أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : الحيرة في اختيار تخصص معين

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز أنا طالب عراقي في مدرسة الموهوبين في بغداد، عمري 17 سنة - والحمد لله - درجاتي ممتازة، وأنا الأول في مرحتلي، وسأتخرج بإذن بعد سنة.

وهناك قرار في مدرستنا أنه بمجرد تخرج الطالب يمكنه الذهاب إلى الخارج
وإلى أي جامعة في العالم، وستتكفل الحكومة في ذلك.

ومشكلتي هي أنني لا يمكنني تحديد المجال الذي سأدخله، مع العلم أنه يجب أن أحدده في غضون شهرين كي أكمل إجراءات التقديم.

أما أهلي فأمي توجهني للطب، وتقول لي أن عملها مضمون، ولها مستقبل في العراق، وأبي يوجهني للاقتصاد، ويقول إن العراق سيتغير وللاقتصاد مستقبل أكبر.

أنا من جهتي لا فكر بما أحب كما يقول الجميع، أنا أفكر بالمكان أو بالموقع الذي سأفيد فيه بلدي وديني أكثر، وأنا قد أقسمت أنه بمجرد انتهاء دراستي سأرجع للعراق ولن أخرج أبداً ما حييت.

وقد سألت أناسا كثيرين، وقد قال لي أحد الأساتذة أنه لن ينصر الإسلام إلا السياسة والاقتصاد والإعلام، فبها دمر الأعداء ديننا، وبها يمكننا أن نرجعه.

فلذلك أنا في حيرة كبيرة من أمري، فإذا دخلت الطب على أنه مضمون - كما يقال - فإنه لربما سأندم يوماً وسيجل لي موقف ضعيف يوم القيامة، أما إذا دخلت الاقتصاد وفيه النجاح كبير والفشل كبير فإنه لربما لن يتحسن وضع العراق، وعندها سأعيش باقي عمري فاشلاً.

مع العلم أني إذا دخلت الاقتصاد ونجحت فعندها سأفيد بلدي وديني أكثر، ويمكنني حينها تأسيس الشركة التي أحلم بها في الإخراج التلفزيوني.

فأنا الآن خائف ومتردد فإما أن أعمل على المضمون، وإما على شيء فيه النجاح كبير والفشل كبير.

فأرجو منكم مساعدتي ساعدكم الله.

وأسأل الله أن يوفقكم لخدمة الإسلام والمسلمين.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يحيى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك، وأن يجعلك من العلماء العاملين والأولياء الصالحين الذين يخدمون الإسلام في أرقى المجالات، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك فكم أنا سعيد باتصالك بنا فعلاً، وكم أنا سعيد بأن الله أكرمك وفتح عليك حتى أصبحت طالباً في مدرسة الموهوبين، فالأمة الإسلامية في أمس الحاجة – يا ولدي – إلى أمثالك من المتميزين الذين منَّ الله عليهم بالتميز في عالم الذكاء والتحصيل، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك في جهدك وأن يمتعك بالصحة والعافية، وأن يطيل في عمرك حتى تخدم الإسلام خدمة جليلة في أي مجال تتواجد فيه بإذن الله تعالى، لأن أمتك الإسلامية – يا ولدي – في أمس الحاجة إلى جميع التخصصات - كل التخصصات مطلوبة – لأنك تعلم أن غذاءنا من مزارع عدونا، وأدويتنا من مصانع عدونا، وطعامنا ومشاربنا بل وملابسنا من مصانع عدونا، وأسلحتنا كذلك من مصانع عدونا، فنحن أمة عالة على غيرنا من الأمم، وكم نتمنى أن يأتي اليوم الذي نكون فيه مثل هذه الدول الكبرى لدينا من الصناعات ما يكفينا لكل أمور حياتنا، وإني لعلى أمل كبير أن تكون من هؤلاء العظماء العباقرة الذين يقدمون خدمة جليلة للإسلام في أي مجال من المجالات.

أما بخصوص حيرتك - يا ولدي – في تحديد العلم الذي تريد أن تتعلمه والوظيفة التي تريد أن تخدم الإسلام من خلالها في المستقبل بإذن الله تعالى، فأنا أقول أولاً: ولدي الكريم أنت في مرحلة مهمة وأنت لست صغيراً، فأنت رجلٌ الآن شرعاً، لأنك منذ أن بلغت – على الأقل خمسة عشر عاماً – وأنت أصبحت مكلفا، وقطعاً لابد لك من رؤية، ولابد لك من أمل في داخل نفسك، إلا أنه لا مانع من المساعدة.

والدتك نصحتك بالخير، وأنا أؤيد حقيقة نصيحتها – ولذلك لأن الطب مهنة إنسانية، كلها أجر ومثوبة.

ثانياً: عدا ذلك أنك قد تكون آمن – وأنت بلا شك آمن – على عورات المسلمين والمسلمات من الكفار، فأعداء الله ورسوله – يا ولدي – يستخدمون الطب كحرفة لإذلال مرضى المسلمين، وهو مجال أجره عظيم وثوابه جسيم، وفي جميع الأحوال أنت لن تحزن أبداً على دخول الطب؛ لأنه ليس صفقة تجارية أو شركة تنشئها وهي عرضة للخسارة أو الربح، كذلك ليست اقتصاداً، خاصة وأن الاقتصاد في العالم الإسلامي – يا ولدي مع الأسف الشديد – قائم على النظام الربوي، فأنت عندما تحصل على شهادة في الاقتصاد ستجد نفسك مضطراً إلى أن تتعامل بالربا أو تقر الربا، فهو أمر على قدر عظيم من الخطورة، فالاقتصاد الآن – مع الأسف الشديد – ليس نقياً خالصاً من الشبه الشرعية أو المحرمات؛ ولذلك أفضل المجالات وأنسبها بالنسبة لك مجال الطب – كما أشارت عليك والدتك حفظها الله، لأنك أولاً ستداوي الجرحى وتعالج المرضى حتى وإن كانوا من غير المسلمين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (في كل كبد رطبة أجر).

ثانياً على ذلك: أن مهنة الطب مهنة سامية، كل إنسان يتمنى لأولاده أن يكونوا أطباء عموماً؛ لأن الناس يحترمون هذه المهنة ويقدرون أصحابها، وهي مهنة نظيفة ومهنة إنسانية ومهنة راقية، وبمقدورك – يا ولدي – أن تكون متميزاً فتصبح أستإذن ومعلماً في الجامعة، تُعلِّم أبناء المسلمين هذه المهنة بأمانة وإتقان حتى تكفيهم أن يعالجهم أعداؤهم أو يطلع عليهم من ليس منهم، فأقول:
توكل على الله واستعن بالله، واعلم أن مجال الطب مجال رائع وعظيم جدّاً؛ لأن فيه شيء من صفة النبوة، وفوق ذلك – كما ذكرت – أن فيه مميزات، وخلاف ذلك أيضاً أنه يدر دخلاً طيباً على من يتعامل به - سواء أكان في العيادات الخاصة أو العامة – فالأطباء غالباً وسَّع الله لهم أرزاقهم وبسط لهم فيها ببركة خدمتهم لعباد الله تعالى.

فأنا أرى أن مجال الطب مجال طيب، فتوكل على الله واستعن بالله، وأسأل الله تعالى أن يجعلك من الأطباء الكبار الذين تباهي الأمة بهم في الدنيا ويباهي والداك بك يوم القيامة، إنه جواد كريم.

والله ولي التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أشعر بالغيرة والشفقة على نفسي عند المقارنة بغيري، فماذا أفعل؟ 1049 السبت 20-06-2020 10:20 مـ
كيف أحدد هدفي وشغفي؟ 1935 الاثنين 18-05-2020 04:55 صـ
هل لي أجر في دراسة الحقوق قسم اللغة الإنجليزية؟ 656 الثلاثاء 28-04-2020 04:48 صـ
هل أكمل في الصيدلة أم أتوجه للدراسة الشرعية؟ 1235 الأربعاء 15-04-2020 07:39 صـ
استخرت في إكمال الدراسة في تخصصي فتوقفت عن إكمالها! 1721 الأحد 12-01-2020 01:30 صـ