نافع

  • شـوهــد: 738
مدة قراءة الترجمة : 10 دقائق .
نَافِعٌ

ابْنُ أَبِي نُعَيْمٍ ، الْإِمَامُ ، حَبْرُ الْقُرْآنِ أَبُو رُوَيْمٍ -وَيُقَالُ : أَبُو الْحَسَنِ ، وَيُقَالُ : أَبُو نُعَيْمٍ ، وَيُقَالُ : أَبُو مُحَمَّدٍ ، وَيُقَالُ : أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ- مَوْلَى جَعْوَنَةَ بْنِ شَعُوبٍ اللَّيْثِيِّ ، حَلِيفِ حَمْزَةَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقِيلَ : حَلِيفُ الْعَبَّاسِ أَخِي حَمْزَةَ ، أَصْلُهُ أَصْبَهَانِيٌّ .

وُلِدَ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ سَنَةَ بِضْعٍ وَسَبْعِينَ وَجَوَّدَ كِتَابَ اللَّهِ عَلَى عِدَّةٍ مِنَ التَّابِعِينَ ، بِحَيْثُ إِنَّ مُوسَى بْنَ طَارِقٍ حَكَى عَنْهُ ، قَالَ : قَرَأَتُ عَلَى سَبْعِينَ مِنَ التَّابِعِينَ .

قُلْتُ : قَدِ اشْتُهِرَتْ تِلَاوَتُهُ عَلَى خَمْسَةٍ : عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ ، صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَأَبِي جَعْفَرٍ يَزِيدَ بْنِ الْقَعْقَاعِ ، أَحَدِ الْعَشَرَةِ وَشَيْبَةَ بْنِ نِصَاحٍ ، وَمُسْلِمِ بْنِ جُنْدَبٍ الْهُذَلِيِّ ، وَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ ، وَحَمَلَ هَؤُلَاءِ عَنْ أَصْحَابِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي " طَبَقَاتِ الْقُرَّاءِ " ، وَصَحَّ أَنَّ الْخَمْسَةَ تَلَوْا عَلَى مُقْرِئِ الْمَدِينَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَايَشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ ، صَاحِبِ أُبَيٍّ ، وَقِيلَ : إِنَّهُمْ قَرَءُوا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا ، وَعَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ ، وَقِيلَ : إِنَّ مُسْلِمَ بْنَ جُنْدَبٍ قَرَأَ عَلَى حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ ، وَابْنِ عُمَرَ [ ص: 337 ] .

قَالَ الْهُذَلِيُّ فِي " كَامِلِهِ " كَانَ نَافِعٌ مُعَمَّرًا ، أَخَذَ الْقُرْآنَ عَلَى النَّاسِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ ، كَذَا قَالَ الْهُذَلِيُّ ، وَبِالْجُهْدِ أَنْ يَكُونَ نَافِعٌ فِي ذَلِكَ الْحِينِ يَتَلَقَّنُ وَيَتَرَدَّدُ ، إِلَى مَنْ يَحْفَظُهُ ، وَإِنَّمَا تَصَدَّرَ لِلْإِقْرَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ طَوِيلٍ ، وَلَعَلَّهُ أَقْرَأَ فِي حُدُودِ سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ ، مَعَ وُجُودِ أَكْبَرِ مَشَايِخِهِ .

قَالَ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ- : نَافِعٌ إِمَامُ النَّاسِ فِي الْقِرَاءَةِ . وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ : سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ : قِرَاءَةُ نَافِعٍ سُنَّةٌ .

وَرَوَى إِسْحَاقُ الْمُسَيِّبِيُّ ، عَنْ نَافِعٍ ، قَالَ : أَدْرَكْتُ عِدَّةً مِنَ التَّابِعِينَ ، فَنَظَرْتُ إِلَى مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ اثْنَانِ مِنْهُمْ ، فَأَخَذْتُهُ ، وَمَا شَذَّ فِي وَاحِدٍ تَرَكْتُهُ ، حَتَّى أَلَّفْتُ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ .

وَرُوِيَ أَنَّ نَافِعًا كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ تُوجَدُ مِنْ فِيهِ رِيحُ مِسْكٍ ، فَسُئِلَ عَنْهُ

قَالَ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ تَفَلَ فِي فِيَّ . وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ : حَجَجْتُ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ ، وَإِمَامُ النَّاسِ فِي الْقِرَاءَةِ بِالْمَدِينَةِ نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ .

قُلْتُ : لَا رَيْبَ أَنَّ الرَّجُلَ رَأَسَ فِي حَيَاةِ مَشَايِخِهِ ، وَقَدْ حَدَّثَ أَيْضًا عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ ، وَالْأَعْرَجِ ، وَعَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَأَبِي الزِّنَادِ ، وَمَا هُوَ مِنْ فُرْسَانِ الْحَدِيثِ .

تَلَا عَلَيْهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسَيِّبِيُّ ، وَعُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ وَرْشٌ ، وَعِيسَى قَالُونَ .

وَرَوَى عَنْهُ : الْقَعْنَبِيُّ ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، وَخَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، وَمَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ .

وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ . وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ : صَدُوقٌ .

وَقَالَ النَّسَائِيُّ : لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ . [ ص: 338 ]

وَلَيَّنَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ -أَعْنِي فِي الْحَدِيثِ- أَمَّا فِي الْحُرُوفِ ، فَحُجَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ .

وَقِيلَ : كَانَ أَسْوَدَ اللَّوْنِ ، وَكَانَ طَيِّبَ الْخُلُقِ ، يُبَاسِطُ أَصْحَابَهُ .

قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي " الْكَامِلِ " : لَهُ نُسْخَةٌ عَنِ الْأَعْرَجِ ، نَحْوٌ مِنْ مِائَةِ حَدِيثٍ ، وَلَهُ نُسْخَةٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، وَلَهُ مِنَ التَّفَارِيقِ قَدْرُ خَمْسِينَ حَدِيثًا ، وَلَمْ أَرَ لَهُ شَيْئًا مُنْكَرًا .

قُلْتُ : يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ حَدِيثُهُ حَسَنًا ، وَبَاقِي أَخْبَارِهِ فِي " طَبَقَاتِ الْقُرَّاءِ " . وَمِمَّنْ قَرَأَ عَلَى هَذَا الْإِمَامِ : مَالِكٌ الْإِمَامُ . تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ قَبْلَ مَالِكٍ بِعَشْرِ سِنِينَ .