أرشيف المقالات

ثلاثون مقترحا للمتقاعدين

مدة قراءة المادة : 11 دقائق .
2ثلاثون مقترحًا للمتقاعدين
أخي المتقاعد الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نرجو أن تكون بداية حياتك التقاعدية بداية مباركة وموفقة، وقد كنت - سلَّمك الله - تركت أثرًا طيبًا في عملك وبصمة جميلةً على زملائك ومراجعيك، وحيث تَمَّ تقاعدك، فأسأل الله تعالى أن يجعلك مباركًا أينما كنت وأينما حللتَ، لكني أهمس في أذنك أخي الكريم أنك تشعر أنه قد ذهب عنك إرهاق الدوام وأنت الآن في فسحة من أمرك أكثر من ذي قبل، وربما زاد عندك الوقت، فأْذَنْ لي أن أسألك هذا السؤال التالي:   س: ما هو مشروعك بعد التقاعد؟ أظنك قد خططتَ لما يتواكب مع سَيْر حياتك، سواء على المستوى الدنيوي أو الأخروي، وهذا التخطيط يدل على حكمتك وحنكتك؛ لأن الوضع قد يتغير بشكل ملحوظ، وذلك يستدعي التخطيط لهذه المرحلة، لكني في هذه العجاله أقترح عليك أخي الكريم عددًا من النقاط اليسيرة لتنظُر فيها، وتجعل منها ضمن خطتك ما تراه يتواكب معك.   كما يمكن للأخت الكريمة المتقاعدة أن تأخذ من هذه النقاط ما يناسبها ويتواكب مع فِطرتها.   وتتمثل هذه النقاط في الأحرف التالية: 1- قراءة مقدار معين من القرآن يوميًّا حسب ما تراه مناسبًا لوقتك وظروفك؛ بحيث تختم القرآن بشكل دوري، وكن ذا همة عالية في هذا المجال، وهو من أعظم المجالات لكسب الحسنات.   2- قراءة من كتاب ولو كانت خمس ورقات يوميًّا، أو حسب ما يتناسب مع وقتك؛ ليكون ذلك تزامنًا مناسبًا مع تقاعدك، وتزويدًا ثقافيًّا علميًّا تتقرب به إلى الله تعالى.   3- امتلاك شاليه مصغر لقضاء شيء من الوقت فيه مع العائلة والأصحاب.   4- كم هو رائع أن تحفظ شيئًا من القرآن الكريم؛ ليكون رصيدًا لك في الأجر والثواب، ومؤنسًا لك تقرأه في ذهابك وإيابك ووقت فراغك.   5- جميل جدًّا أن تحضُر بعض مجالس العلم، ولو كانت قليلة، ولو في كل شهر مرة كحد أدنى؛ كسبًا للمعرفة والعلم، وتسديدًا للفراغ المتوقع حصوله.   6- يمكن أن تجعل لك نشاطًا تجاريًّا، ولو كان خفيفًا في بعض المبيعات، أو في بعض المساهمات؛ تعويضًا لنقص الراتب بعد التقاعد.   7- صيام الاثنين أو الخميس، ولو من بعض الأسابيع؛ نظرًا لعدم المشقة فيه مع التقاعد، خصوصًا أيام الشتاء، فهو ساعات محدودة ومعدودة، تنال بها أجرًا عظيمًا عند الله تعالى.   8- المشاركة في بعض الرحلات البرية الممتعة، أو الجلسات المسائية، أو السفريات التي يتم من خلالها الترويح أو الفائدة.   9- دقائق تقضيها في الوقوف بين يدي الله تعالى في غفلة الناس قبيل الفجر، ما أحلاها من ساعة بين يدي الله تعالى من دعاء واستغفار وتوبة، وصلاة وذكرٍ وخشوعٍ وخضوع، وفي هذا الوقت اعرض جميع مطالبك على الله تعالى.   10- طلعة دورية لتجاذُب أطراف الحديث، والتقاط الأخبار من هنا وهناك، وكم هو جميل جدًّا أن تتصف هذه الطلعة بصفتين هامتين: أ- أن يكون فيها شيء من الفائدة، ولو كانت قليلة؛ ليكون المجلس شاهدًا لأصحابه، وحتى لا يكون عليهم حسرة يوم القيامة. ب- أن تخلوَ هذه الطلعة من المحاذير الشرعية كالغيبة ونحوها.   11- رحلة إلى مكة لأداء العمرة بشكل دوري حسب ما تراه يتناسب مع طبيعتك وظروفك ووقتك، فإن المتابعة بين الحج والعمرة ينفيان الفقر أو الذنوب؛ كما ورد في الحديث.   12- كن مبادرًا في مشروع خيري تؤسِّسه تكسب أجره، حتى ولو أكمله غيرُك، أو فكرة دعوية تقترحها؛ ليقوم غيرك بتنفيذها.   13- محاولة التبكير إلى الصلوات والمكث بعدها أكثر من ذي قبل؛ نظرًا لتوفر الوقت؛ لتحظى بأربع دعوات عظيمة من الملائكة الكرام بقولهم: (اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم تُبْ عليه، اللهم صلِّ عليه)، وكلها دعوات ثابتة صحيحة.   14- اجعل لك جدولًا في صلة الرحم، فهو بركة في العمر والرزق.   15- اجعل لك برنامجًا رياضيًّا سواء كان مشيًا أو اشتراكًا في صالة رياضية، أو غير ذلك؛ ليستمر معك نشاطك وصحتك، ويكون وقاية من الأمراض المزمنة بإذن الله تعالى.   16- المكث في المسجد بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس، وهو سنة ثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام، وفيها بركة؛ قال عليه الصلاة والسلام: (بورك لأمتي في بكورها)، وثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس بعد صلاة الفجر في مصلاه حتى تطلع الشمس حسنًا.   17- تخصيص يوم في الأسبوع أو الشهر، ويكون فيه زيارة للمرضى أو الأصحاب، وذلك لعظم فضل هذه الزيارة وثوابها.   18-‏ المكاتب الدعوية بحاجة ماسة إلى أفكارك ومبادراتك وزيارتها بشكل دوري، فهم بانتظارك ولو بالقليل.   19- إن كنت ممن أعطاه الله الكلمة والبيان، فلا تحرِم نفسك منها في المساجد، أو غيرها من المجالات الأخرى ولو قليلًا، وما يدريك لعل أحدًا ينتفع بكلمة قلتها، وهذا إسهام منك في الدعوة إلى الله تعالى، كما أُفيدك بأن المكاتب التعاونية تخدمك إن أردتَ أن تكون هذه الكلمات رسمية ومفسوحة.   20- ترتيب جلسة دورية أسبوعية أو شهرية مع الأولاد، وتكون علمية تربوية، وحبذا أن تكون متسلسلة في شيء معين؛ ليدركوا أنهم قد أنجزوا فيتشجعوا.   21- الحرص على متابعة الصلاة على الجنائز وتشييعها؛ ليكون رصيدًا تدخره لك، فكل صلاة بقيراط وهو كالجبل العظيم في ميزانك يوم القيامة، فلا تفرط فيه فهو خير عظيمٌ وفضل جزيل.   22- زيارة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة والصلاة فيه، وقضاء بعض الوقت هناك، فما أجملها من لحظات، فالصلاة فيه بألف صلاة، وهي تعادل ستة أشهر في غيره، إلا المسجد الحرام فهو بمائة ألف صلاة، وهي تعادل أكثر من خمس وخمسين سنة.   23- وضع جدول علمي ثقافي، ويكون هذا الجدول كالخطة الزمنية والعملية لك، ويهدف إلى مزيد من العلم والثقافة، ويكون من خمس خانات وهي: اليوم / الوقت / النشاط / التنفيذ / ملاحظات، ثم يملأ الجدول بما يتناسب مع الوقت والرغبة والعزيمة.   24- تكوين مجلس للجيران في الحي؛ ليتعارفوا ويتقارَبوا، وليكون وسيلة في تطبيق حق الجار عمليًّا، مع ما يلحق هذا البرنامج من فقرات قصيرة على الجيران.   25- ‏في الغالب أن المتقاعد أصبحَ صاحب خبرة في عددٍ من المجالات تقريبًا، فجميل أن يحدِّد بعض الأيام لزيارة بعض المؤسسات الخيرية أو الحكومية التي تستحق الشكر، فيقوم بشكرها، فهو بذلك يؤدي عنصرًا مهمًّا يجب على المجتمع تأديته.   26- لا تفكر في سلبيات الماضي، فهي قد مضت على ما هي عليه، لكن حاول جادًّا التفكير في الإيجابيات للمزيد منها، فهي تتكاثر وتتعدد عند تأمُّلها، فتعيش الإيجابية والعطاء.   27- حاول الاعتماد على نفسك بعد الله لا على الآخرين في بعض أمورك؛ حتى لا تفقد حيويتك ونشاطك.   28- إذا كنت ذا مال، فحاوِل أن تجعل لك وقفًا، أو أن تكون مشاركًا في أحد الأوقاف؛ لترى نتيجة ذلك في حياتك، فتفرح وتبتهج.   29- لا تلزم نفسك بديون أو قروض لأجل حاجيات أو سفريات غير لازمة، بل عِشْ واقعك الحقيقي حسب إمكانياتك وابتعِد عن المقارنات.   30- حاول نشرَ هذه التوصيات لزملائك المتقاعدين، فهذا من التعاون على البر والتقوى، والتكافل التربوي والاجتماعي.   تجارب لبعض المتقاعدين: الأولى: ‏تقاعَد فعزَم على تعليم الناس في القرى والهِجر بعضَ الأحكام الشرعية؛ كالوضوء والصلاة، فقام بتجهيز السيارة وتوفير عامل، فكان كل أسبوع يتجه إلى هجرة أو قرية، فيُقيم فيها يومين أو ثلاثة، فما يرجع إلى بلده، حتى يتقن أصحاب هذه القرية هذين الأمرين الوضوء والصلاة، وهكذا كل أسبوع تقريبًا يتجه إلى إحدى الهجر، ودام على هذا 10سنوات وعمره 70عامًا.   الثانية: عزم بعد التقاعد على السعي إلى بناء المساجد وإنهاء معاملاتها لدى الدوائر الحكومية، فقام ببناء عدد من المساجد، وكان يحظى بدعوات الناس كبيرهم وصغيرهم.   الثالثة: كان مهتمًّا بالعمالة، فكان يعمل على سقيهم الماء في الأجواء الحارة، وقد ورد في الحديث: (أفضل الصدقة سقي الماء)، وهو بذلك يتلقى دعواتهم المباركة.   الرابعة: عزم بعد التقاعد وعمره (60) عامًا على حفظ القرآن، فحفِظه خلال سنتين، وبدأ يعلِّم الناس القرآن، فنفع الله به خلقًا كثيرًا.   الخامسة: كانت هِمتُه بعد التقاعد برنامجًا عباديًّا وتربويًّا؛ مثل: الصيام وقراءة القرآن، ونحو ذلك، ووضع لذلك برنامجًا في هذا المجال، فتكيَّف مع هذا البرنامج، حتى تأسف على وقته السابق؛ حيث لم يكن كذلك.   السادسة: عزم على مرافقة حملة من حملات العمرة بواقع مرتين في كل شهر، ويحاول مع أداء العمرة وصلاته في المسجد الحرام - أن يقوم بتوجيه المرافقين في هذه الرحلة، ويُجيب عن أسئلتهم ويساعدهم، ونحو ذلك، فأفاد بهذا العمل خلقًا كثيرًا بقيت بصمة له عندهم كلما رأوه أو قابلوه، تذكروا تلك البصمات.   أسأل الله تعالى أن يجعلك مباركًا موفقًّا أينما كنت، واعلَم أنك مع تخطيطك وحزمك وعزمك، لن نخسرك في تقاعدك؛ أما مَن تقاعَد مِن دون تخطيطٍ أو حزم، فسيكون عُرضةً لكل عائقٍ، أو عقبة أو غيرها، لا قدَّر الله وفَّقك الله وسدَّدك، وبارك فيك.   (إعداد اللجنة العلمية في مكتب الدعوة والإرشاد بجنوب بريدة)



شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير