أرشيف الاستشارات
عنوان الاستشارة : حالات الهرع .. الأسباب والعلاج
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الصراحة منذ سنة تقريباً توفيت داعية في بلدتنا رحمها الله، وقد حصل زلزال خفيف في بلدتنا مما أشعرني بالخوف، واقتراب الأجل كثيراً.
المشكلة أني بعد فترة قصيرة بدأت أعاني من نوبة خوف شديد، وهي عبارة عن توتر أعصاب، فأشعر خلالها برجة في جسمي وتوهج، وأبدأ بالارتجاف، وأشعر بضيق شديد في التنفس، حيث أشعر أن روحي ستخرج خلال ثوان، وأن بيني وبين الموت أن يقبض الملك روحي، ويتملكني في تلك الأثناء خوف شديد جداً، وهذه النوبة تأتي من فترة لأخرى قد تطول وقد تقصر، وغالباً ما تأتي ليلاً عند النوم.
أصبت نتيجة ذلك بالخمول، وأنتظر النوم كثيراً حتى أني من أذان المغرب أود أن أنام، وهذا شيء خارج عن إرادتي.
والمشكلة أن ذلك يؤثر على أطفالي، فأعصب عليهم دون سبب، مع أني أحاول أن أمسك نفسي قدر الإمكان، وأشعر بشكل دائم بضيق شديد، ولا أشعر بالسعادة مطلقاً مهما توفرت أسبابها حولي، أنا متزوجة ولي أولاد.
وبصراحة بفضل الله لا يوجد أية مشاكل بيني وبين أحد، وأسباب الراحة متوفرة.
فكرت أن أزور طبيباً نفسياً لكن المشكلة تكمن في أني لا أثق بأي طبيب، وأخشى أن يعطيني مهدئات أو غير ذلك دون أن يعالج مرضي فيما لو كان مرض.
فأفيدوني أفادكم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فالحمد لله، أنت مدرسة تحفيظ للقرآن الكريم، وهذا شيء يبعث على السرور؛ لأن القيام بمثل هذا العمل الجليل هو مبعث للطمأنينة النفسية.
أرجو أن أؤكد لك أن هذه الحالة التي تعانين منها هي حالة بسيطة، وذلك بالرغم من تقديري لمشاعرك؛ لأني أعرف أنها فعلاً مخيفة، ولكن أؤكد لك تماماً أنها ليست خطيرة، هذه الحالة تعرف بحالات الهرع.
والهرع هو نوع من الرهاب أو الخوف الحاد، ويحدث فعلاً نتيجةً لأحداث حياتية حصلت للإنسان، وغالباً يصاب بمثل هذه الحالات الأشخاص الذين لديهم بعض الاستعداد للقلق، حالة الهرع هذه تأتي في موجات، وهي فعلاً تؤدي إلى ضيق شديد وقد يشعر الإنسان باقتراب المنية.
طريقة العلاج بسيطة جدّاً، وهي تتمثل في بعض الأدوية المضادة للخوف والرهاب.
أفضل دواء هو العلاج الذي يعرف باسم سبرلكس، هو واحد من الأدوية الجديدة، وجرعته هي 10 مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة بعد ذلك إلى 20 مليجرام، وتستمرين عليها لمدة ستة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى 10 مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر.
هذا الدواء -كما ذكرت لك- هو أفضل دواء لعلاج هذه الحالة حسب الأبحاث الحديثة، وهو يعتبر من الأدوية الجديدة نسبياً، وربما يكون مكلفاً بعض الشيء، أسأل الله أن يكون متوفراً في فلسطين، وأن يتيسر لك الحصول عليه.
إذا كان هنالك صعوبة في الحصول عليه، يوجد دواء آخر، هو من الأدوية القديمة نسبياً ولكنه أيضاً علاج جيد، وإن كان يسبب بعض الآثار الجانبية البسيطة مثل الشعور بالجفاف في الفم، وربما إمساك بسيط، وهذا يحدث في الأيام الأولى للعلاج، وبعدها يختفي.
هذا الدواء يعرف باسم تفرانيل، وجرعة البداية هي 25 مليجرام يومياً، يمكن أن تأخذ في الصباح أو المساء، وبعد أسبوعين ترفع هذه الجرعة إلى 50 مليجرام، ثم ترفع إلى 100 مليجرام بعد شهر من بداية العلاج، وتستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة بنسبة 25 مليجرام كل شهر؛ حتى يتم التوقف عنه.
بجانب العلاج الدوائي، لابد أن تقومي بإجراء بعض تمارين الاسترخاء، هنالك عدة كتيبات وأشرطة توضح كيفية القيام بهذه التمارين.
من الطرق المعروفة لتمارين الاسترخاء طريقة تعرف باسم جاكبسون، وفي هذه الطريقة أرجو أن تستلقي في مكان هادئ، وأن تكوني في حالة استرخاء وتأمل، مع غمض العينين وفتح الفم قليلاً، ثم بعد ذلك أخذ نفس عميق وبطيء، وهذا هو الشهيق، والذي يجب أن يعقبه إمساك الهواء في الصدر لمدة خمس ثوانٍ، ثم بعد فترة الخمس ثوانٍ تخرجين الهواء بنفس القوة والبطء، وهذا هو الزفير، أرجو أن يكرر هذا التمرين عدة مرات أربع أو خمس في كل جلسة بمعدل مرتين أو ثلاث في اليوم.
بجانب هذا التمرين يمكنك أيضاً أن تحاولي استرخاء عضلات القدمين ثم الأرجل ثم الحوض ثم البطن وحتى الصدر، هذا بالطبع ربما يتطلب نوعاً من التدريب بواسطة أحد المعالجين النفسيين، أو باتباع أحد الأشرطة، ولكن هذه هي التمارين في أبسط صورها، وهي إن شاء الله تساعد كثيراً في مثل هذه الحالات.
الشيء الثالث وهو المهم جدّاً، هو ضرورة أن تحاولي استبدال الفكرة التي يحدث في الرهاب والهرع بفكرة مخالفة لها تماماً، على سبيل المثال: يمكن أن تتذكري الزلازل ولكن تقولي: الحمد لله أنك في أمان وأن هذه الزلازل هي بقدر الله، وإن شاء الله لن يحدث أي نوع من الضرر منها.
مثل هذه الأفكار أيضاً تؤدي إلى قناعات أن الإنسان -إن شاء الله- هو في حفظ الله، ولن يحدث له إن شاء الله أي مكروه، هذا النوع من التفكير الإيجابي مطلوب جدّاً للتقليل من نوبات الهرع ونوبات الرهاب الحاد والقلق.
أرجو أن تطمئني تماماً، وأرجو ألا تذهبي مطلقاً لأطباء الصدر أو القلب كما يفعل البعض، فالأمر ليس له أي علاقة بمرض في القلب أو الصدر أو خلافه، إنما هو قلق حاد يؤدي هذا الهرع، ويُحدث إفرازاً لمادة تعرف باسم مادة الأدرانانيل، ومن خلال هذه المادة يحدث الضيق والشعور بالانقباض في الصدر، وربما تتسارع ضربات القلب ويأتي للإنسان الشعور بالهلاك كما ذكرتِ.
أرجو أن تطمئني وتتبعي الإرشادات السابقة، وتتناولي العلاج الذي وصفته لك، وإن شاء الله سوف تتمتعين في نهاية الأمر بصحة نفسية كاملة.
وبالله التوفيق.
أسئلة متعلقة أخري | شوهد | التاريخ |
---|---|---|
وسواس الموت سبب لي العديد من الأمراض، فكيف أتخلص منه؟ | 2863 | الثلاثاء 21-07-2020 03:16 صـ |
الخوف من الموت، كيف أتخلص منه؟ | 2789 | الأحد 19-07-2020 07:11 صـ |
كرهت حياتي والناس كرهوني بسبب تبلد مشاعري.. أريد حلا | 1083 | الخميس 16-07-2020 02:42 صـ |
فكرة الموت وذكريات طفولتي لا تفارقني، أرجو المساعدة. | 2125 | الثلاثاء 14-07-2020 02:54 صـ |
أشعر بعدة أعراض ولا أعرف هل هي نفسية أم جسدية أو روحية؟ | 1569 | الأربعاء 15-07-2020 03:36 صـ |