أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : ما مكانة المرأة في الإسلام؟..هل هي فعلا من السفهاء؟

مدة قراءة السؤال : 5 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله

في الحقيقة لا أعرف كيف أشرح حالتي, ولكن أود التلطف منكم كي تتفهموا ما هي مشكلتي.

أنا ولله الحمد تخرجت في كلية من كليات القمة بتفوق, وكنت أيضا بارة بوالدي وبكل أهلي, وأحافظ قدر إمكاني على ديني, ولكنني منذ فترة بدأت أن أقرأ في التفاسير وفي كتب العلماء, ومن هنا بدأت مشكلتي مع نفسي, وما يجول في صدري, ولا أخفي سرا لقد أصبت بالغم الشديد, وبضعف في الهمة والإرادة.

عندما أقرأ في القرآن أشعر براحة نفسية كبيرة, وأشعر برحمة وغفران, ولكن عندما أقرأ في تفسير بعض الآيات الخاصة بالنساء كنت في بعض الأحيان أبكى, مثال ذلك ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا) حين قرأت أن المقصود بالسفهاء هم النساء, وقول الضحاك أن النساء أسفه السفهاء.

وفى كثير من الأحاديث الصحيحة ما تفيد أن الفساق هم النساء لكفرهن العشير, وفى حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المرأة المؤمنة في النساء كالغراب الأعصم في الغربان فإن النار خلقت للسفهاء وإن النساء أسفه السفهاء إلا صاحبة القسط والسراج) وما على هذا المنوال من معان, ومن يقيني أن الرسول صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين, وأنه لا ينطق عن الهوى؛ أصبت من داخلي بحزن شديد, وأصبح الخوف من كل شيء أفعله, وأن لا مفر لي من النار, فكان الحديث عن النساء الأُوَل فكيف بي أنا, وتطاول الموضوع معي من هذه النقطة أني أصبحت أرهب الزواج بشكل رهيب.

فبعد أن كنت أرسم عن الزواج صورة جميلة جدا مبنية على أساس الاحترام المتبادل والسكن والمودة والرحمة -مع إقراري الكامل بوجوب طاعة الزوج- إلا أنني صرت أشعر بالخوف الشديد من الزواج, وأن لا بد للزوج من إرهاب زوجته كي يستقيم حالها (علقوا السوط حيث يراه أهل البيت فإنه أدب لهم).

فهي لا تخلوا من الاعوجاج, وأن قيمتها عند زوجها لا تزداد عن كونها دار مستأجرة كما فسرها الإمام الشافعي في شأن عدم وجوب نفقة علاج الزوجة على الزوج, ومواقف أخرى كثيرة لا يسعني الكلام عنها, حتى أحسست أني بزواجي سأنتقل من بيت يحيطني بكل العطف والحب إلى بيت لا أكون فيه إلا كالمستأجرة, ليس فيه شيء إلا ما يسد رمقي, ولا أستطيع حتى أن أعبر فيه عما يزعجني أو حتى أن أفكر أن أعبر عن رأيي -على الرغم أنى أعرف أن هذا لا يمكن أن يكون ولكن شعوري يدفعني دفعا لهذا الحال-.

ومن هنا بدأت مشكلتي تتفاقم, فبعد أن كنت ناجحة في كل أمور حياتي, علميا واجتماعيا, ومع كل أقاربي, وكنت أحظى بالثقة منهم حيث كانوا يستشيروني في كثير من أمورهم؛ فأشير عليهم بآراء يقرون بعدها أني أشرت عليم بالصواب؛ إلا أنني الآن فقدت الثقة في نفسي لا إراديا, فحين يستشيرني الآن أحدا يجول في صدري كلاما كثيرا؛ كيف أشير على أحد وأنا قليلة التمييز, وأن عقل الرجل أفضل, وفيه حكمة, فأتهرب من النصيحة بأي شكل.

وأنا الآن قد فقدت الثقة تماما في نفسي, ولم أعد قادرة على اتخاذ أي قرار خاص بي, ولا إراديا انعزلت عن كل الناس بل شبه انعزلت عن العالم تماما, وبعد أن كان عقلي متفتحا على كثير من النشاطات في الحياة أصبحت منغلقة على نفسي تماما, وأصبحت لا أعمل عقلي في أي شيء؛ خوفا من قصور عقلي, أصبح عمري يمر دون أن أفيد أحد أو أفاد, وأشعر بإحباط عملي لأني أفكر في مثل هذه الأمور.

وأيضا أحب أن أنوه أن من طبيعتي طوال عمري أني كنت أحكم العقل في كل شيء, ودعم هذا طبيعة دراستي التي تعتمد على المنطق العقلي البحت.

أرجو أن تفيدوني بشيء أخرج به من البوتقة التي وقع عقلي فيها, وأن أرسم طريقا صحيحا دون أن أشعر فيه باحتقار نفسي وعقلي, وهل أنا فعلا كاملة الأهلية لتحديد الطريق لحياتي.

آسفة على الإطالة.

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة محمد عثمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نرحب بك ابنتنا الكريمة، ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع، ونبشرك بأن المرأة المسلمة على خير، فعائشة الحُميراء هي معلمة النساء ومعلمة الرجال، وقد ألَّف الإمام الزركشي عددًا من المجلدات فيما استدركته أُمنا عائشة على الصحابة الكرام –عليهم من الله الرضوان– فعائشة هي فقهية المحدثين ومحدثة الفقهاء، هي راوية الإسلام الأولى إذا اعتبرنا الرواية المباشرة عن رسولنا –عليه صلاة الله وسلامه-.

أما الرميساء فهي تزاحم رسول الله في الدخول إلى جنة الله تبارك وتعالى، كما جاء ذلك عنه –عليه صلاة الله وسلامه- والسيدة فاطمة من نساء الجنة، من أكرم نساء العالمين مع أُمها خديجة –رضي الله عنهنَّ جميعًا وأرضاهنَّ– فالإسلام رفع شأن المرأة، وكل ما قرأت في التفاسير ووقفت عليه يحتاج إلى وقفات حقيقة حتى نعرف صحة ما كُتب، ثم إذا كان صحيحًا ما هو مقصده، ثم هل السفه –الذي هو خفة العقل– يقتضي أن تكون كل النساء كذلك؟ وهل هو عيب في النساء التي أرادها الله تبارك وتعالى أن تكون عاطفية لتناسب مهمتها كأم ومهمتها كامرأة تُسعد زوجها بالأمور العاطفية وبالمرح وبالنظرة إلى الدنيا بهذه الطريقة؟

نحن لا نتخيل الدنيا بدون النساء، بدون وجود المرأة، كانت الدنيا ستكون جفافًا وقسوة وسوء وشرًّا، فإن المرأة جعلها الله تبارك وتعالى عاطفية، وهذه نعمة كبيرة عليها وعلى الرجل وعلى الحياة وعلى الأطفال الذين تنتجهم وتُخرجهم في هذه الحياة.

من هنا نؤكد لك بداية أن كل المفاهيم الموجودة هذه غير صحيحة، ولا يظن بمثل هذا ظان، والذي يعتبر الزوجة بهذه الطريقة ويُسيء إليها ويستخدم معها العصى يُخالف هدي النبي –عليه صلاة الله وسلامه– الذي ما ضرب بيده امرأة ولا طفلاً ولا خادمًا، بل كان في بيته ضحَّاكًا بسَّامًا، يُدخل السرور على أهله، والذي يعتقد أن الصواب مع الرجل في كل الأحوال مخطأ، والنبي – عليه الصلاة والسلام – استشار أم سلمة، بل خرجت الأمة من ورطة كبيرة بفضل استشارة هذه الصحابية الجليلة التي هي أم سلمة – رضي الله عنها وأرضاها -.

وإذا كانت المرأة بهذه الدرجة فمن الذي يُخرِّج الأبطال؟ ومن الذي يُربي العظماء؟ ووراء كل عظيم امرأة.

إذن هذه المفاهيم لا بد أن تنقلب رأسًا على عقب، وهذه المفاهيم لا يمكن أن تُقبل في ضوء هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، فالإسلام أعلى من شأن المرأة، (قد أجبنا مَن أجبت يا أم هانئ) والنبي -عليه الصلاة والسلام– أشاد بكثير من النساء، فهذه أسماء بنت يزيد التي تعجب الصحابة من سؤالها ومن حُسن منطقها، وهي خطيبة النساء، وعائشة -رضي الله عنها وأرضاها– هي أخطب من عرف في التاريخ ومن أعلم الناس بالحديث وبالشعر وبالفقه –كما أشرنا– بل كانت تستدرك على الصحابة الذين يتعلمون منها.

نحن نريد أن نؤكد هذه الحقيقة، ولذلك ينبغي أن تنظري للأمور بنظرة إيجابية، بالتصور الذي جاء به هذا الدين الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

واعلمي أن زيادة العاطفة ونقصان العقل ليس عيبًا في المرأة، كما أن زيادة العقل ونقصان العاطفة ليس عيبًا في الرجل، لأن النساء شقائق الرجال، والنقص الذي هنا يُكمل من هناك، فالمرأة هي شقيقة الرجل وهي المكلمة للرجل، والأدوار التي كلف الله تبارك وتعالى بها كل من الرجل والمرأة هي التي تُحدد طبيعة المخلوق الذي يقوم بهذا الدور.

من هنا حصل هذا التباين الذي أضاف للحياة معنىً وطعمًا ولونًا ورائحة، والنبي –عليه صلاة الله وسلامه– عندما أشار إلى أن النساء يكفرن العشير أيضًا يُشير إلى طبيعة المرأة التي تسيطر عليها العاطفة، فتنسى في لحظة واحدة أنه أحسن إليها، ولذلك النبي –صلى الله عليه وسلم– ذكّرها بإحسان الرجل إليها، ولذلك هذا شأن المؤمنة دائمًا أنها تشكر لزوجها عندما يأتي بالخير وعندما يفعل الخير، والرجل أيضًا ينبغي أن يُثني على زوجته ويسعى في خدمتها، وليس عندنا إشكال مع المرأة، فهي أُمنا، وهي أختنا، هي بنتنا، هي زوجتنا، هي شقيقة الرجل، هي التي قال الله فيها: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكرٍ أو أنثى بعضكم من بعض}، وقال: {لرجال نصيب مما كبسوا وللنساء نصيب مما اكتسبن}.

فإذن لابد أن تكون هذه المعاني واضحة، ونحن نتمنى أن تتواصلي معنا وتطرحي كل ما في نفسك من شبه، بل نتمنى أن تستمري بدورك في الإرشاد وفي التوجيه، فإن في النساء ناضجات وفي النساء عاقلات وفي النساء موجهات، لقد كانت ملكة سبأ امرأة، وكانت من النضج والعقل، ونضجها وعقلها حملها إلى الإيمان وأسلمت مع سليمان -عليه وعلى نبينا صلاة الله وسلامه– وأي حكمة أعظم من الإيمان؟ أول قلب نبض بالتوحيد قلب امرأة، وأول شهيدة في الإسلام كانت امرأة، إنها سمية –رضي الله عنها وأرضاها-.

ولذلك آن لكل أنثى أن تفاخر بهذا الإسلام الذي أكرمها أُمًّا فجعل الجنة تحت أرجل الأمهات، وأكرمها بنتًا وأختًا فجعل الجنة مكانًا لمن أحسن إلى البنات وإلى الأخوات، وأكرمها زوجة فقال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) وأكرمها حفيدة فحمل النبي –صلى الله عليه وسلم– أُمامة في صلاته، يرفعها إذا نهض ويضعها إذا سجد، في مشهد ومحضر من الصحابة الكرام –عليهم من الله الرضوان-.

أما قول الضحاك (النساء أسفه النساء): العرب عندما تتكلم بهذا المعنى لا تقصد به السفه الذي نفهمه اليوم في أعرافنا، فإن السفه هو الخفة وهو الجهل وهو عدم الاشتغال بالأمور المهمة، وبمعنى تقديم العواطف، وهذا المعنى لا يكون عيبًا في النساء، لأن المرأة دائمًا مشغولة، ولذلك الشريعة اهتمت بها فأباحت لها اللهو واللعب في الأعراس (هلا أرسلتم من تغني لها: أتيناكم أتيناكم، فحيونا نحييكم)، لأن النساء لهنَّ حاجة إلى مثل هذه الأمور وميل لمثل هذه الأمور.

حقيقة أيضًا العقل والنضج وحساب الأمور وتعقيداتها هذا يؤثر على المرأة، ولذلك الشريعة جعلت القِوامة بيد الرجل، ولم تكلف المرأة بحمل مثل هذه الأمور الصعبة.

أما العبارة الثانية فهي عبارة لا تؤخذ أيضًا على إطلاقها، ونحن نقول: المؤمن في أهل الكفر كالشعرة البيضاء في جسم الثور الأسود أو الأحمر، وهي عبارات تدل على القلة، والنساء اللاتي عندهن الإيمان الكامل والنضج الكامل لا يكن عددا كثيرا، والنصوص أيضًا تقول (أريتُ النار فإذا أكثر أهلها النساء) كما جاء عن النبي -عليه صلاة الله وسلامه-.

فإذن هذه العبارات فقط نحن نقول: العرب عندما تقول مثل هذه العبارات لا تقصد معانيها التي نقصدها نحن الآن، وقد يكون السفه بمعنى الخفة، بمعنى الميل للعاطفة، بمعنى الميل إلى اللهو، بمعنى الميل إلى الترفه، إلى اللعب، إلى هذه الأشياء، وهذا جزء من طبيعة المرأة، وهو جزء من المتعة التي يجدها الرجل عند المرأة عندما يلهو مع أهله، كما جاء في بعض الأحاديث.

نشكر لك هذا التواصل مع الموقع، ونحن سعداء، ونتمنى أن تتواصلي من أجل أن نوضح لك الأمور التي تحتاج إلى توضيح، ونعتذر إذا حصل تأخر في الإجابة.

ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
أكره سماع محاضرة لرجل يتكلم عن المرأة، فهل هذا تعصب؟ 956 الاثنين 08-06-2020 01:41 صـ
هل توجد صداقة بين شاب وفتاة؟ 1273 الخميس 14-05-2020 02:21 صـ
أخشى على إيماني من شبهة الأحكام الشرعية التي تخص النساء 4525 الاثنين 25-02-2019 04:54 صـ