أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : رهبة الأماكن المزدحمة والمغلقة .. التشخيص والعلاج

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:

أنا أعاني من رهبة الأماكن المزدحمة والأماكن المغلقة، ومما أعانيه في حياتي لا أستطيع ركوب الطائرة ولا ركوب المصعد إلا إذا كان كبيراً وعندما أثق في أنه سليم وأعتاد عليه، ولكن حتى بعد أن أعتاد تأتيني أحياناً رهبة خوف أن أنكتم ولا أستطيع التنفس.

وأيضاً لا أستطيع الذهاب إلى المسجد مبكراً، وأنتظر إلى أن تقام الصلاة وألحق الركعة الثانية أو الثالثة لكي أكون في الصف الأخير، ولا يكون خلفي صف مصلين، عندها أحس أنني احتجزت ولا أستطيع الخروج ويخفق قلبي بشدة وأدخل في حالة نفسية وأريد أن أخرج من الصلاة وفعلتها مرتين وأحياناً أصبر نفسي وأتعوذ من الشيطان وأتفل في يساري وأتغلب عليها ولكني أتعب نفسياً كثيراً وأحياناً لا أستطيع!

وسؤالي: هل أستطيع في هذه الحالة أن أصلي مع ابني خلف الصفوف على جنب في صلاة التراويح والتهجد؟

ويبقى أهم سؤال يشغلني كل عمري وهو: كيف أستطيع أن أحج وأنا الآن عمري 40 عاماً؟ وقد حصل لي موقف في الحرم وكان في ليلة 27 من رمضان وكان عمري 10 سنوات لقد انكتمت في السعي وكدت أموت من شدة الزحمة، ومنذ ذلك الحين وأنا لا أذهب إلى الحرم إلا في أوقات غير مزدحمة ولا أذهب في وقت الصلوات لأتجنب الازدحام، في هذه الحالة هل أستطيع أن أوكل من يحج عنـــي؟

آسف على الإطالة وجزاكم الله خير الجزاء وبلغني وإياكم رمضان، وأعانني وإياكم على الصيام والقيام.

مدة قراءة الإجابة : 9 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإن هذه الحالة التي تعاني منها تعرف بـ (رهاب/خوف الساحة)، وهي تختلف عن الرهاب الاجتماعي، وليست خوفاً من المواجهة في حد ذاتها، ولكن خوفاً من الأماكن المزدحمة أو الضيقة أو المتسعة، ويزداد هذا الخوف حين يكون الإنسان لوحده ودون رفقة مأمونة.

كثيراً ما يؤدي رهاب الساحة إلى مخاوف أخرى وإلى نوع من الوساوس وكذلك إلى عسر في المزاج.

مبادئ العلاج هي واحدة لكل أنواع المخاوف، وإن شاء الله النتائج ممتازة جدّاً في علاج هذه الحالات.

أول هذه الطرق العلاجية هو أن تصحح مفاهيمك حول هذا النوع من الخوف، وعلى ضوء ذلك نود أن نوضح لك أن كل أنواع هذا الخوف هي أنواع من القلق النفسي وليس إلا.

أنت لا تعاني من مرض عقلي أو مرض نفسي شديد، إنما هو نوع من القلق النفسي الخاص.

ثانياً: يجب أن تعلم أن الأعراض التي تظهر عليك في المناطق الضيقة أو المزدحمة هي أعراض مبالغ فيها ولن يحدث لك أي مكروه.. نعم تحس بالضيقة والغصة والقبضة في الصدر وربما تسارع في ضربات القلب وربما يأتيك الشعور كأن مصيبة سوف تقع، هذا كله شعور فسيولوجي نفسي مبالغ فيه.

ثالثاً: أرجو أن أؤكد لك أن الآخرين لا يقومون بمراقبتك ولا يقومون برصدك، ولن تتعرض إن شاء الله لأي نوع من الحرج في حضور الآخرين...هذه مبادئ أساسية.

يأتي بعد ذلك العلاج، فهنالك علاج سلوكي وهنالك علاج دوائي، والعلاج السلوكي يتكون من ثلاثة أشياء:

أولاً: ممارسة تمارين الاسترخاء.
ثانياً: التعرض في الخيال، بمعنى أن تعرض نفسك في الخيال لكل هذه المواقف التي تشعر فيها بالخوف.
ثالثاً: التطبيق العملي..

أما بالنسبة لتمارين الاسترخاء فهنالك كتيبات وكتب كثيرة توضح كيفية القيام بهذه التمارين، وهذه الكتيبات والكتب – الحمد لله – متوفرة في المكتبات في المملكة العربية السعودية، فيمكنك الحصول على أحدها للتأكد من تطبيق تمارين الاسترخاء بصورة صحيحة، أو يمكنك الذهاب إلى أي أخصائي نفسي – وليس الطبيب النفسي - واطلب منه أن يدربك على هذه التمارين.

يأتي بعد ذلك ما يُعرف في علم النفس السلوكي بـ (التعرض في الخيال)، والمقصود به أن تعرض نفسك للمواقف التي تحس فيها بالخوف وعدم الاطمئنان في خيالك، فعليك أولاً أن تقوم بكتابة كل هذه المواقف – كما أوضحت في رسالتك – وتضيف عليها أي مواقف أخرى، ثم بعد ذلك تجلس في مكان هادئ وتتصور أنك في مواجهة هذا الموقف كأنك على سبيل المثال دخلت المصعد وكأن المصعد ضيق وتعطل المصعد في الطابق الرابع وهنا اضطررت بالطبع أن تتصل بالطوارئ ولم تستجب الطوارئ مباشرة – وهكذا – عش هذا الخيال وسوف تحس بقلق وتوتر وتسارع في ضربات القلب وقد يستمر هذا من أربع إلى خمس دقائق، وبعد الاستمرار في التفكير والإصرار على الثبات على هذا الموقف الخيالي والذهني وعدم الهروب منه سوف تجد أن القلق أصبح يقل وينخفض.

كل جلسة من هذه الجلسات السلوكية في الخيال تتطلب مدة عشرين دقيقة على الأقل، وفي كل يوم عليك أن تجدد موضوع الخوف، فكما ذكرنا اليوم كنت تتأمل في المصعد، تأمل غداً أنه قد طلب منك أن تصلي بالناس في جماعة، وهذا بالطبع فيه مسئولية كبيرة ولكن يمكنك أن تنفذه – وهكذا – قم بتطبيق هذه التمارين في الخيال.

بعد ذلك لا تتجنب – نصيحتي لك هي ألا تتجنب – مواقف الخوف، فإن أسوأ وأخطر ما يقوي المخاوف هو أن يهرب الإنسان منها وأن يتجنبها، وحين يقتحمها الإنسان ويواجهها سوف يحس بالقلق وهذا أمر طبيعي، بعد ذلك لا يزداد القلق ويثبت على مستوى معين، ثم يبدأ القلق في الانخفاض.

من أهم الأشياء أن تكون مدة التعرض لا تقل عن عشرين دقيقة إلى خمسة وعشرين دقيقة ويجب أن تكون صباحاً ومساءً.

إذن هذه هي المبادئ السلوكية التي يجب أن تطبقها على جميع أنواع المخاوف.

ينصح البعض – إذا كانت المخاوف شديدة – أن تتخذ رفيقاً أو صديقاً ليذهب معك مرتين أو ثلاثا، ثم بعد ذلك تذهب لوحدك للموقف الذي كنت تحس فيه بالخوف، فإن هذه أيضاً تعتبر وسيلة من وسائل العلاج السلوكي.

حقيقة أود منك أن تصلي صلاة التراويح والتهجد في الصفوف الأولى، فلا داعي مطلقاً أن تكون في الصفوف الخلفية.

خذ نفساً عميقاً حين تذهب إلى الصفوف الأمامية – وحبذا لو كان الصف الأول – وصدقني أنك سوف تحس بالارتياح. ويمكنك أن تصطحب ابنك، فلا مانع من ذلك، ولكن اصطحبه للصفوف الأمامية وليس الصفوف الخلفية.

أما بالنسبة لموضوع الحج فإنه - إن شاء الله تعالى - بتطبيق هذه التمارين السلوكية وأن تعيش رحلة الحج في خيالك (عش هذه الرحلة كاملة يومياً) سوف تجد أن مستوى القلق قد قلَّ وقد انحصر تماماً.

عليك أيضاً أن تُكثر من التواصل الاجتماعي - أياً كان نوع هذا التواصل – وعليك دائماً أن تتجنب أن تكون في الغرفة لوحدك، وحاول أن تتفاعل مع أهل بيتك وأن تكون مع الآخرين، وأرجو أن تتحين المناسبات من أفراح وأتراح وأن تكون أنت مقدماً دائماً على حضور هذه المناسبات.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، وبفضل الله تعالى توجد أدوية ممتازة جدّاً تقضي إن شاء الله تعالى – على هذه المخاوف، وتساعد هذه الأدوية أيضاً في تطبيق العلاجات السلوكية السالفة الذكر، ومن أفضل هذه الأدوية عقار يعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) ويعرف أيضاً تجارياً باسم (باكسيل Paxil) ويعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرام – نصف حبة – ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبة كاملة وتستمر على ذلك لمدة شهر، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبتين في اليوم – وهذه هي الجرعة العلاجية الصحيحة وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة بمعدل نصف حبة كل شهر حتى تتوقف عن الدواء.

هنالك دواء آخر بسيط يدعم هذا الدواء ويعرف تجارياً باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، فأرجو أن تتناوله بجرعة حبة واحدة – نصف مليجرام – يومياً في الصباح، وفي رمضان يكون ذلك بعد الإفطار، واستمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناوله.

عليك أيضاً بممارسة الرياضة الجماعية مثل الجري أو المشي مع مجموعة من الأصدقاء وكن أيضاً حريصاً على حضور حلقات التلاوة، فإن هذه كلها تزيل وتبعد هذا الخوف، وأنا على ثقة كاملة أنك سوف تعيش حياة طبيعية جدّاً، فقط يجب أن تتوفر لديك الثقة في نفسك والعزيمة والإصرار من أجل التغير، ولابد أن تطبق التمارين السلوكية السابقة بصورة صحيحة، وكذلك عليك تناول الدواء الموصوف بالجرعة المطلوبة، علماً بأنه من الأدوية السليمة والفعّالة جدّاً.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.

أما ما يتعلق بالمسألة الشرعية وهل يجوز لك أن توكل من يحج عنك؟ فهذه ترجع لأهل الاختصاص، لذلك نرجو مراسلتهم من خلال هذا الرابط فهم الأقدر على إفادتك:
Http://www.islamweb.net/ver2/fatwa/index.php?

وبالله التوفيق.
==========
ولمزيد من الفائدة حول مشكلتك يمكنك الوقوف على هذه الاستشارات: ( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 - 280622)

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
حياتي أصبحت صعبة بسبب الخوف كيف أتخلص من ذلك؟ 1107 الأحد 10-05-2020 03:25 صـ
ما الفرق بين الرهاب الاجتماعي وضعف الشخصية؟ 1538 الخميس 02-04-2020 05:06 صـ