أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : أعاني من نظرة سيئة للحياة ووساوس في الدين.. أرشدوني

مدة قراءة السؤال : 5 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سأتحدث عن مشكلتي التي حدثت لي منذ شهر تقريبًا.
أولا: أنا فتاة ملتزمة، -ولله الحمد والمنة- متفائلة وقوية، ولا أستسلم أبدًا للوساوس والمشاكل وغيرها، وقمة في الأخلاق، وأتحمل وأتقبل كل أصناف البشر بلا ملل وكلل، كل كلمة، وكل فعل أقوله أحسب له ألف حساب.

الجميع من حولي يشهد لي بذلك، ويستشيرني في كل شيء، ويضرب بي الأمثلة ويمدحني ويتعجبون مني، حتى من هم أكبر مني بسنين كثيرة، يستشيرونني ويطلبون نصيحتي، وهذا ليس مديحًا في نفسي، وأنا كل ذلك أعتبره نعمة وتوفيقًا من الله، وليس لي يد في ذلك، ولم أغتر في نفسي، ولم أتفاخر؛ لأنها نعمة من الله، وكانوا دائمًا يقولون لي: "يا فلانة أنت مناسبة جدًا لتكوني دكتورة واستشارية نفسية، أو معلمة دين".

فجأة في أواخر شهر 7 الماضي عند بداية الاختبارات النهائية حدث لي شعور غريب جدًا لا أعلم ما سببه إلى الآن، أولا: أحسست أني بعيدة عن الله وأن هناك حاجزا بيني وبين الله وأنني انشغلت عن الله، وعن عبادته.

استغفرت الله وذكرته وفعلت ما يلزم، بدأت أشعر بأنه لا قيمة لحياتي ما دامت ليست مع الله، تغيرت نظرتي لبعض الأشياء، كرهت نفسي، كرهت الجلوس مع من حولي، كل ما كان في في السابق لم أعد أعرفه الآن، أغضب من أتفه الأشياء وتضايقني أتفه الأمور.

أنا في داخلي أستغرب لماذا أفعل هكذا؟ ما الذي حدث لي؟ لم أعد كما كنت كالسابق لم أعد الفتاة التي تتحمل وتصبر، وتستطيع مساعدة الناس لم أعد كما كنت أبدًا، لكن مع كل ذلك، فأنا متمسكة بالتزامي وصلتي بالله.

أذهب إلى غرفتي، وأبكي على حالي، وأحزن على حالي، وأسترجع كل أحداث اليوم، وأستغرب من نفسي، وأقول غدًا سأحسن نفسي، غدًا أفضل، وأعاهد نفسي، وأتذكر أن الله معي، وأن الله ربي، وأن الله لن يخذلني، ومن ثم أتتني وساوس في الدين، وشعور بأنني مقصرة في حق الله، وبأنني مبتعدة عن الله، وبأن الله غاضب علي، وسب وشتم وألفاظ في نفسي أقولها لله عز وجل سبحانه، ومتأكدة بأني لست أنا من تقولها، حتى لدرجة أني أصبحت أقول ألفاظًا سيئة للناس لم أقلها في حياتي كلها، وحتى من حولي أستغرب لذلك، حاولت التغلب على هذا الشيء، وأصبحت أتجاهله -ولله الحمد- وأقترب من الله أكثر، وأتصدق بنية أن يشفيني الله من هذا الشيء، وأنا متيقنة بأن الله لن يخذلني، ومن ثم أتاني شعور بأني سيئة مع الناس، وبأني أجرحهم دائمًا وأهينهم، أحيانا أكون أضحك وسعيدة، وأتحدث مع إخوتي فجأة تأتيني نوبة حزن، ونظرة سيئة للحياة وضيقة شديدة.

أحاول أن أتغلب عليها، لا أستطيع، أذهب لغرفتي، وأبدأ بمحاسبة نفسي، عندما أتذكر نفسي في السابق، وأنظر إلى حالي الآن أكاد أجن!.

أحيانًا وأنا أتكلم مع الناس على أمور بسيطة فجأة تأتيني رغبة في جرحهم، والتكلم عليهم، والشجار معهم، مع أني في داخلي أقول لماذا؟ أفعل هكذا؟ هم لم يقولوا شيئا، أنا أكره أن يفعل معي أحد هكذا، فلماذا أنا أفعل هكذا معهم، فأضغط على نفسي بألا أتفوه بأي شيء يضايقهم، وعند ضغطي على نفسي، أشعر بالضيقة والرغبة في البكاء، وأحيانًا لا أستطيع إجبار نفسي، فأنصرف من المجلس.

يعلم الله وهو شاهد علي أن كل هذا رغمًا عني لا أعلم ماذا أعاني، لا أعلم لماذا تأتيني هذه الأفكار، وهذه الأشياء، مع أنني كنت في السابق أعالج، وأساعد منهم حولي الذين يشعرون هكذا، وأشجعهم وأقف معهم حتى حد الشفاء، الآن أنا لا أستطيع أن أعالج نفسي وأساعدها، كل يوم أجلس مع نفسي، وأقول هذه وساوس من الشيطان، أنا في السابق دعوت الله بأن يثبت قلبي على دينه ودعوته، بأن يسعدني وييسر أمور حياتي، فلماذا أحزن الآن؟ وأقول سأتغلب عليها، وأفتح صفحة جديدة، وستعود نظرتي للحياة كما كانت قبل، وأحمد الله، وأبدأ أتشجع وتعود همتي وشجاعتي، لكن سويعات وأعود كما كنت، حتى أني أصبحت لا أحب قراءة الكتب والمقالات الدينية، ولا أمارس هواياتي كالسابق، فقدت حتى القدرة في نصح الناس والتعبير عما في نفسي والكثير من مهاراتي ومعلوماتي عندما أريد أن أتذكرها أتذكر جزءًا قليلا، ثم أنساها بالكامل.

هذا الأمر أتعبني جدًا الآن أكتب والدموع ملء عيني، حقًا كرهت نفسي من هذا الأمر، لكنني إلى الآن واثقة بالله.

أرجو أن تفيدوني.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

أولاً: ابنتنا العزيزة الحمد لله على التزامك وعلى سمعتك الطيبة وسط أقرانك، وحقيقة واضح من خلال سردك لمشكلتك أنك إنسانة لديك العديد من القدرات والمهارات الحياتية التي تمكنك من التعامل الجيد مع الآخرين، فقط محتاجة لمن يشجعك على ذلك، ونتمنى أن تكون الحالة التي تمرين بها الآن حالة عابرة ترجعين بعدها إلى وضعك الأول -إن شاء الله-.

ثانياً: نقول لك التفكير في الماضي، وما حدث فيه من أحداث سواء كانت إيجابية أو سلبية، فهي قد مضت وولت والآن ينبغي التفكير في الحاضر والعيش والاستمتاع بما فيه، أما الماضي فنستفيد منه فقط في كيفية تجنب التجارب الفاشلة، وكيفية تدارك الأخطاء السابقة.

فربما تكون شخصيتك -أختي الكريمة- من النوع الحساس وأنك تفكرين دائماً في رأي الآخرين عنك، كما أن مقياس، أو معيار التقييم لشخصيتك وللآخرين يحتاج إلى تعديل لكي تتصرفين بصورة طبيعية، والمعيار الأساسي لتقييم السلوك هو ما جاء به الكتاب والسنة، والحديث الشريف يقول: عن النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( البرّ حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس ) رواه مسلم.

وعن وابصة بن معبد رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( جئت تسأل عن البرّ؟ )، قلت: نعم، فقال: ( استفت قلبك، البرّ ما اطمأنت إليه النفس واطمئن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك المفتون ) حديث حسن، وبإتباعك لما جاء في هذا الحديث -إن شاء الله- لن تندمين على فعل فعلتيه.

بالنسبة للتخلص من الوساوس والأفكار التي تنتابك يمكنك اتباع الآتي:
1- حاولي تجاهل وتحقير الفكرة الوسواسية، وعدم الاستجابة لها والانشغال بموضوعات فيها مصالح وفوائد في حياتك، وتجنبي الجلوس لوحدك، بل خالطي الناس وشاركيهم في مناسباتهم، وتحملك للضيق أو القلق الناتج عن عدم الاستجابة للأفكار الوسواسية لفترات طويلة يؤدي إلى ضعفها وتلاشيها.

2-عندما تأتيك الأفكار المتعلقة بالعقيدة اسألي نفسك هذه الأسئلة: هل أنا أقر بهذه الأفكار، وأدعو لها الآخرين، وأحاول إقناعهم بها، أو أستطيع أن أكتبها، أو أجاهر بهذا في أجهزة الإعلام المختلفة؟ فإذا كانت الإجابة لا، فإذن لا داعي من ضياع الوقت فيها، وهي لا تستحق الاهتمام، وتيقني بأن الله تعالى يعلم بنيتك.

3- لا بد أن تعلمي أن الوسواس القهري يكون دائماً عكس ما يقدسه الشخص ويحترمه ويحبه لذلك هذه الأفكار التي تشغلك دليل على حرصك واهتمامك بعقيدتك وأمور دينك.

4- واظبي على ممارسة تمارين الاسترخاء العضلي بشكل يومي وخاصة في حالة الضيق، أو التوتر الشديد تجد تفاصيلها في الاستشارة رقم : 2136015.

5- اشغلي لسانك بذكر الله تعالى – تسبيح، وتهليل، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

وفقك الله وسدد خطاك.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...