أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : عقوق الأم بسبب عصبيتها .. معاناة فتاة
والدتي عصبية جداً جداً، وقد ورثنا نحن أبناءها وبناتها ذلك، أدخل معها في مشادات كلامية تدخل في العقوق، مع العلم بأنها تذكر أمام أبنائي (أكبرهم ست سنوات) أموراً غير لائقة قمت بفعلها أثناء مراهقتي! ولا تتقبل مني أي نصيحة أو إرشاد لإخوتي الأصغر سناً! وباتوا لا يحترمونني، أو بالأصح: لا يحترم أي منا الآخر! وأخاف على أبنائي بأن يذكروا ذلك أمام والدهم أو الناس!
أقوم بتلفظ ألفاظ لا أعيها أثناء النزاع، وأندم بعد ذلك ندما شديداً! فهل أنا مريضة نفسياً!؟
اتخذت قراراً بألا أزورها حتى أقوي إيماني بالله تعالى لأستطيع أن أتحكم بأعصابي أمام استفزازها لي، وبعد ذلك أريد وعداً منها أن تحترمني أمام أبنائي على الأقل!
هي تتصرف وكأنها تعلم كل شيء، وتتشاجر مع أهل والدي لأتفه الأسباب! حساسة، وكلامها لنا دائماً بالنصائح، لا تتقبل أن أبناءها وبناتها لهم شخصياتهم! حتى بت لا أتقبل أي نصيحة من أي أحد، حتى من زوجي!
لا أريد أن أكون عصبية مثلها! أقرأ كثيراً في التربية الدينية، وأطبقها على أبنائي، وأتعوذ بالله من الشيطان، وأستغفره كثيراً، ولكن عند أغلب زياراتي لها تحدث تلك المشاكل! هي تزوجت صغيرة رغماً عنها، ولم تحب والدي رحمه الله! وتذكر عند المشاحنات أموراً فعلها والدي رحمه الله لا يجب أن تذكر أمامنا! ذلك يحسسني بأننا أبناء نتجنا عن غير حب، وهي دائماً حزينة، تغطيها الكآبة على أتفه الأشياء الدنيوية! حتى إننا نحن بناتها المتزوجات لا نستطيع أن نفرح مع أزواجنا بسبب والدتنا!
أذكر لها أدعية الهم والغم، ولكن لا أعرف لماذا لا تتغير! دائماً تمن علينا بأن شبابها ضاع من أجلنا، أنا أرد كثيراً، وأجرحها أحياناً؛ لأنني أذكر لها أموراً تفرح حدثت معي، فهي تحولها إلى حزن، وعندما كنت أسرد لها مشاكلي مع زوجي كأم وكصديقة تحولها إلى مشاكل مع أهل زوجي ومعي، وتطلب مني أن أنفصل، في حين أنني كنت أرجو فقط أن أشكو همي فقط، لا أن أنفصل عن زوجي!
أما مع أصدقائنا ومعارفنا فتراها تستمع لهم، وتنصحهم بمحبة واحترام! آخر زيارة قمت أنا بنصيحة أختي التي تصغرني بـ12 سنة، غضبت والدتي غضباً شديداً، وأهانتني! مما جعل مني كالمجنونة معها! وأصبحت عاقة.
شهرياً أعطي والدتي مبلغاً من راتبي، هي ليست محتاجة، وهي مبذرة في أثاث البيت كثيراً، أخواتي الأخريات يعطينها معظم راتبهن! أنا ملتزمة مع زوجي لبناء منزلنا، لا أريد أن أكون عاقة! ولا أستطيع أن أتمالك أعصابي! لم تربنا دينياً كما أقرأ في الكتب، أعذرها لأنها كانت صغيرة وبعيدة عن أهلها، عندما أقرأ كتب التربية أبكي؛ لأنني لم أترب كذلك! تربينا بالضرب والشتائم منها! عندما تحدث المشادات الكلامية معها أحس بأن الدم يغلي في عروقي، وبأنني أنتفض، ولا أعي نفسي!
الرجاء عدم نشر الرسالة كاملة، انشروها مختصرة!
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منصورية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يذهب حدة وعصبية والدتك، وأن يرزقكم الحلم والأناة، وسعة الصدر وقوة التحمل، وأن يوفقكم في تربية أبنائكم، وإسعاد أزواجكم، وأن يعينكم على فعل ما يرضيه، خاصةً البر بوالدتكم.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فأرى –والله أعلم – أن والدتك تُعاني من مشاكل نفسية قديمة، سببها زواجها وهي صغيرة من رجل لم تحبه، ولعله لم تكن لديه القدرة على مساعدتها في ذلك، فعاشت حياةً غير طبيعية بالنسبة لها، مع احتمال أنها كانت تُظهر أنها سعيدة وتُخفي الحزن والكآبة داخلها، وأصبحت لديها عقدة من كل من يمت بصلة بزوجها، حيث إن هذا نوع من رد الفعل نتيجة الكبت والحرمان الذي عاشته مع والدك، خاصة وأنها كانت صغيرة، وبالتالي عديمة الخبرة في مجال الزوجية أو التربية، ومن هنا أقول لك:
إن السنوات التي قضتها والدتك تركت بصماتها على حياتها الخاصة والعامة، ونظراً لطول مدتها أصبح من الصعوبة بمكان تغييرها، وهذا شيءٌ طبيعي جداً في غالب الناس، ومن هنا لابد لك أنت وأخواتك أن تراعين هذا، وأن تعلمن أنها من داخلها لا تريد أن تكون مزعجة أو منفرة، وإنما هذه أمور أصبح من الصعب عليها التخلص منها تجاهكن خاصة، فأوصيكن جميعاً وأنتِ خاصة بمراعاة هذه الظروف، وبذل مزيدٍ من الصبر والتحمل، وعودي نفسك عدم الرد على كثير من كلامها، وتأكدي أنه مع الأيام سوف تخف هذه الحدة لديها؛ لأن الرد عليها يُثير عليها شيطانها وماضيها.
أما عدم الرد أو تركها تتكلم والانصراف عنها حتى تهدأ، فسيكون كفيلاً بمساعدتها في التخلص أو التخفيف من هذه العصبية، وبلا شك لقد تأثرتِ أنت وإخوانك بهذا الجو، ويبدو أيضاً أنك بدأت تنقلين نفس الأمراض إلى أسرتك، وكأنك تكررين نفس خطأ والدتك، وهذا قطعاً غير مقبول منك بحالٍ من الأحوال، فأين أنت وأين هي: (( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ))[الزمر:9]؟
إنك لو أخذت عنها هذه العصبية لأصبحت هي أفضل منك؛ لأنها جاهلة ولها ظروفها التي أدت بها إلى تعلم هذا السلوك الشاذ، لكن أنت ما هو عذرك وأنت المتعلمة المثقفة المدرسة؟
حاولي بكل ما أوتيت من قوة مجابهة ومحاربة هذا السلوك، وعدم تمكينه من نفسك، وتأكدي أنك قادرة على ذلك، فتعلمي كبح غضبك مهما كانت حدته، وحاولي الالتزام بالسنة في مواجهة الغضب كما جاء في الأحاديث، إذا شعرت بذلك فغيري وضعك فوراً، فإذا كنت قائمة فاجلسي، وإذا كنت جالسة فقومي، أو تحركي من المكان الذي فيه المؤثرات، علمي عقلك إلغاء ردود الأفعال العصبية، توضئي عند شدة الغضب، وأكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وأكثري من الدعاء والإلحاح على الله أن يعافيك من هذا السلوك المنفر، وعودي نفسك الصبر، ولا تردي على أي مُثير إلا بعد فترةٍ طويلة، ولا تتعجلي الرد على أي أحد، وإنما خُذي فرصة استعملي فيها عقلك وانظري في عواقب الأمور ثم ردي.
ولا مانع من وضع خطة لزيارة والدتك، واعملي برنامجاً مخففاً لذلك، وإذا خفت على أولادك فقومي أنت وحدك بزيارتها في أغلب الزيارات، وقللي فرصة احتكاك أولادك بها؛ حتى لا يتأثروا بها وبكلامها، ولا تذمي أمك أمام أولادك أو زوجك؛ لأن هذا لا يجوز شرعاً، وله مخاطر تربوية على أولادك.
إذا أردت أن تنصحي إحدى أخواتك فلا تنصحيها أمام والدتك ما دامت ترفض ذلك، واستعملي أسلوب الهدية مع أخواتك، ووجهي لهن الدعوة لزيارتك عند الظروف المناسبة، وحاولي الاستزادة من العلوم التربوية حتى تهذبي سلوكك وتساعدي أولادك، ولا تنقلي إليهم ظروفك الخاصة، وأنا واثق من قدرتك على ذلك كله، بل وأكثر منه، ولابد لك أن تكوني واثقة من ذلك، فأكثري من الدعاء والإلحاح على الله لك ولوالدتك ولأولادك وزوجك وأخواتك، فإنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، كما أخبر الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم.
وبالله التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
هل الدعوات تستجاب في حينها، أم يدخرها الله تعالى لوقت آخر؟ | 1171 | الخميس 02-07-2020 09:31 صـ |
كيف أبر أمي وأقوم بحقوقها؟ | 1086 | الاثنين 22-06-2020 03:10 صـ |
لا أجد حباً لي من أمي، كيف أتعامل مع جفائها لي؟ | 1391 | الأحد 10-05-2020 03:29 صـ |
كيف أنسى إساءة الوالدين لي وأتعايش معهم من جديد؟ | 2148 | الأحد 26-04-2020 03:56 صـ |
أشعر بتشتت وعدم اتزان، وأخشى الانتكاس. | 1951 | الاثنين 20-04-2020 01:49 صـ |