أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : الخلافات الزوجية ومشاكل الأبناء تولد الإحباط والاكتئاب
السلام عليكم
عفواً أخي أنا عندي مشاكل كثيرة، ولكن أحتاج للمساعدة، أرجو أن تساعدني لأني لا أعرف كيف أتعامل مع أبنائي، أحس أني لا أحبهم، ولا أعرف كيف أتعامل معهم، لا أفهمهم ولا أتحملهم ولا أحس بهم، نعم أراهم ولكن لا أعرف هل لأني مختلفة مع أبيهم في أشياء كثيرة انعكس هذا لا إرادياً عليهم؟
أرجو أن ترسل لي اختباراً أو أي شيء يساعدك ويساعدني، لتفهم حالتي جيداً، فأنا لا أجيد الشرح ولكني أريد المساعدة، وظروفي المالية لا تساعدني للذهاب إلى طبيب نفسي لإجراء تحليل، غير أن زوجي لا يقبل أن يعطيني الإذن لأني سأكشف أسرارنا بأنا غرباء! ولكني أحتاج المساعدة أنا في قمة التعاسة والاكتئاب، وقريبة من الانهيار! فأنا طوال الوقت أصرخ فيهم، لا أستطيع أن أحتضنهم أو أقبلهم، لا أهتم هل أكلوا أم لا؟ بينما كنت عكس ذلك عندما كانوا صغاراً، زوجي يقول بسبب أن أبي أنشأني على طريقة عسكرية، وأني عوملت هكذا وأنا صغيرة، وأنا أحاول لكن كل مرة أرجع لنقطة الصفر! أدفن نفسي في أكل الحلويات التي أدمنتها وقراءة القصص العاطفية التي عدت إليها الآن، مع أني لم أقرأها وأنا مراهقة، ماذا أفعل ساعدوني؟ جزاكم الله خيراً!
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الاكتئاب النفسي والشعور بعدم الارتياح قد تتولد منه صعوبات على مستوى التعامل اليومي مع من نحب، مع أولادنا، مع أقربائنا، ومع من هم حولنا، وبالطبع عدم القدرة على التواؤم تكون هي السبب الرئيسي في هذه الانعكاسات السلبية.
أنت تقولين إنك تجدين صعوبة في التعامل مع أبنائك، ويأتيك الإحساس بأنك لا تحبين أبناءك، بالطبع هذا الإحساس ليس صحيحاً؛ لأن حب الآباء لأبنائهم هو حب جبلي وفطري، ولكن الاكتئاب وعدم الارتياح النفسي هو الذي أدى إلى ضعف في مشاعرك وإحساسك نحوهم.
أنا أعتقد من أهم الأشياء بالنسبة لك هو أن لا تشعري بالفشل، هذا أمر ضروري جداً، والإنسان يمكن أن يستجلب لنفسه الفشل بأن يشعر بأنه لم ينجز أو أنه مقصر وتكون الحقيقة مخالفة لذلك تماماً، ومن أسوأ الأشياء التي قد يؤدي إليها الاكتئاب هي هذا التفكير السلبي التشاؤمي الإحباطي، والإنسان يستطيع أن يتغلب على ذلك ولكن بالصبر والمثابرة والتأمل والتفكر العميق وتحليل الذات، أنت لو جلست مع نفسك بتأمل سوف تجدين أن هنالك إنجازات كثيرة في حياتك، لا تصغري هذه الإنجازات مطلقاً، بل على العكس انظري إليها بإيجابية، انظري إليها بتمعن، وهذا بالطبع سوف يساعدك .
بالنسبة للاختبارات، هنالك اختبارات كثيرة يمكن إجراؤها، هنالك اختبار يعرف باسم اختبار (هنلتون) للاكتئاب، هنالك اختبار (بيك) أيضاً للاكتئاب، وهنالك عدة أنواع من اختبارات الشخصية، ولكن هذه الاختبارات لابد بالطبع أن تطبق في حضور المعالج، وأنا لا أعتقد أنك في الأصل في حاجة لهذه الاختبارات لأن حالتك واضحة جداً، وهي عدم القدرة على التواؤم، عدم القدرة على التوافق، وهذا بالطبع تولد عنه كما ذكرنا هذا التفكير الإحباطي، والتفكير الإحباطي تحول إلى اكتئاب والاكتئاب أدى إلى مزيد من الفكر الإحباطي... وهكذا أصبحت مشاعرك مشتتة وضائعة بين هذه المكونات المختلفة.
نحن لا نستطيع أن ننكر دور التنشئة ودور الطفولة، وما ذكره زوجك أنك قد نشأت على نمط معين أو كانت طفولتك لا تخلو من شيء من الصرامة، هذا ربما يكون صحيحاً، ولكن في ذات الوقت يجب أن لا نرمي بكل إفرازات المستقبل بما حدث في الماضي، الإنسان ينظر لماضيه دائماً كمنطلق للتجارب الإيجابية التي يستفيد منها لتطوير حاضره ومستقبله.
أختي الكريمة من وسائل العلاج الضرورية في حالتك هي أن تحاولي بقدر المستطاع أن تصلي إلى نوع من التوافق مع زوجك، هذه في نظري نقطة انطلاق أساسية، وحاولي أن تعززي نقاط الاتفاق التي بينك وبين زوجك، وحاولي أن تقللي وتجدي له العذر في نقاط الخلاف، أرجو أن يتم نوع من الحوار الهادئ بينك وبين زوجك حين يكون مزاجه طيباً وأنت كذلك، ولابد أن تحدث وتحصل أنواع من التنازلات من جميع الأطراف.
أنا أعتقد أيضاً خلافاتك مع زوجك أدت إلى نوعٍ من التصرف الإسقاطي نحو الأطفال، أصبحت لا تحبين أطفالك! أو هكذا يظهر لك، وذلك نسبةً للصعوبات التي بينك وبين زوجك، فلابد أن تصلحي ذات البين ما بينك وبين زوجك، وإن شاء الله أنت مأجورة على ذلك، فكري في الأمور بهذه البساطة، مهما كانت التضحيات، يجب أن تقدمي تضحيات أكبر وذلك أن تصلحي الأمر بينك وبين زوجك؛ لأن ذلك سوف يساعد الأسرة في فعاليتها.
الأسرة الفعالة هي الأسرة التي تستطيع أن تحل مشاكلها في نطاق الأسرة، وتبني لحاضرها ومستقبلها، ويكون هنالك نوع من التوافق ما بين أفرادها وإن لم يتفقوا يجد كل واحد فيهم العذر للآخر، ويجب أن لا نعتبر الخلافات الأسرية كشيء دائم ومتصل، يجب أن ننظر إليها دائماً أنها أمور مؤقتة يمكن تجاوزها في يوم من الأيام.
مشاعرك نحو أطفالك لابد أن تتغير، الأطفال هم نعمة عظيمة من عند الله تعالى، وكما ذكرنا أولاً الحب لهم هو حب فطري وجبلي، وعليك أن تسعي لرعايتهم، لتوجيههم وتربيتهم على الأسس الإسلامية الصحيحة، وهذا بالطبع سوف يعطيك إن شاء الله البعد الإيجابي في تفكيرك.
أختي الكريمة: سيكون أيضاً من الجيد بالنسبة لك أن تحاولي أن تجدي لنفسك نوعاً من التواصل والترويح عن النفس، حاولي أن تروحي عن نفسك، الانضمام لمعاهد تحفيظ القرآن تساعد كثيراً في ذلك، الانضمام للجمعيات الخيرية، حضور المحاضرات، التواصل، صلة الأرحام، أختي هذه كلها إن شاء الله تحمل الصفة الترويحية وفي نفس الوقت هي ذات عائد إيجابي كبير جداً على الإنسان وعلى نفسه .
بقي في هذه الاستشارة النفسية أن أنصحك بأن تتناولي أحد الأدوية المضادة للاكتئاب، والأدوية المضادة للاكتئاب سوف تفيدك حتى في شعورك الاندفاعي نحو أكل الحلويات، هذه العقوبة بالذات أنت تعاقبين نفسك بهذه الطريقة، وأعتقد أن الاكتئاب قد ساهم في ذلك، لابد بالطبع أن تتحكمي في نفسك، ولابد أن تتحكمي في هذه الحلويات وتتوقفي عنها، وأعتقد أن الدواء سوف يساعدك، والعقار المفضل في مثل هذه الحالات هو بروزاك، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة 20 مليجرام كبسولة واحدة في اليوم تناوليها بعد الأكل، واستمري عليها لمدة أسبوعين، وبعد أسبوعين ارفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، استمري على هذه الجرعة لمدة سبعة أشهر ولابد أن يكون هنالك انضباط والتزام ومواصلة للعلاج كما هو موصوف، وبعد انقضاء هذه المدة خفضي الدواء إلى كبسولة واحدة لمدة ستة أشهر أخرى ثم توقفي عن تناوله.
هذا الدواء إن شاء الله مزيل للاكتئاب، يحسن الاندفاعات النفسية السلبية، وبالطبع إذا طبقت الإرشادات البسيطة السابقة معه إن شاء الله سوف تجنين فائدة كبيرة.
أختي الكريمة، قراءة القصص العاطفية لا تفيد، استبدليها بشيء آخر، هنالك أشياء مفيدة، كوني حريصة على وردك القرآني، اقرئي الكتب المفيدة، استمعي للبرامج التلفزيونية المفيدة، هنالك أشياء كثيرة يمكن أن تقومي بها، حاولي أن تذاكري مع أبنائك، وتراقبي أداءهم الدراسي إذا كانوا في عمر المدرسة .
أسأل الله لك التوفيق والصحة والعافية.
---------------------------------------
انتهت إجابة الدكتور ولمزيد من الفائدة يرجى التكرم بالاطلاع على الاستشارات التالية، والتي تتناول علاج الاكتئاب سلوكياً : ( 237889 - 241190 - 257425 - 262031 - 265121).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
ما هو سبب الشرود الذهني والتقلبات المزاجية والقلق؟ | 3466 | الأحد 05-07-2020 05:32 صـ |
هل لالتهاب الجيوب الأنفية علاقة بضعف التركيز؟ | 2338 | الثلاثاء 30-06-2020 03:15 مـ |
أعاني من حالة تشوش ذهني وأفكار غير منطقية | 1750 | الأربعاء 01-07-2020 04:30 صـ |
أريد علاجا لتنشيط الذهن وتقوية التفكير | 2920 | الاثنين 22-06-2020 05:15 صـ |
أعاني اضطراب في التفكير وتشتت ذهني، ما العلاج؟ | 2270 | السبت 13-06-2020 10:37 مـ |