أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : كيفية تربية الابن البالغ وحمايته من الانحراف تجاه النساء
السلام عليكم.
ابني عمره 15سنة أحاول أن أربيه أحسن تربية وأعلمه الصحيح من الخطأ، لكن أباه مدمن ويعامله أغلب الأحيان بقسوة شديدة، وخصوصاً إذا أخطأ، دون أن يعلمه أن هذا خطأ، وقد وعلمته الصلاة والمحافظة عليها.
هو الآن يصلي والحمد لله، ولكني لم أتحدث معه في الأمور الجنسية، وقبل أيام تحرش ببنت عمه التي عمرها 9سنوات! لا أعرف كيف أتصرف معه؟ أنبته وأفهمته أن هذا لا يجوز، وأنه أمر خطير لا يجوز أن يحدث مع أي فتاة فما بالك ببنت عمك؟ هل هذا يكفي أم تجب معاقبته؟ وهل هذه بداية انحرافه لا قدر الله؟ أفيدوني من فضلكم فأنا محتارة وقلقة جداً، ولم أخبر أحداً حتى أباه خشية أن يتصرف معه تصرفاً نندم عليه.
علماً أن عمه والد الفتاة ووالدتها يعلمان بالأمر، أجيبوني بسرعة جزاكم الله خيراً، أريد أن أحمي ابني من المعاصي والضياع.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك لك في ولدك وأن يجعله من عباده الصالحين وأوليائه المقربين، وأن يعينك على تربيته تربية حسنة، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك: فإنك تعلمين -حفظك الله- أن الإنسان يبلغ ويصبح رجلاً بعلامة من علامات ثلاث: إما بلوغ خمس عشرة سنة كولدك حفظه الله، وإما بالاحتلام، وإما بنبت شعر العانة، وهو الآن قطعاً أصبح رجلاً، ومعنى أنه رجل أنه تحركت لديه نوازع الرجولة والرغبة في النساء؛ لأن هذه مرحلة، ولذلك كلفه الله تبارك وتعالى بالتكاليف الشرعية من صلاةٍ وزكاة وصيام وحج وغير ذلك، الأشياء القادر عليها لابد أن يؤديها؛ لأنه أصبح الآن رجلاً، قبل الخمسة عشر عاماً أو قبل البلوغ كنا نحثه حثاً على إقامة الدين والمحافظة عليه، ولكننا لا نعاقبه عليها عقاباً شديداً أكثر من قول النبي عليه الصلاة والسلام: (
ولذلك ولدك الآن رجل، وما حدث منه لأنه يشعر الآن بالميل إلى الفتيات أو النساء عموماً، وهذا أمر فطر الله الناس عليه، ولولا ذلك لما قامت هذه الحياة ولما انتظم الكون، الفتاة من هذا السن أيضاً تميل بطبيعتها إلى الشباب، والفتى من هذه السن أيضاً يميل بطبيعته إلى النساء، والبيئة المحافظة هي التي تحافظ على أولادها من الانحراف، أما البيئات الفاسدة فإنها غالباً ما تفسد هؤلاء الأولاد وتجعلهم يبحثون عن إرواء لهذه الشهوة وتلك الغريزة بصورة مباحة أو غير مباحة، ولذلك هذا الذي حدث أمر يتناسب مع سن ولدك، إلا أنه -بلا شك- خطأ، لماذا خطأ؟ لأنه تصريف للشهوة في غير مكانها الطبيعي، ولذلك ولدك الآن لا يحتاج إلى ضرب أو يحتاج إلى تعنيف بقدر ما يحتاج إلى حسن سياسة وإلى أن يفهم وضعه الذي هو عليه الآن.
خمسة عشر عاماً قطعاً ما زال شاباً صغيراً، أي أنه في نهاية المرحلة المتوسطة أو الإعدادية، ويصعب جدّاً أن يفكر الآن في الزواج لأن هذا الأمر له تبعاته، خاصة أننا نرى الآن في العالم كله تأخر سن الزواج عند الجميع رجالاً ونساءً، ولذلك فهو يحتاج منك إلى جلسات مصارحة بما أن والده خارج إطار التربية ويعامله بقسوة وشدة نظراً لظروفه، فإن الأمر كله يقع عليك.
فأنا أتمنى أن تجلسي إليه دائماً وأن تخاطبيه وأن تكلميه وأن تقولي له: أنت الآن أصبحت رجلاً يا ولدي، وسيسألك الله تبارك وتعالى عن تصرفاتك، وتقرئي معه بعض الآداب الموجودة كقول الله تعالى: (( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ))[النور:30]، حبذا لو كان بشيء من التفسير، أو بعض الآداب العامة؛ لأن هناك آداب المجتمع المسلم أو آداب الإسلام.
هذه الآداب موجودة في كتب كثيرة تستطيعين من خلالها أن تقرئي معه كل يوم أو كل أسبوع ولو أدباً واحداً: أدب غض البصر، حكم الاختلاط بالنساء، حكم الدخول إلى مجتمعات النساء، حكم النظر إلى النساء، حكم التصنت، علميه آداب الاستئذان وضرورة ألا يدخل عليك والغرفة مغلقة إلا بعد الاستئذان ضرورة، عدم كشف العورة، أيضاً تنظرين معه إلى المواد التي ينظر إليها في الإعلام، تبينين له أن هذه الأشياء والصور العارية ليست شرعية وإنما هي مخالفات يقع فيها الناس، إلى غير ذلك.
أيضاً ذكريه بأن الشاب العفيف الذي ليست له نزوة أو صبوة من الذين يحبهم الله تبارك وتعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (
معاملتك له برفق هذا شيء طيب خاصة وأنك أفهمته ذلك، فالنبي عليه الصلاة والسلام عندما جاءه شاب يطلب منه أن يرخص له في الزنا قال: أترضاه لأمك، أترضاه لأختك، أترضاه لابنتك، لعمتك، لزوجتك، ثم قال له: ما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه لغيرك.
فإذن يحتاج منك ولدك إلى نوع من المؤانسة ونوع من الشرح الهادئ، وكلما أتيحت فرصة ذكريه بالله تعالى وأن الله معه وأن الله يعلم سره ونجواه، وأن الله تبارك وتعالى مطلع على تصرفاته، وأنه ينبغي أن يستحيي من الله، حاولي أن تقوي فيه نزعة الإيمان ومراقبة الله تعالى: الله معي، الله ناظر إلي، الله مطلع عليَّ. وكلما يخرج إلى المدرسة تقولين له: يا ولدي! لا تنس أن الله معك، فعليك أن تري الله من نفسك خيراً.
اجتهدي - بارك الله فيك – في هذا الأمر ولا تخبري أباه بشيء من ذلك، وإنما اجعلي الأمر بينك وبينه، ومن حين لآخر قولي له: ما هي أخبارك وما هي أحوالك؟! أما عدت تنظر؟! حتى تتأكدي، قولي له: اصدقني يا ولدي فأنا أحبك أن تعرف أنك أعز شيء إلى نفسي، وأشعريه فعلاً بمحبتك له واحتوائك، ولكن لا تضميه بقوة ولا تجعليه يلمس بدنك باستمرار مخافة أن يتعلق بك أنت شخصياً، وإنما اجعلي الأمور في وضعها الطبيعي، امسحي على كتفه، داعبي شعره بيدك، هذه الأمور العامة البعيدة، أما كثرة الاحتضان والأحضان المستمرة -خاصة إذا كان هو الولد الوحيد- فإنه قد يجعله ينصرف إلى شيء آخر نحن في غنى عنه.
احرصي أيضاً أن تربطيه بالصحبة الصالحة، وأن تجعلي له منهجاً لحفظ القرآن ولو بمقدار آية كل يوم، واجعليه يرتبط مثلاً بالصالحين من الشباب أو حضور بعض مجالس العلم إذا كان عندكم شيء من هذا بعيداً عن الحزبيات والجماعات وغيرها، فهذه كلها إن شاء الله عوامل ستكون مفيدة له - بإذن الله تعالى -.
نسأل الله له التوفيق والسداد والهداية والرشاد، وأن يعينك على تربيته تربية صالحة إنه جواد كريم، وألا يخزيك به لا في الدنيا ولا في الآخرة، والله ولي التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
كيف أحمي زوجتي وطفلتي من وسائل التواصل والفتن المنتشرة بالمجتمع؟ | 1309 | الأربعاء 22-07-2020 04:21 صـ |
طفلتي لا تريد البقاء معي وتفضل أهلي. | 782 | الخميس 16-07-2020 06:03 صـ |
طفل يعاني من عدة مشاكل، أرجو مساعدته. | 726 | الثلاثاء 14-07-2020 04:28 صـ |
ولدي الأوسط شديد العناد كيف أتعامل معه؟ | 1018 | الاثنين 29-06-2020 04:28 صـ |
التنمر لدى الأطفال، كيف نتعامل معه؟ | 2103 | الاثنين 22-06-2020 09:07 مـ |