أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : ارتجاف وغصة وقلق عند إرادة الكلام بين الناس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قبل أن أبدأ الحديث عن مشكلتي، ترددت كثيراً قبل أن أكتب إليكم ما أعاني من اضطرابات و...و...و...، أود أن تعذروني لو فصلت قليلاً، لكن بعض التفاصيل قد تكون جد مهمة في تشخيص أي مشكلة.
تعريف:
اسمي المستعار: عبد الله، أنا في 22 من عمري، أسكن في إحدى الدول العربية، من عائلة معروفة ولها مكانتها في مجتمعنا، نشأت في بيئة محافظة دينياً واجتماعياً، نحن خمس إخوة ذكور، وترتيبي هو الرابع بين إخوتي، أبي وأمي ـ والحمد لله ـ أحياء، أدرس في إحدى الجامعات، والحمد لله كان أدائي متميزاً خلال السنوات الماضية (وحتى أثناء دراستي الثانوية والإعدادية)، تخصصي هو برمجة الكمبيوتر (وأنا بارع جداً في هذا المجال وعندي خبرة فيه).
طبيعة المشكلة:
مشكلتي هي الخوف والقلق، لا أعرف إذا كانت هذه التسمية صحيحة أم لا !؟ لكن ما أعاني منه هو اضطراب وخوف وقلق من شيء لا يستحق أبداً! في بعض المواقف التي أتعرض لها أثناء دراستي أو أثناء اختلاطي مع الناس، أشعر بغصة في حلقي، ونفسي يضيق، وصوتي يرتجف وجسمي يرتجف (قليلاً)، وينشف ريقي في فمي أحياناً.
قرأت عن هذه المشكلة في بعض المواقع النفسية (على الإنترنت)، ووجدت أن علماء النفس يطلقون على هذه العوارض اسم القلق النفسي، حتى أوضح المشكلة أكثر، مثلاً عند تواجدي في الجامعة وأثناء المحاضرات، أود أن أستفسر أو أسأل الدكتور سؤالاً عن المحاضرة، لكن لا أستطيع ويبدأ قلبي يخفق ويخفق كأن أمراً جللاً سيصيبني، وسرعان ما تبدأ العوارض التي ذكرتها مسبقاً بالظهور (غصة في الحلق ورجفة خفيفة...)، لكن هذه العوارض لا أحد يلاحظ وجودها إلا إذا كان الموقف حرجاً للغاية، وفي بعض الأحيان أشعر أن قلبي سيخرج من صدري من كثرة الخفقان، حتى ومن شدة الغصة أشعر أني إن تكلمت سأبدأ بالبكاء!
أنا أشعر جداً بالإحراج من أن أضع نفسي في مثل هذه المواقف، وأحياناً أتجنب التواجد في أماكن، قد أتعرض فيها إلى مثل تلك المواقف.
من هذه المواقف:
عند وجودي في الجامعة مثلاً في أول محاضرة، يبدأ التلاميذ بالتعريف عن أنفسهم بالترتيب، في هذا الموقف وكلما يقترب دوري بالكلام تزيد دقات قلبي وتزيد الغصة! مع أنه موقف سخيف ولا يستحق كل هذا الخوف، وعندما يأتي دوري بالكلام أحس بأني من الممكن أن أبدأ بالبكاء، أو أن لا أتكلم! أو أن أرتبك أو أتلعثم بالكلام ولا أعرف كيف أنهي حديثي، والذي يحدث، أني أتكلم بصوت يرتجف لكن سرعان ما تبدأ هذه الحالة بالزوال شيئاً فشيئاً بعد ثوان معدودة من الكلام، وبعد انتهائي من الكلام أشعر بأن جبلاً أزيح من فوق ظهري!
ملاحظة:
كلما كان عدد الموجودين أكثر أحسست بالضيق أكثر! أعني لو كان العدد قليلاً، تظهر المشكلة بسيطة وأستطيع أن أسيطر على خوفي، يعني أصبحت لا أحب التواجد في أماكن يوجد فيها أناس كثيرون! في الجامعة، عند الأقارب، عند الأصحاب، في البيت، في كل مكان.
إذا كنت أتحدث إلى شخص بمفردنا، أستطيع أن أكون مثالياً في تعاملي معه ولا أشعر بخوف كثير، لكن إذا انضم إلينا شخص ثالث، لم يعد أدائي مثل ما كان عليه! وكلما زاد عدد الأشخاص زاد الاضطراب.
في المجالس العامة إذا تكلم أحد عني، أشعر بالإحراج ولا أدري ماذا أفعل، وسرعان ما يظهر اللون الأحمر على وجهي وأحس بإحراج كبير ولا أستطيع أن أرد، (حتى لو كان يمدحني)، منذ أيام سأل الدكتور التلاميذ الجامعة (وأنا كنت من بينهم): من يستطيع أن يعمل هذه المهمة؟ أو من يتقن العمل على برنامج معين، سنؤهله للعمل في إحدى المراكز، أنا كنت من بين الذين يتقنون العمل على هذا البرنامج، لكن من شدة الاضطراب لم أتجرأ على أن أخبره أمام التلاميذ! ولا أدري لماذا!؟ أحس بأنهم سيوجهون نظراتهم إلي وسأتلعثم وسأتوقف عن الكلام وسيأخذون عني نظرة غير صحيحة أو أني غير طبيعي! وأتوقع كل سوء ممكن حدوثه حتى أتراجع عن ما كنت أود فعله!
هناك تفاصيل كثيرة لا أستطيع إيرادها هنا، القصة لا تستحق كل هذا الخوف! أنا أتألم جداً مما أعانيه ولا أدري كيف سأواجه هذه المشكلة! أنا لم أقصد في حياتي أي طبيب نفسي ولا أحد يعرف بمشكلتي هذه سوى أنتم، (دائماً أدعو الله عز وجل أن يهيئ لي أسباب الشفاء)، فأرجو منه تعالى أن تكونوا أنتم السبب الرئيس في شفائي ولكم الأجر والثواب.
أنا بانتظار ردكم بأسرع وقت ممكن.
وجزاكم الله كل خير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ 3Abdallah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
جزاك الله خيراً على رسالتك المفصلة، والتي سردت فيها أعراضك بصورةٍ مثالية، نستطيع من خلالها أن نتلمس أنك تُعاني من درجةٍ بسيطة مما يُعرف بالرهاب أو الخوف الاجتماعي، وهو يشخص تحت متلازمات القلق النفسي.
القلق النفسي أيها الأخ الكريم هو طاقة نفسية إيجابية ومرغوبة، حيث أنها الدافع نحو الإنجاز والنجاح والإقدام، ولكن بلا شك إذا زادت هذه الطاقة عن المعدل الطبيعي يؤدي ذلك إلى أعراض نفسية، فأرجو أن لا تحسب أن الأمر كله شر.
أسباب القلق والرهاب الاجتماعي ربما تكون غير معروفة، ولكنها مرتبطة بشخصية الإنسان، فالشخص الذي يحمل سمات الحساسية، وربما اللطف والمشاعر المرهفة يكون أكثر عرضة من غيره للرهاب الاجتماعي، كما أن الأشخاص الذين لديهم الاستعداد الفطري يكونون أكثر قابلية للخوف والرهاب إذا مرت بهم تجارب سلبية وإن كانت بسيطة في أثناء الصغر، وهنالك أيضاً نظرية بايولوجية مُعتبرة تُشير إلى أن القلق والخوف سببهما اضطراب في مادة كيميائية بالدماغ تُعرف باسم سيروتينين.
الخوف والقلق يمكن علاجهما سلوكياً وعن طريق الدواء، أما العلاج السلوكي فيتمثل في المواجهة وعدم التجنب أو الابتعاد عن مواقف الخوف، وعليك يا أخي أن تبدأ بالمواجهة في الخيال أولاً، بمعنى أن تتخيل أنك في موقف اجتماعي مهيب، كأن طُلب منك إلقاء محاضرة في مكانٍ عام أو الصلاة بالجماعة في المسجد، أو مقابلة المسئولين، عليك أن تعيش مثل هذا الخيال بعمقٍ وتأمل ولمدةٍ لا تقل عن نصف ساعة، بمعدل مرتين في اليوم، ويمكنك أن تقوم بتحليل نفسي ذاتي، بأن تحدد كل مواقف الخوف، وتبدأ بالعمل على تثبيت المواقف المضادة لكل واحدة منها، ويمكنك أن تبدأ بالمواقف البسيطة ثم التي تليها في الشدة....وهكذا، هذه التمارين الذهنية البسيطة أثبتت فعاليتها، فقط تتطلب الصبر والتكرار، وبعدها يمكنك الانتقال للتطبيق في الواقع.
أخي! أنت والحمد لله من أسرةٍ طيبة، ومتمسك بدينك، وحَسَن الخلق، وهذا في حد ذاته يُعتبر عامل استقرار يُساعد على الشفاء إن شاء الله.
هناك ما يُعرف أيضاً بتمارين الاسترخاء، والتي أثبتت فعاليتها أيضاً في إزالة الخوف والرهاب، وهي ببساطة تتمثل في الاستلقاء في مكانٍ هادئ، ثم غمض العينين، والتأمل في شيء طيب، ثم أخذ نفس عميق وببطء، يعقبه زفير بنفس الطريقة، على أن تكرر ذلك عدة مرات، بعدها تبدأ في تأمل استرخاء عضلات الجسم ابتداءً بعضلات القدمين، وحتى الوصول إلى عضلات الوجه (توجد عدة أشرطة وكتيبات في المكتبات توضح كيفية القيام بهذه التمارين).
أما العلاج الدوائي فهو فعّال وسليم، وأفضل دواء في حالتك هو الدواء الذي يُعرف باسم (زيروكسات) أرجو أن تبدأ بتناوله بمعدل نصف حبة ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة بمعدل نصف حبة أيضاً كل أسبوعين، حتى تصل إلى جرعة حبتين في اليوم، والتي يمكنك الاستمرار عليها لمدة ستة أشهر، ثم تبدأ في تخفيضها بمعدل نصف حبة كل شهر.
هنالك دواء مساعد أيضاً يعرف باسم ( أندرال) أرجو أن تتناوله بواقع 10 مليجرام صباحاً ومساء لمدة شهرين.
ختاماً: أرجو أن أؤكد لك أن حالتك بسيطةٌ جداً، وسوف تستجيب إن شاء الله تماماً للعلاج السلوكي والدوائي.
وبالله التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
كيف أتخلص من الخجل والخوف عند لقاء أشخاص غرباء؟ | 1743 | الاثنين 10-08-2020 05:26 صـ |
لدي خوف وصعوبة عند الحديث مع الناس.. أريد حلا | 1322 | الأحد 09-08-2020 02:09 صـ |
أعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، ما الحل؟ | 2388 | الخميس 23-07-2020 06:16 صـ |
كيف أتخلص من أعراض الرهاب الاجتماعي؟ | 1731 | الأربعاء 22-07-2020 04:28 صـ |
أريد دواء يخلصني من الرهاب، فبماذا تنصحونني؟ | 3648 | الأحد 19-07-2020 09:33 مـ |