Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f704007db74beca75b87a603e53b9db7fc676f54_0.file.history.tpl.php on line 73
فارق إبراهيم ينال الموصل نحو بلاد الجبل، فنسب السلطان طغرلبك رحيله إلى العصيان، فأرسل إليه رسولا يستدعيه، وكتب الخليفة إليه أيضا كتابا في المعنى، فرجع إبراهيم إلى السلطان، وهو ببغداد، ولما فارق إبراهيم الموصل قصدها البساسيري، وقريش بن بدران، وحاصراها، فملكا البلد, وبقيت القلعة، وبها الخازن، وأردم، وجماعة من العسكر، فحاصراها أربعة أشهر حتى أكل من فيها دوابهم، فخاطب ابن موسك صاحب إربل قريشا حتى أمنهم فخرجوا، فهدم البساسيري القلعة، وعفى أثرها، وكان طغرلبك قد فرق عسكره في النوروز، وبقي جريدة -الجريدة خيل لا رجالة فيها- في ألفي فارس حين بلغه الخبر، فسار إلى الموصل فلم يجد بها أحدا، وكان قريش والبساسيري قد فارقاها، فسار طغرلبك إلى نصيبين ليتتبع آثارهم ويخرجهم من البلاد، ففارقه أخوه إبراهيم ينال، وسار نحو همذان، فوصلها في السادس والعشرين من رمضان سنة 450هـ، وكان قد قيل: إن المصريين كاتبوه والبساسيري قد استماله وأطمعه في السلطنة والبلاد، فلما عاد إلى همذان سار طغرلبك في أثره.
هو الإمام العلامة، أقضى القضاة، أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب، الماوردي البصري، شيخ الشافعية، كان من وجوه الفقهاء الشافعية ومن كبارهم، أخذ الفقه عن أبي القاسم الصيمري بالبصرة، ثم عن الشيخ أبي حامد الإسفرايني ببغداد، صاحب التصانيف الكثيرة في الأصول والفروع والتفسير والأحكام السلطانية، وأدب الدنيا والدين، قال الماوردي: "بسطت الفقه في أربعة آلاف ورقة وقد اختصرته في أربعين" قال ابن الجوزي: "يريد بالمبسوط الحاوي، وبالمختصر الإقناع" كان أديبا حليما وقورا، متأدبا لم ير أصحابه ذراعه يوما من الدهر من شدة تحرزه وأدبه، وكان ثقة صالحا، حافظا للمذهب وله فيه كتاب "الحاوي الكبير" الذي لم يطالعه أحد إلا وشهد له بالتبحر والمعرفة التامة بالمذهب.
وفوض إليه القضاء ببلدان كثيرة، واستوطن بغداد في درب الزعفراني، وروى عنه الخطيب أبو بكر صاحب "تاريخ بغداد" وقال: كان ثقة.
وله من التصانيف غير "الحاوي" "تفسير القرآن الكريم" و"النكت والعيون" و"أدب الدين والدنيا" و"الأحكام السلطانية" و"قانون الوزارة" و"سياسة الملك" و"الإقناع" في المذهب، وهو مختصر، وغير ذلك، وصنف في أصول الفقه والأدب وانتفع الناس به.
وقد ولي الحكم في بلاد كثيرة، وكان ذا حظوة عند الخليفة وعند بني بويه، توفي عن ست وثمانين سنة، ودفن بباب حرب.
وقعت زلزلة عظيمة بالعراق والموصل ووصلت إلى همذان، ولبثت ساعة، فخربت كثيرا من الدور، وهلك فيها جم غفير.
لما خرج طغرلبك من بغداد خلف أخيه إبراهيم ينال استغل الفرصة البساسيري، فلما كان يوم الأحد الثامن من ذي القعدة جاء إلى بغداد ومعه الرايات البيض المصرية العبيدية، وعلى رأسه أعلام مكتوب عليها اسم المستنصر بالله أبو تميم معد، أمير المؤمنين، فتلقاه أهل الكرخ الرافضة وسألوه أن يجتاز من عندهم، فدخل الكرخ وخرج إلى مشرعة الزاويا، فخيم بها والناس إذ ذاك في مجاعة وضر شديد، ونزل قريش بن بدران وهو شريك البساسيري في هذه الفتنة، في نحو من مائتي فارس على مشرعة باب البصرة، وكان البساسيري قد جمع العيارين وأطمعهم في نهب دار الخلافة، ونهب أهل الكرخ من الشيعة دور أهل السنة بباب البصرة، ونهبت دار قاضي القضاة الدامغاني، وتملك وهلك أكثر السجلات والكتب الحكمية، وبيعت للعطارين، ونهبت دور المتعلقين بخدمة الخليفة، وأعادت الروافض الأذان بحي على خير العمل، وأذن به في سائر نواحي بغداد في الجمعات والجماعات وخطب ببغداد للمستنصر العبيدي على منابرها، وضربت له السكة على الذهب والفضة، وحوصرت دار الخلافة، فدافع الوزير أبو القاسم بن المسلمة الملقب برئيس الرؤساء، بمن معه من المستخدمين دون دار الخلافة, فلم يفد ذلك شيئا، فركب الخليفة بالسواد والبردة، وعلى رأسه اللواء وبيده سيف مصلت، وحوله زمرة من العباسيين والجواري حاسرات عن وجوههن، ناشرات شعورهن، ومعهن المصاحف على رؤوس الرماح، وبين يديه الخدم بالسيوف، ثم إن الخليفة أخذ ذماما من أمير العرب قريش ليمنعه وأهله ووزيره ابن المسلمة، فأمنه على ذلك كله، وأنزله في خيمة، فلامه البساسيري على ذلك، وقال: قد علمت ما كان وقع الاتفاق عليه بيني وبينك، من أنك لا تبت برأي دوني، ولا أنا دونك، ومهما ملكنا بيني وبينك.
ثم إن البساسيري أخذ القاسم بن مسلمة فوبخه توبيخا مفضحا، ولامه لوما شديدا ثم ضربه ضربا مبرحا، واعتقله مهانا عنده، ونهبت العامة دار الخلافة، ثم اتفق رأي البساسيري وقريش على أن يسيروا الخليفة إلى أمير حديثة عانة، وهو مهارش بن مجلي الندوي، وهو من بني عم قريش بن بدران، وكان رجلا فيه دين وله مروءة، فلما بلغ ذلك الخليفة دخل على قريش أن لا يخرج من بغداد فلم يفد ذلك شيئا، وسيره مع أصحابهما في هودج إلى حديثة عانة، فكان عند مهارش حولا كاملا، وليس معه أحد من أهله، وأما البساسيري، وما اعتمده في بغداد، فإنه ركب يوم عيد الأضحى وألبس الخطباء والمؤذنين البياض، وكذلك أصحابه، وعلى رأسه الألوية العبيدية المصرية، وخطب للمستنصر العبيدي المصري، وانتقم البساسيري من أعيان أهل بغداد انتقاما عظيما، وغرق خلقا ممن كان يعاديه، وبسط على آخرين الأرزاق ممن كان يحبه ويواليه، وأظهر العدل، ثم إنه علق ابن المسلمة رئيس الرؤساء بكلوب في شدقيه، ورفع إلى الخشبة، إلى أن مات.