أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : زوجتي تطيل لسانها على أهلي

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
لا أدري من أين أبدأ، ولكني تزوجت من بنت صالحة أحسبها كذلك، فهي محافظة على الصلوات والنوافل وقراءة القرآن، تعرف حقي، ولكن المشكلة الوحيدة عندي تكمن في عدم معاملتها لأهلي بالحسنى برغم أنهم يعاملونها بالحسنى وزيادة، ـ والله على ما أقول شهيد ـ غير أنها تسيء الظن بكل من حولها (وذلك لظروف تعرضت لها قبل الزواج) فأدنى كلمة من أبي أو أمي ولو كانت بمزاح تحتمل عندها كل تفسير سيء حتى تصير تلك الكلمة مشكلة (تعمل من الحبة قبة) وعند حدوث أي كلام بيني وبينها بسبب أهلي تثور وتسب وتلعن حتى وصل بها الحال ذات مرة إلى أن سبت أمي وأبي على مسمع مني ولم تعتذر من ذلك ولم ترجع عنه، ولقد تدرجت معها في العقوبة ولم ترجع حتى وصلت إلى ضربها ذات مرة ولم ترجع عن ذلك أيضاً (مع أني أعامل أهلها بما يرضي الله وما زلت على ذلك) ولخوفي عليها ذكرتها مرات عديدة ووعظتها وخوفتها من عقوبة فضول الكلام وبأن المؤمن ليس بشتام ولا لعان، ومع ذلك تعود إلى هذا الفعل أحياناً وتغضب كثيراً عندما أهدي إلى أهلي أي شيء خاصة إلى أمي، ولقد بدأ يتسرب إلى قلبي مشاعر البغض والكره ناحيتها بسبب هذا الأمر، وأخشى أن أظلمها بالطلاق ولا أدري ماذا أفعل؟
أفيدوني أفادكم الله.

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يُصلح لك زوجتك، وأن يصرف عنها سوء الظن، وأن يُكرمها بحسن الخلق، وأن يعينها على أن تكون زوجة طائعة بارة بك وبأهلك، وأن يجعلها عوناً لك على بر والديك وعوناً لك على طاعته ورضاه، وأن يديم بينكما المودة والمحبة والوئام والانسجام، وأن يكرمكما بذرية صالحة طيبة مباركة، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم محمد - فالذي يبدو لي أن زوجتك ضحية تربية خاطئة لأنها رغم أنها تتمتع بقدر كبير من المقومات التي يتمناها كل مسلم إلا أنها قد تعرضت في حياتها في داخل أسرتها إلى نوع من أنواع سوء التربية أدى بها إلى اكتساب تلك العادات السيئة والقبيحة؛ لأنه مع الأسف الشديد – أخي الكريم – نجد أن كثيراً من الأسر تركز على بعض الأفعال أو الخصال وتترك بعض الأشياء الضرورية مما يترتب عليه أن تكون الفتاة أو الفتى كالرجل الأعرج الذي يمشي على قدم سليمة وقدم أخرى عرجاء لا تستطيع أن تقوى على حمله.

هذا إنما هو قصور وخطأ في التربية بيِّن واضح يقع فيه الكثير من المسلمين والمسلمات، حيث نركز على بعض الجوانب ثم ندع الجوانب الأخرى بغير توجيه ولا تربية، بل إنها قد تكون هي طبيعة حياتنا، فقد تنشأ الفتاة فتجد أن أمها تسيء الظن بأهل زوجها فتكتسب هذه الصفات السيئة من أمها دون أن تُخبرها الأم بأن هذا لا يجوز؛ لأن الأم تتصرف وكأن هذا من حقها وأن هذا هو الصواب وأن هذا هو الذي ينبغي أن يكون وأن حياتها مهددة إذا لم تقم بهذا الأمر.

هذه الأمراض قد تنتقل للأولاد قطعاً، وهذا الذي حدث فعلاً، فأنا أتصور أن زوجتك ضحية هذه التربية أصلاً، ولذلك أسأل الله أن يعينك على إصلاح هذا الخطأ؛ لأن هذا الخطأ خطأ قاتل وخطأ مدمر، خاصة وأنك بدأت فعلاً – كما أشرتَ – تتغير عواطفك ومشاعرك تجاهها وبدأت هناك بوادر كراهية لها ولتصرفاتها.

أنا أنصح - أخي الكريم بارك الله فيك – بأن تجلس مع امرأتك جلسة فردية أنت وهي وأن تحاولا أن تقرأا معاً باب حسن الظن بالمسلمين وباب سوء الظن بالمسلمين، هذا الكلام - بارك الله فيك – موجود في كل كتب الرقائق، فتجده في كتاب (إحياء علوم الدين) للغزالي مع مراعاة الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة أو الروايات التي ليست بصحيحة، وتجده أيضاً في كتاب (مختصر منهاج القاصدين)، وتجد هذا الكلام أيضاً - بارك الله فيك – في كتاب (تزكية الأنفس)، وتجده في كتاب (البحر الرائق في الزهد والرقائق) للشيخ أحمد فريد، كذلك تجده أيضاً في تفسير سورة الحجرات (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ))[الحجرات:12].

حاول أن تتوسع في دراسة هذا الأمر وفي قراءته بتأنٍ حتى تُعطي زوجتك الفرصة لأن تقف على شرع الله تعالى وأن تقف على الآثار المترتبة على سوء الظن وأن تعرف أن من حق المسلم على أخيه المسلم حسن الظن، وأن سوء الظن ورطة، وأنه ليس من خلق الإسلام في شيء.

حاول معها لعلها لم تتلق القدر الكافي من العلم الشرعي تجاه هذه العادة وهذا المرض. اجتهد معها - بارك الله فيك – لأنها بلا شك أفضل من غيرها بكثير، ولقد أثنيت عليها ثناء عظيماً فأنا أود ألا تفقدها؛ لأن الطلاق لن يكون حلاًّ بل لعله أن يكون مشكلة أكبر من هذه المشكلة، خاصة إذا كان هناك أطفال يدفعون ثمن هذه العادات السيئة التي أصرت الأم عليها ولم تفكر في التخلص منها، فأرى أن ترحمها -بارك الله فيك – وأن تمد يد العون والمساعدة لها، وإذا وجدت هناك أي مواد دعوية تتكلم عن هذا الموضوع من أشرطة أو كتيبات فلا مانع أن تأتي لها بها، ولا مانع أيضاً أن تصحبها لبعض الدروس والمحاضرات، وأن تطلب المحاضر أو الداعية أن يتكلم في هذا الموضوع بنوع من الاستفاضة لعل زوجتك أن تسمع منه فإن شعر الحي كثيراً ما لا يُطرب، فإذا سمعت من غيرك لعلها أن تستفيد من هذا الطرح.

أتمنى أن تصبر عليها وألا تفكر في الطلاق مطلقاً، وحاول أن تُصلحها وأن تُبين لها خطورة هذه الأمور ولكن بعيداً عن أمك وبعيداً عن أخيك؛ لأنه -كما ذكرت- زوجتك ضحية لتربية قاصرة ولتربية خاطئة فلا تجعلها تضحي مرةً أخرى، مرة ضحت بأنها اكتسبت تلك الصفات السيئة ومرة تدفع الثمن بأن يتم التخلص منها باعتبارها زوجة فاشلة وغير سعيدة أو غير موفقة أو ناجحة.

أتمنى أن تعطيها فرصة للتعليم والتعلم والصبر عليها والاجتهاد، وبيان خطر ما تفعله، ولا تلق لها بالاً، إذا أردت أن تقدم لأمك هدية فقدمها لها ودع زوجتك تضرب رأسها في الحائط ولا تتوقف معها طويلاً ودعها تقول ما تقول ولا تعبأ بكلامها ولا ترجع إليها ولا تلتفت لها حتى تتكلم حتى تشعر بأنك لن تتراجع عن الحق الذي شرح الله صدرك له، فلعل ذلك أن يكون دافعاً لها أن تتخلص من تلك العادة الذميمة التي اكتسبتها من هذه الأسرة المسكينة التي اهتمت بجوانب وضيعت جوانب أخرى مهمة تقوم بها الحياة وتسعد بها الإنسانية.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، كما أسأله تعالى أن يصلح لك زوجتك، وأوصيك أيضاً بالدعاء لها، اجتهد لها في الدعاء واطلب من المشايخ الكبار والدعاة وطلبة العلم أن يدعو لها بالصلاح والاستقامة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، مع تمنياتنا لك بالتوفيق.

والله الموفق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
زوجة ابني لا تحترمني وتعاملني بالمثل، فهل أهجرهم؟ 2081 الثلاثاء 25-02-2020 01:20 صـ
زوجتي تسيء معاملة أمي، هل أطلقها؟ 23669 الأحد 03-05-2015 01:31 صـ
زوجتي جرئية وعصبية في التعامل مع أبي وأهلي.. كيف أغيرها؟ 7071 الثلاثاء 28-10-2014 05:43 صـ