شرح سنن أبي داود [251]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (أشهد على طلاقها وعلى رجعتها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرجل يراجع ولا يشهد.

حدثنا بشر بن هلال أن جعفر بن سليمان حدثهم عن يزيد الرشك عن مطرف بن عبد الله أن عمران بن حصين رضي الله عنهما سئل عن الرجل يطلق امرأته ثم يقع بها ولم يشهد على طلاقها ولا على رجعتها فقال: (طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة، أشهد على طلاقها وعلى رجعتها ولا تعد) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى [ باب الرجل يراجع ولا يشهد ] أي: ما حكم ذلك؟

حكم ذلك أنه صحيح، ولكن يشهد الإنسان فيما بعد، وليس بلازم أن يكون الإشهاد عند المراجعة؛ لأن المراجعة قد تكون بالجماع، فإذا طلق زوجته ثم جامعها في عدتها فقد حصلت الرجعة، والإشهاد يكون فيما بعد؛ إذ لا تتوقف المراجعة على الإشهاد، بل المراجعة تحصل بدون إشهاد، ولكن عليه أن يشهد.

وقد سبق أن مر في حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يراجعها وما جاء فيه أنه يشهد، وقد أورد أبو داود رحمه الله في حديث عمران بن حصين رضي الله عنه أنه سئل عن ذلك فقال: [ (طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة، أشهد على طلاقها وعلى رجعتها ولا تعد) ] أي: لا تعد إلى مثل هذا العمل، فهذا يدل على أن الإشهاد يمكن أن يتدارك، وأنه لا يلزم أن يكون عند الطلاق ولا عند الرجعة، بل قد يطلق ثم يشهد، ويراجع ثم يشهد، وقد تكون المراجعة بالجماع؛ لأن جماع الرجل امرأته المطلقة وهي في حال عدتها مراجعة لها، وقد تكون باللفظ، لكن الإشهاد مطلوب؛ وذلك حتى يعلم أن الطلاق انتهى بالرجعة، وكذلك الطلاق.

وقد جاء الأمر بالإشهاد في القرآن الكريم، وقد قال بوجوبه بعض أهل العلم، ولكن ليس لازماً أن يكون عند الطلاق، بل إذا طلق فطلاقه معتبر، وعليه أن يشهد بعد ذلك.

تراجم رجال إسناد حديث: ( أشهد على طلاقها وعلى رجعتها )

قوله: [ حدثنا بشر بن هلال ].

بشر بن هلال ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ أن جعفر بن سليمان حدثهم ].

جعفر بن سليمان صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن يزيد الرشك ].

هو يزيد بن أبي يزيد لقبه الرشك ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مطرف بن عبد الله ].

هو مطرف بن عبد الله بن الشخير ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أن عمران بن حصين ].

هو عمران بن حصين أبو نجيد رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرجل يراجع ولا يشهد.

حدثنا بشر بن هلال أن جعفر بن سليمان حدثهم عن يزيد الرشك عن مطرف بن عبد الله أن عمران بن حصين رضي الله عنهما سئل عن الرجل يطلق امرأته ثم يقع بها ولم يشهد على طلاقها ولا على رجعتها فقال: (طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة، أشهد على طلاقها وعلى رجعتها ولا تعد) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى [ باب الرجل يراجع ولا يشهد ] أي: ما حكم ذلك؟

حكم ذلك أنه صحيح، ولكن يشهد الإنسان فيما بعد، وليس بلازم أن يكون الإشهاد عند المراجعة؛ لأن المراجعة قد تكون بالجماع، فإذا طلق زوجته ثم جامعها في عدتها فقد حصلت الرجعة، والإشهاد يكون فيما بعد؛ إذ لا تتوقف المراجعة على الإشهاد، بل المراجعة تحصل بدون إشهاد، ولكن عليه أن يشهد.

وقد سبق أن مر في حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يراجعها وما جاء فيه أنه يشهد، وقد أورد أبو داود رحمه الله في حديث عمران بن حصين رضي الله عنه أنه سئل عن ذلك فقال: [ (طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة، أشهد على طلاقها وعلى رجعتها ولا تعد) ] أي: لا تعد إلى مثل هذا العمل، فهذا يدل على أن الإشهاد يمكن أن يتدارك، وأنه لا يلزم أن يكون عند الطلاق ولا عند الرجعة، بل قد يطلق ثم يشهد، ويراجع ثم يشهد، وقد تكون المراجعة بالجماع؛ لأن جماع الرجل امرأته المطلقة وهي في حال عدتها مراجعة لها، وقد تكون باللفظ، لكن الإشهاد مطلوب؛ وذلك حتى يعلم أن الطلاق انتهى بالرجعة، وكذلك الطلاق.

وقد جاء الأمر بالإشهاد في القرآن الكريم، وقد قال بوجوبه بعض أهل العلم، ولكن ليس لازماً أن يكون عند الطلاق، بل إذا طلق فطلاقه معتبر، وعليه أن يشهد بعد ذلك.

قوله: [ حدثنا بشر بن هلال ].

بشر بن هلال ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ أن جعفر بن سليمان حدثهم ].

جعفر بن سليمان صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن يزيد الرشك ].

هو يزيد بن أبي يزيد لقبه الرشك ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مطرف بن عبد الله ].

هو مطرف بن عبد الله بن الشخير ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أن عمران بن حصين ].

هو عمران بن حصين أبو نجيد رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث ابن عباس في طلاق المملوك

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في سنة طلاق العبد.

حدثنا زهير بن حرب حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا علي بن المبارك حدثني يحيى بن أبي كثير أن عمر بن معتب أخبره أن أبا حسن مولى بني نوفل أخبره أنه استفتى ابن عباس رضي الله عنهما في مملوك كانت تحته مملوكة فطلقها تطليقتين، ثم عتق بعد ذلك هل يصلح له أن يخطبها؟ قال: (نعم. قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [ باب في سنة طلاق العبد ].

أي: كيف يطلق العبد؟ وما هي السنة في حقه؟ وكم هي التطليقات التي تكون له؟ فالتطليقات التي تكون للعبد اثنتان؛ لأنه ليس كالحر، وقد جاء في القرآن فيما يتعلق بالحد أن على العبيد نصف ما على الأحرار من العقوبة، فكذلك فيما يتعلق بعدد تطليقات العبد يكون على النصف من الحر، وجبروا النصف فصارت له من التطليقات اثنتين، وكذلك الأقراء بالنسبة للأمة حيضتان مع جبر الكسر.

والحديث الذي أورده أبو داود فيما يتعلق بطلاق العبد ضعيف، ولكن جاء عن بعض الصحابة -مثل عمر وابنه رضي الله تعالى عنهما- أن العبد له تطليقتان، وذلك مبني على ما جاء في العقوبة أنها على النصف.

وأورد أبو داود هذا الحديث عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه استفتاه رجل في أن عبداً طلق زوجته المملوكة تطليقتين، ثم إنهما عتقا بعد ذلك، فهل يصلح له أن يخطبها؟

فقال: [ (نعم. قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم) ] ومعناه أنه يصير له ثلاث تطليقات فيكون قد أمضى ثنتين ثم يضيف إليها الثالثة.

والحديث غير ثابت؛ لأن فيه من هو ضعيف، ولكن الشيء الذي هو معتبر وعليه العلماء أن له تطليقتين وأن الأمة عدتها حيضتان.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في طلاق المملوك

قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ].

هو زهير بن حرب أبو خيثمة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا يحيى بن سعيد ].

هو يحيى بن سعيد القطان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا علي بن المبارك ].

علي بن المبارك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثني يحيى بن أبي كثير ].

هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أنَّ عمر بن معتب ].

عمر بن معتب ضعيف، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ أن أبا حسن مولى بني نوفل ].

أبو الحسن مولى بني نوفل مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ أنه استفتى ابن عباس ].

هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث فتوى ابن عباس في طلاق المملوك من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا علي بإسناده ومعناه بلا إخبار، قال ابن عباس رضي الله عنهما: (بقيت لك واحدة، قضى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) ].

هذه طريق أخرى فيها توضيح ما في الرواية السابقة التي فيها أن له أن يخطبها، وهذا فيه تصريح بأنه بقي له واحدة.

فالإسناد هو نفس الإسناد من عند علي بن المبارك ومن بعده، إلا أنه يختلف عن الذي قبله أنه ليس فيه إخبار؛ لأن الإسناد الذي قبله يقول فيه علي بن المبارك : [ أخبرنا يحيى بن كثير ] فهنا روى بالعنعنة، وفيه هذه الزيادة التي هي [ بقيت لك واحدة ] والمقبول والضعيف موجودان في هذا الإسناد كما أنهما موجودان في الإسناد الأول؛ لأنه قال: [ بإسناده ومعناه ].

تراجم رجال إسناد حديث فتوى ابن عباس في طلاق المملوك من طريق ثانية

قوله: [ حدثنا محمد بن المثنى ].

هو محمد بن المثنى أبو موسى العنزي الملقب بـالزمن ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عثمان بن عمر ].

عثمان بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا علي بإسناده ومعناه ].

علي هو ابن المبارك ، ومعنى قوله: [ بإسناده ] أي: بالإسناد بعد علي [ ومعناه ] أي: معنى المتن. إلا أن الإسناد في هذه الطريق الثانية جاء بالعنعنة في رواية علي عن يحيى بن أبي كثير ، والرواية السابقة هي بالإخبار.

إنكار علي بن المبارك على أبي الحسن روايته عن ابن عباس في طلاق المملوك

[ قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل قال: قال عبد الرزاق : قال ابن المبارك لـمعمر : من أبو الحسن هذا؟! لقد تحمل صخرة عظيمة ].

قوله: [ لقد تحمل صخرة عظيمة ] يعني أنه أتى بشيء عظيم انفرد به، وهو كون العبد إذا طلق طلقتين ثم عتق فقد بقيت له واحدة، وهذا المقصود منه الإنكار، وبيان أن هذا شيء منكر، ومعلوم أن أبا الحسن مقبول، والذي قبله ضعيف، فكل منهما يعل به الحديث.

[ قال أبو داود : أبو الحسن هذا روى عنه الزهري ، قال الزهري : وكان من الفقهاء، روى الزهري عن أبي الحسن أحاديث ].

هذا فيه إشارة إلى أن أبا الحسن له رواية، وقال عنه الحافظ في التقريب: إنه مقبول، والمقبول هو الذي يعتبر حديثه عند المتابعة والاعتضاد، والحديث فيه علة أخرى، وهي الشخص الذي يروي عن أبي الحسن ، فهو ضعيف وليس بحجة.

حكم العمل بفتوى ابن عباس في طلاق المملوك

[ قال أبو داود : أبو الحسن معروف، وليس العمل على هذا الحديث ].

أي: ليس العمل على هذا الحديث الذي قال علي بن المبارك عن راويه: [ لقد تحمل صخرة عظيمة ] يعني أنه أتى بشيء عظيم، وأتى بشيء انفرد به، والعمل ليس عليه، وإنما على أن العبد له تطليقتان، وأنه بعد تطليقتين لا بد من أن تنكح زوجاً بعده ولا تحل له إلا بعد ذلك، وأما الحر فهو الذي له ثلاث تطليقات وتحل له بعد الثلاث إذا تزوجها زوج زواج رغبة ثم طلقها، فالعبد تعود إليه بعد تطليقتين بعد أن تنكح زوجاً غيره، والحر بعد ثلاث بعد أن تنكح زوجاً غيره.

شرح حديث: ( طلاق الأمة تطليقتان وقرؤها حيضتان )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن مسعود حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن مظاهر عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (طلاق الأمة تطليقتان، وقرؤها حيضتان) ].

أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (طلاق الأمة تطليقتان، وقرؤها حيضتان) ].

يعني أنها تطلق تطليقتين، والعدة حيضتان، ويجبر الكسر، وذلك أنها على النصف من طلاق الحرة وعدتها، فكان الأصل هو طلقة ونصف، وفي العدة قرء ونصف، ثم جبر الكسر في الطلاق وفي العدة فصار طلاقها طلقتين، وعدتها حيضتين.

قال العلماء: إن الحكم في الطلاق مناط بالرجال، فالعبد له تطليقتان والحر له ثلاث، ولا ينظر بعد ذلك إلى النساء، والحكم في العدة مناط بالنساء، ولا ينظر إلى حق الأزواج، فالنظر بالنسبة للطلاق هو للرجال، وذلك أن الرجل إذا كان حراً فإنه يطلق ثلاث طلقات، سواءً كان عنده حرة أم أمة، والعبد يطلق تطليقتين، وفي العدة ينظر إلى المرأة ولا ينظر إلى الزوج، سواء أكان الزوج حراً أم عبداً، فالأمة تعتد بحيضتين، سواء طلقها حرٌ أم عبد، والحرة تعتد بثلاث حيض.

تراجم رجال إسناد حديث: ( طلاق الأمة تطليقتان وقرؤها حيضتان )

قوله: [ حدثنا محمد بن مسعود ].

محمد بن مسعود ثقة، أخرج له أبو داود .

[ حدثنا أبو عاصم ].

هو أبو عاصم النبيل ، وهو الضحاك بن مخلد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن جريج ].

هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مظاهر ].

مظاهر ضعيف، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .

[ عن القاسم بن محمد ].

هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عائشة ].

هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: ( طلاق الأمة تطليقتان ) من طريق ثانية وتراجم رجاله

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال أبو عاصم : حدثني مظاهر حدثني القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثله، إلا أنه قال: (وعدتها حيضتان).

قال أبو داود : وهو حديث مجهول ].

أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وهو بمعنى الأول، إلا أنه قال: [ (وعدتها حيضتان) ].

قوله: [ قال أبو داود : وهو حديث مجهول ].

أي أنه حديث لا يصح؛ لأن فيه ذلك الرجل الضعيف.

وهذا الحديث معلق؛ لقوله: [ قال أبو عاصم ].

والحديث وإن كان ضعيفاً إلا أن العمل على ما جاء عن الصحابة كـعمر وابن عمر ، وهو مبني على التنصيف في الحدود.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في سنة طلاق العبد.

حدثنا زهير بن حرب حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا علي بن المبارك حدثني يحيى بن أبي كثير أن عمر بن معتب أخبره أن أبا حسن مولى بني نوفل أخبره أنه استفتى ابن عباس رضي الله عنهما في مملوك كانت تحته مملوكة فطلقها تطليقتين، ثم عتق بعد ذلك هل يصلح له أن يخطبها؟ قال: (نعم. قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [ باب في سنة طلاق العبد ].

أي: كيف يطلق العبد؟ وما هي السنة في حقه؟ وكم هي التطليقات التي تكون له؟ فالتطليقات التي تكون للعبد اثنتان؛ لأنه ليس كالحر، وقد جاء في القرآن فيما يتعلق بالحد أن على العبيد نصف ما على الأحرار من العقوبة، فكذلك فيما يتعلق بعدد تطليقات العبد يكون على النصف من الحر، وجبروا النصف فصارت له من التطليقات اثنتين، وكذلك الأقراء بالنسبة للأمة حيضتان مع جبر الكسر.

والحديث الذي أورده أبو داود فيما يتعلق بطلاق العبد ضعيف، ولكن جاء عن بعض الصحابة -مثل عمر وابنه رضي الله تعالى عنهما- أن العبد له تطليقتان، وذلك مبني على ما جاء في العقوبة أنها على النصف.

وأورد أبو داود هذا الحديث عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه استفتاه رجل في أن عبداً طلق زوجته المملوكة تطليقتين، ثم إنهما عتقا بعد ذلك، فهل يصلح له أن يخطبها؟

فقال: [ (نعم. قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم) ] ومعناه أنه يصير له ثلاث تطليقات فيكون قد أمضى ثنتين ثم يضيف إليها الثالثة.

والحديث غير ثابت؛ لأن فيه من هو ضعيف، ولكن الشيء الذي هو معتبر وعليه العلماء أن له تطليقتين وأن الأمة عدتها حيضتان.

قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ].

هو زهير بن حرب أبو خيثمة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا يحيى بن سعيد ].

هو يحيى بن سعيد القطان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا علي بن المبارك ].

علي بن المبارك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثني يحيى بن أبي كثير ].

هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أنَّ عمر بن معتب ].

عمر بن معتب ضعيف، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ أن أبا حسن مولى بني نوفل ].

أبو الحسن مولى بني نوفل مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ أنه استفتى ابن عباس ].

هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا علي بإسناده ومعناه بلا إخبار، قال ابن عباس رضي الله عنهما: (بقيت لك واحدة، قضى به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) ].

هذه طريق أخرى فيها توضيح ما في الرواية السابقة التي فيها أن له أن يخطبها، وهذا فيه تصريح بأنه بقي له واحدة.

فالإسناد هو نفس الإسناد من عند علي بن المبارك ومن بعده، إلا أنه يختلف عن الذي قبله أنه ليس فيه إخبار؛ لأن الإسناد الذي قبله يقول فيه علي بن المبارك : [ أخبرنا يحيى بن كثير ] فهنا روى بالعنعنة، وفيه هذه الزيادة التي هي [ بقيت لك واحدة ] والمقبول والضعيف موجودان في هذا الإسناد كما أنهما موجودان في الإسناد الأول؛ لأنه قال: [ بإسناده ومعناه ].




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2884 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2834 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2829 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2724 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2694 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2687 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2672 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2670 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2650 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2640 استماع