أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : أحببت شابا وأريد تركه ولكنني لم أستطع.. فماذا أفعل؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السلام عليكم..
أنا فتاة أحب الجنس بشكل جنوني، علما بأني أمقت من يحب الجنس، وقد تعرضت في صغري لتحرش جنسي، فهل لهذا علاقة بشراهتي به مع أني أريد تركه؟

ولي أيضا علاقة مع شاب أحبه بجنون، وهو أيضا يحبني، أريد أن أتركه نهائيا، ولكنني لم أستطع، لخوفي من أن فقده يشعرني بعدم الأمان، وقد حاولت الانتحار مرة، ولكن لم تنجح طريقتي، ماذا أفعل؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

مدة قراءة الإجابة : 11 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميمي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فما يُطلق عليه حب الجنس هو ليس حبًّا حقيقيًا، وخاصة حين يصدر من فتاة، وتكون هذه الفتاة مسلمة.

حب الجنس من هذا النوع هو اندفاع نحو تحقير الذات ومعاقبتها، والشراهة نحو الجنس هو تفكير سطحي ليس له أساس معرفي حقيقي، وتهاون مع النفس، واستسهال لأشياء قد تكون هامة، وكل الدراسات تشير وبصورة جلية وواضحة أن من ينغمس في ممارسات جنسية خاطئة، وفاحشة، هو في الحقيقة يعاقب نفسه.

فما وصفته بحب الجنس بشكل جنوني هذا تفتيت، وعقاب صارم لنفسك عن طريق ذاتك، وعامل الخير ظهر لديك حين قلت (علمًا بأني أمقتُ من يُحب الجنس)، وهذا دليل أن النفس اللوامة بدأت تأخذ دورها.

إذن حجمي نفسك الأمارة بالسوء، وأعط هذه النفس اللوامة – والتي نصفها دائمًا بأنها نفس خيرة، ولطيفة، ولها مقاييس مختلفة تمامًا للأمور – أعطها فرصة لتنقلك إلى ما هو أفضل من ذلك وهي النفس المطمئنة.

هذا هو المطلوب، ولا يوجد شيء يسمى بالحب الجنوني للجنس، فهذا مجرد توهم، وتفلت، وتفكك وجداني، ومعاقبة للذات.

التعرض للتحرش الجنسي في الصغر لا شك أنه أمر محزن، ولكنك الآن في مرحلة من الوعي، والإدراك، والاستبصار، وتستطيعين أن تقيمي الأمور بصورة صحيحة، ولا توجدي لنفسك العذر بأنه قد تُحرِّش بك جنسيًا، لذا ستتركي لنفسك العنان، والحبل على الغارب، لتجرك نحو المهالك، لا، هذا تحت تحكمك أنت، وتحت إرادتك، وتحت تصرفك.

ولابد - أيتها الفاضلة الكريمة - أن تشغلي نفسك بما هو أعظم في هذه الحياة، كاكتساب العلم، واكتساب المعرفة، ومساعدة الضعفاء، ومشاركة الأسرة، والحرص على الواجبات الدينية، وأن يكون الإنسان مهذبًا، ومحترمًا، وخلوقًا، وذو كينونة وكيان أمام الآخرين، أليس هذا أفضل؟ نعم لا شك في ذلك، فإذن البدائل موجودة جدًّا.

أما بالنسبة لحبك لهذا الشاب والذي وصفته أيضًا بالجنون، فحقيقة أرجو ألا يكون هذا الأمر قائمًا على أهواء سطحية تقود إلى المهالك.

أنا ليست لي أي قناعة حقيقة بعلاقة حب غير الزواج، إن كان هذا الشاب يريد أن يتزوج منك، فليتقدم إلى أهلك ما دمت أنت على علاقة به، ومقتنعة به.

أما ما ذكرته حول شعورك بالخوف، وعدم الأمان من أن تفقديه: إذا كان في الباطل ففقدانه خير لك، أما إذا كان في الحق ففقدانه مؤسف، وأقصد بذلك أن يرفض هو أو أهله الزواج منك، وهنا أيضًا اسألي الله أن يجعل لك ما هو خير.

التفكير في الانتحار، أو محاولاته، هذا أمر مرفوض تمامًا، والمنتحر معذب في الآخرة، ويجلب لأهله العار والألم.

ختامًا بعد ما ذكرته لك أنا أحبذ أن تتواصلي مع طبيب نفسي تواصلاً مباشرًا، لأنك أيضًا محتاجة لبعض الاختبارات الشخصية، والمزيد من التوجيه والإرشاد والاستبصار.

بارك الله فيكِ، وجزاك الله خيرًا، وكل عام وأنتم بخير.

_______________________________

انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم - استشاري طب نفسي أول - يليها إجابة المستشار الشرعي الشيخ / أحمد الفرجابي

______________________________

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه..

نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ونرجو أن تغتنمي فرصة الصيام لتعمري قلبك بحب الله تبارك وتعالى، فإن المؤمنة تعمر قلبها بحب الله تبارك وتعالى، ولا يمكن لمعاني العشق – معاني الحب – الذي تسميه حب - لا يمكن أن يتمكن من نفس الفتاة إلا إذا كانت تعيش الغفلات، إلا إذا كانت تبتعد عن رب الأرض والسموات، واعلمي أن ممارسة الجنس بهذه الطريقة والشره فيه لا توصل للإشباع، ولكنها توصل للسُّعار، فيُصبح الإنسان بعد ذلك لا يفكر إلا بهذه الطريقة، وهذا يجر ورائه أمراضا نفسية، وعاهات عميقة جدًّا في النفس.

ولذلك فالمجتمعات التي تعيش بهذه الطريقة لم تصل إلى نهاية، ولكنها وصلت إلى أمراض صحية، وإلى عاهات مستمرة، ودموع، رغم أنهم نوعوا، وتفننوا، وحاولوا أن يغيروا، إلا أنهم كما قال ابن القيم: (لا يستمتع العاصي بمعصيته إلا كما يستمتع الجرو بحك الجرب)، فمهما بالغوا فإنهم لن يصلوا إلى نتيجة، إلا أن يتعبوا أنفسهم، ولذلك هذا السعار الجنسي العلاقة بينه وبين ازدياد الحالات النفسية، وازدياد حالات التوتر في المجتمعات الغربية كبيرة جدًّا، وهذه طبعًا نتيجة طبيعية لهذا الخروج عن منهج الله تبارك وتعالى.

والناس يتعاملون مع الجنس بثلاث نظريات: هناك نظرية الكبت، وهذه طبعًا مخالفة، وهي التي عليها الرهبان، كما قال الله: {ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم}، فالباباوات تنكروا لهذه الرغبة، وبعد ذلك تفوح الفضائح من ديارهم، ومن مراكزهم الكبرى، حتى إن بعض الدراسات، ككتاب يسمى بالاعتراف – أو نحو ذلك – يشير إلى أن أكثر من ثمانين بالمائة من هؤلاء غارقون في انحرافات جنسية، حتى أن بعضهم يتحرش بأطفال صغار – عياذًا بالله – وهذا طبيعي لأنهم صادموا الفطرة.

وهناك نظرية أخرى هي: إطلاق العنان للسيل لينصرف، فيُهلك الحرث والنسل، والله لا يُحب الفساد، وهذا أيضًا هو نمط الحياة الغربية التي توسع الناس بكل أسف في هذه المفاسد بلا حدود، ولم يصلوا إلى الإشباع، ولكنهم وصلوا للسعار، ومارسوا هذا الجنس مع الحيوان، وبطرائق مختلفة، وبمخالفات للفطرة، ومع ذلك لم يورثهم إلا أمراضا وعاهات أيضًا.

أما الإسلام فيعترف بهذا الدافع الفطري الموجود في الإنسان، ولكنه يُهذب هذا الدافع، ويجعله يأخذ حجمه الحقيقي، وأهميته الحقيقية، والإسلام يهتم بهذا الجانب لأنه جزء من هذا الإنسان، والله ما خلق هذا الدافع إلا لحكم عظيمة، ولولا وجود هذا الدافع لما عمرت الحياة، ولما كانت للناس آمال، ولما تناسل الناس وحافظوا على نسلهم، ولما تكاثر أتباع الأنبياء، ونبينا يفاخر بنا الأمم يوم القيامة.

ولكن الإسلام ينظم هذه المسألة غاية التنظيم، ويجعلها تمشي في الإطار الشرعي، لتكون نماءً، وعمارة، ومسؤولية، ولا يجعلها غاية بحد ذاتها.

لذلك نجد الذين في الغرب لما صنعوا (الفياجرا)، وغيرها من الأشياء المهيجة للناس، كان هذا مصادما ومخالفا لما عليه الفطرة، فإن الإسلام يريد للإنسان أن يمارس الجنس ولكن باعتدال، وفي إطاره الصحيح.

والعجيب أن البلاد الغربية كما قال العلماء: ضرت الدوافع الأخرى في الطعام والشراب وغيرها، ولكنهم أطلقوا لهذا الدافع العنان، وبسبب هذا الهيجان والسُّعار الجنسي، أبادت الحضارات بعد أن سادت، وأضاعت أمما.

ولذلك فإن هذا ينبغي أن يكون واضحًا أمام الفتاة المسلمة، فالفتاة المسلمة لها غايات أكبر من هذا الدافع، والإسلام يُتيح لها أن تلبي هذا الدافع، أولاً بغض البصر، والبعد عن المهيجات، ثم بعد ذلك بعدم سماع الأغاني، ثم بعد ذلك بعدم الاقتراب والخلوة بالرجال، ثم بعد ذلك بشغل النفس بالمفيد، لأن الإسلام دعوة إلى النكاح، ودعوة إلى الزواج، ولكن إذا لم يتيسر ذلك، فإن الله يقول: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يُغنيهم الله من فضله}.

فالإسلام يتعامل مع هذه الشهوة بالاستعلاء عن المعاني البهيمية، ويتعامل معها كذلك بالتأجيل، ويتعامل معها كذلك بالاستبدال بمعاني كبيرة، والنبي - صلى الله عليه وسلم – يقول: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، فعليك أن تهتمي بهذه الجوانب.

أما بالنسبة لهذا الشاب: فينبغي أن تعلمي أن الإسلام لا يعترف بأي علاقة لا توصل إلى الزواج، ولا يرضى بأي علاقة خارج الأطر الشرعية، وما من إنسان يُحب من دون الله، وفي معصية الله إلا عُذب به، ولذلك ينبغي لهذا الشاب - إن كان فيه خيرا - أن يطرق الباب، ويقابل أهلك والأحباب، وإن كان غير ذلك فعليك أن تسارعي بقطع هذه العلاقة، لأنها علاقة ليست لله تبارك وتعالى، ولا توصل إلا للأتعاب.

وأنت تقولين بأن هذا صعب، ولكن الأصعب هو الاستمرار في هذه العلاقة، والأخطر هو التمادي فيها دون توقف، لأن هذا هو الذي سيجلب لك الندامة، ويجلب الحسرات.

ولذلك ينبغي أن تحافظي على نفسك، فأنت درة، والفتاة مثل الثوب الأبيض، والبياض قليل الحمل للدنس، فاستري على نفسك، ولا تخبري أحدا بما حصل معك، ولا شك أن ما حصل له آثار، ولكن المؤمنة تتجاوز ذلك بإيمانها بالله تبارك وتعالى، ثم بالستر على نفسها، ثم بعدم التمادي في الأخطاء، كما أشار إلى ذلك الطبيب الذي أجاب عليك، كأنها تجلد نفسها، أو تعاقب نفسها، وتنتقم من نفسها، أو تنتقم من المجتمع في صورة الطهر والعفاف التي تؤلم الفاسقين والفاسقات.

لكن إذا كنت قد تعرضت لذلك ظلمًا وعدوانًا، فلا يجوز لك الآن أن تبذلي نفسك – هذه النفس الغالية والجسد الغالي، هو نعمة من الله - تبذليه بثمنٍ بخسٍ، ودون مقابل، وفي طريق لا يُرضي الله.

نسأل الله لك الهداية والتوفيق والسداد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
خائف من أذية الناس لي فكيف أحصن نفسي؟ 3471 الخميس 23-07-2020 05:29 صـ
يضطرب حال جسمي وقلبي عند فعل معصية، فما سبب ذلك؟ 1796 الثلاثاء 21-07-2020 03:19 صـ
أعاني من القلق ونقص العاطفة والحنان من والدي! 1977 الأربعاء 15-07-2020 06:09 صـ
ما الفائدة من الزواج في ظل هذا الفساد؟ 1621 الثلاثاء 14-07-2020 05:37 صـ
أنا شاب ودواعي الانحراف كثيرة، ما نصيحتكم؟ 1258 الخميس 09-07-2020 05:30 صـ