أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : أريد حفظ القرآن ووالدتي تريد مني أن أعمل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب، وعندما تأتي الإجازة الصيفية أريد أن أتفرغ لحفظ كتاب الله العظيم، ولكن أمي ترفض ذلك، وتريد مني الخروج للعمل، فماذا علي أن أفعل جزاكم الله خيراً، ورزقني وإياكم حسن الخاتمة، وأدخلنا الجنة بدون حساب ولا عقاب.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الحق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك وأن يقضي حاجتك، وأن يثبتك على الحق، وأن يرزقك بر والديك، وأن يمنَّ عليك بحفظ كتابه، وأن يوسع رزقك، وأن يجعلك من صالح المؤمنين.
ابني الفاضل عبد الحق: إنه مما لا شك فيه أن حفظ كتاب الله تعالى أمر عظيم، وعبادة من أجل العبادات، وطاعة من أعظم الطاعات، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (
ولله الحمد والمنة أن الله تبارك وتعالى جعل كتابه من أعظم خزائن الحسنات، إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (
مما لا شك فيه ابني الكريم الفاضل عبد الحق أن هذا عمل عظيم ورائع، ولكن يبقى فوق ذلك أمرٌ عظيم ينبغي أن نفطن إليه وأن ننتبه جميعاً له، ألا وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (
والأحاديث في ذلك كثيرة جدّاً، فالله تبارك وتعالى بيّن لنا على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام عقوبة عقوق الوالدين، فطاعتك لأمك أولى من حفظك لكتاب الله تعالى؛ لأن حفظ كتاب الله تعالى كما قال العلماء فرض كفاية، أما طاعتك لأمك فرض عين، ولذلك نحن هنا نرى أن الشرع يقدم طاعة الأم على حفظ القرآن الكريم.
أما قضية الخروج للعمل فهذا يحتاج إلى تفصيل: إذا كنتم تحتاجون فعلاً للعمل، وذلك كأن يكون دخل الأسرة ضعيفاً ووالدتك تحتاجك أن تعمل لتساعد الأسرة فهذا عمل له أجر عظيم أيضاً، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (
إذا كانت الأسرة ضعيفة وظروفها المادية متواضعة فخروجك للعمل هو نوع من الدعم لأهلك والإحسان إليهما، والنبي صلى الله عليه وسلم بشرك بقوله: (
إن كنتَ هنا لا تتصدق على غريب، وليس الأمر بمعنى الصدقة التي يتصدق بها على الفقير أو المسكين، وإنما هو نوع من المساعدة وهو أمر مأجور، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (
إذن هناك فرق بين أن تكون الأسرة في حاجة للعمل لزيادة الدخل، وهناك فرق أن الوالدة تحرص على أن تعمل حتى تحفظ عليك وقتك، فإذا كان الهدف هو الثاني حفظ الوقت وعدم ضياعه مع الشباب اللاهين العابثين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، والذين يزعجون الناس في فترات العطلات، فأقول في هذه الحالة من حقك أن تبين لها بأنك وضعت لنفسك برنامجاً لحفظ كتاب الله تعالى وطلب العلم الشرعي وأنك لست كغيرك، واطلب منها أن تعطيك فرصة لتتأكد هي بنفسها ذلك.
كذلك أيضاً قد يكون من رغبة الأم أن تتعلم مهنة من المهن أو حرفة من الحرف، أو مهارة من المهارات، وهذا أيضاً يكون أمراً جيداً؛ لأنه مع الأسف الشديد كثير من شباب العالم العربي والإسلامي عاطل عن العمل، ولا يحترف حرفة أو مهنة أو مهارة؛ لأنه انقطع لعلم معين من علوم الدنيا أو علوم حتى الآخرة، ولكنه ليس له مصدر رزق أو ليس محترفاً بحرفة معينة فيظل عالة على غيره، وفي تلك الحال أيضاً تُقدم رغبة الأم على حفظ كتاب الله تعالى.
مع هذا أنت تستطيع مع عملك وإرضائك لوالدتك أن تحفظ، لا يلزم أن تحفظ كمّاً كبيراً، ولكن ولو أن تحفظ كل يوم آية، المهم أن تكون عندك الهمة والعزيمة، وأنت تستطيع ذلك، وأفضل وقت للحفظ هو بعد صلاة الفجر، فقبل ذهابك إلى العمل يمكنك أن تحفظ ربع صفحة أو أربع آيات أو خمس، ولو بمعدل نصف ساعة قبل خروجك للعمل، فإذا سألت الله تبارك وتعالى أن يبارك لك في وقتك وإذا علم الله منك صدقاً في رغبتك في حفظ كتابه سوف ييسر لك ذلك، ولذلك أقول لا يلزم أن تحفظ مثلاً كل يوم صفحة أو نصف صفحة، وإنما من الممكن أن تحفظ آيتين أو ثلاثا يومياً حتى تجمع بين الحسنين، ولا يفوتك خير حفظ كتاب الله وبرك لوالديك.
أسأل الله تعالى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، وأن يوسع رزقك، وأن يرزقك بر والديك، وأن يجعلك من الذين يظلون بظله يوم لا ظل إلا ظله، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
لا أرغب في الحياة بسبب مشاكلنا الأسرية. | 1356 | الأحد 12-07-2020 07:22 صـ |
أمر بحالة ضياع وعدم تركيز فما سبب حالتي؟ وهل لها علاج؟ | 1421 | الاثنين 06-07-2020 04:22 صـ |
هل هناك طريقة أفضل وأكثر تأثيرا لتطوير النفس؟ | 1208 | الاثنين 06-07-2020 04:27 صـ |
أريد التوقف عن تقليد الآخرين، أريد أن أكون أنا! | 1135 | الأحد 28-06-2020 09:28 مـ |
بسبب الكورونا فقدت طعم الحياة، فكيف أعود لطبيعتي؟ | 694 | السبت 27-06-2020 08:59 مـ |