Warning: Undefined array key "sirA3lam" in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchive/public_html/templates_c/de60317a0aa5dfb9a79b14e903fd786c87183139_0.file.history.tpl.php on line 73
بعد أن حقق محمد علي باشا عدة انتصارات في الحملة التي قادها بنفسه لدعم جهود ابنه طوسون في العمل على إسقاط الدولة السعودية، اضطر أن يغادر إلى مصر للقضاء على حركة تمرد استهدفت حكمه، فعين حسين باشا الأرنؤطي واليا على مكة، وأقام ابنه أحمد طوسون قائدا على القوات العسكرية في الحجاز, وبعد قضاء محمد علي على حركة التمرد في مصر استأنف حربه ضد السعوديين، فأرسل إليهم حملة عسكرية أخرى بقيادة ابنه إبراهيم باشا.
هو الأمير طامي بن شعيب المتحمي، أحد أشهر أمراء عسير في الدولة السعودية الأولى، تولى إمارة الإقليم بعد وفاة ابن عمه عبد الوهاب بن عامر «أبو نقطة» المتحمي سنة 1224هـ.
كان طامي ذا بنية صحيحة وقوية، قصيرا في بنائه ذا لحية طويلة بيضاء مهيبة، عيناه تقذفان شررا، يمتاز بروح سمحة، ومهذب تجاه رئيس الأتراك؛ ولذا كان محمد علي بعد اعتقاله غالبا ما يتحدث معه معجبا به.
أبدى طامي نشاطا كبيرا لتوطيد الحكم السعودي في عسير والمخلاف السليماني, قاد طامي عمليات عسكرية ناجحة مكنته من الاستيلاء على اللحية، ثم الحديدة في اليمن؛ وهي أقصى نقطة وصل إليها الحكم السعودي في اليمن، ومع بداية الحملات العثمانية على الجزيرة العربية التي قادها محمد علي باشا ضد الدولة السعودية الأولى كان لطامي بن شعيب مواقف بطولية، جعلت محمد علي يحسب له حسابا، كان محمد علي قد ركز بعد احتلاله لتربة على التقدم جنوبا، فاستولى على رنية، ثم بيشة، وتقدم إلى بلاد عسير لتتبع طامي، الذي احتمى في البداية ببلدته طبب في عسير، ثم غادرها وتحصن بحصن له في مسلية في وادي بيش، فأرسل محمد علي في طلبه والبحث عنه، فأدركوه متوجها إلى حصن في تهامة فيه مال وسلاح ومتاع، فغدر به حسن بن خالد الحازمي أحد الأشراف، فقبض على طامي, فقبض عليه في نهاية المطاف، فأخذه محمد علي معه مكبلا بالحديد إلى مصر، حيث أركب جملا وطيف به في شوارع القاهرة، ثم أرسل إلى الأستانة، وشهر به، ثم أعدم وصلب هناك.
جرت معركة حامية الوطيس في بلدة بسل الواقعة بين الطائف وتربة بين قوات محمد علي باشا والقوات السعودية بقيادة فيصل بن سعود, وذلك أن فيصل بن سعود لما قدم إلى الحجاز ليتولى قيادة جموع المسلمين نزل تربة واستنفر رعايا دولتهم في الحجاز، فقدم طامي بن شعيب في أهل عسير وألمع وزهران وغامد في عشرين ألفا، فلما أقبلوا على تربة وأرسلوا إلى فيصل يخبرونه بقدومهم خرج فيصل من تربة ومعه عشرة آلاف مقاتل فاجتمعوا بالقرب من بئر غزال قريب من تربة، ثم رحلوا منه إلى بسل حيث الروم (قوات محمد علي) قد اجتمعوا بعددهم وعدتهم، فنازلهم فيصل بجموعه، ووقع بينهم قتال وطراد، وقتل من الروم عدد كثير, ثم في اليوم التالي قدم محمد علي بعساكر كثيرة، ووقع قتال بين الفئتين، فثبت فيصل ومن معه ووقع كسر في ناحية غامد وزهران، ثم في قوم طامي وغيرهم، واتصلت الكسرة على جموع المسلمين لا يلوي أحد على أحد، ووقى الله شر القتل وكف أيدي الروم عنهم وعن ساقتهم, ولم يقتل إلا أقل القليل، وبعدها زحفت هذه القوات واحتلت تربة ورنية التي أصبحت فيما بعد معسكرا عاما لقوات الروم, ثم رحل محمد علي إلى بيشة ونازل أكلب، وأطاعوا له، ثم سار إلى تبالة فضربها بالمدافع والقنابر وقتل أمير الفزع و100 رجل ممن معه.
سار محمد علي بعساكره إلى بلد طامي عسير وألمع ورفيدة وغيرهم فأطاعت لهم رفيدة، وثبت طامي بن شعيب ومن معه من عسير وألمع وبني أحمر والأسمر، واستعدوا لقتال محمد علي ومحاربته, ورتب طامي جموعه ورعاياه، فجعل مع حوان عسكرا عند الطلحة- وهي عدة قرى في بلاد ربيعة رفيدة- فزحف محمد علي على الطلحة فقاتله حوان وهزمه ثم تراجع الروم وثبتوا، ووقع في قوم حوان خيانة وخذلان فانهزموا واستولى الروم على عدد من الحصون.
بينما كان طوسون باشا قائد الروم (قوات جيش محمد علي) في الحجاز يجهز للهجوم على نجد؛ إذ وصله كتاب من أهل الرس والخبراء يعرضان عليه الطاعة, فأرسل إلى عسكره في الحناكية بالسير إلى القصيم ودخول الرس والخبراء، فدخلوهما واستوطنوهما واستولوا على ما فيهما من القصيرات والمزارع,, وثبت بقية بلدان القصيم وحاربوا الروم, فلما علم بذلك عبد الله بن سعود استنفر أهل الجبل والقصيم ووادي الدواسر والأحساء وعمان وما بين ذلك من نواحي نجد، فخرج من الدرعية واجتمع بمن معه بالمذنب، ثم رحل بمن اجتمع به إلى الرويضة بالقرب من الرس، فخرج عليهم عساكر الروم وحصل رمي بالمدافع من بعيد, وذكر لعبد الله أن عسكرا من الروم نازلون على ماء بالقرب من البصير، فهجم عليهم وهم متحصنون في قصر، فقتلهم جميعا ثم عاد عبد الله إلى عنيزة ودخلها وأخذ يرسل السرايا على عساكر الروم، وندم كثير من أهل الرس على طاعتهم لطوسون، وانحاز عدة رجال منهم مع عبد الله، وظل عبد الله يصابر الروم وتقع بينهم مقاتلات ومجاولات من بعيد إلى أن طلب الروم الصلح مع عبد الله.
بعد مناوشات وقتال بين قوات طوسون باشا وقوات عبد الله بن سعود عقدت معاهدة صلح بينهما أن تضع الحرب بين الفئتين وتترك بموجبها نجد وأعماله بقبضة عبد الله, وتدخل الحجاز تحت الإدارة المصرية، وتعهد عبد الله بأن يعتبر نفسه تابعا للسلطان التركي، ووعد بالخضوع للوالي المصري في المدينة، وتعهد بتأمين سلامة الحج، والذهاب إلى استانبول والمثول أمام السلطان في حال تم استدعاؤه، وإعادة كنوز مكة, وكتبوا بذلك سجلا، ثم رحل الروم من الرس أول شعبان متوجهين إلى المدينة, فوضع طوسون حاميات في مدن الحجاز الرئيسية وعاد إلى مصر منهيا المرحلة الأولى من الحرب على الدولة السعودية الأولى بهذا الصلح الذي لم يوافق عليه والده محمد علي ولم يقره، قال الجبرتي في تاريخه: "وصلت الهجانة وأخبار ومكاتبات من الديار الحجازية بوقوع الصلح بين طوسون باشا وعبد الله بن سعود الذي تولى بعد موت أبيه كبيرا على الوهابية وأن عبد الله المذكور ترك الحروب والقتال وأذعن للطاعة، وحقن الدماء وحضر من جماعة الوهابية نحو العشرين نفرا من الأنفار إلى طوسون باشا ووصل منهم اثنان إلى مصر، فكأن الباشا محمد علي لم يعجبه هذا الصلح ولم يظهر عليه علامات الرضا بذلك، ولم يحسن نزل الواصلين، ولما اجتمعا به وخاطبهما عاتبهما على المخالفة فاعتذرا وذكرا أن الأمير سعودا المتوفى كان فيه عناد وحدة مزاج، وكان يريد الملك وإقامة الدين، وأما ابنه الأمير عبد الله فإنه لين الجانب والعريكة ويكره سفك الدماء على طريقة سلفه الأمير عبد العزيز- لعله يقصد الأمير سعودا- فإنه كان مسالما للدولة حتى إن المرحوم الوزير يوسف باشا حين كان بالمدينة كان بينه وبينه- عبد الله- غاية الصداقة ولم يقع بينهما منازعة ولا مخالفة في شيء ولم يحصل التفاقم والخلاف إلا في أيام الأمير سعود، ومعظم الأمر للشريف غالب بخلاف الأمير عبد الله؛ فإنه أحسن السير وترك الخلاف وأمن الطرق والسبل للحجاج والمسافرين، ونحو ذلك من الكلمات والعبارات المستحسنات، وانقضى المجلس وانصرفا إلى المحل الذي أمرا بالنزول فيه ومعهما بعض الترك ملازمون لصحبتهما مع اتباعهما في الركوب والذهاب والإياب؛ فإنه أطلق لهما الإذن إلى أي محل أراداه، فكانا يركبان ويمران بالشوارع بأتباعهما ومن يصحبهما ويتفرجان على البلدة وأهلها، ودخلا إلى الجامع الأزهر في وقت لم يكن به أحد من المتصدرين للإقراء والتدريس، وسألوا عن أهل مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه وعن الكتب الفقهية المصنفة في مذهبه، فقيل انقرضوا من أرض مصر بالكلية، واشتريا نسخا من كتب التفسير والحديث مثل الخازن والكشاف والبغوي والكتب الستة المجمع على صحتها وغير ذلك، وقد اجتمعت بهما مرتين فوجدت منهما أنسا وطلاقة لسان واطلاعا وتضلعا ومعرفة بالأخبار والنوادر، ولهما من التواضع وتهذيب الأخلاق وحسن الأدب في الخطاب والتفقه في الدين واستحضار الفروع الفقهية واختلاف المذاهب فيها ما يفوق الوصف".