أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : منذ 4 سنوات أصابتني حالة غريبة من اليأس والاكتئاب، فما العلاج؟
السلام عليكم
أنا عمري 19 سنة، منذ 4 سنوات أصابتني حالة غريبة، كأني لم أعد أدرك شيئاً من حولي، والشعور بالجمود والملل الشديد والكآبة، من كل شيء، فلم أعد أشعر بالسرور الذي كنت أشعر به عندما أفعل شيئاً أحبه، وأصبحت كأني جسد بلا روح.
أصبحت شديد العصبية أشعر بعدم الاتزان في القول والفعل، وشعور شبه دائم بالدوار وعدم التركيز، وضعف الذاكرة، والكسل الشديد، والخمول واللامبالاة والتحجر، وحالة شديدة من الحزن، والتوتر، وأصبحت أفضل العزلة والوحدة، وأصبحت من سيء إلى أسوأ، وأصبحت لا أقوى على القيام بأي نشاط مهما كان بسيطا كأني شبح أحاول الاختباء من الحياة والناس.
أصبحت أشعر أن الناس تكرهني، وأنهم مطلعون على حالتي، وأصبحت أشعر بالخوف من كل شيء من النوم ومن الظلام ومن البقاء وحيداً! وإذا حاولت الخروج من الوحدة والاختلاط بالناس تزداد حالة الخوف والضيق الشديد والتوتر.
أصبحت لا أريد الذهاب إلى مناسبة، ولا أريد الذهاب للجامعة، ولا الخروج من المنزل، أصبحت حياتي أشبه ما تكون بالجحيم أصبحت أشعر أن الحياة ثقيلة وأصبحت أقضي وقتي كله على الكمبيوتر، والانترنت، وأذكر لكم أني عندما كنت صغيراً كنت أيضاً لا أحب الاختلاط بالناس، ولكن لم تكن حالتي بهذا السوء، فقد كنت أفرح عند الذهاب لأقاربي أو الخروج مع أصحابي.
بعد إصابتي أصبحت شديد الحزن لمجرد رؤية الناس تعيش حياتها سعيدة، بينما أنا لا أستطيع كأن روحي تتمزق، فكنت أرى أصحابي يتعرفون بالناس، ويندمجون، بينما أنا لا أستطيع فعل أي شيء، لا أستطيع حتى التحدث مع الناس واشعر بتوتر شديد بمجرد رؤيتهم، فأصبحت أتجنب الأماكن المزدحمة، وأكره الخروج من المنزل، كأني ذاهب إلى جهنم! وإذا تكلم معي شخص ما لا أعرف ماذا أقول أو ماذا أفعل!
أحيانا تزداد الحالة أضعافاً مضاعفة، إذا حدث شيء سيء أشعر بأني سأموت من الحزن، أحيانا أنسى الحالة، ولكن تظل الأعراض موجودة أو إذا تعرضت لموقف يثير نقاط الضعف هذه. أصبحت أشعر بالخواء كأني غير موجود.
لا أعلم، هل جننت أم ماذا يحدث لي؟! فقد أصبح الحزن والخوف عنواني، وفقدت الأمل في كل شيء من حولي، وأشعر بأنه ليس هناك علاج لحالتي، وبأني سأبقي هكذا طول عمري.
إذا قمت بأي تصرف أسأل نفسى: لماذا قمت بهذا التصرف؟ وأصبحت كثير الشك والتساؤل في كل شيء أفعله، وأسأل نفسي هل هذا التصرف طبيعي أم لا؟! ولا أستطيع التعبير عن نفسي، وأصبحت تابعاً لأي أحد، ولست مستقلاً بنفسي.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إن رسالتك احتوت على كثير من الأعراض التي تعاني منها، فيها ما هو جسدي وفيها ما هو نفسي، والمحصلة النهائية لأعراضك هذه جعلتني أتلمس أنك فقدت الفعالية بصفة عامة، وهذه إشكالية لها تبعات اجتماعية ولها تبعات سلبية بمستقبلك.
أريد أن أنبهك لأمر هام جداً، وهو أن شدة الأعراض النفسية ليس من الضروري أبدًا أن تعني أن هناك مرضًا شديدًا أو مُطبقًا، أو لا يمكن علاجه، والسبب في هذه الفكرة أو المقولة هو أن الناس تختلف في تقديرها لتقييم أحوالها، بعض الناس وحسب تركيبتهم النفسية وسماتهم الشخصية تقع عليهم الأعراض النفسية، وقعًا شديدًا ومؤلمًا وثقيلاً، والبعض الآخر قد يكون التأثير عليه تأثيرًا وسطيًا، ومجموعة أخرى قد يكون التأثير عليها تأثيرًا بسيطًا.
هذا لا يعني أبدًا أننا يجب أن نتجاهل الأعراض البسيطة، ونركز فقط على الأعراض الشديدة، لأن تحمل الناس وظروفهم ونمط حياتهم مكوّن رئيسي جدًّا في الطريقة التي يعبرون بها عن أحوالهم وأوضاعهم النفسية.
الذي أراه أن التفكير السلبي أيضًا يسيطر عليك بدرجة كبيرة، وموضوع اللامبالاة وشعورك بأن الناس تكرهك وأنك تشعر بالقلق والتوتر وعدم الارتياح، وانصرفتَ لتقضي أوقاتًا طويلة للكمبيوتر كنوع من العزلة أو عقاب الذات - كما نسميه في بعض الأحيان - هذه كلها مؤشرات على أنك تعاني من درجة متوسطة من الاكتئاب النفسي، والاكتئاب النفسي يظهر لدى الشباب في شكل إحباط وفي شكل افتقاد للدافعية والحيوية الجسدية والنفسية.
أعتقد أن هذا هو تشخيص حالتك الرئيسي، ولا أريدك أبدًا أن تُصدم بهذا التشخيص، هو واقع من أعراضك واجتهاد - إن شاء الله - من جانبي، ومن واجبي بالطبع أن أُرشدك لما هو مفيد لك، ولذا أرجوك أن تذهب وتقابل طبيبًا نفسيًا، حالتك يمكن علاجها وعلاجها بصورة ممتازة جدًّا.
هنالك جوانب بيولوجية، وهنالك جوانب نفسية، هنالك جوانب اجتماعية هي مسببة للاكتئاب، لذا وسائل العلاج يجب أيضًا أن تكون اجتماعية ونفسية وسلوكية، فأنت تحتاج لدواء نفسي، مضاد للاكتئاب والقلق والتوتر، وهذه الأدوية الحمد لله تعالى متوفرة جدا، ولا أعتقد أنك تحتاج أكثر من دواء واحد، وفي ذات الوقت سوف تكون المتابعة من قبل الطبيب مهمة جدًّا لك، وفي أول زيارة للطبيب قطعًا سوف يقوم الطبيب أيضًا بإجراء فحوصات طبية عامة، هذه مهمة كقاعدة ينطلق منها المريض والطبيب لنكون قد تأكدنا أيضًا من الجوانب العضوية.
بالنسبة لوسائل العلاج الأخرى: يجب أن تنظر لنفسك نظرة إيجابية، ولا تُحبط أن هذه الأعراض لها أربع سنوات، لا، الإنسان يستطيع أن يتغير، الإنسان له طاقات، أنت في مرحلة الشباب، أمامك الكثير الذي يمكن أن تقوم به، فلا تجعل الفكر السلبي يسيطر عليك. قيّم نفسك على أسس جديدة، نظّم وقتك، مارس الرياضة، تواصل اجتماعيًا، اجعل لحياتك معنى حقيقي، وأقول لك - أيها الفاضل الكريم - أن الدين والعلم هما من أفضل ما يتسلح به الإنسان ليواجه بهما كل صعوبات الحياة، فاسع في هذا الطريق، وإن شاء الله سوف تصل إلى مبتغاك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
هل كان لنا الاختيار في مسألة خلقنا؟ | 930 | الأحد 12-07-2020 07:37 صـ |
لا أرغب في الحياة بسبب مشاكلنا الأسرية. | 1355 | الأحد 12-07-2020 07:22 صـ |
أصبحت أكره أخي لما يسببه من مشاكل، فماذا أفعل؟ | 1216 | الثلاثاء 07-07-2020 05:15 صـ |
أريد التوقف عن تقليد الآخرين، أريد أن أكون أنا! | 1135 | الأحد 28-06-2020 09:28 مـ |
كيف أتخلص من أمراض القلوب، وأقوي ثقتي بنفسي؟ | 1520 | السبت 27-06-2020 09:20 مـ |