Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73


هو ملك التتار، وصاحب العراق والجزيرة وخراسان وغير ذلك، أبغا بن هولاكو بن تولي بن جنكيزخان, ويقال: اسمه أباقا، كان مقداما شجاعا، عالي الهمة، لم يكن في إخوته مثله، وهو على دين التتار لم يدخل في الإسلام، وكان ذا رأي وحزم وخبرة بالحرب، ولما توجه أخوه منكوتمر بالعساكر إلى الشام لم يكن ذلك بتحريضه، بل أشير عليه فوافق.

قال الذهبي: "كان كافر النفس، سفاكا للدماء، قتل في الروم خلقا كثيرا؛ لكونهم دخلوا في طاعة الملك الظاهر، وفرحوا بمجيئه إليهم، وقد نفذ الملك الظاهر إليه رسله وهديه" قال ابن عبد الظاهر في السيرة: "وصفته أنه شاب أسمر أكحل، ربع القامة، جهوري الصوت، فيه بحة يسيرة، عليه قباء نفطي رومي، وسراقوج بنفسجي، تزوج زوجة أبيه ألجي خاتون وهي كهلة" هلك أباقا بنواحي همذان عن نحو خمسين سنة، منها مدة ملكه سبع عشرة سنة، وقام في الملك بعده أخوه تكدار بن هولاكو، الذي اعتنق الإسلام بعد ذلك وتسمى بأحمد ولقب نفسه بالسلطان فانقلبت بعد ذلك سياسة الدولة الإيلخانية ناحية بلاد الإسلام، وكان قد أرسل رسالة إلى السلطان قلاوون يعلمه بإسلامه وما قام به من بناء المساجد والمدارس والأوقاف وتجهيز الحجاج، وطلب منه كذلك العمل على اجتماع الكلمة لإخماد الحروب والفتن والتحالف ضد الصليبيين.


سار السلطان قلاوون من ظاهر القاهرة فأتته رسل الفرنج وهو بمنزلة الروحا في تقرير الهدنة، فتقررت بين مقدم بيت الإسبتار وسائر الإسبتارية بعكا، وبين السلطان وولده الملك الصالح لمدة عشر سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام وعشر ساعات، أولها يوم السبت الثاني والعشرين من المحرم، وتقررت الهدنة أيضا مع متملك طرابلس الشام بيمند بن بيمند لمدة عشر سنين، أولها السابع والعشرين شهر ربيع الأول، وعادت الرسل، وتوجه الأمير فخر الدين أياز المقري الحاجب لتحليف الفرنج ومقدم الإسبتار على ذلك، فحلفهم.


ثار العشير من الحورانية ونهبوا مدينة غزة، وقتلوا خلقا كثيرا وأفسدوا، فبعث السلطان قلاوون الأمير علاء الدين أيدكين الفخري على عسكر من دمشق، وخرج من القاهرة الأمير شمس الدين سنقر البدوي على عسكر لتأديبهم


ورد الخبر بدخول منكوتمر أخي أبغا بن هولاكو بن طلوي بن جنكيزخان إلى بلاد الروم بعساكر المغول، وأنه نزل بين قيسارية والأبلستين، فبعث السلطان قلاوون الكشافة، فلقوا طائفة من التتار أسروا منهم شخصا وبعثوا به إلى السلطان، فقدم إلى دمشق في العشرين من جمادى الأولى، فأتاه السلطان ولم ينزل به حتى أعلمه أن التتار في نحو ثمانين ألفا، وإنهم يريدون بلاد الشام في أول رجب، فشرع السلطان في عرض العساكر، واستدعى الناس، فحضر الأمير أحمد بن حجي من العراق في جماعة كبيرة من آل مراتكون زهاء أربعة آلاف فارس، وقدمت نجدة من الملك المسعود خضر بن الظاهر بيبرس صاحب الكرك، وقدمت عساكر مصر وسائر العربان والتركمان وغيرهم، فوردت الأخبار بمسير التتار، وأنهم انقسموا فسارت فرقة مع الملك أبغا بن هولاكو إلى الرحبة ومعه صاحب ماردين، وفرقة أخرى من جانب آخر، فخرج بجكا العلائي في طائفة من الكشافة إلى جهة الرحبة، وجفل الناس من حلب إلى حماة وحمص حتى خلت من أهلها، وعظم الإرجاف، وتتابع خروج العساكر من دمشق إلى يوم الأحد سادس عشر جمادى الآخرة، فخرج السلطان إلى المرج، بمن بقي من العساكر وأقام به إلى آخر الشهر، ثم رحل يريد حمص فنزل عليها في حادي عشر رجب ومعه سائر العساكر، وحضر الأمير سنقر الأشقر من صهيون ومعه بعض أمرائه فسر السلطان قلاوون بذلك وأكرمهم وأنعم عليهم، وكان ذلك في ثاني عشر فنزل سنقر الأشقر على الميسرة، وقويت الأراجيف بقرب العدو، ووصل التتار إلى أطراف بلاد حلب، وقدم منكوتمر إلى عين تاب، ونازل الملك أبغا قلعة الرحبة في السادس عشر جمادى الآخرة، ومعه نحو ثلاثة آلاف فارس، وتقدم منكوتمر قليلا قليلا حتى وصل حماة، وأفسد نواحيها وخرب جواسق الملك المنصور صاحب حماة وبستانه فورد الخبر إلى السلطان قلاوون بذلك وهو على حمص، وأن منكوتمر في خمسين ألفا من المغول وثلاثين ألفا من الكرج والروم والأرمن والفرنجة، وأنه قد قفز إليه مملوك الأمير ركن الدين بيبرس العجمي الجالق ودله على عورات المسلمين، ثم ورد الخبر بأن منكوتمر قد عزم أن يرحل عن حماة، ويكون اللقاء في يوم الخميس رابع عشر رجب، واتفق عند رحيله أن يدخل رجل منهم إلى حماة وقال للنائب: اكتب الساعة إلى السلطان قلاوون على جناح الطائر بأن القوم ثمانون ألف مقاتل، في القلب منهم أربعة وأربعون ألفا من المغول وهم طالبون القلب، وميمنتهم قوية جدا، فيقوي ميسرة المسلمين، ويحترز على السناجق، فسقط الطائر بذلك وعلم بمقتضاه، وبات المسلمون على ظهور خيولهم، وعند إسفار الصباح من يوم الخميس رابع عشر شهر رجب: ركب السلطان ورتب العساكر: وجعل في الميسرة الأمير سنقر الأشقر ومن معه من الأمراء، ثم اختار السلطان من مماليكه مائتي فارس، وانفرد عن العصائب ووقف على تل، فكان إذا رأى طلبا قد اختل أردفه بثلاثمائة من مماليكه، فأشرفت كراديس التتار وهم مثلا عساكر المسلمين، ولم يعتدوا منذ عشرين سنة مثل هذه العدة، ولا جمعوا مثل جمعهم هذا، فإن أبغا عرض من سيره صحبة أخيه منكوتمر فكانوا خمسة وعشرين ألف فارس منتخبة، فالتحم القتال بين الفريقين بوطأة حمص، قريبا من مشهد خالد بن الوليد، ويوم الخميس رابع عشر رجب، من ضحوة النهار إلى آخره، وقيل من الساعة الرابعة، فصدمت ميسرة التتار ميمنة المسلمين صدمة شديدة ثبتوا لها ثباتا عظيما، وحملوا على ميسرة التتار فانكسرت وانتهت إلى القلب وبه منكوتمر، وصدمت ميمنة التتار  ميسرة المسلمين، فانكسرت الميسرة وانهزم من كان فيها، وانكسر جناح القلب الأيسر، وساق التتار خلف المسلمين حتى انتهوا إلى تحت حمص وقد غلقت أبوابها، ووقعوا في السوقة والعامة والرجالة والمجاهدين والغلمان بظاهر حمص، فقتلوا منهم خلقا كثيرا وأشرف الناس على التلاف، ولم يعلم المسلمون من أهل الميسرة بما جرى للمسلمين أهل الميمنة من النصر، ولا علم التتار الذين ساقوا خلف المسلمين ما نزل بميسرتهم من الكسرة، ووصل بعض المنهزمين إلى صفد، وكثير منهم دخل دمشق، ومر بعضهم إلى غزة، فاضطرب الناس بهذه البلاد وانزعجوا انزعاجا عظيما، وأما التتار الذين ساقوا خلف المنهزمين من المسلمين أصحاب الميسرة، فإنهم نزلوا عن خيولهم وأيقنوا بالنصر، وأرسلوا خيولهم ترعى في مرج حمص، وأكلوا ونهبوا الأثقال والوطاقات والخزانة وهم يحسبون أن أصحابهم ستدركهم، فلما أبطأوا عليهم بعثوا من يكشف الخبر، فعادت كشافتهم وأخبرتهم أن منكوتمر هرب، فركبوا وردوا راجعين، هذا ما كان من أمر ميمنة التتار وميسرة المسلمين، وأما ميمنة المسلمين فإنها ثبتت وهزمت ميسرة التتار حتى انتهت إلى القلب، إلا الملك المنصور قلاوون فإنه ثبت تحت السناجق –الرماح-، ولم يبق معه غير ثلاثمائة فارس، والكوسات تضرب، وتقدم سنقر الأشقر، وبيسري، وطيبرس الوزيري، وأمير سلاح، وأيتمش السعدي، ولاجين نائب دمشق، وطرنطاي نائب مصر، والدواداري، وأمثالهم من أعيان الأمراء إلى التتار، وأتاهم عيسى بن مهنا فيمن معه، فقتلوا من التتار مقتلة عظيمة، وكان منكوتمر مقدم التتار قائما في جيشه، فلما أراده الله من هزيمته نزل عن فرسه ونظر من تحت أرجل الخيل، فرأى الأثقال والدواب فاعتقد أنها عساكر، ولم يكن الأمر كذلك، بل كان السلطان قلاوون قد تفرقت عنه عساكره ما بين منهزم ومن تقدم القتال، حتى بقي معه نحو الثلاثمائة فارس لا غير، فنهض منكوتمر من الأرض ليركب فتقنطر عن فرسه، فنزل التتار  كلهم لأجله وأخذوه، فعندما رآهم المسلمون قد ترجلوا حملوا عليهم حملة واحدة كان الله معهم فيها، فانتصروا على التتار، وقيل إن الأمير عز الدين أزدمر الحاج حمل في عسكر التتار وأظهر أنه من المنهزمين، فقدمهم وسأل أن يوصل إلى منكوتمر، فلما قرب منه حمل عليه وألقاه عن فرسه إلى الأرض، فلما سقط نزل التتار إليه من أجل أنه وقع، فحمل المسلمون عليهم عند ذلك، فلم يثبت منكوتمر وانهزم وهو مجروح، فتبعه جيشه وقد افترقوا فرقتين: فرقة أخذت نحو سلمية والبرية، وفرقة أخذت جهة حلب والفرات، وأما ميمنة التتار التي كسرت ميسرة المسلمين، فإنها لما رجعت من تحت حمص كان السلطان قد أمر أن تلف السناجق ويبطل ضرب الكوسات، فإنه لم يبق معه إلا نحو الألف، فمرت به التتار ولم تعرض له، فلما تقدموه قليلا ساق عليهم، فانهزموا هزيمة قبيحة لا يلوون على شيء، وكان ذلك تمام النصر، وهو عند غروب الشمس من يوم الخميس، ومر هؤلاء المنهزمون من التتار نحو الجبل يريدون منكوتمر، فكان ذلك من تمام نعمة الله على المسلمين، وإلا لو قدر الله أنهم رجعوا على المسلمين لما وجدوا فيهم قوة، ولكن الله نصر دينه، وهزم عدوه مع قوتهم وكثرتهم، وانجلت هذه الواقعة عن قتلى كثيرة من التتار  لا يحصى عددهم، وعاد السلطان في بقية يومه إلى منزلته بعد انقضاء الحرب، وكتب البطائق بالنصرة وبات ليلة الجمعة إلى السحر في منزلته، فثار صياح لم يشك الناس في عود التتار، فبادر السلطان وركب وسائر العساكر، فإذا العسكر الذي تبع التتار وقت الهزيمة قد عاد، وقتل من التتار في الهزيمة أكثر ممن قتل في المصاف، واختفى كثير منهم بجانب الفرات، فأمر السلطان أن تضرم النيران بالأزوار التي على الفرات، فاحترق منهم طائفة عظيمة، وهلك كثير منهم في الطريق التي سلكوها من سلمية، وفي يوم الجمعة: خرج من العسكر طائفة في تتبع التتار، مقدمهم الأمير بدر الدين بيليك الأيدمري، ورحل السلطان من ظاهر حمص إلى البحيرة ليبعد عن الجيف، وقتل من التتار صمغار، وهو من أكبر مقدميهم وعظمائهم، وكانت له إلى الشام غارات عديدة، واستشهد من المسلمين زيادة على مائتي رجل، وأما أبغا بن هولاكو ملك التتار فإنه لم يشعر وهو على الرحبة إلا وقد وقعت بطاقة من السلطان إلى نائب الرحبة، بما من الله به من النصر وكسرة التتار فعندما بلغه ذلك بدق بشائر القلعة رحل إلى بغداد، ووصل الأمير بدر الدين الأيدمري إلى حلب، وبعث في طلب التتار إلى الفرات، ففروا من الطلب وغرق منهم خلق كثير، وعبرت طائفة منهم على قلعة البيرة، فقاتلهم أهلها وقتلوا منهم خمسمائة، وأسروا مائة وخمسين، وتوجه منهم ألف وخمسمائة فارس إلى بغراس، وفيهم أكابر أصحاب سيس وأقاربهم فخرج عليهم الأمير شجاع الدين السيناني بمن معه، فقتلهم وأسرهم عن آخرهم بحيث لم يفلت منهم إلا دون العشرين، وتوجه منهم على سلمية نحو أربعة آلاف، فأخذ عليهم نواب الرحبة الطرقات والمعابر، فساروا في البرية فماتوا عطشا وجوعا، ولم يسلم منهم إلا نحو ستمائة فارس، فخرج إليهم أهل الرحبة فقتلوا أكثرهم، وأحضروا عدة منهم إلى الرحبة ضربت أعناقهم بها، وأدرك بقية التتار  الملك أبغا، وفيهم أخوه منكوتمر وهو مجروح، فغضب عليه وقال: " لم لا مت أنت والجيش ولا انهزمت" وغضب أيضا على المقدمين، فلما دخل أبغا بغداد سار منها إلى جهة همذان وتوجه منكوتمر إلى بلاد الجزيرة فنزل بجزيرة ابن عمر، وكانت الجزيرة لأمه قد أعطاها إياها أبوه هولاكو لما أخذها.