من الذي يهتدي بالقرآن؟ القرآن كتاب هداية ونور وبصيرة وبشارة
مدة
قراءة المادة :
21 دقائق
.
من الذي يهتدي بالقــرآن؟ القران كتاب هــداية ونــــور وبصـــيرة وبشـــــارة
العــناصـــــــــر:
♦ من الذي يهتدي بالقــرآن؟
♦ من قصــص المهتــدين بالقــرآن.
♦ من خصائص القرآن.
♦ من حقوق القـــرآن علينا.
♦ من الذي يهتدي بالقــرآن؟
يقول د.
محمد العبدة: "يؤكد القرآن الكريم في آيات كثيرة على دور الإنسان في التجاوب والتفهم، ومن ثمَّ الاستفادة من آيات الله المبثوثة في الكون، وآيات الله المكتوبة بين دفتي المصحف؛ الوحي؛ أي: لا بد للإنسان أن يقوم بفعل أن يتدبر، يتذكر، يخشى، يعقل، فهذه الآيات لا تعطي الثمرة المطلوبة، والتأثير المطلوب، إلا لمن يتلقاها بفهم عميق، وروح إيجابية، ﴿ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الحديد: 17]، ﴿ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ ﴾ [غافر: 13]، ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37]، ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى ﴾ [النازعات: 26]، ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]، ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 55]، ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45]، ﴿ إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ ﴾ [يس: 11].
فإياك أخي ثم إياك أن يزهِّدك في كتاب الله تعالى كثرة الزاهدين فيه، ولا كثرة المحتقرين لمن يعمل به ويدعو إليه، واعلم أن العــــاقل الكيِّس الحكيم لا يكترث بانتقاد المجانين؛ [محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان، 15].
كم من مؤمن ثابت مستمسك بطاعة ربه لما فتح قلبه للقـــرآن!
كم من عــاصٍ تــابَ إلى الله لــما تــدبر آيــات القــرآن!
كــم من حريص على الدنيا زهد فيها ورغب في الآخـــرة، عندما استنار قلبه بنور القــرآن!
وكـم ضـــــال هــــــداه القــــرآن!
بل وكم من كافر ومشرك خرج بالقــرآن من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد والإيمان!
لا تســـتغرب فالقــــــــــرآن كـــــــلام اللـــــــه.
وتأمل حــال هؤلاء الذين هداهم الله بالقرآن يستشعرون قيمة القرآن أكثر منا.
من قصــص المهتــدين بالقــرآن:
يقــــول رحيم أحد من هـداهم الله بالقـــرآن: أذكر بأني خاطبت الله قائلًا إذا ساعدتني في هذه الورطة التي أنا فيها الآن، فسوف أقلع عن كل المعاصي لمدة ثلاث أسابيع هذا كان العهد الذي قطعته مع الله!
وفي نفس اليوم قلت: سأفتح القرآن، وأقرأ منه.
وعندما فتحت القرآن، وبدأت أقرأ كأنما هناك معجزة، الآية التي قرأت معناها بالإنجليزي:
After every difficulty comes ease
﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 6].
بالنسبة لي كانت تلك معجزة؛ لأنني كنت يائسًا جدًّا، ولا أدري أين أذهب، ولا أين أهــــرب، شعرت أنني قريب من الجــنون، وآخر ما كنت أفكر فيه حينها الدين لم أكن أريد التدين وقتها؛ فأنا ما زلت أحب الدنيا، وكأنما هذه الآية كتبت لأجلي فقط، وليس لأحد سواي، لم أكن وقتها أعرف الله الإله، لكن هذا الكتاب يعرف بطريقة ما، الذي أحتاجه بالضبط في ذلك الوقت؛ لذا كانت كمعجزة.
وبعد هدايته للإسلام كــان يقرأ القرآن، وكان يحب سورة الفجر في آخر الآية: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴾ [الفجر: 27].
يقـــــول وعندما بدأت بتدبرها أَسَرَتْني بكل جوانبها، وجعلتني أفكر: ماذا لو سمعنا النــــــــداء من الله؟
﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30].
وهــذه سارة لورن بوث أسلمت بسبب آيــــــــة الصـــــــــوم، تقـــــــــول:
كنت غاضبة من الإسلام، وغاضبة من الكتاب، الذي يطلب من الناس أن يجوعوا لثلاثين يومًا، غضبت لماذا يطلب القرآن من هذه المرأة المعدمة بألَّا تشرب الماء؟ لذا سألتها لم تصومين رمضان، لماذا؟ ما الحكمة؟
♦ فقالت: أصوم في رمضان؛ لأشعر بالفقراء، وأحقق التقــوى.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].
الله أكبر! هذه المرأة التي لا تملك شيئًا من الدنيا، وربما لن تمتلك شيئًا في حياتها تروض قلبها ليتواضع وتستشعر من هم دونها!
ما هذا؟ هذه المرأة التي لم تعرف سوى المحن تريد أن تشكر الله بأن تجعل بطنها خاوية، ما هذا؟ وفكرت في تلك اللحظة: يا شيخ، إذا كان هذا هو الإسلام، فأريد أن أكون مسلمة.
المهــتدية بالقــــرآن سارة لورن بوث.
المهــتدي بالقــــرآن رامز يقـــــــــول: وعندما سمعت قول الله تعالى: ﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [البقرة: 117]، شعرت بالاندهاش، ولمدة سنتين كنت أذهب للإخوة، فأقول: اسمع هذا القول: ﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [البقرة: 117]، إنها قوة الله القـــــوي، استغرقتُ فترة طويلة لأستوعب هذا، ليس لأنني لا أفهم الدين، ليس لأنني متزعزع اليقين، أنا مؤمن الحمد لله، ولدي يقين، ولكن لأستوعب القوة: ﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [البقرة: 117] "Be and it is" ليس هناك خطأ ولا محاولة جديدة، أو شيء من هذا القبيل، بل من المرة الأولى، من المرة الأولى، ﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [البقرة: 117].
♦ والشيء المدهش في القرآن أنه يجيب على سؤال: من أنت؟ أنت الفقير بحــاجة للــــه الغـــــــــني: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15].
أنت الضـــعـيف فــلا ينبغي أن تتكـــــبر: ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ﴾ [الإسراء: 37].
أنت العـــــبد سعادتك في طــاعة خـــالقك: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾ [الانفطار: 6 - 8].
المهــتدي بالقــــرآن رامز.
تعـــــالَوا لنرى ما الذي يشغل بال إبراهيم ريس بعــــد إســــــــلامه، يقول: حتى لو نفيت إلى جزيرة يكفيني أن أكون قادرًا على أداء فرائض الإسلام بكل سهولة.
يحكي قصة إســــــلامه، فيقول:
مثلًا كان الناس يقولون: إن محمدًا أتى بهذه القصص من المحدثين، ولكن كيف لرجل عادي مثله أن يعرف بعض التفاصيل، بعض الأمور في تلك الأزمنة التي كانوا فيها، طبعًا لم يقرأ كتبهم؛ لأنه لا يعرف القراءة والكتابة، وحتى لو كان هناك من أخبره بهذه القصص، كيف تمكن من أن يتقن قواعد اللغة العربية والنحو والصرف؟ وكيف بإمكانه تغطية العديد من المواضيع التي ذكرها القرآن؛ مثل: بداية خلق الكون، وتطور جنين الإنسان، وغيرها من تلك الأمور؟
إنه أمر مستحيل تمامًا لا يوجد أحد على الإطلاق في تلك الفترة من الزمن لديه هذا الكم من المعرفة: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ *ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴾ [الحج: 5 - 7].
♦ لو أخبرت والدي في البداية أني أسلمت، كانوا سيقومون بحبسي في الغرفة، أو شيء من هذا القبيل؛ لذا وقبل أن أخبر أي أحد بأني اعتنقت الدين الإسلامي، كان يجب على الأقل أن أتعلم كيف أصلي بنفسي، كيف أقوم بأداء واجباتي وفرائضي، وذلك حتى لو نفيت إلى جزيرة، يكفيني أن أكون قادرًا على أداء فرائض الإسلام بكل سهولة.
المهــتدي بالقــرآن إبراهيم ريس.
آدم من ليفربول يهتدي بكــــــلمة قرآنية، مــــا هــــذه الكلمة؟
س: حدثني عن اللحظات أول مرة فتحت فيها القرآن.
ج: شــد انتباهي كلمة، لــم أكن أعرف معناها، ولكن كان يؤثر في، حتى إن قلبي يهتز من هذه الكلمة دائمًا، يقول: الحق، الحق، يكرر هذا في الآيات، فاستغربت من هذا.
أول ما سمعتها يمكن مرتين أو ثلاث مرات ما سألت أحدًا، لكن عندما كنت أسمعها أكثر وأكثر، سألت واحدًا: ما معنى هذه الكلمة الحق؟ قال لي: إن معنى هذه الكلمة The Truth الحق، كم مرة قــرأنا هذه الكلمة؛ كلمة الحق في القرآن؟! كم مرة سمعناها؟! كم واحدًا منا تدبر معناها؟
الحق؛ لأن الله سبحانه وتعالى يبين بأن الحق ليس أمرًا بسيطًا، بل إن الحق أمره ثقيل عند الله سبحانه وتعالى، تدبروا معي بعض الآيات التي ذكر الله سبحانه وتعالى فيها كلمة الحق: ﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ﴾ [ق: 19]، ﴿ ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ ﴾ [النبأ: 39]، الحــق اسم من أسماء الله الحسنى: ﴿ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾ [الأنعام: 62].
آيــــــات القـــــــرآن حــق:
﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ﴾ [البقرة: 252، آل عمران: 108، الجاثية: 6]، ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ [البقرة: 26].
وبالـــحق بُعث رســــــول الله: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ ﴾ [البقرة: 119]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 170]، ﴿ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [البقرة: 147]، ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴾ [البقرة: 176].
وقصص القرآن حــق:
﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 62].
ويـــوم القـيامة حــــق:
﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾ [الأنعام: 30].
إن كــنا قد عرفنا أن القـــــــرآن حق:
فما مــدى تأثير القرآن فينا؟ ماذا غيَّر القرآن من أخلاقنا؟ كيف نــــوره في قلوبنا؟ كيف أصبحت نظرتنا للدنيا؟ كيف صارت رغبتنا في الآخـــرة؟
﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ ﴾ [المائدة: 83، 84].
وانطلق آدم بعد أن عرف الحق، واتبع هذا الحق؛ فأصبح يدعو من حوله، بخاصة أمه وزوجها وأخوه من أمه، الذي كان هو أول من أسلم من أهله.
في البداية كنت متحمسًا ومليئًا بالطاقة، وإني وجدت الحق، وأعرف الحق، فكنت أريدهم يعتقدون بالإسلام بسهولة وبسرعة، كما قبلت الإسلام أنا؛ لذلك كثيرًا ما قلت لوالدتي: انظري لما هو مكتوب في القرآن هنا، إنه الصدق، نظرية الانفجار الكوني مذكورة في القرآن، علم الأجنة في القرآن، كل هذه المعجزات في القرآن.
سبحان الله! هذه حكمة من الله، كنت كثير الكلام عن الإسلام، وقليل العمل، فهذه طريقة في الدعوة غير إيجابية؛ كان صلى الله عليه وسلم على قول أمنا عائشة رضي الله تعالى عنها: ((كان خلقه القرآن))، فنريد نقرأ القرآن، ونسمع حلاوة القرآن، ونعيش القرآن كذلك، مع الأخلاق، ومع الأسلوب، خاصة عندما نتعامل مع الآخرين، خاصة إذا كنا في نعمة، وكان الآخرون في غير تلك النعمة.
آدم: أنا منعت نفسي من الكلام عن الدين مع الوالدة تمامًا، إلا في حالة واحدة، إذا هي تسألني سؤالًا أجاوب عليها فقط، أما الأسلوب، فقررت أني لن أزورها إلا بهدية، وسأحاول على قدر المستطاع أحترمها وأحبها.
وكان صعبًا عليَّ تطبيق ذلك، خاصة أنني نشأت في هذا المجتمع؛ حيث نتعلم عصيان والدينا بصورة أو بأخرى، الاستقلال عن الوالدين يعتبر ميزة في هذا المجتمع!
لذلك ركزت كثيرًا من الجهد؛ لأحقق هذا، وأظن أن هذا المفتاح الذي فتح قلبها لتدخل في الإسلام.
آدم: الحمد لله، هذا فضل من الله أن لدينا هنا في مدينتنا في بريطانيا شيخًا يعلمنا القرآن، كما نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، هذه نعمة كبيرة.
من خصائص القرآن:
1- أنه محفوظ من التحريف والضياع، والزيادة والنقصان؛ وذلك لأن الله تعالى تولى حفظه بنفسه؛ فقال تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].
2- أنه خاتم الكتب السماوية والمهيمن عليها؛ قال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 48]، والمعنى: وهو حافظ لما فيها من أصول الشرائع، وأنه شامل لما فيها، وزائد عليها، وشاهد وحاكم عليها، فما وافقه فهو حق، وما خالفه فهو إما منسوخ، أو باطل باعتباره محرفًا.
3- إعجازه والتحدي به؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88].
4- أن بكل حرف منه حسنة؛ عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفًا من كتاب الله، فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف))؛ [رواه الترمذي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح].
من حقوق القـــرآن علينا:
1- الإيمان به وبكل ما جاء فيه، وأنه كلام الله المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم، والإيمان بأنه محفوظ لا يتطرق إليك أدنى شك في ذلك؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136].
والإيمان به من أركان الإيمان؛ كما في حديث جبريل عليه السلام.
2- قراءته وحفظه؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه))؛ [رواه مسلم].
وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتقِ ورتل، كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها))؛ [رواه أبو داود والترمذي برقم 2914، وقال الترمذي: حسن صحيح].
3- العمل به:
قال تعالى: ﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [الزمر: 55].
وقال: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأنعام: 155].
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أول من يعمل بالقرآن؛ سُئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت للسائل: ((ألست تقرأ القرآن؟ قال: بلى، قالت: فإن خُلُق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن))؛ [رواه مسلم].
قال ابن مسعود رضي الله عنه: "كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن، حتى يعرف معانيهن والعمل بهن"، وقال أبو عبدالرحمن السلمي عبدالله بن حبيب، حدثنا الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرؤون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها، حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعًا.
4- تعلمه وتعليمه:
عن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))؛ [رواه البخاري].
5- تدبره وتفهمه والخشوع والبكاء عند قراءته:
قال تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾ [النساء: 82].
﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17].
وقال سبحانه: ﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ [الإسراء: 109].
قال ابن مسعود رضي الله عنه، قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ عليَّ القرآن، قلت: يا رسول الله، أأقرأ عليك وعليك أُنزل؟ قال: نعم، أحب أن أسمعه من غيري، فقرأت سورة النساء حتى أتيت على هذه الآية: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]، قال: حسبك الآن، فالتفت فإذا عيناه تذرفان))؛ [رواه مسلم].
6- الإنصات عند سماعه:
قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204].
7- الدعــــــوة به وإليه:
﴿ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الأحقاف: 29 - 31].
مِن بركة الإقبال على القرآن حسن الخاتِمِة؛ فقد مات ابن تيمية رحِمه الله، وقد وقف على قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54، 55].