أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : آثار الكبت النفسي نغصت علي حياتي....فما السبيل للتخلص منها؟

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أدعو الله أن يجزيكم خيراً, وفضلاً كبيراً من عنده على تقديم العون, وإرشاد الناس إلى طريق الصواب.

أخبر نفسي جيداً بأن عندي مشكلة ألا وهي: عدم الاختلاط مع الناس, مع رغبتي بالاختلاط والتواصل, لكن وقتي مضغوط بشدة, وحالتي المادية ضعيفة؛ لدرجة أني أتحاشى الخروج مع أصدقائي للترويح عن النفس, حتى لو كان هذا غير مكلف, لكن تمنعني القدرة المادية, فأنا أعمل, وأدرس بنفس الوقت, وتخصصي -هندسة ألكترونية- يحتاج لوقت وجهد, فلا أجد وقتاً للاختلاط بالناس, إضافة إلى قلة الأصدقاء بسبب انقطاعي عن الناس, وصعوبة تكوين أصدقاء أخيار في هذا الزمن, هذه المشكلة تضغط على نفسيتي, فأشعر بالكبت الشديد, ولا أجد من أستشيره في حل أبسط المشاكل, أو على الأقل أخفف من هذا الكبت النفسي, فيؤدي ذلك إلى أن تكبر المشكلة والهم في نفسي, وأتعقد منها, فأسرف في التفكير, ومحادثة النفس, والانشغال عن الواقع, وعدم التركيز, فعلاقتي بالناس ضعيفة, ولا أستطيع أن أستشير أي شخص لا أثق بعلمه أو خبرته؛ لأني لا أرغب بطرح مشاكلي إلا لمن أثق به, وفي المقابل عندما أجد حلا لهذه المشكلة بعد فترة طويلة من المعاناة أكتشف أنه أصلاً لم تكن هناك مشكلة تحتاج لكل هذا الهم, ولكن السبب هو الكبت النفسي, وبعدها تتغير نفسيتي, وأصبح إنساناً آخر, وأشعر بأن عقلي بدأ يعمل؛ لأني ارتحت نفسياً, وأصبح قادرا على حل المشكلات, والتفكير, والتركيز حتى أني أتعجب من نفسي, كأن عقلي كان في سبات, واستيقظ منه.

المشكلة أنني كلما ابتعدت عن الناس؛ للأسباب المذكورة أعلاه يصبح وضعي أصعب, وأشعر بصعوبة في التواصل مع الناس, وكأني أصبحت أقل خبرة في التعامل معهم, وأحس أني أعيش في كوكب آخر, وهو الكوكب الذي فيه أفكاري الداخلية, البعيدة عن الواقع, وبتشبيه يوضح المعنى أحس أن أجهزة الاستقبال والإرسال لدي قد ضعفت كثيراً, حتى أني لا أستطيع التفكير بعمق عند الحديث مع الناس, ولا أستطيع التركيز؛ مما يسبب لي الإحراج, وأظهر بمظهر التفكير السطحي والبسيط, مع أن السبب هو عدم التركيز, وهذا يزيد من تفاقم المشكلة, فأضطر للابتعاد عن الناس لهذا السبب, وهذا ما لا أرغبه, فأحس أن الأبواب تغلق في وجهي, ويزيد الكبت, وأشعر بصعوبة في التفكير, وربط الأفكار, وأصبح مشوشاً, وأحس أن كل شيء أصبح صعباً, مع أنه سهل؛ لأن عقلي يفكر ببطء شديد, وبمقاومة كبيرة, وأكثر ما يحزنني أنني طموح, وعندي الإمكانية, والرغبة, والحماسة الكبيرة في الدراسة والارتقاء بالعلم غير محدودة, والحمد لله معدلي في الجامعة ممتاز, مع كل هذه الصعوبات, لكني أعاني من مقاومة كبيرة عند الشعور بالكبت, تتعطل أفكاري, وأنشط بقوة عند إزالة هذا الكبت,وكأنما نشطت من عقال, إذا أزيل هذا الكبت أنطلق بقوة, تتفجر طاقتي, وأبدأ بتحقيق الإنجازات, ولكن هذا يحصل فقط لفترات محدودة, وهي الفترات التي أشعر فيها بالراحة النفسية بعد إزالة الكبت, وكمثال لقد أحسست بالراحة النفسية -كأنني الآن أكتشف نفسي- عند انتهائي من كتابة هذه الرسالة؛ لأني وجدت أحداً أثق به, يسمع مني, ويوجهني إلى الصواب, فأنا متعطش كثيراً للكلام, وإزالة هذا الكبت, والتخفيف من الهم, وسماع النصيحة والإرشاد, والتواصل مع الناس.

جزاكم الله كل خير, وأعتذر كثيراً للإطالة.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ منذر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإني أقدر جدًّا درجة انشغالك ما بين العمل والتدريس، وكذلك اجتهادك من أجل أن تعيش حياة كريمة، هذا يجب أن يعود عليك بمردود إيجابي فيما يخص مشاعرك.
وفي هذا السياق أقول لك: الإشكالية ليست في درجة انشغال الإنسان، لكن الإشكالية دائمًا تتأتى من كيف ندير أوقاتنا من أجل أن نطوع أنفسنا؛ لتواكب وتواؤم درجة انشغالنا, هذا لا يعني التحايل على الذات، ولكن إدارة الوقت بصورة صحيحة تجعل الإنسان يتكيف ويتطبع تمامًا مع وضعه.

فيا أخي الكريم: أنا أدعوك أن تكون لك خارطة ذهنية منسّقة, ومرتبة, ومدبّرة بالصورة التي تجعلك توفق ما بين كل ما تريد أن تؤديه, وكل ما تريد أن تعمل من أجله، فالعمل مهم، والاجتهاد مهم، وكذلك الراحة، الاطلاع، القراءة، الترويح عن الذات، أن تكون الصلاة في وقتها, هذا كله يتأتى من خلال إدارة الوقت بصورة حسنة.

ففي هذا الجانب دائمًا اجعل مرجعيتك هي إدارة الوقت، هذا سوف يجعلك تستبصر أكثر بأن مشكلتك هي أقل مما تتصور.
الأمر الآخر: أنا أتفق معك أن التفريغ النفسي مهم، التفريغ النفسي هو وسيلة من وسائل العلاج المعروفة، فالإنسان حين يعبر عما بداخله, حين يتواصل مع الآخرين، هذا فيه خير كثير, وأنت في حدود ما هو متاح لديك, أرجو أن تتواصل، أرجو أن تفرغ عما بداخلك، أرجو أن لا تقلل من مقدراتك, مثلاً حين تؤدي الصلاة مع الجماعة, ليس هنالك ما يمنع أن تنتظر خمسة إلى عشرة دقائق بعد الصلاة, وتتجاذب أطراف الحديث مع من حولك, أنت تعمل في مجال الدراسة والتدريس: هذا أيضًا محيط جيد لأن يتفاعل الإنسان, ولأن يحاور, ولأن يفرغ عما بداخله, هذا كله جيد.
التمارين الرياضية البسيطة حتى وإن استمرت عشرة دقائق إلى ربع ساعة فيها أيضًا نوع من التفريغ الذاتي.

هذه هي الوسائل التي سوف تساعدك كثيرًا، وتجعلك تتدبر إدارة وقتك بصورة جيدة.

القلق الوسواسي قد يساور الإنسان، وأنت لديك شيء من هذا، لذا تجد أنك تضخم من حجم الأمور -كما ذكرت-، وبعد ذلك تجد أن الأمر كان أبسط مما كان, هذا دائمًا يأتي مع القلق الوسواسي، وهذا لا يعتبر مرضًا، إنما هي ظاهرة يستطيع الإنسان أن يتخطاها بأن يلجأ إلى المبدأ الوسطي في كل شيء في الحياة.
أنا لا أريدك أبدًا أن تنكسر ذاتيًا أمام المشاغل، فكونك مشغولاً هذا يعني أنك إنسان مفيد، مفيد لنفسك ولغيرك، وهذا يجب أن يشعرك بالرضا.

أنت أهدافك واضحة، آمالك واضحة، مقدراتك واضحة، عليك أن تفهم ذاتك بصورة أفضل، وأن تثق في مقدراتك، وأن تقبل ذاتك, وأن تسعى لأن تطور ذاتك بما هو متاح.

هذا هو الذي أنصحك به، وحين ترى أن هذه الضغوط قد اشتدت عليك لدرجة شديدة لا مانع أن تتناول بعض الأدوية البسيطة المضادة للقلق.

عقار (فلوناكسول), والذي يعرف علميًا باسم (فلوبنتكسول) يتناوله الناس بكثرة، تناوله بجرعة حبة واحدة نصف مليجرام يوميًا لمدة أسبوع أو أسبوعين يعطي الكثير من الراحة، وهو غير إدماني, وغير تعودي.

ممارسة تمارين الاسترخاء أيضًا هي من وسائل الاسترخاء الذاتي المفيد جدًّا.
لابد أن تخصص وقتا في نهاية عطلة الأسبوع مثلاً ، هذه يجب أن تستثمرها من أجل الترويح عن نفسك، والاختلاط, والتفاعل, وزيارة الأصدقاء, فتنظيم الوقت هو المرجعية, وأنا كررت ذلك كثيرًا، ولا أريد أن أكون مملاً، لكن لمجرد استشعار أهمية هذا الأمر.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
عاد إلي القلق وانتكست حالتي فهل من علاج بديل؟ 3852 الأربعاء 29-07-2020 05:58 صـ
القلق المزمن ونوبات الهلع، حلقة مفرغة في حياتي، ساعدوني. 2452 الأحد 09-08-2020 03:58 صـ
أشكو من أعراض نفسية وعضوية وتحاليلي سليمة. 1213 الاثنين 10-08-2020 01:16 صـ
ما سبب شعوري بعدم الثبات وأني عائم؟ 2187 الأحد 26-07-2020 04:44 صـ
أرهقتني الوساوس المستمرة في رأسي. 4146 الخميس 23-07-2020 05:25 صـ