أرشيف الاستشارات

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ علوش حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن عمارة القلب بحب الله ترتب الأمور بطريقة صحيحة، ومن لم يشغل نفسه بالخير والحق شغلته نفسه بالباطل واللهو.

ولا يخفى عليك -يا ابنتي- أن هدف الحب هو الزواج، ولم يُر للمتحابين مثل النكاح، وإذا لم يتحقق ذلك ولم يكن الهدف من الحب هو ذلك الرباط؛ تحوَّل الحب إلى عذاب وحسرات، والعاقلة تفكر بعقلها لا بعاطفتها وتؤثر طاعة ربها.

وأرجو أن تقبلي لومي لكما على تأسيس حبل العواطف قبل الحصول على الموافقة، والتأكد من إمكانية اللقاء، وأدعوكما إلى الاستغفار، وطي صفحة الماضي بعد أن يدعو كل منكما للآخر بالتوفيق في حياته.

ولست أدري لماذا لا يمكن الزواج؟ وعلى كل حال فلا خير في استمرار هذه العلاقة التي لا توصل إلى رضوان الله، وذلك ببناء أسرة مسلمة على كتاب الله، وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وإذا كان الطريق مسدوداً من جميع الجهات؛ فلا حل أمامكما إلا بالعودة إلى الله، واللجوء إليه سبحانه، فإن الباب الذي بينكما وبين الله لا يستطيع أحدٌ أن يسده، فإن الله غفور رحيم، تواب عظيم، كريم حليم سبحانه.

واعلمي إن الإنسان إذا عمر قلبه بحب الله وتوحيده؛ وجد في ذلك الأنس من الوحشة والعزاء من كل مصيبة، وماذا فقد من وجد الله، وآمن بالله، وعمر قلبه بحب الله، وحرص على طاعته ورضاه، ولأنه لا يوجد عندنا حب إلا في الإطار الشرعي، فابحثي عن البديل، ولا تقبلي إلا بمن يطرق الأبواب، ويريد للعلاقة أن تكون واضحة، ومعلنة وموافقة لآداب الشريعة وأحكامها، كما نتمنى أن تتخلصي من كل ما يذكرك بعلاقات الأمس من أرقام ورسائل، ومن الضروري البعد عن أماكن وجود ذلك المحبوب، والاشتغال بطاعة علام الغيوب، ومراقبة من يأخذ بالذنب ويستر العيوب.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ثم بضرورة الاقتراب من أسرتك، والمحافظة على ثقتهم فيك، ولا تطلقي لعواطفك العنان إلا بعد العلاقة الرسمية والإعلان، وأرجو أن تفكري في أمرك بعقلك لا بعاطفتك، فإن رحلة الحياة الزوجية طويلة وعميقة، وهي مسئولية وميثاق غليظ وذرية.

ونسأل الله أن يقدر لك وله الخير.