أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : انا قلقة وخائفة جدا من الموت ولا أرى جدوى من الحياة أرجو المساعدة
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،
أنا سمية وعمري 14 عاما، سبق أن كتبت استشارة هنا عن الوسواس القهري، والتي أجاب عنها الدكتور محمد عبد العليم والذي أشكره جزيل الشكر على إجابته عن استشارتي، واسأل المولى عز وجل أن يحفظه ويبارك فيه ويحفظ كل العاملين في موقع استشارات إسلام ويب.
الحمد لله بدأت مشكلة الوسواس القهرية تخف شيئا فشيئا، ولم تعد ذات أهمية كبيرة كالسابق، ولكن بالمقابل بدأت فكرة جديدة تنتابني وهي بسيطة إن شاء الله، ولكنها بالنسبة إلي مشكلة معقدة، لأنني دائما أهول الأمور وأعطيها أكبر من حجمها.
مشكلتي هي أنني بدأت أخاف من الموت، أو بتعبير أدق أقلق منه، وقد بدأت هذه الحالة عندي منذ وقت قريب، لأنه مؤخرا توفي الكثير من الأشخاص الذين أعرفهم، كما أنني أسمع كثيرا لاسيما في هذه الفترة عن حوادث الموت الفجائية، وعن أشخاص كثر ماتوا من دون سابق إنذار، فصرت أخاف على نفسي وعلى أهلي وأقاربي وأصدقائي من الموت فجأة ومن دون سابق إنذار، وهذا جعلني متشائمة وخائفة من المستقبل فقد مرت بي ظروف صعبة بعض الشيء، وكانت حالتي النفسية سيئة جدا، بالإضافة إلى أنني قلقة جدا ووسواسية بطبعي.
ولكن بفضل الله تعالى تحسنت كثيرا مؤخرا، فقد صارت صلاتي منظمة أكثر من السابق، وأكثرت من الدعاء وقراءة القرآن الكريم، وأكثرت من الجلوس مع أهلي، فقد كنت انطوائية وأجلس دائما وحدي، وأنا الآن أحاول أن أستعيد قوتي، وأعوض نفسي خيرا عما مر بي سابقا .
ولكن هذه الفكرة أفسدت علي كل شيء، فصرت أفكر: ماذا لو لم أعش فترة طويلة؟ ماذا لو فقدت أحدا من أهلي؟ كيف سأعرف السعادة من دون أهلي؟
ماذا لو تعرضت لحادث؟ ماذا لو...؟ ماذا لو....؟
وقد صرت حذرة جدا، حتى أنني أطفئ كل مقبس للكهرباء في غرفتي، وبقية الغرف قبل أن أنام خوفا من أن أموت بصعقة كهربائية، ودائما أقرأ آية الكرسي، وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يطيل عمري وعمر كل الناس، وأن يبارك لنا في أعمارنا، ويجعلها عامرة بالعبادة ومليئة بالسعادة والهناء.
أنا أؤمن أن الموت حق علينا جميعا، وأنه لا مفر لنا منه، وأن الخوف منه لا يفيد شيئا، ولكن من الصعب علي أن أتوقف عن الخوف، فأنا لا اعرف متى أموت، وهذا أكثر ما يخيفني، ولا أعرف ماذا سيحدث لي عندما أموت، وبلا شك ارتكبت بعض الذنوب فكيف أقابل ربي بها؟ أحيانا أشعر أن هذه المشكلة هي أعقد مشكلة مرت بي في حياتي كلها، فأنا لن أطمئن إلا إن علمت متى سأموت، وهذا مستحيل بلا شك، لأن ساعة موتي لا يعلمها إلا المولى عز وجل، وطالما أني لا أعلم متى سأموت فلن أطمئن، وسأبقى خائفة إلى نهاية حياتي، وهذه الفكرة سبق أن مرت بي ولكن كنت أتجاهلها فتختفي، أما الآن فلم تختف رغم محاولاتي الكثيرة لتجاهلها، وإن اختفت فستعود إلي الوساوس القهرية، فهذا ما يحدث معي دائما، لا تختفي فكرة سيئة إلا وتظهر مكانها فكرة أسوأ منها، وأنا في هذه المرحلة مشوشة وغير مستقرة، ودائما متشائمة بعد أن كنت متفائلة، ولكنني لم أيأس من رحمة ربي، وأنا أدعوه سبحانه كل يوم أن تزول عني هذه الفكرة، وآخذ حذري من كل شيء فيه خطر، ولكنني أبالغ في الحذر، وصرت بسبب هذه الفكرة لا أرى جدوى من الحياة، فلماذا نعيش، وكيف نعيش بسعادة واطمئنان إذا كانت نهايتنا هي الموت في كل حال؟
فما الحل؟
ساعدوني رجاء!
وجزآكم الله تعالى ألف خير
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنشكر لك كلماتك الطيبة، ونسأل الله أن يعافيك وأن يشفيك.
أنا بالطبع سعيدٌ جدًّا أن أسمع أنك طبقت الآليات العلاجية وأنك في تحسن.
أما بالنسبة للأفكار الجديدة التي ظهرت لديك، وخاصة الفكرة حول الموت والتشاؤم وتأويل الأمور بصورة سلبية جدًّا، فهذا أيضًا نوع من الوساوس القهرية، هذه مخاوف وسواسية وليس أكثر من ذلك.
وهذه أيضًا تعالج بالتحقير والتحقير الشديد، لا نحقر الخوف من الموت؛ لأن الموت واقع وهو آتٍ ولا شك في ذلك، لكن قولي لنفسك (هذه الفكرة كلها أفكار وسواسية، وأنا لن أعرها أي اهتمام)، وحاولي دائمًا أن تربطيها مع منفرات وأشياء ليست طيبة، وحين تأتيك هذه الفكرة قولي (هذه فكرة وسواسية)، وقومي مثلاً بالضرب على يدك بقوة وشدة كما ذكرنا، اربطي بين الأمرين بين الفكر وبين الفعل، وهذا بتكراره إن شاء الله تعالى يضعف الفكرة الوسواسية تمامًا.
أنا من تجاربي الشخصية المتواضعة وجدت أن أذكار النوم تخفف على الناس الهول والخوف من الموت: (باسمك اللهم وضعتُ جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين)، (اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهتُ وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنتُ بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت) وحين الاستيقاظ (الحمد لله الذي رد عليَّ روحي، وعافني في جسدي، وأذن لي بذكره).
هذه الأذكار حين يتأملها الإنسان ويتفكر فيها يجدها كلامًا عظيمًا، فهي تزيل كل رعب وخوف، إلا ما هو في الحدود الشرعية، (إن أمسكت نفسي فارحمها) هذا ليس يوجد أعظم منه، أن تطلبي الرحمة من الله إذا توفيت، وأن يحفظك إذا لم تكتب لك الوفاة.
فحقيقة التأمل في الذكر والدعاء مهم جدًّا، والإنسان لا أقول يفك شفرات الدعاء، ولكن حين يعيشه في وجدانه ويتأمله يبعث موجات قوية جدًّا من الطمأنينة في النفس، فهذا شيء مهم وددت أن أذكرك به، ولا شك أنه يزيل الخوف من الموت. هذا مهم جدًّا.
وكما ذكرنا سلفًا فالخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان لحظة ولا ينقصه، وهذا يجب أن يكون شعارًا للإنسان، وأنا لا أقول لك أنك بعيدة عن الموت، لكن قطعًا في مثل عمرك حقيقة حدوث الموت أقل مما يحدث للمرضى وكبار السن، فأيضًا قضية النسبة والتناسب هذه يجب أن تتذكريها، ودائمًا تحصني واسألي الله تعالى أن يحفظك، وحقيقة الوساوس دائمًا تتشكل وتتبدل، تأتي من هنا وتذهب من هنا إلى أن يقضى عليها تمامًا إن شاء الله، فافهمي أن هذا نوع من الوسواس وليس أكثر من ذلك، ويجب أن تملئي فراغك، لا تتركي أي فراغ لهذه الوسواس، حين تأتيك الفكرة انهضي وقومي بفعل أي شيء.
هنالك طريقة أيضًا ننصح بها الناس في بعض المرات وتفيد البعض، وهي أن تخصصي وقتاً لهذه الوسواس، قولي للوسواس (سوف أعطيك عشر دقائق فقط) وتدققي من الزمن، وبعد انقضاء عشر دقائق، قولي للوساوس (قد أعطيت وقتك وقد انتهى، وأنا الآن أريد أعمل شيئًا آخرًا أفيد منك، فأنت شيء حقير، وأنت وسواس).
هذا النوع من المخاطبات الداخلية والحوار الذاتي بالرغم من أنها تبدو مضحكة لكنها مفيدة حقيقة.
استعمال الدواء مطروح، وإذا أطبقت عليك هذه الوساوس وكانت مؤلمة فالأدوية موجودة، والفافرين والبروزاك كلها أدوية سليمة في مثل عمرك.
وإذا كان هنالك تواصل مع طبيب فربما يكون هذا أيضًا أمرًا جيدًا، لكن في نهاية الأمر الذي أود أن أؤكده لك مرة أخرى أن كل الذي تعانين منه هو في نطاق الوسواس، ولكن التحسن العام واضح جدًّا على حالتك، وأنت حين تتذكري هذا التحسن الذي طرأ عليك هذا في حد ذاته يؤدي إلى المزيد من التحسن، ويحقر فكرة المخاوف الوسواسية لديك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله تعالى أن يحفظك وأن يطيل عمرك في الخير، وأن ييسر لك طريق الخير في عمل الخير والفلاح والنجاح.
للفائدة: يمكنك مراجعة هذه الروابط عن علاج الخوف من الموت سلوكيا:
(259342 - 265858 - 230225)
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
وسواس الموت سبب لي العديد من الأمراض، فكيف أتخلص منه؟ | 2863 | الثلاثاء 21-07-2020 03:16 صـ |
الخوف من الموت، كيف أتخلص منه؟ | 2789 | الأحد 19-07-2020 07:11 صـ |
كرهت حياتي والناس كرهوني بسبب تبلد مشاعري.. أريد حلا | 1083 | الخميس 16-07-2020 02:42 صـ |
فكرة الموت وذكريات طفولتي لا تفارقني، أرجو المساعدة. | 2125 | الثلاثاء 14-07-2020 02:54 صـ |
أشعر بعدة أعراض ولا أعرف هل هي نفسية أم جسدية أو روحية؟ | 1569 | الأربعاء 15-07-2020 03:36 صـ |