أرشيف المقالات

أذكار الصباح والمساء

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
أذكارُ الصباحِ والمساءِ


رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه[1]، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي، وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ))، قَالَ: ((وَمَنْ قَالَهَا مِن النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِن الليْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجنَّةِ))[2].
 
معاني الكلمات:
سيِّدُ الاستغفَارِ: أي أفضل صيغ الاستغفار.

لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ: أي اعترف بالوحدانية لله وحده.

خَلَقْتَنِي: أي أوجدتني من العدم، وهذا اعتراف بالربوبية.

وَأَنَا عَبْدُكَ: أي اعترف بالعبودية لله وحده.

وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ: أي عهدك إليَّ بأن أوحِّدك، وأعترف بألوهيتك ووحدانيتك، ووعدك الجنة لي على هذا، يعني: أنا مقيم على توحيدك، وعلى حقيقة وعدك لي.


مَا اسْتَطَعْتُ: أي قدر استطاعتي.

أَعُوذُ بِكَ: أي أستجير وأعتصِم بك.

أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ: أي أعترف وأقرُّ لك بما أنعمتَ به علي.

وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي: أي أُقِرُّ وأعترف بما ارتكبت من الذُّنوب.

لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ: أي إن غفران الذنوب مخصوص بالله تعالى.
 
المعنى العام:
ما زال النَّبِي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه رضي الله عنهم، ويرغِّبهم في الجنة، ويفتح لهم أبوابًا تُوَصِّلُهُم إليها، وها هو ذا صلى الله عليه وسلم يعلِّمهم دُعَاء من قاله مستيقنًا به من الليل، فمات قبل أن يُصْبِح، فهو من أهل الجنة، ومن قاله من النهار فمات قبل أن يُمسـي، فهو من أهل الجنة، وهذا الدُّعَاء يُسمى بسيِّد الاستغفار؛ لأنه أفضل صيغ الاستغفار، وهو: (اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي، وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ).
 
الفوائد المستنبطة من الحديث:
1- مشروعية التوسل بأفعال الله سبحانه وتعالى.

2- مشروعية التوسل بالتقصير في الطاعة، وأن العبد في حاجة إلى الله عز وجل؛ مثل قول موسى عليه السلام: (﴿ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص: 24].

3- لا أحد يغفر الذنوب سوى الله سبحانه وتعالى.

4- استحباب استفتاح دُعَاء الله عز وجل بالتوسل إليه سبحانه وتعالى.

5- استحباب الإكثار من الدُّعَاء من هذا الذِّكْر.

6- فضيلة الاعتراف لله عز وجل بالذنب في الدُّعَاء.

7- فضيلة هذا الدُّعَاء في الصباح والمساء.

8- تقرير وجود الجنة.

9- تقرير توحيد الربوبية.

10- من فضائل هذه الأمة أنها تعمل العمل القليل، وتأخذ عليه الأجر العظيم.

11- كلمة التوحيد لا تنفعُ قائلَها إلا بشروط؛ منها: اليقين المنافي للشك.
 
ورَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلمقَالَ: «مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الملْكُ وَلَهُ الحمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِن الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ»[3].
 
معاني الكلمات:
لا شريك له: أي في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.
عَدْلَ: أي تساوي.
عَشْرِ رِقَابٍ: أي عِتق عشر عبيد.
وَمُحِيَتْ: أي أُزِيلت.
حِرْزًا: أي وقاية.
 
المعنى العام:
بين النَّبِي صلى الله عليه وسلم لنا في هذا الحديث أن مَنْ قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الملْكُ وَلَهُ الحمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ»: أي تساوي عتق «عَشْرِ رِقَابٍ»: أي عبيد، «وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ»: أي أُزيلت عنه «مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا»: أي وقاية «مِن الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِـيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يوم القيامة بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ»: أي قال «أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ».
 
الفوائد المستنبطة من الحديث:
1- استحباب الإكثار من الدُّعَاء من هذا الذِّكْر.

2- فضيلة التنافس في طاعة الله عز وجل.

3- فضيلة الاعتراف لله بالذنب في الدُّعَاء.

4- فضيلة هذا الدُّعَاء في الصباح والمساء.

5- فضيلة قول: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الملْكُ وَلَهُ الحمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».

6- حرص النَّبِي صلى الله عليه وسلم على إبعاد الشيطان عَنْ أمته.

7- تقرير الإيمان باليوم الآخر.

8- تقرير توحيد الربوبية.

9- من فضائل هذه الأمة أنها تعمل العمل القليل، وتأخذ عليه الأجر العظيم.

[1] شداد بن أوس بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، هو ابن أخي حسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من فضلاء الصحابة رضي الله عنهم، نزل بيت المقدس.

[2] صحيح: رواه البخاري (5831).

[3] صحيح: رواه البخاري (3050).

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن