أرشيف المقالات

زمان.. واليوم!

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2زمان..
واليوم!   زمان: إذا أكرمتَ أحدًا، استحى منك، واحتار في كيفيَّة أن يقدَّم لك ما يناسب ما قدَّمْتَ له، تجده يُقدِّر إكرامك، ويظلُّ وفيًّا معك على مرِّ الزمان.. يشكر لك جميلَ موقفك، ويَذكرُك بالخير هنا وهناك.. بل ويظلُّ داعيًا لك، مُهتمًّا بالسؤال عنك.. يرسلُ الرسائلَ، ويدقُّ الهواتف لك دومًا.. ويستمرُّ هكذا بقِيمه الأخلاقيَّة الرفيعة لا يملُّ ولا يكلُّ.. حتى لكأنك تشعرُ من تعاملاته وحلاوة خُلقِه وكأنك قد ملكتَ قلبَه وروحه وكيانه.. بل وظفرت به كلِّه.

اليوم: إذا أكرمتَ أحدًا جحَد إكرامك، وتمادى في تجاهلك في المناسبات كأنه يعتبرُك قد متَّ، ورحلت إلى عالم الأموات!
بل تجدُه وبسرعة البرق حين يجدُ غيرَك، أو حين يرى أن بُغيتَه من ورائك قد تحقَّقت، أو أن ظروفه قد تبدَّلت - راح يُهروِلُ بعيدًا عنك، مُتحجِّجًا بحجج أو غيرها من الأعذار الواهية، فيبيعُك غيرَ خاجل منك، ولا مُستحيًا، بل ومُتناسيًا ومتجاهلاً تمامًا كل ما إليه قدَّمتَ، حتى لكأنك تشعرُ من تصرفاته معك كأنه قد انقلب عليك، وصار عدوَّك الأول، بعد ما كنت أنت مَقصدَه الأول والأخير، وحبيبَه الأوحدَ، ومستودعَ مِحنَه وآلامه...!
وسامحونا يا أحبَّتي.. إذا قلنا: إن مِن مثل هذه النوعيَّات من وجدناهم والله على فطرة الإسلام، بل قد يتصدَّرون مجالسَ العلم و الأخلاق والإيمان!
بل قد يكونون من أصحاب وجاهةِ الرأي، ورنَّة الكلمة، وجمال الرؤية!
وهذا يا سادة مما جعل الكثير من الناس في بلاد الغرب، حين قرؤوا عن نبيِّنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا بهم يرَوْنَ أمامهم نبيًّا عظيمًا في الخُلق والسلوك والقِيم، ثم يرقبون مَن حولَهم من المسلمين فيجدونهم لا يتصلون من قريب، ولا من بعيد بذلك النبي جملةً وتفصيلاً، فما كان منهم إلا أن تأخَّروا كثيرًا في دخولهم الإسلامَ، ومنهم من لا يريد بالمرة الدخولَ فيه؛ لما رأى من أخلاق وسلوكيَّات المسلمين.
أخيرًا وبدون غضب! هل تلك كانت أخلاق لا أقول: المسلمين، ولكن أقول: بني آدم من قبل؟ هل يرضى اللهُ ورسوله عن أخلاق مثل هذه الشريحة الكبيرة من بني آدم اليومَ؟ هل ترضى أنت بذاك الجحود؟
شخصيًّا وباعتباري واحدًا فقيرًا من بني آدم أُقرِّرُ نيابة عن نفسي: أن مثل هذه النوعيَّات تؤلمني تصرفاتُها للغاية، بل وقد تصيبُني بخيبة أمل!
كلمة أخيرة: يا سادة، عودة إلى الربانيَّة؛ فهي الوعاء الحقيقي لمنظومة القيم الأخلاقية! وواللهِ لو عادت الربانيَّة إلى سلوكياتنا وتصرفاتنا وكلماتنا ووعودنا - لعاد معها كلُّ جميل وكلُّ خير، ولصرنا مؤهَّلين لرحمة الله ونصره وهدايته. وصلى الله على نبيبنا وسيدنا محمد معلِّم الناس الخيرَ.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢