شرح زاد المستقنع - كتاب الجهاد [3]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: عقد الذمة وأحكامها: لا يعقد لغير المجوس وأهل الكتابين ومن تبعهم، ولا يعقدها إلا الإمام أو نائبه، ولا جزية على صبي ولا امرأة ولا عبد ولا فقير يعجز عنها، ومن صار أهلاً لها أخذت منه في آخر الحول، ومتى بذلوا الواجب عليهم وجب قبوله وحرم قتالهم، ويمتهنون عند أخذها، ويطال وقوفهم وتجر أيديهم.

فصل: ويلزم الإمام أخذهم بحكم الإسلام في النفس والمال والعرض وإقامة الحدود عليهم فيما يعتقدون تحريمه دون ما يعتقدون حله، ويلزمهم التميز عن المسلمين، ولهم ركوب غير خيل بغير سرج بإكاف، ولا يجوز تصديرهم في المجالس ولا القيام لهم، ولا بداءتهم بالسلام، ويمنعون من إحداث كنائس وبيع وبناء ما انهدم منها ولو ظلماً، ومن تعلية بنيان على مسلم لا من مساواته له، ومن إظهار خمر وخنزير وناقوس وجهر بكتابهم، وإن تهود نصراني أو عكسه لم يقر ولم يقبل منه إلا الإسلام أو دينه.

فصل: فإن أبى الذمي بذل الجزية، أو التزام حكم الإسلام، أو تعدى على مسلم بقتل أو زنا أو قطع طريق أو تجسس أو إيواء جاسوس، أو ذكر الله أو رسوله أو كتابه بسوء انتقض عهده دون نسائه وأولاده، وحل دمه وماله].

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تقدم لنا ما يتعلق بقسمة الغنائم، وذكرنا كيفية قسمتها، وأن الغنيمة تخمس على ما هو المشهور من مذهب الإمام أحمد والشافعي ، وأن الخمس الأول يخمس إلى خمسة أقسام، وأما الأربعة الأخماس الباقية فتقسم بين الغانمين، وتقدم لنا كيفية قسمتها، وتقدم لنا رأي أبي حنيفة ورأي الإمام مالك رحمه الله تعالى.

وكذلك ما يتعلق بالفيء وما هو الفيء؟ وهل يخمس الفيء أو لا يخمس؟ ذكرنا رأيين في هذه المسألة، وعرفنا أن المشهور من مذهب الشافعية أن الفيء يخمس كما تخمس الغنيمة، وذكرنا كذلك ما ذهب إليه جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى، ثم ذكرنا دليله وأيضاً دليل جمهور أهل العلم.

مفهوم عقد الذمة وأدلة مشروعيته

ثم بعد ذلك قال المؤلف رحمه الله تعالى: (باب عقد الذمة وأحكامها).

لما تكلم المؤلف -رحمه الله تعالى- على أحكام الجهاد ناسب أن يتكلم على أحكام عقد الذمة، وما مناسبة ذلك؟ مناسبة ذلك أن الكفار لا يخلو أمرهم من ثلاثة أمور بعد خروج الإمام إليهم: إما أن يدخلوا في الإسلام، وإما أن يقاتلوا، وإما أن يبذلوا الجزية، وهذا هو ما يتعلق بعقد الذمة، فناسب أن يذكر أحكام عقد الذمة بعد أحكام الجهاد.

الذمة في اللغة: تطلق على معان منها: العهد، والضمان، والأمان.

وأما في الاصطلاح: فهو إقرار الكفار -وبعض العلماء يقول: إقرار بعض الكفار، لكن الصحيح إقرار الكفار- على كفرهم بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الملة.

والأصل فيها القرآن والسنة وإجماع العلماء -رحمهم الله تعالى- في الجملة.

أما القرآن فقول الله عز وجل: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29] .

وأما السنة فحديث بريدة في صحيح مسلم (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سريةً أمر عليها أميراً وأوصاه بتقوى الله عز وجل في خاصة نفسه وبمن معه من المسلمين، وأن يدعو عدوهم إلى إحدى ثلاث خلال: الإسلام أو بذل الجزية أو القتال).

وعندنا عقد ذمة، وعقد هدنة وأمان، وهذه كلها سنتعرض لها إن شاء الله، وسنبين شيئاً من الفروق المتعلقة بهذه الأشياء الثلاثة.

من يعقد عقد الذمة

قال رحمه الله: (لا يعقد لغير المجوس وأهل الكتابين ومن تبعهم).

يقول المؤلف رحمه الله: إن عقد الذمة خاص بأهل الكتابين والمجوس، وما عداهم لا تعقد لهم الذمة، وبهذا نعرف الفرق بين الأمان وبين الهدنة وبين عقد الذمة، وهو أن عقد الذمة على ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله -وهو قول الشافعي- خاص بأهل الكتاب، والمجوس، وما عداهم لا تعقد لهم، وما الذي يترتب على ذلك إذا قلنا: لا تعقد لهم الذمة؟

يترتب على ذلك إسلام أو قتال.

هذا هو المشهور من المذهب، ويستدلون على ما ذهب إليه المؤلف بأن الله سبحانه وتعالى قال: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29].

وأما المجوس فاستدلوا بحديث عبد الرحمن بن عوف (أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر).

الرأي الثاني: أن عقد الذمة ليس خاصاً بهؤلاء بل هو عام لجميع الكفار، وهذا مذهب الحنفية والمالكية، إلا أن الحنفية -رحمهم الله- يستثنون عبدة الأوثان من العرب، يقولون: لا تعقد لهم الذمة؛ لأن الحجة قامت عليهم، إما قتال أو إسلام، لكن عند المالكية: أن الذمة تعقد لجميع أصناف الكفار، ودليلهم على ذلك ما تقدم من حديث بريدة رضي الله تعالى عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سريةً وأمَّر عليها أميراً أوصاه بتقوى الله عز وجل في خاصة نفسه ومن معه من المسلمين، وأن يدعو عدوهم). وهذا يشمل أهل الكتاب وغيرهم، وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وكذلك أيضاً مما يدل لذلك ما سلف من حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه (بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر)، مع أن الآية لا تشمل.

وأما قول الله عز وجل: مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ [التوبة:29] . فنقول: بأن ذكر بعض أفراد العام بحكم يوافق العام لا يقتضي التخصيص، وهذه قاعدة أصولية.

هذا هو الفرق الأول كما ذكرنا بين الهدنة والأمان وعقد الذمة، عقد الذمة خاص على ما ذهب إليه المؤلف -رحمه الله- بأهل الكتابين والمجوس، بخلاف الأمان فهو لكل الكفار والهدنة أيضاً لكل الكفار.

من يكون له حق عقد الذمة

قال رحمه الله: (ولا يعقدها إلا إمام أو نائبه).

لا يعقد عقد الذمة إلا الإمام أو نائب الإمام؛ لأن عقد الذمة عقد مؤبد فلا يفتأت فيه على الإمام، وهذا من الفروق بين عقد الذمة والأمان، عقد الذمة خاص بالإمام أو نائبه، وكذلك أيضاً الهدنة هذه خاصة بالإمام أو نائبه، أما بالنسبة للأمان فهذا ليس خاصاً بالإمام أو نائبه، فالإمام له أن يؤمن، والأمير دون الإمام له أن يؤمن، وبقية أفراد المسلمين لهم أن يؤمنوا، ولهذا (قال النبي صلى الله عليه وسلم: أجرنا من أجرت يا أم هانئ ).

ثم بعد ذلك قال المؤلف رحمه الله تعالى: (باب عقد الذمة وأحكامها).

لما تكلم المؤلف -رحمه الله تعالى- على أحكام الجهاد ناسب أن يتكلم على أحكام عقد الذمة، وما مناسبة ذلك؟ مناسبة ذلك أن الكفار لا يخلو أمرهم من ثلاثة أمور بعد خروج الإمام إليهم: إما أن يدخلوا في الإسلام، وإما أن يقاتلوا، وإما أن يبذلوا الجزية، وهذا هو ما يتعلق بعقد الذمة، فناسب أن يذكر أحكام عقد الذمة بعد أحكام الجهاد.

الذمة في اللغة: تطلق على معان منها: العهد، والضمان، والأمان.

وأما في الاصطلاح: فهو إقرار الكفار -وبعض العلماء يقول: إقرار بعض الكفار، لكن الصحيح إقرار الكفار- على كفرهم بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الملة.

والأصل فيها القرآن والسنة وإجماع العلماء -رحمهم الله تعالى- في الجملة.

أما القرآن فقول الله عز وجل: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29] .

وأما السنة فحديث بريدة في صحيح مسلم (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سريةً أمر عليها أميراً وأوصاه بتقوى الله عز وجل في خاصة نفسه وبمن معه من المسلمين، وأن يدعو عدوهم إلى إحدى ثلاث خلال: الإسلام أو بذل الجزية أو القتال).

وعندنا عقد ذمة، وعقد هدنة وأمان، وهذه كلها سنتعرض لها إن شاء الله، وسنبين شيئاً من الفروق المتعلقة بهذه الأشياء الثلاثة.

قال رحمه الله: (لا يعقد لغير المجوس وأهل الكتابين ومن تبعهم).

يقول المؤلف رحمه الله: إن عقد الذمة خاص بأهل الكتابين والمجوس، وما عداهم لا تعقد لهم الذمة، وبهذا نعرف الفرق بين الأمان وبين الهدنة وبين عقد الذمة، وهو أن عقد الذمة على ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله -وهو قول الشافعي- خاص بأهل الكتاب، والمجوس، وما عداهم لا تعقد لهم، وما الذي يترتب على ذلك إذا قلنا: لا تعقد لهم الذمة؟

يترتب على ذلك إسلام أو قتال.

هذا هو المشهور من المذهب، ويستدلون على ما ذهب إليه المؤلف بأن الله سبحانه وتعالى قال: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29].

وأما المجوس فاستدلوا بحديث عبد الرحمن بن عوف (أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر).

الرأي الثاني: أن عقد الذمة ليس خاصاً بهؤلاء بل هو عام لجميع الكفار، وهذا مذهب الحنفية والمالكية، إلا أن الحنفية -رحمهم الله- يستثنون عبدة الأوثان من العرب، يقولون: لا تعقد لهم الذمة؛ لأن الحجة قامت عليهم، إما قتال أو إسلام، لكن عند المالكية: أن الذمة تعقد لجميع أصناف الكفار، ودليلهم على ذلك ما تقدم من حديث بريدة رضي الله تعالى عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سريةً وأمَّر عليها أميراً أوصاه بتقوى الله عز وجل في خاصة نفسه ومن معه من المسلمين، وأن يدعو عدوهم). وهذا يشمل أهل الكتاب وغيرهم، وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وكذلك أيضاً مما يدل لذلك ما سلف من حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه (بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر)، مع أن الآية لا تشمل.

وأما قول الله عز وجل: مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ [التوبة:29] . فنقول: بأن ذكر بعض أفراد العام بحكم يوافق العام لا يقتضي التخصيص، وهذه قاعدة أصولية.

هذا هو الفرق الأول كما ذكرنا بين الهدنة والأمان وعقد الذمة، عقد الذمة خاص على ما ذهب إليه المؤلف -رحمه الله- بأهل الكتابين والمجوس، بخلاف الأمان فهو لكل الكفار والهدنة أيضاً لكل الكفار.

قال رحمه الله: (ولا يعقدها إلا إمام أو نائبه).

لا يعقد عقد الذمة إلا الإمام أو نائب الإمام؛ لأن عقد الذمة عقد مؤبد فلا يفتأت فيه على الإمام، وهذا من الفروق بين عقد الذمة والأمان، عقد الذمة خاص بالإمام أو نائبه، وكذلك أيضاً الهدنة هذه خاصة بالإمام أو نائبه، أما بالنسبة للأمان فهذا ليس خاصاً بالإمام أو نائبه، فالإمام له أن يؤمن، والأمير دون الإمام له أن يؤمن، وبقية أفراد المسلمين لهم أن يؤمنوا، ولهذا (قال النبي صلى الله عليه وسلم: أجرنا من أجرت يا أم هانئ ).

قال رحمه الله: (ولا جزية على صبي ولا امرأة).

شروط صحة عقد الذمة:

الشرط الأول: أن تكون مع أهل الكتابين والمجوس كما سلف، وذكرنا الخلاف فيه.

والشرط الثاني: أن يعقدها الإمام أو نائبه.

والشرط الثالث: بذل الجزية.

والشرط الرابع: التزام أحكام الملة.

من تجب عليه الجزية

بذل الجزية شرط من شروط صحة عقد الذمة، وما هي الجزية؟

الجزية: هي مال يؤخذ من أهل الذمة كل عام مقابل إقرارهم على دينهم وترك قتلهم.

وهي واجبة على أهل الذمة كما تقدم لنا أن من شروط صحة عقد الذمة: أن يبذل الجزية، ويشترط فيمن تجب عليه شروط هي:

الشرط الأول: البلوغ، وعلى هذا لا تجب الجزية على غير البالغين، ويدل لهذا اتفاق العلماء -رحمهم الله- وإجماعهم على ذلك، ولحديث معاذ رضي الله تعالى عنه قال: (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آخذ من كل حالم ديناراً). رواه الترمذي وأبو داود ، وحسنه النسائي ، وصححه الحاكم .

الشرط الثاني: قوله: (ولا امرأة) يعني: الذكورة، وعلى هذا فالمرأة لا تجب عليها الجزية، وهذا أيضاً بالإجماع؛ لأن المرأة ليست من أهل القتال، ولا من أهل النصرة.

الشرط الثالث: العقل، فالمجنون لا تجب عليه الجزية، ودليل ذلك ما سلف أن المجنون ليس من أهل القتال.

الشرط الرابع: الحرية، فالرقيق لا تجب عليه الجزية أيضاً بالإجماع كما ذكر ابن المنذر رحمه الله؛ ولأن الرقيق لا يملك، ولا بد من القدرة وهو غير قادر.

الشرط الخامس: أن يكون من تؤخذ منه الجزية عنده قدرة على القتال، بأن يكون صحيح البدن، ولهذا لا تؤخذ الجزية ممن ليس من أهل القتال كالأعمى، وكذلك أيضاً (الزمن) الذي فيه عاهة دائمة، وكذلك أيضاً الشيخ الفاني ونحو ذلك؛ لأن هؤلاء ليسوا من أهل القتال، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، ومذهب أبي حنيفة خلافاً للمالكية.

والصحيح في هذه المسألة: أنها لا تؤخذ من هؤلاء إلا إذا كان لهم رأي بحيث أنهم يعينون الكفار على القتال برأيهم، فتؤخذ منهم الجزية.

الشرط السادس: ألا يكون راهباً، فإن كان من الرهبان هل تؤخذ منه الجزية أو لا تؤخذ منه الجزية؟ هذا موضع خلاف، والأقرب في ذلك أنه ينظر إلى حال الراهب، إن كان هذا الراهب يعين أهل دينه ببدنه أو برأيه أو بماله فتؤخذ منه الجزية، وأما إن كان لا يعين أهل دينه بل كان حبيساً في صومعته يتعبد الله عز وجل فهذا لا تؤخذ منه الجزية.

كذلك أيضاً إذا كان هذا الراهب يخالط الناس ويكتسب.. إلى آخره، فهذا تؤخذ منه الجزية.

فأصبح عندنا للراهب ثلاث حالات:

- إن كان يعين أهل دينه بالمال، أو الرأي تؤخذ منه الجزية.

- إذا كان يكتسب تؤخذ منه الجزية.

- إذا كان حبيساً في صومعته فنقول: بأن الجزية لا تؤخذ منه.

قال المؤلف رحمه الله: (ولا عبد).

هذا كما تقدم بالإجماع.

قال رحمه الله: (ولا فقير يعجز عنها).

هذا الشرط السابع أن يكون عنده قدرة مالية، فإن كان ليس عنده قدرة مالية فإنه لا تجب عليه الجزية، وهذا قول جمهور أهل العلم رحمهم الله لقول الله عز وجل: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] .

وعند الشافعية: أنه تجب عليه الجزية، وتكون ديناً في ذمته، متى استطاع فإنه يؤديها، والصواب في هذه المسألة أنه لا تجب عليه الجزية كما هو قول جمهور أهل العلم.

قال رحمه الله: (ومن صار أهلاً لها أخذت منه في آخر الحول).

هذا ما عليه أكثر أهل العلم أنها تجب في آخر الحول، وما الذي يترتب على ذلك؟ يترتب على ذلك أنه إذا أسلم فإنها تسقط عنه.

والرأي الثاني: رأي الحنفية: أنها تجب في أول الحول، وعلى هذا يطالب بها في أول الحول، لكن رأي الجمهور؛ أنها تجب في آخر الحول، وهذا القول هو الأقرب كالزكاة إذا حال الحول وجبت.

بذل الجزية شرط من شروط صحة عقد الذمة، وما هي الجزية؟

الجزية: هي مال يؤخذ من أهل الذمة كل عام مقابل إقرارهم على دينهم وترك قتلهم.

وهي واجبة على أهل الذمة كما تقدم لنا أن من شروط صحة عقد الذمة: أن يبذل الجزية، ويشترط فيمن تجب عليه شروط هي:

الشرط الأول: البلوغ، وعلى هذا لا تجب الجزية على غير البالغين، ويدل لهذا اتفاق العلماء -رحمهم الله- وإجماعهم على ذلك، ولحديث معاذ رضي الله تعالى عنه قال: (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آخذ من كل حالم ديناراً). رواه الترمذي وأبو داود ، وحسنه النسائي ، وصححه الحاكم .

الشرط الثاني: قوله: (ولا امرأة) يعني: الذكورة، وعلى هذا فالمرأة لا تجب عليها الجزية، وهذا أيضاً بالإجماع؛ لأن المرأة ليست من أهل القتال، ولا من أهل النصرة.

الشرط الثالث: العقل، فالمجنون لا تجب عليه الجزية، ودليل ذلك ما سلف أن المجنون ليس من أهل القتال.

الشرط الرابع: الحرية، فالرقيق لا تجب عليه الجزية أيضاً بالإجماع كما ذكر ابن المنذر رحمه الله؛ ولأن الرقيق لا يملك، ولا بد من القدرة وهو غير قادر.

الشرط الخامس: أن يكون من تؤخذ منه الجزية عنده قدرة على القتال، بأن يكون صحيح البدن، ولهذا لا تؤخذ الجزية ممن ليس من أهل القتال كالأعمى، وكذلك أيضاً (الزمن) الذي فيه عاهة دائمة، وكذلك أيضاً الشيخ الفاني ونحو ذلك؛ لأن هؤلاء ليسوا من أهل القتال، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، ومذهب أبي حنيفة خلافاً للمالكية.

والصحيح في هذه المسألة: أنها لا تؤخذ من هؤلاء إلا إذا كان لهم رأي بحيث أنهم يعينون الكفار على القتال برأيهم، فتؤخذ منهم الجزية.

الشرط السادس: ألا يكون راهباً، فإن كان من الرهبان هل تؤخذ منه الجزية أو لا تؤخذ منه الجزية؟ هذا موضع خلاف، والأقرب في ذلك أنه ينظر إلى حال الراهب، إن كان هذا الراهب يعين أهل دينه ببدنه أو برأيه أو بماله فتؤخذ منه الجزية، وأما إن كان لا يعين أهل دينه بل كان حبيساً في صومعته يتعبد الله عز وجل فهذا لا تؤخذ منه الجزية.

كذلك أيضاً إذا كان هذا الراهب يخالط الناس ويكتسب.. إلى آخره، فهذا تؤخذ منه الجزية.

فأصبح عندنا للراهب ثلاث حالات:

- إن كان يعين أهل دينه بالمال، أو الرأي تؤخذ منه الجزية.

- إذا كان يكتسب تؤخذ منه الجزية.

- إذا كان حبيساً في صومعته فنقول: بأن الجزية لا تؤخذ منه.

قال المؤلف رحمه الله: (ولا عبد).

هذا كما تقدم بالإجماع.

قال رحمه الله: (ولا فقير يعجز عنها).

هذا الشرط السابع أن يكون عنده قدرة مالية، فإن كان ليس عنده قدرة مالية فإنه لا تجب عليه الجزية، وهذا قول جمهور أهل العلم رحمهم الله لقول الله عز وجل: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] .

وعند الشافعية: أنه تجب عليه الجزية، وتكون ديناً في ذمته، متى استطاع فإنه يؤديها، والصواب في هذه المسألة أنه لا تجب عليه الجزية كما هو قول جمهور أهل العلم.

قال رحمه الله: (ومن صار أهلاً لها أخذت منه في آخر الحول).

هذا ما عليه أكثر أهل العلم أنها تجب في آخر الحول، وما الذي يترتب على ذلك؟ يترتب على ذلك أنه إذا أسلم فإنها تسقط عنه.

والرأي الثاني: رأي الحنفية: أنها تجب في أول الحول، وعلى هذا يطالب بها في أول الحول، لكن رأي الجمهور؛ أنها تجب في آخر الحول، وهذا القول هو الأقرب كالزكاة إذا حال الحول وجبت.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] 2814 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] 2723 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] 2674 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] 2638 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] 2636 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] 2553 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] 2547 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] 2523 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] 2517 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] 2492 استماع