أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : أنا أعمل في مصلحة الضرائب، ما نصيحتكم لي؟

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أخوكم في الله من الجزائر، والله إنني أحبكم في الله، ونحمد الله أن جعل من بيننا علماء نستنير بهم في ظلمات الحياة، وخاصة أننا نعيش في وقت كثرت فيه الفتن، والله إني في حيرة من أمري ولم أهتد لحل مشكلتي، فلعل الله يجعل لي فرجاً قريباً بفضل حكمتكم والنور الذي جعله الله في قلوبكم.

المشكلة هي أني أعمل منذ سنة في مصلحة الضرائب كمهندس في الإعلام الآلي أصلح الأجهزة المستعملة في المصلحة، وأطور البرامج الخاصة بالتسيير وغيرها من الأمور الإدارية الأخرى إلا أنه ليس أنا من يفرض هذه الضرائب، لكن علمت من خلال الانترنت أن هناك اختلافاً بين العلماء، فهناك من يحرم هذا العمل ويجعله من أكبر الكبائر لأنه من (المكوس) كابن باز والعثيمين وهناك من يجيز بشروط كالقرضاوي، وسألت بعض الأئمة عندنا فأغلبهم أجازوا لي العمل.

المشكلة أن الوظائف قليلة في وقتنا، وحالتي الاجتماعية صعبة كما أن والدتي هي التي أرغمتني على هذا العمل، لأنني رفضت العمل في البداية، لكنها غضبت وحزنت وخفت عليها، فقلت عسى الله أن يجعله خيراً، لكن صدقوني لم أجد الراحة والاطمئان منذ ذلك اليوم، فأنا خائف أن الله غضب علي، فلقد صليت صلاة الاستخارة الكثير من المرات، وأنا دائماً أدعو الله أن يهديني لأن أتخذ القرار الذي يرضيه عني.

لكني أقول كيف يستجيب الله لي وأنا آكل الحرام؟! مما يزيدني حسرة وألماً والله إني أثق في سداد رأيكم وأنكم ستنصحونني بخير النصح.

ادعوا الله لي بالفرج ادعوا الله لي أن ينظر إلي نظرة الشفقة والرحمة، فلقد أصبحت أتمنى الموت كل يوم أذهب فيه لعملي، فلا أنا تيقنت أنه حرام فتركته لله أو هو حلال فارتحت.

يا إخواني أنا أخوكم في الله، اهتموا لأمري وأعينوني، لو تعملون مقدار العذاب الذي أعيشه، ارحموني وأجيبوا عن سؤالي.

وفقكم الله وسدد خطاكم.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ hichem حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

مرحبًا بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يكفينا بحلاله عن حرامه ويغنينا بفضله عن من سواه.

نشكر لك حرصك أيها الحبيب على تحري الحلال في رزقك، وهذا دليل على رجاحة عقلك، فإن صلاح الدنيا والآخرة ينبني على المكسب الطيب، ولذلك قال الله سبحانه وتعالى: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحًا} وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين) ثم تلا هذه الآية.

ومما لا شك فيه أيها الحبيب أن أكل الحرام مؤثر على الإنسان مفسد لدينه ودنياه، فالجسم الذي ينبت على السحت النار أولى به، وأكل الحرام قد يكون مانعًا من إجابة الدعاء وغير ذلك من المفاسد التي يجنيها الإنسان من وراء اكتسابه من مكسب محرم، ولذا فالعقل والدين يقضيان بأن يبحث الإنسان عن الرزق الحلال ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.

العمل في الضرائب أيها الحبيب يختلف باختلاف الحال التي عليها الدولة التي تكون بها هذه الضرائب، فإن الدولة قد تحتاج في بعض الأحيان إلى فرض جبايات تأخذها من الناس للقيام بمصالح الرعية، كإصلاح الطرق وبناء المستشفيات والمدارس ونحو ذلك، وليس في خزينتها من الأموال ما يقوم بهذا الغرض، ففي هذه الحالة يرى كثير من العلماء أنه لا حرج عليها في أن تفرض على الناس ضرائب لتقوم بهذه الوظائف، ولا حرج في هذه الحالة على العمل في هذا الجهاز وإعانتها على تحقيق هذا المقصود لأنه عمل مشروع.

أما إذا كانت الضرائب تفرض بغير حق، أو تُنفق في غير مصالح المسلمين، أو تفرضها الدولة تعنتًا وظلمًا مع وجود أموال في خزينة الدولة وتفرضها مع غناها عن ذلك، ونحو ذلك من الأحوال، ففي هذه الحالة أخذ الضرائب ظلم، وهو داخل تحت قوله - صلى الله عليه وسلم – في الحديث: (لا يدخل الجنة صاحب مُكس) وهو العشّار، أي: من يأخذ هذه الأموال ظلمًا كالضرائب ونحوها.

وفي هذه الحالة أيها الحبيب لا يجوز إعانة جهاز الضرائب سواء بعمل مباشر في جباية الضرائب أو في إعانته بأنظمتها التي يؤدي من خلالها عمله كأنظمة الكمبيوتر وغير ذلك، لأن الله تعالى يقول: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}.

كن على ثقة أيها الحبيب بأنك في حال حرمة العمل في هذا الجهاز – جهاز الضرائب – إن اتقيت الله تعالى سيجعل لك مخرجًا، فقد وعد الله بذلك فقال: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب} فابحث عن الرزق الحلال وخذ بأسبابه، وكن على ثقة ويقين بأن السبب المباح يؤدي إلى ما قدّره الله تعالى وكتبه لك من الرزق، فإن الله عز وجل لم يجعل ما أراده لعبده من الرزق الحلال في الأسباب المحرمة، فكن واثقًا بالله وأحسن ظنك به وتوكل عليه، واجتهد في بذل الأسباب المشروعة بالبحث عن عمل مناسب، ولو كان في غير المجال الذي أنت تخصصت فيه، المهم أن تجد منه ما يكفيك ومَن تنفق عليهم، وإذا أحسنت التوكل على الله تعالى فإن الله عز وجل لن يخذلك، فقد قال النبي - عليه الصلاة والسلام - : (لو تتوكلون على الله حق توكله لزرقكم كما يرزق الطير تغدوا خِماصًا وتَروحُ بطانًا) فإن التوكل على الله وصدق الاعتماد عليه من أعظم الأسباب في جلب الرزق.

ونوصيك أيها الحبيب بالإكثار من الاستغفار الله تعالى، والإكثار من دعائه، ونوافل الأعمال والطاعات، فإن هذه أسباب أكيدة لجلب الأرزاق.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى أن يقدر لك الخير حيث كان ويبسط عليك رزقه الحلال.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...