتعالى لك.
وأما إجراء العملية للزواج فإن هذا نوع من الغش، فإذا كان الأمر لم يحدث هذا الجماع بينكم كثيراً، فإن من الممكن أن الأمر يكون على طبيعته؛ لأن هناك – كما ذكر الأطباء – بعض أغشية البكارة من النوع المطاط، ومعنى النوع المطاط أنه قد يتمدد ولكنه لا يتمزق، فأنصحك أن تعرضي نفسك على طبيبة نساء وولادة لتعرفي الأمر الذي أنت عليه، وهل أنت في حاجة إلى شيء من هذا أم لا، ولكن إذا كان الاستعمال خفيفاً ولم يتكرر كثيراً فمن الممكن أن تكوني ما زلت عذراء ولم يحدث هناك تهتك لغشاء البكارة.
والتوبة قد تجبر هذا الخلل، فلو أنك تبت توبة نصوحاً ورجعت إلى الله تعالى وحافظت على الصلوات في أوقاتها، وحافظت على أذكار الصباح والمساء، والتزمت بالحجاب الشرعي وعدت إلى الله وبدأت تقرئين القرآن وبدأت تلتزمي التزاماً صحيحاً فإن الله عز وجل قادر على أن يستر عليك، فالذي خلق غشاء البكارة هو الله وهو قادر أن يعيده مرة أخرى، فالله على كل شيء قدير.
نعم أنت التي قصرت وفرطت وأخطأت وبعت نفسك للشيطان، ولكن الله تبارك وتعالى قادر على أن يستر عليك إن تبت إليه توبة نصوحاً.
ومن الممكن أن تسألي بعض المشايخ أو العلماء في بلدك عن حكم هذه العملية؛ لأن الذي عليه جمهور العلماء أن هذا لا يجوز؛ لأن هذا نوع من الغش وأنت مارست الآن الفاحشة برغبتك وإرادتك، فلابد أن تتحملي هذا؛ لأنك أنت التي ضحيت بنفسك وأنت التي فرطت في عرضك وأنت التي وقعت في هذا الأمر، وما ذنب الرجل الذي يتقدم إليك وأنت أصبحت ثيباً وتغشينه على أنك بكراً وهو يدخل عليك ويُكتب في العقد أنك بكر بالغ وأنت لست بكراً، فهذا غش محرم.
وينبغي أن تستري على نفسك ولا تحدثي أحداً بما حدث أبداً، وعليك الانتباه لمذاكرتك وعدم الالتفات لأي كلام من أي شخص لاعب، وإنما إذا كان شخصاً جاداً فليتقدم إليك عن طريق الأسرة بالطريقة المعروفة، وتوكلي على الله، وإذا أحسنت ما بينك وبين الله أحسن الله ما بينك وبين خلقه، نسأل الله أن يسترك بستره الذي لا ينكشف، وأن يغفر لك وأن يتوب عليك، وأن يتقبل توبتك خالصة لوجه الكريم، وأن يمنَّ عليك بزوج صالح.
وبالله التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
هل الذنب الذي ارتكبته بحق أحدهم سيعود لي؟ | 1586 | الأربعاء 29-07-2020 04:29 صـ |
أريد التغلب على الشيطان ونسيان الماضي، فكيف يمكنني ذلك؟ | 1484 | الأحد 19-07-2020 06:12 صـ |
كيف أثبت على ترك المعاصي والعلاقات المحرمة؟ | 1898 | الأحد 12-07-2020 11:53 مـ |
ملتزم دينياً ولكني أقع في المعاصي، ما النصيحة؟ | 893 | الثلاثاء 14-07-2020 05:31 صـ |
هل هناك طريقة أفضل وأكثر تأثيرا لتطوير النفس؟ | 1205 | الاثنين 06-07-2020 04:27 صـ |