أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : طفل يصوب الأخطاء

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم ورحمة الله.
لدي طفل عمره أربع سنوات ونصف، ألاحظ فيه استيعابا غير عادي لكل ما يقال أو يشاهد أمامه أو أي توجيه معين نحو السلوك، فإذا أخطأ أمامه أي أحد كبير أو صغير يسارع بتوجيه اللوم ومعاتبة المخطئ وتوجيهه نحو السلوك السليم بحدة وعصبية!
على سبيل المثال: عندما ركب سيارة المدرسة وفي أول يوم قال للسائق: من أولها سجائر، وعندما جلست بجواره ابنة عمه في السيارة قال: البنات تجلس جنب البنات، وعندما يقال له: اسكت يا ولد، يقول: أنا رجل! هذا في كل موقف معي أو مع أمه أو مدرسته، فهل هذا سلوك قويم أم جرأة في غير محلها أم سلوك غير قويم؟ وكيف أتعامل معه؛ لأني غالباً أقول له معك حق؛ لأن نقده في محله؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يقدر لك الخير، ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.. وبعد:
فإن نجابة الأولاد وصلاحهم من أعظم نعم الله على الإنسان، وقد أحسن الشاعر حين قال:
نعم الإله على العباد كثيرة *** وأجلهن نجابة الأولاد
وإذا ظهرت علامات النبوغ والفهم على الطفل فإن من واجبنا أن نسارع بتوجيه تلك القدرات إلى حفظ كتاب الله والعلوم النافعة، وأن نستخدم تلك الطاقات في رضا الله واهب الملكات، وأن نجتهد في أن لا يرى إلا الخير ولا يسمع إلا الخير، وليكن أول ما نبدأ به من تأديب أولادنا تأديب أنفسنا، فإن أعينهم معقودة بأعيننا، فالحسن عندهم ما استحسناه، والقبيح عندهم ما استقبحناه، فالفلاح للوالدين والمربين في أن يستحسنوا الصالحات ويستقبحوا الرذائل والمنكرات، ويُعلنوا غضبهم لرب الأرض والسموات.

ولا شك أن المسارعة في تصويب الأخطاء مطلوبة، لكن من الضروري أن يكون الأسلوب صحيحاً والكلمات منتقاة، وعلى كل من يأمر بالمعروف أن يكون توجيهه مقبولاً ومعروفاً حتى لا يصد الناس عن سبيل الله، ويعين الشيطان عليهم، فيعاندوا ويكابروا، والحدة والغلظة في التوجيه لا تقبل من الكبير فكيف إذا تلبس بها الصغير! وقد دخل بعض الوعاظ على أحد الخلفاء من بني العباس وقال له: (إني واعظك ومشدد عليك في الموعظة، فقال له الخليفة: لا حاجة لنا في موعظتك!! قال ولم؟ فقال له الخليفة : لأن الله بعث من هو خيرٌ منك إلى من هو شرٌ مني -يعني بعث موسى إلى فرعون- فقال له: (( فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ))[طه:44] ).

ولذا فمن واجبكم تعليم هذا الصغير بلطف وبعيداً عن الناس الطريقة والأسلوب الصحيح في النصح والتوجيه، وضرورة مراعاة حال المنصوح وسنه ودرجة المنكر.

كذلك ينبغي أن ننتبه لكلامنا عند وجود أطفال صغار؛ لأنهم يتأثرون بما يدور من حديث، وهذا ظاهر في حالة هذا الطفل الذي يتكلم بكلام اعتاد الناس أن يسمعوه من الكبار.

ومن الضروري أن نشجّع هذا الطفل ونحذره في نفس الوقت من الوقاحة وعدم احترام من يكبره في السن.

والصواب أن نقول: أنت رجل، والرجل يحترم الآخرين ويراعي مشاعرهم ويوجه لهم النصائح بلطف، كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم، وحتى لو شجعناه فلابد إذا خلونا به أن نبين له جوانب الخطأ وندعوه لعدم تكرارها، ولا داعي للقلق، فإن هذا الطفل لا يزال صغيراً، فأكثروا له من الدعاء، ووجهوا طاقته للمفيد.
نسأل الله أن يُسعدكم بصلاحه، وأن ينفع البلاد والعباد بنجاحه وفلاحه.
والله الموفق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...