Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
جهز السلطان غياث الدين محمد بن ملكشاه جيشا كثيفا مع الأمير برشق بن إيلغازي صاحب ماردين إلى صاحب دمشق طغتكين، وإلى أتسز البرسقي ليقاتلهما؛ لأجل عصيانهما عليه، وقطع خطبته، وإذا فرغ منهما عمد لقتال الفرنج، فلما اقترب الجيش من بلاد الشام هربا منه وتحيزا إلى الفرنج، وجاء الأمير برشق إلى كفر طاب ففتحها عنوة، وأخذ ما كان فيها من النساء والذرية، وجاء صاحب أنطاكية روجيل في خمسمائة فارس وألفي راجل، فكبس المسلمين فقتل منهم خلقا كثيرا، وأخذ أموالا جزيلة وهرب برشق في طائفة قليلة، وتمزق الجيش الذي كان معه شذر مذر، ثم في ذي القعدة من هذه السنة قدم السلطان محمد إلى بغداد، وجاء إليه طغتكين صاحب دمشق معتذرا إليه، فخلع عليه ورضي عنه ورده إلى عمله.
نزلت العساكر السلطانية أرض شيزر، وجعل أتابك طغتكين دمشق يريث الفرنج عن اللقاء خوفا من الفرنج أن يكسروا العساكر السلطانية فيأخذوا الشام جميعه، أو ينكسروا فتستولي العساكر السلطانية على ما في يده.
وخاف الفرنج وضاقت صدور أمراء عسكر السلطان من المصابرة، فرحلوا ونزلوا حصن الأكراد وأشرف على الأخذ، فاتفق أتابك والفرنج على عود كل قوم إلى بلادهم، ففعلوا ذلك.
وتوجه أتابك إلى دمشق، وعاد عسكر حلب وشمس الخواص إلى حلب، فقبض عليه لؤلؤ الخادم واعتقله، فعادت عساكر السلطان حينئذ عن حصن الأكراد، وأمن الترك وانتشروا في أعمال المعرة، واشتغلوا بالشرب والنهب، ووقع التحاسد فيما بينهم، وكان لؤلؤ الخادم يكشف أخبار عساكر المسلمين ويطالع بها الفرنج.
ورحل برسق وجامدار صاحب الرحبة نحو دانيث يطلبون حلب، فنزل جامدار في بعض الضياع.
ووصل برسق بالعسكر إلى دانيث بكرة الثلاثاء العشرين من شهر ربيع الآخر، والفرنج يعرفون أخبارهم ساعة فساعة، فوصلهم الفرنج، وقصدوا العسكر من ناحية جبل السماق، والعسكر على الحال من الانتشار والتفرق والعبث، فلم يكن لهم بالفرنج طاقة؛ فانهزموا من دانيث إلى تل السلطان.
واستتر قوم في الضياع من العسكر فنهبهم الفلاحون وأطلقوهم، وغنم أهل الضياع مما طرحوه وقت هزيمتهم ما يفوت الإحصاء، وأخذ الكفار من هذا ما يفوت الوصف، وغنموا من الكراع والسلاح والخيام والدواب وأصناف الآلات والأمتعة ما لا يحصى، وقتل من المسلمين نحو خمسمائة وأسر نحوها، واجتمع العسكر على تل السلطان، ورحلوا إلى النقرة مخذولين مختلفين.
احتل الفرنج رفنية من أرض الشام، وهي لطغتكين، صاحب دمشق، وقووها بالرجال والذخائر، وبالغوا في تحصينها، فاهتم طغتكين لذلك، وقوي عزمه على قصد بلاد الفرنج بالنهب لها والتخريب، فأتاه الخبر عن رفنية بخلوها من عسكر يمنع عنها، وليس هناك إلا الفرنج الذين رتبوا لحفظها، فسار إليها جريدة، فلم يشعر من بها إلا وقد هجم عليهم البلد فدخله عنوة وقهرا، وأخذ كل من فيه من الفرنج أسيرا، فقتل البعض، وترك البعض، وغنم المسلمون من سوادهم وكراعهم وذخائرهم ما امتلأت منه أيديهم، وعادوا إلى بلادهم سالمين.
وقعت الفتنة بين العامة في بغداد، وسببها أن الناس لما عادوا من زيارة قبر مصعب بن الزبير اختصموا على من يدخل أولا، فاقتتلوا، وقتل بينهم جماعة، وعادت الفتن بين أهل المحال كما كانت، ثم سكنت.
هو أبو طاهر يحيى بن تميم بن المعز بن باديس الحميري الصنهاجي صاحب إفريقية وما والاها, كان من خيار الملوك، عارفا حسن السيرة، كان عادلا في دولته ضابطا لأمور رعيته، عارفا بخرجه ودخله، مدبرا في جميع ذلك على ما يوجبه النظر العقلي ويقتضيه الرأي الحكمي، وكان كثير المطالعة لكتب الأخبار والسير، عارفا بها، رحيما للضعفاء شفيقا على الفقراء، يطعمهم في الشدائد فيرفق بهم، ويقرب أهل العلم والفضل من نفسه، وساس العرب في بلاده فهابوه وانكفأت أطماعهم، وكان له نظر حسن في صناعة النجوم والأحكام، وكان حسن الوجه، وكانت ولاية الأمير يحيى بالمهدية خلافة عن أبيه تميم يوم الجمعة لأربع بقين من شهر ذي الحجة سنة 497، وكان عمره ثلاثا وأربعين سنة وستة أشهر وعشرين يوما، وركب على العادة، وأهل دولته محتفون به، ورجع إلى قصره فغير لباس أهل الدولة من الخواص والجند بخلع سنية، وكانوا قد غيروا لباسهم لموت أبيه، ووهب للأجناد والعبيد أموالا كثيرة، ولما جلس يحيى للملك قام بالأمر وعدل في الرعية وفتح قلاعا لم يتمكن أبوه من فتحها، وظهر في أيامه محمد بن تومرت الذي ادعى أنه المهدي المنتظر، واستفحل خطره, وفي هذه السنة وقف ليحيى ثلاثة غرباء، وزعموا أنهم يعملون الكيمياء، فأحضرهم ليتفرج عليهم في خلوة، وعنده قائد عسكره إبراهيم، والشريف أبو الحسن، فسل أحدهم سكينا، وضرب الملك، فما صنع شيئا، ورفسه الملك فدحرجه، ودخل مجلسا وأغلقه، وقتل الآخر الشريف، وشد إبراهيم بسيفه عليهم، ودخل المماليك، وقتلوا الثلاثة، وكانوا باطنية، وقيل إن الآمر العبيدي ندبهم لذلك.
توفي يحيى وله اثنتان وخمسون سنة, وخلف ثلاثين ولدا ذكرا, وكانت دولته ثماني سنين, وكان ولده علي نائبه على سفاقس، فأحضر وعقدت له الولاية، ودفن يحيى في القصر.