أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : كيف أتخلص من شدة ولؤم الوساوس القهرية؟

مدة قراءة السؤال : 5 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله

أنا شاب في 22 من عمري، ملتزم والحمد لله، أصبت قبل 3 سنوات بأفكار غريبة, كانت تأتيني رغما عني، أفكار -والعياذ بالله- تتعلق بالعقيدة, والذات الإلهية, وكنت أدفعها, ولكنها كانت تلح علي, فأفقدتني الراحة والطمأنينة, وهذه الأفكار لا تسكن, ولا تهدأ أبدا, وتعود لي مرارا وتكرارا.

بحثت في بعض المنتديات, وكان منها موقعكم النفيس - جزاكم الله خيرا على كل ما تقدمونه للمسلمين وللناس عموما- وأوضحتم بأن هذه الأفكار هي وسواس قهري, يفسد على الإنسان الطمأنينة والراحة، ونصحتم بعدم الاستمرار مع هذه الأفكار وإهمالها.

ولكن فعلت ذلك, ولم أتمكن من ردها, وكنت أخاف على نفسي، فقررت مواجهة هذه الأفكار, وعرضها على العقل والمنطق -مع أني أعرف تفاهتها- وكنت كلما أتتني فكرة تتعلق بذات الله سبحانه وتعالى أقرأ وأتعلم من المواقع الإسلامية, ومنها منتدى التوحيد, وبدأت هذه الأفكار تنتهي بمجرد بيان زيفها, ولكنها تعود لي مرة أخرى وأخرى بثوب جديد وهكذا...

وحديثا تأتيني أفكار وخواطر أخرى, مثل الطعن في القرآن -والعياذ بالله- وفي التاريخ, حتى وصل الأمر إلى وجود التاريخ الإنساني, وأفكار غريبة جدا, وكذلك سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم, وحفظ السنة، ولا أنتهي من عرضها على العلم والمنطق إلا أن تنتهي فترة ثم ترجع مرة أخرى, وهكذا....

والآن تأتيني خواطر وأفكار حول نفسي أنا ووجودي, وأني في عالم غير حقيقي, وأصبحت أرى كل شيء بهذه النظرة, وأوهام مخيفة, وأفكار أخرى غريبة جدا، لا أدري هل هذا جنون أم ماذا؟ أستعيذ بالله منها, ولكنها تعاودني.

تعاودني من جديد كل هذه الأفكار التي بدأت قبل ثلاث سنوات, حتى مع التجاوب معها عقليا ومنطقيا، لا تنتهي، ولكنها تنخفض وتتلاشى فجأة, مثلا ساعات، أيام، أشهر، لكنها تعود.

وآخرها في هذه الأيام, أصابني فجأة الضيق الشديد والانهيار, واكتئاب, وجاءت فكرة الانتحار, استغفرت الله تعالى, ورجوت منه أن يقيدني حتى لا أكون ضحية لذلك, والحمد لله.

يتملكني كبت وقلق واكتئاب, وخوف مفاجئ وبدون إنذار سابق، وتزداد نبضات قلبي، ويتوقف تفكيري, ويصاحب ذلك ألم بنفسي شديد, وشعور غريب.

أنا أخشى على نفسي فعلا، لا أدري هل ستستمر معاناتي مع هذا الألم المخيف؟ أم ماذا؟

لقد قلبت حياتي إلى جحيم لا يطاق، أنا أتألم جدا، فما هو الحل؟ أرجو أن تفيدوني بارك الله فيكم، لقد حصلت على درجة البكالوريوس بتوفيق من الله, وكدت أن لا أحصل عليها بسبب هذه الأفكار، والآن تأتيني مخاوف وخواطر مخيفة أنني سأفشل في حياتي كلها, وأني لن أوفق في أي شيء, عمل، دراسة.

تقول لي هذه الخواطر والأفكار بأنني مجنون, ولن يقبلني المجتمع والأهل، فأنا في قلق شديد, وألم مخيف، فهل ستفشل علاقاتي مع الأصدقاء والأهل, وأصبح منبوذا من الجميع؟ ومن المؤلم أن هذه الوساوس والخواطر تقول لي: (أن هؤلاء الأشخاص -يعني سيادتكم الأطباء حفظكم الله- يكذبون عليك، ويرفعون من نفسيتك, لا يوجد هناك من يفهمك ويفهم حالتك، وكل الذين تم شفاؤهم هم عبارة عن قصص وهمية لرفع معنوياتك، لا شيء من هذا صحيح.

وأريد أن أسأل هل ذلك وسوسة قهرية أم ماذا تكون؟ وهل يوجد علاج لمشكلتي هذه، ومن الاستشارات الموجودة على موقعكم قلتم بأن على الشخص المصاب بالوسوسة القهرية أن يزور طبيبا نفسيا، وحقيقة أنا أخجل من كشف نفسي على طبيب لنظرة الأهل والمجتمع التي لا ترحم.

وأريد أن أقول لكم بأني لم أخبر أحدا, وأعتقد بأن أمي تعرف بأني أعاني من شيء, لذلك هي تقف بجانبي وتخبرني بأن أصارحها، ولكن لا أعلم ماذا أخبرها عن حالي, وكيف أخبرها, وهل تنصحوني بأن أخبرها بما أعاني وأصارحها؟ ولكني لا أدري هل ستتقبل مشكلتي وتتفهمُها، أم سيكون لها موقف لا أرضاه أنا؛ لذلك خشيتي تحول دون أن أصارح أحدا، لذلك أريد علاجا دون الذهاب إلى طبيب، فهل هناك فعلا حل لمشكلتي؟ أم أنني سأعاني دائما في حياتي؟

جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه للمسلمين، وأرجو من منكم الرد على كل الاستفسارات السابقة في أسرع وقت ممكن، وأرجو منكم أن تساعدوني، وأشكركم مرة ثانية على تفهمي.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فما وصفته هو الوساوس القهرية بعينها وجسدها وكل مكوناتها، بل ولؤمها أيضًا؛ لأن الوسواس بالفعل لئيم ومستحوذ ومسيطر.

أعجبني جدًّا في رسالتك قولك أن هذه الوساوس تحاول استدراجك بإقناعك بأن ما يقوله الأطباء ليس بالصحيح، وفقط يريدون أن يرفعوا من نفسيتك ومعنوياتك.. هذه هي الوساوس بذاتها.

ومنهجك في محاربتها لا بأس به، لكن بعد أن أخضعت هذه الوساوس للمنطق حيث كان محتواها واضحًا، بعد ذلك اختفت، لكن ظهرت لديك في أشكال جديدة، لا أعتقد أنه من المصلحة أن تبقى تطاردها وتخضعها للمنطق، إنما المبدأ هو أن تحقّرها وتسخفها وتدفعها وتقاومها وتدخل في تفكير آخر، ويمكن أن تخاطب الوسواس مخاطبة مباشرة كأنك تخاطب إنسانا أمامك، حين تأتيك الفكرة قل (أنت وسواس قبيح، عليك لعنة الله، أنت تافه رخيص حقير، وأنا لن أهتم بك أبدًا) وهكذا، هذا أفضل أيها الفاضل الكريم.

والوساوس بالفعل تؤثر على الشخص وعلى من حوله، والدتك حفظها الله بالفعل تكون قد استشعرت كمية الألم النفسي الذي تعاني منه، وأنا لا أرى بأسًا في أن تخبرها بأنك تعاني من هذا وهذا، وقطعًا سوف تساندك، وسوف تتقبل أن هذه وساوس قهرية.

الوساوس بصفة عامة كثيرًا ما تكون عابرة، وأحيانًا تكون مزمنة، وأحيانًا تكون متقطعة، تأتي في موجات، ترتفع وتنخفض (وهكذا)، الآن نحن بفضل الله تعالى أصبح سلاح الدواء سلاحا بتَّارا وفعّالا جدًّا لقهر هذه الوساوس، وهذا دليل قاطع أن هنالك تغيرات كيميائية تحدث في الدماغ، وبالفعل هذا الأمر قد أُثبت على مستوى الموصلات العصبية.

من الأدوية الممتازة والتي يمكن أن تبدأ في تناولها من الآن عقار يعرف تجاريًا باسم (بروزاك) ويعرف علميًا باسم (فلوكستين) وهو مشهور جدًّا، جرعته هي كبسولة واحدة، تتناولها يوميًا بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها كبسولتين في اليوم، يمكن أن تتناولها كجرعة واحدة، استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها ثلاثة كبسولات في اليوم، تناول كبسولة في الصباح وكبسولتين ليلاً.

هذه هي الجرعة العلاجية الصحيحة، والتي يجب أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، بعدها خفض الجرعة إلى كبسولتين يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناول الدواء.

هنالك أدوية أخرى كثيرة جدًّا، منها (الفافرين) منها (الباروكستين) منها (الزولفت) كلها تفيد لعلاج الوساوس، لكن البروزاك قطعًا من أفضلها، فاصرف انتباهك عن هذه الوساوس، واسأل الله تعالى أن يزيلها عنك، وتناول الدواء، وانطلق في حياتك بكل قوة وثبات.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
تعبت من الوسواس القهري الذي ينتابني وتظلم حياتي بسببه. 3410 الأربعاء 15-07-2020 04:30 صـ
كيف أصرف الوساوس عن نفسي وأحاربها؟ 1957 الأحد 28-06-2020 02:49 مـ
كيف أتخلص من وسواس الخوف والمرض بدون أدوية؟ 1933 الخميس 25-06-2020 05:38 صـ
أريد السيطرة على الوساوس والأفكار السيئة التي تهاجمني 2399 الخميس 25-06-2020 02:58 صـ
بسبب التشكيك في ديني في بلاد الغرب أتتني وساوس بالكفر، ما علاج ذلك؟ 1601 الأربعاء 24-06-2020 04:38 صـ