أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : قلق وتوتر وخوف من الاختلاط بالناس وتجنب حضور المناسبات

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

منذ حوالي عشر سنوات وأنا أعاني من أعراض نفسية أتعبتني كثيراً وأقعدتني عن كثير من أعمالي وعن فعاليتي في أسرتي ومجتمعي، وأنا إنسان طموح وصاحب قدرات ومهارات، ولا ينقصني في شخصيتي شيء، بل وتفوقت في كثير من أعمالي على غيري من الناس، لكني أتجنب الاختلاط بالناس، وأشعر عندما أكون في جمع من الناس بالتوتر والقلق والخوف، وأخاف أن يوجه لي سؤال، وإذا طلب مني أن أتكلم فإن وجهي يحمر وشفتي تتخبط في إخراج الحروف وتزداد ضربات قلبي وترتعش يدي ورجلي.

وفي حياتي اليومية أحب الانطواء مع نفسي وأكون في بعض الأوقات حزيناً ومكتئباً وقليل الابتسامة للآخرين، وأستعجل الأمور ولا أحب الانتظار، فمثلاً إذا ذهبت إلى مكان فإنني أمشي بسرعة وأكون مشدود الأعصاب، وأيضاً أجد صعوبة في الاستقرار في مكان واحد، وأظل متنقلاً من مكان إلى آخر وكأن شخصاً يطاردني، وأنا حساس جداً حيث أن كلمة من شخص تجعلني أفكر فيها ساعات.

وأكثر ما يتعبني هو القلق الداخلي والتفكير الزائد الذي لا مبرر له، وعندها يأتيني انقباض في العضلات وتوتر في جميع جسمي واكتئاب في الصدر وصعوبة في التركيز، ولذلك فإني أخاف الاختلاط مع الناس، وأتجنب حضور المناسبات حتى لا أكون عرضة لهذه الأعراض وحتى لا أتعرض للسخرية من أحد.

ولقد ذهبت إلى بعض الأطباء ووصف لي توفرانيل وانفرانيل وفافارين وهالدويل وريزبريدون إبر ولكن لم أشعر بتحسن.

وعندي أمل في الله سبحانه وتعالى أن يخرجني مما أنا فيه، وعندي إصرار على أن لا أستسلم للمرض، كما أرجو منكم معرفة ما هو هذا المرض حتى أعمل حسابي لمواجهته؟ وما هي النصائح التي تقدمونها لي؟ وما هو أفضل دواء لهذا المرض؟!
ولكم جزيل الشكر.

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنشكرك على ثقتك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونحمد الله تعالى أن جعلك صاحب مقدرات ومهارات ولديك الكثير من الطموح، ونسأل الله لك المزيد.

هذه المظاهر والصعاب التي تعاني منها هي حقيقة نشأت من أن شخصيتك في بنائها النفسي تحمل طابع القلق وطابع التوتر، والقلق والتوتر هي طاقات نفسية موجودة في النفس البشرية ولكنها في بعض الحالات قد تزيد، وإذا زادت هذه الطاقات من نفسها ربما يتولد عنها لدى بعض الناس القلق الزائد، ويتولد عنها لدى بعض الناس الوساوس، ويتولد عنها لدى بعض الناس المخاوف، وحتى لبعضهم يحدث أيضاً نوع من الاكتئاب النفسي.

وأنت في الحقيقة النواة القلقية لديك قوية ومرتفعة، وهذا أدى إلى ظاهرة الخوف الاجتماعي، فأنت لديك رهاب اجتماعي الذي لا أراه إن شاء الله من النوع الشديد أو الذي يصعب علاجه.

إذن هذا التفسير في رأيي ضروري بالنسبة لك لأنه يمثل جزءاً من العلاج، والذي أود أن أؤكده لك أيضاً هو أن دائماً صاحب المخاوف والقلق الزائد ينظر لنفسه بسلبية، وينظر لنفسه أنه سوف يكون مصدراً للسخرية، وينظر لنفسه أنه سوف يفشل أمام الآخرين، وكثيراً ما يعتبر نفسه أنه ليس بالكفء وليس لديه القدرة على السيطرة على الموقف، أيّاً كان هذا الموقف، وكما ذكرت أنك كثير التفكير وفي صراع من الزمن ومع نفسك، هذه كلها جزئيات من القلق العصابي الذي أدى في نهاية الأمر إلى هذه المخاوف والرهاب الاجتماعي، ولا شك أن الارتعاش وضربات القلب هي ناتجة من إفراز مادة تعرف باسم أدرلنين التي تؤدي إلى هذه الضربات وهذه الرعشة، والتي أيضاً تؤدي إلى التعرق لدى بعض الناس، وبعضهم يشعر ويحس ويرغب في الذهاب إلى الحمام بكثرة وهكذا.

والعلاج في هذه الحالة ليس صعباً بل هو ممكن بإذن الله تعالى، لكن عليك أولاً أن تفهم أن حالتك ليست خطيرة، ثم ثانياً عليك أن تفهم أن هناك مبالغة في هذه الأعراض، فقد يشعر البعض أن هناك مبالغة وتضخيم وتجسيم يحدث للإنسان في وجدانه ومشاعره، فهذا ينطبق عليك وعلى كل من يعانون من نفس حالتك، فمستوى الرعشة ومستوى ضربات القلب ومستوى الخوف على السيطرة على أي موقف ليست بالصورة التي تتصورها أبداً، وهذا ما أكده أحد العلماء بقيامه بتصوير وتسجيل بعض الذين يعانون من هذه الحالات ثم بعد ذلك عرض عليهم هذه المشاهد والصور وهذا التسجيل وحين شاهدوها اكتشفوا أن أداءهم أفضل مما كانوا يتصورون وأن مستوى أعراضهم الجسدية ليست بالشدة التي كانوا يعتقدونها، إذن لابد أن يكون أيضاً دافعا للطمأنينة بالنسبة لك.

والجزء الآخر في العلاج هو : عليك بممارسة الرياضة، أيّاً كان نوع هذه الرياضة خاصة رياضة المشي أو الرياضة الجماعية مثل كرة القدم؛ حيث أن ذلك يتيح لك فرصة الاختلاط والتفاعل مع الآخرين، وأيضاً هناك تمارين تعرف باسم تمارين الاسترخاء، فهذه التمارين هي أيضاً تمارين تعرف أنها جيدة ومفيدة جدّاً في علاج هذه الحالات، وهناك أشرطة وكتيبات توجد في كثير من المكتبات توضح كيفية إجراء وتطبيق هذه التمارين بصورة دقيقة وصحيحة، وبصورة مختصرة هذه التمارين تتمثل في الآتي:

أ- استلقِ في مكان هادئ.
‌ب- افتح فمك قليلاً وأغمض عينيك.
‌ج- تأمل في شيء طيب وجميل.
‌د- خذ نفساً عميقاً وقوياً عن طريق الأنف.
‌ه- املأ صدرك وحتى البطن أيضاً.
‌و- أمسك هذا الهواء لمدة عشر ثوانٍ.
‌ز- أخرج هذا الهواء بنفس القوة وبنفس البطء، ويكون إخراجه في هذه المرة عن طريق الفم وليس عن طريق الأنف.

كرر هذه التمارين عدة مرات بمعدل مرتين في اليوم، وهناك أيضاً تمارين استرخاء العضلات المختلفة، وهذه التمارين - تمارين التنفس واسترخاء العضلات - تمارين طيبة يجب أن تطبقها بصورة يومية وسوف تساعدك كثيراً جدّاً.

وهناك أمر ضروري ونؤكد عليه وهو أنك صاحب مقدرات وصاحب مهارات، فهذا أخي يجب أن يكون حافزاً ودافعاً لك على المواجهة، فالكثير من الناس لا يملكون المهارات أو المقدرات الكافية وبالرغم من ذلك تجدهم يواجهون أمور الحياة ويكابدون ويظهرون أمام الآخرين بصورة فعّالة، وعليه قل لنفسك أنا لست ضعيفاً ولا أختلف عن الآخرين أبداً، فلماذا لا أكون فعّالاً ومواجهاً، ولماذا أكون في مثل هذا الخوف، فهذا أمر لا يليق بي... وهكذا، هذا كله إن شاء الله نوع من التأمل الإيجابي جدّاً والذي يقلل من هذه المخاوف.

وأيضاً وجدنا بحمد الله أن حضور حلقات التلاوة يساعد في إزالة المخاوف، وهذه الحلقات هي محاطة بالخير وبالملائكة والرحمة والطمأنينة والسكينة (حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده)، وبجانب ذلك فيها أيضاً المنفعة الدنيوية بمعنى أن الإنسان من خلالها يستطيع أن يواجه وأن يعبر عن نفسه وأن يلتقي بالآخرين خاصة الصحبة الطيبة الكريمة، إذن خذها وسيلة للدنيا والآخرة وسوف تجد فيها نفعاً كبيراً وكثيراً جدّاً.

والشق الآخر في العلاج هو العلاج الدوائي، والأدوية التي تناولتها هي أدوية لا أقول أنها سيئة ولكنها أدوية معقولة ولكن يوجد أفضل منها، فهناك دواء يعرف باسم زيروكسات أو لسترال؛ كلها أدوية طيبة تساعد في علاج مثل هذه الحالة، لكن تناول الدواء - أي دواء - يتطلب الالتزام ويتطلب تناوله بالجرعة الصحيحة، وأود أن أرشح لك العقار زيروكسات لأن الدراسات التي دارت حوله كثيرة جدّاً في فعاليته، كما أن تجربتي الشخصية معه أيضاً الحمد لله مشجعة جدّاً لأن أصفه لك أخي الكريم.

ابدأ في تناول هذا الدواء (زيروكسات) بجرعة نصف حبة (10 مليجرامات) ليلاً بعد الأكل، ويفضل تناوله بعد الأكل لأنه ربما يسبب نوعا من سوء الهضم في الأيام الأولى من بداية العلاج، وبعد أسبوعين ارفع الجرعة إلى 20 مليجراماً (حبة كاملة)، وبعد انقضاء شهر ونصف ارفع الجرعة إلى حبة ونصف، ثم بعد انقضاء شهرين ارفعه إلى حبتين (40 مليجراماً)، وهذه سوف تكون الجرعة الكافية بالنسبة لك.

إذن هو دواء واحد فقط ولا تستعمل دواء غيره في نظري، خذ هذه الجرعة (40 مليجراماً) في اليوم واستمر على ذلك لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك ابدأ في تخفيض الجرعة بمعدل نصف حبة كل شهر، ثم بعد ذلك يمكن أن تتوقف عنه.

إذن هذا الدواء هو العلاج الأساسي بالنسبة لك ولا تحتاج لأي دواء آخر إلا إذا كانت ضربات القلب مزعجة لك فيمكن أن تأخذ دواء إسعافياً آخر بسيطاً جدّاً يعرف باسم إندرال الذي يمكن تناوله بجرعة 10 مليجرامات عند اللزوم، أي عندما تكثر عليك هذه الضربات، ولكن أعتقد إذا طبقت هذه التمارين الإرشادية السابقة وتناولت الدواء (زيروكسات) إن شاء الله لن تجد أي مشكلة ولن تجد أي صعوبة.

وأيضاً هذا الدواء (زيروكسات) – كما ذكرت لك – دواء سليم وطيب، فقط ربما يعاب عليه أنه مكلف بعض الشيء، أسأل الله أن يسهل لك أمرك في الحصول عليه، كما أنه توجد أنواع تجارية منه هي أقل تكلفة وهي فعّالة جدّاً أيضاً.

أرجو أن تطمئن تماماً أن حالتك يمكن أن تعالج بإذن الله تعالى، وأسأل الله لك التوفيق والسداد والشفاء.

وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أريد علاجا للقلق والتوتر لا يسبب زيادة الوزن. 1558 الثلاثاء 11-08-2020 05:25 صـ
عاد إلي القلق وانتكست حالتي فهل من علاج بديل؟ 3852 الأربعاء 29-07-2020 05:58 صـ
القلق المزمن ونوبات الهلع، حلقة مفرغة في حياتي، ساعدوني. 2453 الأحد 09-08-2020 03:58 صـ
أشكو من أعراض نفسية وعضوية وتحاليلي سليمة. 1214 الاثنين 10-08-2020 01:16 صـ
ما سبب شعوري بعدم الثبات وأني عائم؟ 2187 الأحد 26-07-2020 04:44 صـ