أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : خطوات نصح الزوج العاصي والتعامل معه
زوجي مدمن على شرب الخمر، حاولت معه بكل الطرق ليترك هذه المعصية ولم أفلح، فكيف أقنعه ببدء العلاج؟ وهل إذا ذهبت لبيت أهلي وهددته بطلب الطلاق سيجدي نفعاً أم ستكون له نتيجة عكسية؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.
توضيح:
زوجي مدمن على شرب الخمر، مؤخراً أصبح يرى أشياء وأشخاصا غير موجودين، وتهيئات، لدرجة أنه يخاف ويصرخ ويخاف من البقاء وحده، فهل وصل إلى مرحلة خطيرة من الإدمان؟ وما هو الحل؟
ملحوظة: هو يرى هذه الأشياء وهو في كامل وعيه ولم يكن قد شرب الخمر.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسعدنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يغفر لزوجك وأن يتوب عليه، وأن يعافيك من هذا البلاء، وأن يجعل حياتكم كلها سعادة وهناء.
وبخصوص ما ورد برسالتك فإن من أعظم المصائب التي تُبتلى بها الأسرة أن يكون ولي أمرها رجلاً غير سوي، وأقصد بغير سوي أي منحرف خلقياً، ولديه بعض الأمراض السلوكية التي تؤدي إلى ضعف دوره في قيادة الأسرة أو إلى ظهوره بصورة سيئة مزرية وقدوة سيئة أمام زوجته وأولاده، ومن هذه المصائب العظمى والبلايا الكبرى التي تُبتلى بها الأسرة عندما يكون ولي أمرها من المنحرفين كزوجك مثلاً عندما يكون مدمناً على شُرب الخمور.
وشرب الخمور كما نعلم بلاء عظيم -حقيقة- يأتي من خلال العوامل الوراثية، فقد يكون أحياناً بعض الوالدين كان يشرب الخمر قديماً فوجد الولد أن هذا الأمر في بيته مستساغ ومشروع أو موجود على الأقل، فتطلعت نفسه وغُرس فيه الرغبة في تقليد والده أو والدته.
كما أن هناك أيضاً عوامل ذاتية كأن يكون الإنسان نفسه لديه الرغبة والاستعداد للتجربة، وخوض المغامرات، فيفكر في شُرب الخمور من باب التجربة فيقع ضحية وفريسة للإدمان.
كذلك أيضاً يكون من خلال الصحبة السيئة، فقد يكون الإنسان مستقيماً في أول أمره ثم يتعرف على بعض الأشخاص السيئين الذين يزينون له هذا الأمر، وغالب الإدمان - سواء أكان في التدخين أو المخدرات أو الخمور أو غيرها - يكون عن طريق الصحبة؛ ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام حذرنا بقوله: (
هذه العوامل هي التي غالباً ما تؤدي إلى انحراف الإنسان ووقوعه ضحية لإدمان الخمور أو غيرها، قطعاً هناك عوامل أخرى، ولكن لعل هذه من أغلب العوامل وأشدها، وعلاج الخمور حقيقة لابد أن يكون بإرادة ذاتية أصلاً، من داخل الشخص بأن يرى أنه على الخطأ، وأن ما يفعله غير صحيح، وأنه يعرض نفسه وحياته وحياة أسرته للخطر، وبذلك يتوقف من أجل مصلحته ومصلحة أسرته وأولاده.
وقد يكون هناك أيضاً نوع من العلاج يعين عليه المجتمع كالزوجة مثلاً أو الآباء والأمهات أو الأخوة والأخوات أو الأصدقاء أو الأقارب أو غير ذلك، حيث يقنعون هذا المريض المجرم بضرورة العلاج والإقلاع عن المخدرات، وهذا هو دورك الآن تقريباً؛ لأني كأني فهمت أنك في المعركة وحدك وليس أمامك من أحد يعينك إلا الله سبحانه وتعالى؛ ولذلك أقول في البداية: أتمنى أن تُدخلي بعض الأطراف في علاج زوجك، فإذا كنت قد عجزت بشخصيتك بنفسك عن إقناعه ببدء العلاج فلا أقل – بارك الله فيك – من أن تجتهدي بعرض الأمر على بعض الأقارب أو المؤثرين لمساعدته في العلاج؛ لأنه لابد من علاج، والعلاج يبدأ أول شيء فيه بالإقلاع، بأن يقلع الرجل عن هذه الأشياء، أو بالعلاج الطبي وهو متوفر في كل بلاد العالم الآن تقريباً؛ لأن العالم الغربي الذي يصنع الخمور وتبعته بعض البلاد الإسلامية– مع الأسف – يصنع السم ويصنع علاجاً له، ولهذا أعتقد أن بلدكم تخلو من عيادات علاج الإدمان، سواء كانت المخدرات أو الخمور أو غيرها.
ولكن الخطوة الأولى تبدأ – مادمت قد فعلت ما تستطيعينه – وأصبحت محاولاتك لا تجدي ولا تنفع، فأرى أن تستعيني بمن ذكرتُ من الأقارب أو الأشخاص الطيبين الذين يقنعون زوجك بهذا الأمر، وهو إن بدأ العلاج فلعل الله أن يكرمه ويتوب عليه.
إذا لم يجد ذلك فأرى أنه لا مانع من أن تذهبي إلى بيت أهلك إذا كنت ترين أن زوجك متعلق بك وبالأسرة، وحريص على ألا يفقدك؛ لأن بعض الناس قد تكون علاقته مع زوجته هشة أو ضعيفة أو واهية؛ ولذلك إذا قالت هذا الكلام أحياناً قد يفرح بهذا القرار؛ لأن البيت قد يتحول إلى خمَّارة؛ ولذلك هذه الخطوة تحتاج إلى دراسة شديدة جدّاً ومتأنية، وإلى معرفة بمكونات طبيعة زوجك، فإذا كنت ترين أن هذا النوع من التهديد سوف يجدي معه لأنه متعلق بك ومتعلق بأولاده ومتعلق بالأسرة، ويصعب الاستغناء عنكم فلا مانع من سلوك هذا المسلك بشرط ألا تتمادي فيه كثيراً حتى لا يتعود عليه.
أما إذا كانت العلاقة بينكما ليست بهذه القوة وأن غيابك عنه لا يشكل خطراً عليه، فأنصحك ألا تخرجي؛ لأنه قد يتحول إلى ما هو أسوأ من ذلك، حيث أنك الآن تنغصين عليه حياته ببعض الكلمات أو النظرات أو العبارات، فقد تكوني سبباً في تقليل انحرافه، فإذا ما أتيحت له الفرصة لعله ينحرف انحرافا كلياً ونهائيا؛ ولذلك أقول: هذه الخطوة قوية ومؤثرة عند مَن يحرص على الأسرة، ويحرص على المحافظة عليها وعلى استقرارها، وعلى أمنها وأمانها، أما إذا كان من النوع المستهتر فأنصح ألا تفعلي ذلك؛ لأن هذه قد تكون عبارة عن فرصة تقدم له على طبق من ذهب، ولن يتراجع بعد ذلك أبداً؛ لأنه ليس لديه استعداد أن يضحي بنزواته وشهواته من أجل زوجته وأولاده، فأقول:لا مانع من ذلك شريطة أن تكوني متأكدة أنه حريص على الأسرة، وأن هذا سوف يأتي معه بنتيجة، أما إذا كان الأمر على خلاف ذلك فامكثي معه وتوجهي إلى الله تعالى بالدعاء وواصلي النصح والنصيحة، واجتهدي في الاستعانة ببعض الصالحين لمساعدتك في هذه المهمة - وإن شاء الله - أنا واثق بأنك سوف تنجحين؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: (( إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ))[الإسراء:81]، ويقول جل جلاله أيضاً: (( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ ))[الرعد:17]، فثقي بالله وأحسني الظن به وتوجهي إليه بالدعاء وتضرعي إليه في أوقات الإجابة أن يصلح لك زوجك، واعلمي أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، واعلمي أن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، والكربات العظيمة والبلايا الجسيمة يرفعها الله ببركة الدعاء، فأكثري من الدعاء لزوجك أن يعافيه الله من هذا البلاء، وأن يغفر له، وأن يتوب عليه، وواصلي النصح والنصيحة، واستعيني – كما ذكرت – ببعض من يصلحون ذلك - وإن شاء الله تعالى - سوف ترين خيراً؛ لأن الله تبارك وتعالى وعدنا أنه لا يضيع عمل عامل، وما دمت قد أخذت بالأسباب فأبشري بخير - بإذن الله -.
مع تمنياتي لك بالتوفيق والعون والتأييد من الله تعالى على أداء مهمتك في إصلاح زوجك وإعانته على أن يترك الإدمان.
والله ولي التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
علاقتي مع زوجي سيئة ولكني أريد إصلاح ذلك، فما الحل؟ | 13020 | الأربعاء 04-11-2015 12:51 صـ |
زوجي يشرب الخمر ولسنوات لم نرزق بأطفال رغم محاولاتنا، أرجو منكم إرشادي | 3984 | الخميس 28-05-2015 02:09 صـ |
زوجي مدمن فكيف أتصرف معه بعقلانية؟ | 6551 | الأحد 05-04-2015 04:00 صـ |
تقدم لخطبتي شاب له ماض سيء، فهل أوافق عليه أم أن هناك خوف من انتكاس حالته؟ | 4436 | الخميس 19-02-2015 02:51 صـ |
زوجي مدمن حشيش، كيف أنقذه من المعصية والدمار؟ | 4357 | الاثنين 16-02-2015 02:29 صـ |