أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : الخوف من الجلوس والأكل مع الناس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي أنني أشعر بخوف شديد لا أستطيع تبريره، كلما اقترب الناس مني، وأخاف من الجلوس قربهم، وعندما تجلس بجانبي واحدة أجدني أخاف لا شعورياً، وتزيد نبضات قلبي، وأجد صعوبة في بلع ريقي، وأحس بانقباضات في معدتي، وأتنفس بسرعة.
أجدني لا أستطيع تحمل تلك الأعراض، فأقوم لأجد مكاناً بعيداً ومنعزلاً لأجلس فيه، سألت نفسي كثيراً: لماذا أخاف؟! مع أني جريئة، وأحب الناس، ولماذا تبدلت حياتي فأصبحت أخافهم؟
للأسف لم أجد الجواب، تطور الخوف عندي، حتى أصبحت أخاف أن آكل أمامهم، وصرت أجلس وحدي وآكل وحدي.
الله وحده يعلم كيف كانت حياتي طبيعية، وكيف أصبحت الآن، لكني أسأل الله أن تكونوا سبباً في تفريج كربتي، وجزاكم الله خيراً.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هنادي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن حالتك بسيطة جدّاً، وهذه الحالة تسمى بالرهاب الاجتماعي، أو المخاوف الاجتماعية أو القلق الاجتماعي، وهي حالة مكتسبة، وأعني بمكتسبة أنك ربما تكونين قد تعرضت لموقف ما حدث لك فيه خوف، وأنت لم تلاحظي هذا الخوف في وقته، ولم تعيريه اهتماماً، وقد يكون بسيطاً جدّاً.
هذا الخوف انتقل وخُزّن لديك في العقل الباطن، وتم تشفيره، وأصبح مكوّناً نفسياً سلبياً بدأ بعد ذلك يظهر لديك في شكل مخاوف، نسميها بالمخاوف الاجتماعية، وقد أحسنت الوصف حين ذكرت أنك أصبحت تجدين صعوبة كبيرة جدّاً في أن تأكلي أمام الناس.
هذا العرض لا نشاهده كثيراً في منطقتنا، بالرغم من وجود المخاوف الاجتماعية بكثرة، هذا نشاهده كثيراً في أوروبا، الأوروبي يشتكي أنه أصبح لا يستطيع أن يأكل في مطعم عام أو أمام الآخرين، وذلك بجانب الأعراض الأخرى للرهاب الاجتماعي.
إذن هذا العرض هو من صميم الرهاب الاجتماعي، أو الخوف الاجتماعي، والخوف الاجتماعي لا يعني ضعفاً في الشخصية أو قلة في الإيمان، أنت ذكرت أنك جريئة، وهذا لا يناقض أبداً وجود الخوف أو الرهاب الاجتماعي.
نحن دائماً نعطي مثالاً بسيطاً للمخاوف مكتسبة، الإنسان يمكن أن يكون مروضاً للأسود، ولكنه يخاف من القطط، هذا شاهدناه وهو موجود، وكما ذكرت لك المخاوف هي طاقة نفسية سلبية، خاصة جدّاً، يتم تخزينها وتشفيرها على مستوى العقل الباطني، ومن ثم تظهر في بعض الأوقات.
ربما يكون لديك استعداد للقلق، وهذا جعلك أكثر عرضة لهذا الخوف الاجتماعي.
الذي أنصحك به هو أن تحقري فكرة هذا الخوف، وأن تضغطي على نفسك وتلتقي بالناس، ابدئي بأهل بيتك، حقري فكرة الخوف (لماذا أخاف؟! ما الذي يجعلني أرهب؟!) وهكذا، لابد أن يكون هنالك حوار مع نفسك، لا تستسلمي، لا تقبلي بهذا الوضع أبداً.
أنصحك أيضاً بأن تنظري إلى الناس في وجوههم حين تتحدثين إليهم، هذا مهم جدّاً، ولابد أن يكون لديك مصادر من المعرفة والمواد والمعلومات المعدة سلفاً، مثلاً إذا ذهبت لتزوري أختك أو خالتك أو أحد أقاربك وأرحامك، حضري بعض المواضيع التي سوف يتم التطرق إليها، لا تكوني مستسلمة، لا تكوني فاقدة للمبادرات، حين تبدئين الكلام سوف تحسين بشيء من القلق، وربما تسارع بسيط في ضربات القلب، ولكن هذا سوف يختفي بعد فترة إن شاء الله تعالى.
أريدك أن تعرضي نفسك للمواقف الاجتماعية الصعبة، وذلك من خلال الخيال، هذا نسميه بالتعرض في الخيال، اجلسي في مكان هادئ، وتصوري نفسك أنك أمام جمع كبير جدّاً من النساء، وقد طُلب منك أن تقدمي محاضرة أو درسا دينياً أو شيئاً من هذا القبيل، هذا يمكن أن يحدث، تخيلي أنك قد قمت وشعرت بشيء من القلق، ولكنك بعد ذلك فُتح الله عليك ووجدت أن أداءك جيد وممتاز جدّاً، تصوري مثل هذه المواقف ومواقف مشابهة.
أنصحك أيتها الفاضلة الكريمة أيضاً أن تلجئي إلى ما نسميه بالتفاعل الاجتماعي الجماعي – أو الجمعي – هذا التفاعل الاجتماعي الجمعي أو الجماعي هو أن يذهب الإنسان، ويلتقي بمجموعة من الناس في ظروف ومحيط معين.
أنا وجدتُ من بعض الدراسات والتجارب الخاصة أن أفضل شيء لعلاج الخوف الاجتماعي هو الانضمام إلى حلق القرآن، هذه الحلق فيها خير كثير: طمأنينة، تفاعل إيجابي، تحفها الملائكة، والواحد يلتقي إن شاء الله بالخيرين والطيبين من الناس، لذا نقول لك: اذهبي إلى أحد مراكز تحفيظ القرآن، وهي بفضل الله تعالى كثيرة جدّاً في المملكة العربية السعودية، صدقيني هذا سوف يفيدك، وهذا سوف يكسر حاجز هذا الخوف منك بصورة تلقائية جدّاً، وسوف تنشرحي إن شاء الله وتحسين بالرضا عن نفسك.
العلاج الأخير وهو مهم جدّاً ومفيد لك، وسوف يساعدك إن شاء الله في تطبيق الإرشاد السلوكي الذي ذكرناه لك سابقاً، هذا العلاج هو أن تتناولي بعض الأدوية، والدواء الذي أنصح به في حالتك هو دواء واحد فقط بسيط جدّاً، وهو غير إدماني وغير تعودي، لا يؤثر أبداً على الهرمونات النسوية.
الدواء يعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) ويعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة عشرة مليجرامات – أي نصف حبة – تناوليها يومياً، يمكنك أن تتناوليها في الصباح أو في المساء، بعض الناس يفضلون المساء لأنهم يقولون: إن الدواء سبب لهم بعض النعاس البسيط، والبعض لا يشتكي من ذلك.
استمري على هذه الجرعة – أي نصف حبة يومياً – لمدة عشرين يوماً، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة – أي (عشرون مليجراماً) – استمري عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضيها إلى عشرة مليجرامات يومياً لمدة شهر، ثم إلى عشرة مليجرامات يوماً بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
الزيروكسات من أفضل الأدوية، والجرعة التي وصفناها لك صغيرة جدّاً وهي حبة واحدة في اليوم كجرعة علاجية، علماً بأن الجرعة يمكن أن تكون حتى أربع حبات في اليوم – أي ثمانون مليجراماً – ولكن أرى أنك لست في حاجة لهذه الجرعة.
هذا مجرد خوف اجتماعي بسيط، وليس أكثر من ذلك، وما يحدث لك من خفقان وتسارع في خفقان القلب هو ناتج من تغيرات فسيولوجية تحدث مع الخوف، هذه عملية طبيعية جدّاً، والحالة بسيطة.
أرجو أن تتبعي ما ذكرناه لك من إرشاد، وأن تتناولي الدواء كما وصفناه لك، ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة التالي:العلاج السلوكي للمخاوف: ( 262026 - 262698 - 263579 - 265121 )،
العلاج السلوكي للرهاب: ( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 )
أسأل الله تعالى أن ينفعك بكل هذا، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
أعاني من مشكلة الرهاب الاجتماعي، ما الحل؟ | 2388 | الخميس 23-07-2020 06:16 صـ |
كيف أتخلص من أعراض الرهاب الاجتماعي؟ | 1731 | الأربعاء 22-07-2020 04:28 صـ |
أريد دواء يخلصني من الرهاب، فبماذا تنصحونني؟ | 3648 | الأحد 19-07-2020 09:33 مـ |
كيف أمارس حياتي بشكل طبيعي وأتخلص من الأمراض؟ | 1562 | الخميس 16-07-2020 06:08 صـ |
لا أشعر بالسعادة وأكره لقاء الناس، أرجو تشخيص الحالة. | 1904 | الأربعاء 15-07-2020 03:33 صـ |