أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : نصائح وإرشادات في طلاق الزوجة بطلبها ورغبتها في الرجوع مع رفض أهله

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

تزوجت من امرأة تصغرني سناً، وقبل الزواج اشترطت عليها لبس النقاب، وقد قبلت بعد جهد جهيد، وتزوجنا، وأنجبت طفلة عمرها الآن 14 شهراً بعد عام ٍمن الزواج، وخلال هدا العام وقع خلافٌ معها عندما طلبت مني مبلغاً من المال لإهدائه أحد أقاربي، فرفضت؛ لأني كنت مديناً، فكررت الطلب عدة مرات فقلت لها: إذا لم يعجبك الحال فاذهبي إلى بيتكم. فغصبت غضباً شديداً، وخرجت من البيت وحدها في أعز الظهر (القيلولة)، بعدها ذهبت أنا وأمي لتبيان الحقيقة، فتفهموا الموقف، وأرجعها أخوها، وبعد وفاة أبيها أنجبت طفلة، عندها تعددت المشاكل وتكررت، لكن القلق وعدم ارتياح الزوجة للعيش مع أهلي أدى إلى تكرار الخصام بيننا، وترقب خطأ الآخر في كل لحظة.

وفي المرة الأخيرة طلبت مني الذهاب إلى المحكمة للانفصال، فرفضت طلبها، ثم طلبت مرةً أخرى أن تخرج مع أمها لاقتناء الملابس، فرفضت وقررت الانفصال، مع أني كنت ميسور الحال وراتبي جيد، لكن رفضي كان لسبب أنها لا تطيعني وتريد التمرد، فكيف ألبي طلبها وحاجتها وهي أولاً يجب أن تلبي طاعتي؟! فطلقتها بعد تبادل الكلمات البذيئة ورفع صوتها أمام أمي، وقالت لي: إن كانت عندك كرامة فطلقني، فطلقتها وأخذت كل حقوقها وابنتي؛ لأنها أنكرت أمام القاضي أنها تريد الانفصال!

واكتشفت في النهاية أنها نادمة عما فعلت معي، وأنها طلبت الطلاق لتضعني أمام الأمر الواقع وأمام تلبية حاجياتها، وبما أن لدي ابنة منها أريد إرجاعها، فما الحل؟

أما عن لفظ الطلاق؛ ففي الحقيقة أنا لم أتلفظ بكلمة (الطلاق)، وإنما قلت لها: هيا اخرجي من البيت، وقد خرجت وحملت متاعها، ثم أرجعتها والدتها إلى البيت وقالت لي: إن أردت تطليقها فاذهب إلى المحكمة ومعك شهود لكي تطلقها، بعدها مكثت في البيت يومين، ولم أكن أبيت معها في الغرفة؛ لأنني كرهت فعلها وسبها للعائلة، وخاصةً عندما قالت لي بالحرف الواحد: إن كانت عندك كرامة فطلقني، أمام أمي وصراخها أمامها أيضاً، وقد سمع الجميع بهذا الكلام البذيء، وهذا ما زاد المشكلة تعقيداً، ولم أعد أتحمل غضبها وتنكيدها وسماع كل من حولنا بمشكلتنا، ولم يعد عندي حل، فعندما كان والدها حيا قال لي: اضربها، ولكن أمها وإخوتها الذكور رفضوا، وفي كل مرة عندما تحصل مشكلة لا ينهرونها ويقولون لها: حاولي التفاهم معه، ولا أدري إن كانوا يحرضونها علي أم لا، وأغلب الظن أنهم يحرضونها علي، والآن المشكلة قد فصل فيها القاضي بالطلاق، وهذه هي المرة الأولى التي أطلق فيها زوجتي.

أما من ناحية أهلي فهم يرفضون إرجاعها؛ لأنها سبت كرامتهم عندما قالت: إن كانت عندك كرامة فطلقني، وأنا في حيرة، فإذا أرجعتها فأهلي سوف يقاطعونني أيضاً، ومن يضمن لي أنها لا تعود لمثل تلك الأفعال، خاصةً أن أمها تحرضها على ذلك، وكلامها لاذع وغير لائق، وفي الحقيقة طلبت من زوجتي أن تذهب إلى بيتنا لتطلب السماح منهم هي وأمها، وفي المرة الأولى رفضت، ولكن في المرة الثانية قبلت عندما قلت لها: سوف أرجعك إن فعلت ذلك هي وأمها وأحد إخوتها الذكور، لكن عندما أخبرت أهلي بأن أم زوجتي مستعدة للقدوم للبيت لطلب السماح رفضت أمي، وقالت بأنك قد اتفقت معهم على إرجاعها بشرط أن تذهب أمها لطلب السماح مني، وأنا الآن في حيرة، علماً بأنني قد بنيت بيتاً جديداً.

أريد مشورتكم.
وجزاكم الله خيراً.



مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ صابر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يصلح الأحوال، وأن يرزقك السداد والرشاد، وأن يصلح لنا ولكم الذرية، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.

فإن الحياة الزوجية الناجحة هي التي تقوم على حسن المعاشرة، وتطييب الخواطر، ولن يسعد الزوجان إلا إذا قدم كل طرف تنازلات، وأحسن أبو الدرداء رضي الله عنه حين قال لزوجته: (إذا غضبتُ فرضِّني وإذا غضبتِ رضيتك، وإلا لم نصطحب)، والإنسان لا يستوفي كل الذي له، حتى لا تُطالب زوجته بكل الذي لها، ولكن السعادة في المسامحة والتغافل عن الأخطاء الصغيرة.

ولا شك أن تدخل الأطراف الخارجية في حياة الزوجين من عوامل الهدم والتخريب لعش الزوجية، فاحرصوا على أن تكون المشاكل حبيسة الجدران، واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان.

والرجل غير مكلف بتلبية الطلبات التي فوق طاقته، ولكنه مُطالب بأن يحسن الاعتذار، ويعود نفسه الميسور من القول والوعود الحسنة، ولابد أن تذكر هذه الزوجة أن قيامها بحقوقها واحترامها لبعلها يجعل الرجل أطوع لها من بنانها، كما أن تمردها وتقصيرها في حق الزوج يفقدها نفقتها الأصلية، فضلاً عن الكماليات والهدايا لها ولغيرها.

وإذا كانت الزوجة موجودة مع أهلك فلابد أن تكون حكيماً وعادلاً، فلا يجوز لك التقصير في حق والدتك وأسرتك، ولا ينبغي أن تظلم زوجتك المسكينة، وعليك أن تحفظ لها مكانتها وخصوصيتها، وتبين لها أن تقديرها لأهلك يزيد من إحسانك لها، وابدأ أنت بتطبيق ذلك من خلال احترام أهلها، وتعاقدا على أن يحترم كل طرف أهل الطرف الآخر، والصواب أن نغض الطرف عن السلبيات وننمي الجوانب الإيجابية، ورحمة الله على والد هذه المرأة فقد كان حريصاً على ما يصلحها، وذكّر هذه المرأة بذلك، ومن الضروري إبعاد كل الأطراف عن مشاكل أسرتك مستقبلاً.

أما خروج هذه المرأة من البيت بدون موافقتك وفي شدة الحر فهي مخالفة عظيمة، وهذا الدين العظيم لا يبيح للمرأة حتى عندما يحدث الطلاق الرجعي أن تخرج من البيت، وفي هذا التشريع صيانة للبيت من التصدع، وإعطاء فرص للرجوع وللصواب، وحفظ لأسرار البيت، وفيه منع من تدخل الأشرار الذين يُفسد معظمهم من حيث أراد الإصلاح، ولذا قال تعالى: (( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ))[الطلاق:1]، ولعلنا لاحظنا أن القرآن نسب البيت إلى المرأة، مع أن الرجل هو الذي بناه أو اشتراه.

ولا شك أن الزوجة مأمورة بطاعة الزوج، بل إن طاعة بعلها من طاعتها لله: (( فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ ))[النساء:34]، ولن تكون المرأة صالحة وقانتة إلا إذا أطاعت زوجها في طاعة الله، ولذا أرجو أن تحرص على بيان أوامر الشريعة لهذه المرأة، وذكرها بأن هذا دين الله العليم الخبير سبحانه.

واعلم أن الإسلام لا يمنع الطلاق لكنه يجعله آخر دواء، فإذا لم ينفع الوعظ والهجر في المضجع والضرب غير المبرح، ولم يتمكن الحكمين من إعادة الوئام إلى الأسرة، وفاحت روائح الشر، وتعذر الاستمرار، وحصل الخوف من زيادة الشر، فهنا تأتي مرحلة الطلاق الرجعي، ولابد أن يُشهد عليه، وتمكث في بيتها، فإن راجعها قبل انقضاء العدة فبها ونعمت، وإلا فلابد من عقد زواج جديد، وبمهرٍ جديد، وهكذا تستمر الحياة من جديد، وتراعى مراحل الإصلاح ووسائل العلاج للنشوز، ولا يقع الطلاق إلا في طهرٍ لم يمسها فيه، ولا تطلق المرأة في حيضها، وكل هذا التشديد لحكمٍ عظيمة، لكي يُتاح للطرفين التفكير مرات ومرات قبل إيقاع الطلاق، لما فيه من ضياع للذرية، ونشر للخصومات بين الأهل والأحباب.

ولا ينبغي أن يكون مع الطلاق وبعده شتائم ونشر للعيوب، ولكن (( تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ))[البقرة:229]، ومعرفة للفضل، وتذكر لأيام العشرة الحسنة، وتقدير لرباط الزوجية، ومراعاة لمصالح العيال، وقد أخطأت هذه المرأة حين طلبت الطلاق، وأساءت لك ولأهلك، ولكن الشيطان يحرص على خراب البيوت، وقد كان لدخول وحضور الأهل ذلك الخصام أسوأ الآثار ومرُّ الثمار.

والصواب أن تحرص على إرجاع هذه الزوجة، شريطة أن تلتزم بما أمرها الله به من الطاعة وحسن الأدب، مع حرصها على عدم إدخال أمها وأخيها في حياتكما، وأعتقد أنكما سوف تسعدان بإذن الله في البيت المنفصل عن الأهل، ولعله من المهم جداً الاستفادة من أخطاء الماضي، وأرجو أن أذكرك بأن المرأة جبلت على نقص وعوج، فاجتهد في الصبر على ما عندها من عيوب، وتذكر الجوانب الإيجابية فيها، قال عليه الصلاة والسلام: (لا يفرك مؤمنٌ مؤمنة؛ إن كره منها خلقاً رضي منها آخر).

ولا شك أن هذه الزوجة قد عرفت خطأها، ولا أظن أنها سوف تكرر نفس الأخطاء، وشكر الله لك هذا الحرص على إعادة المياه إلى مجاريها، ولكن من الخطأ أن تُخبر أهلك بكل خططك؛ حتى لا تُفسر على أنك لا تحترم مشاعرهم وأنك تريد أن تُعيد هذه الزوجة مع إساءتها وتقصيرها، وأنك تنقاد إلى رأي زوجتك وأهلها، إلى غير هذا من وساوس الشيطان الذي همه أن يوقع العداوة والبغضاء.

وعليه أقترح عليك أن تترك الأمور تهدأ قليلاً، واستعن بعد الله بالعقلاء من أهلك حتى يؤثروا على والدتك وأسرتك، واحرص على الوفاء لأهلك، والاجتهاد في برهم، خاصةً بعد عودة زوجتك إلى بيتك، ولا مانع من مجيء الزوجة للاعتذار لأسرتك، وعليها أن تتحمل ما يواجهها من صعاب، وما قد يلحقها من الأذى من أجل المصلحة العليا، وأظهر لأهلك أن هذا الأمر تم دون تخطيط مسبق منك، وأكد لهم أنه شعور منها ومن أهلها بالخطأ، وذكرهم بأن المسلم يقبل الأعذار ويعفو عن الأخطاء طمعاً في مغفرة وعفو الغفور سبحانه.

وأرجو أن يشعروا بحاجتك لطفلتك الصغيرة، وحرصك على مصلحتها، مع إبراز الجوانب الإيجابية دون غيرها في علاقتك مع زوجتك، واطلب من الزوجة إظهار الاحترام لأهلك، ونمِّ مشاعر الود بين الطرفين، وعليك بالدعاء والتوجه إلى مقلب القلوب الذي يجيب المضطر إذا دعاه، واحرص على البعد عن الذنوب؛ فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رُفع إلا بتوبة، ولن تصلح البيوت بمثل طاعتنا لله، وما عند الله لا ينال إلا بطاعته.

والله الموفق.





أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أشعر بندم بعد طلاق زوجي لي بسبب الخلافات.. أرشدوني 954 الاثنين 22-06-2020 08:52 مـ
زوجي لا يرغب بإرجاعي بعد الطلاق، فماذا أفعل؟ 4693 الأربعاء 06-03-2019 07:28 صـ
زوجة أخي الثانية تتواصل معي وتريد الرجوع له.. ماذا أفعل؟ 1740 الاثنين 24-12-2018 06:47 صـ