أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : الشاب الذي كان يريدني تزوج فندمت على ذلك، فماذا أفعل؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

كان هناك شاب (ملازم شرطة تقريبا) يتبع الحرس بالكلية عندما كنت بها، كان وسيما -سبحان من خلقه- طيب المعاملة، حسن الخلق -على ما أظن- كان ينظر إلي كثيرا، لم أعرف أنه بذلك كان يريد التقدم لي وقتها، هل كان كذلك؟ أنا لا أستطيع فهم الشباب ونواياهم، خصوصا أن الله أعطاني بعض الجمال، حتى زميلاتي لاحظن ذلك، قالت إحداهن -عن جهل- إنه دبلوم فهل توافقين عليه؟ هذا نفرني منه، وخطئي أنني لم أسأل عن طبيعة عمله، بالإضافة إلى أنني لا أشعر بالأمان مع الشباب، ودائما أتطلع إلى رجال فوق سن 40، علمت أن ذلك بسبب سوء معاملة أبي، وأنني أفتقد حنان الأب (اكتشفت ذلك مؤخرا) كنت أصد نظرات الشاب وأنظر إلى الأرض وأتجاهله، وتوترت ذات مرة عندما سألني عن الكارنيه (طبيعة عمله) ورددت عليه بجفاء، إلى أن خطب ووضع دبلة فضية في يده، لم أشعر بضيق كثير وقتها، بل بالعكس تمنيت له حياة سعيدة، وتحججت بأنني لم أعرفه حتى أحزن لبعده، وتوقف عن النظر إلي.

بعد مرور عدة سنوات صادفته مرة في الشارع يحمل طفله وحده، نظر إلي وشعر بتوتر وذهب بعيدا، وعندما نظرت إليه تذكرته بعد 15 ثانية تقريبا، سعدت بأن له طفلا، ولكني بعدها شعرت بطعنة في قلبي، ماذا كنت أفعل حينها؟ أرد إليه نظراتي أيضا، ولكنها سهام مسمومة! أم هو من أخطأ التصرف معي، وكان من المفترض أن يتقدم لي بدلا من النظرات، لن أستطيع التوقف عن الندم والبكاء لتجاهلي له، وشعرت أنني فقدت خيرا كثيرا، وأريد أن يسامحني هذا الشاب، ولا أريد أن أتزوج من رجل فوق 40 سنة، لمجرد أني أحبه حبا مرضيا، أنا متعبة لا أستطيع التوقف عن البكاء، ماذا أفعل؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة– ونؤكد لك أن الزواج قضاء وقدر، وأن هذا الكون ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، والله تبارك وتعالى فعّال لما يريد، ولذلك العاقلة لا تبكي على ما فات {لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختالٍ فخور} ومن هنا ندعوك إلى طي هذه الصفحة تمامًا، فإن هذا الشاب لم يكن من نصيبك، ولست من نصيبه، وصدقت فإن الشاب الصادق في عزمه ينبغي أن يأتي بيت الفتاة من الباب ويقابل أهلها الأحباب.

وأسعدني أنك دعوت له بالتوفيق، وابتعدت عنه، وابتعد عنك، والله هو الغني الذي يُغنيه ويغنيك، فالجئي إلى الله تبارك وتعالى، وتعوذي بالله من شيطان يريد أن يُدخل عليك الأحزان، وهمّ الشيطان أن يحزن الذين آمنوا، وليس بضارهم شيئًا إلا بإذنِ الله، فعاملي عدوّك وعدونا بنقيض قصده، ولا ترجعي إلى الوراء وتقولي (لو أني فعلتُ كذا كان كذا) ولكن قولي بلسان أهل الإيمان: (قدَّر الله وما شاء فعل) فإن لو تفتح عمل الشيطان، وفي الحديث إعجاز ودعوة للمؤمن ألا يبكي على اللبن المسكوب، وألا ينظر إلى الوراء، وألا يُطيل الوقوف في الأيام الكالحة السوداء، وإنما المؤمن يُعلن رضاه بقضاء الله وقدره ثم يمضي إلى الأمام، وما يختاره الله للإنسان خير من اختياره لنفسه، فلعل في الذي حصل الخير، وما كل ما يتمناه الإنسان ويريده يعني أن ذلك فيه الخير.

ولذلك كان من الإعجاز في دعاء الاستخارة أن يقول الإنسان (واصرفني عنه واصرفه عني، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضّني به) فإنه من التعب للإنسان أن ينصرف عنه الشيء ويظل متعلقًا به، فلا تشغلي نفسك بما فات، وتوكلي على رب الأرض والسموات، واعلمي أن الرزق الذي قدره الله سوف يصل إليك في الوقت الذي يريده الله، فكوني مع الله، واشغلي نفسك بحبه وطاعته وحسن عبادته، والإكثار من ذكره وشكره، ومن الصلاة على نبيه، وأكثري من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله).

نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، واعلمي أن هذا البكاء وهذا الحزن ليس في مكانه، وأنه لن يغير في الأمر شيء، ولن ينفعك، لكنه قد يضرك، بل سيضرك، فلا تقفي عند هذا الموقف، وتوكلي على الله تبارك وتعالى، فإن خزائنه ملأى، وقلوب الشباب والعباد بين أصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء، فنسأل الله أن يهيئ لك رجلاً صالحًا يسعدك وتُسعديه، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

والله الموفق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...