أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : زوجتي مسيحية لكنها موحدة وتحمل أخلاق الإسلام!

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

إنني في حيرة؛ فأنا متزوجٌ من مسيحية على خلقٍ شديد، وترعاني حق الرعاية؛ فهي محافظة على صلاتها مع الله بشكلٍ مستمر، وهي تؤمن بأن الله واحد لا شريك له، وتؤمن بأن الله قد بعث برسالة الإسلام من خلال رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ودائماً ما تقول لي بأنها تعلم جيداً بأن دين الإسلام هو دينٌ أتى ليصحح أشياء كثيرة في حياة الإنسان لم تهتم بها الأديان التي سبقت الإسلام، ومنها المسيحية، مثل: شرب الخمر، وأكل لحم الخنزير، وغيرها من الأشياء. فهي لا تشرب الخمر، ولا تأكل لحم الخنزير، وأخلاقها ومعاملتها مع الناس هي أخلاق الإسلام تماماً، ولكنها لا تصلي صلاتنا، ولا تصوم رمضان.

وعندما أسألها عن المسيح، وأنكم تقولون إنه ابن الله، تقول لي: إن هذا ليس إلا تشبيهاً غرضه التعظيم للسيد المسيح الذي جاء إلى الدنيا من غير أب، وليس معناه فعلاً أن الله لديه ابن، فما هي إلا كلمات، وليست عقيدتها أن الله أنجب ولداً، وأنه شريك لله في الملك، فهي موحدة بالله، وتدعو الله دائماً عندما تصلي، وليس السيد المسيح.

وعندما أدعوها للإسلام تقول لي: إنها موحدة بالله، وأخلاقها هي أخلاق الإسلام، ولكنها حتى تصبح مسلمة حقاً، وتمارس عبادات الإسلام تريد أن تطمئن لهذا من أعماقها، خصوصا أنها كما ذكرت مؤمنة بالله وحده حق الإيمان، ولا تشعر بأنها كافرة وتائهة في ظلمات الكفر حتى تهتدي بهدي الإسلام.

هل أصبر عليها؟ ماذا أفعل معها؟ وكيف أعاملها؟ وإذا توفاها الله على هذا الحال؛ فهل مصيرها النار، أم الله وحده يعلم كيف سيحاسب عباده كما تقول لي دائماً؟ فهي فدائماً ما تقول: أنا أعبد الله، وهو الوحيد الذي سوف يحاسبني، وليس أي شخص آخر.

جزاكم الله خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مؤمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك سببًا في هداية زوجتك إلى الإسلام الحق الذي ارتضاه الله تبارك وتعالى لعباده، وأن يجعل ذلك في موازين حسناتك، وأن يُعينك على إقناعها، وإخراجها من الظلمات إلى النور، إنه جوادٌ كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك –أخي الكريم الفاضل– بعد عرضك المستفيض حول أخلاق وسلوك زوجتك غير المسلمة، وسؤالك: هل تصبر عليها أم ماذا تفعل معها؟ أقول:

نعم..أنا أنصح بالصبر عليها، ومحاولة اطلاعها على ما ينبغي أن تكون عليه كإنسانة مسلمة؛ لأنك الآن لعلك لم تهتم بالجانب العلمي، فقد تكون ركزت على الجانب العملي السلوكي معها، مما جعلها لا ترى فيك غضاضة ولا عيباً، ولكن أنا ألاحظ من خلال عرضك أنك لم تعرض عليها الإسلام من الجانب العلمي الذي هي في أمس الحاجة إليه؛ لأن هذه العقيدة التي هي عليها حتى وإن كانت تتفق في أمورٍ كثيرة مع الإسلام، إلا أنها لا تُغنيها، ولن تغني عنها من الله شيئًا؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم– قال -كما ورد في الصحيح-: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني من هذه الأمة ثم لا يؤمن بما جئت به إلا وجبت له النار).

فهذه قطعًا من أهل النار رغم ما تفعل، ومسألة أن الله سيحاسبني هذا ليس صحيحًا؛ لأن الله تبارك وتعالى أرسل نبيه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- ناسخًا لكل الديانات السابقة، فالمسيحية الآن حتى وإن كانت حقة لا تُعتبر دينًا صحيحًا؛ لأن الدين كلامه يكون حقًّا قبل النبي –صلى الله عليه وسلم-، أما بعد بعثة النبي المصطفى محمد -صلى الله عليه وسلم– فلا قيمة لهذا الكلام كله ولا وزنا.

ولذلك كما ذكرت لك كلام النبي -صلى الله عليه وسلم–، وقال الله تبارك وتعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا}، وقال سبحانه: {ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}، وقال أيضاً: {إن الدين عند الله الإسلام}.

لذلك أنا أنصحك –بارك الله فيك– أن تجمع لها النصوص التي تتكلم عن نبوة النبي –صلى الله عليه وسلم–، وعلى ضرورة الإيمان بنبوته بعد بعثته، وأنه لا يمكن لأصحاب أي دين آخر أن يدخلوا الجنة بعد بعثة النبي –صلى الله عليه وسلم–؛ فهذا الكلام الذي تقوله عن زوجتك كله كلام باطل، ولن يغني عنها من الله شيئًا بجميع الأحوال مهما كان أخلاقها وقيمها؛ لأن توحيدهم توحيدٌ فاسد، حتى وإن كانت تقول (هذا تشبيه) المهم ما دامت لم تؤمن بالنبي محمد – عليه الصلاة والسلام – فهي لن تشم رائحة الجنة، وكون أن الله يحاسبنا ويعلم به؛ هذا غير صحيح، فالله تبارك وتعالى وضعنا لنا قواعد في القرآن والسنة.

ولذلك أقول: عليك أن تحاول أن تركز على جانب النبوة والرسالة، وشهادة أن محمدًا رسول الله –صلى الله عليه وسلم–، وحاول أن تجلي لها هذه المسألة، وأن تبين لها أن الإيمان بالنبي –صلى الله عليه وسلم– شرط لدخول الجنة، وأن عيسى ابن مريم لو أنه كان موجودًا فسيكون تابعًا للنبي -عليه الصلاة والسلام–، بل إنه عندما ينزل من السماء –كما هي عقيدة أهل السنة والجماعة– فإنه سيكون تابعًا للنبي محمد –عليه الصلاة والسلام– وليس ناسخًا لرسالته، وليس صاحب رسالة خاصة، وإنما يكون من أتباع النبي محمد –عليه الصلاة والسلام–، ولقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم– أيضًا: (والذي نفسي بيده، لو أن موسى ابن عمران حيًّا ما وسعه إلا اتباعي) موسى ابن عمران لو أنه حي في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام– ما كان ينبغي له أن يخالف النبي أبدًا، وإنما يكون تابعًا له –صلى الله عليه وسلم-.

فكونها لا تتبع النبي –عليه الصلاة والسلام–؛ فهي قطعًا من أهل النار؛ لأنها لم تؤمن بالنبي محمد -عليه الصلاة والسلام– الذي جعل الله الإيمان به من شروط دخول الجنة، ولذلك كما ذكرتُ أقول: اصبر عليها، وحاول أن تتعامل معها بلطف، ولكن اعلم أنها إن ماتت على هذا الحال ليست من أهل الجنة يقينًا، ثم عليك -بارك الله فيك– بأن تأتي إليها بالكتب والمصادر والمراجع التي تتكلم عن نبوة النبي –عليه الصلاة والسلام–، وعن ضرورة الإيمان به، وأنه لا يُجزئ أحدًا أن يزعم أنه على عقيدة صحيحة دون أن يؤمن بالنبي المصطفى محمدًا –عليه الصلاة والسلام-.

حاول معها واجتهد، فإن عجزت عن ذلك؛ فتستطيع أن تستعين ببعض إخوانك الدعاة الذين يتمتعون بنوع من الفطنة والحكمة والذكاء والمرونة؛ ليعرض عليها شرط النبوة كشرط أساسي لدخول الجنة.

أسأل الله تعالى أن يشرح صدرها للذي هو خير، وأن يهديها للإسلام الحق، وأن يجعل ذلك على يديك، وأن يجعلك سببًا فيه، وأن يجعلها في موازين حسناتك، إنه جوادٌ كريم.

هذا وبالله التوفيق.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
زملائي في العمل يغارون مني، فكيف أحسن علاقتي بهم؟ 2324 الاثنين 01-06-2020 04:39 صـ
كيف أثقف نفسي دينيا؟ 4329 الأربعاء 26-02-2020 01:22 صـ
أريد أن أترك أسرتي وأتجول من أجل أن أحصل على العلم الشرعي، فهل تركهم خطأ؟ 1268 الثلاثاء 25-02-2020 01:34 صـ