شرح سنن أبي داود [529]


الحلقة مفرغة

شرح حديث العمل على ما خلا ومضى من القدر

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن عثمان بن غياث قال: حدثني عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن قالا: لقينا عبد الله بن عمر فذكرنا له القدر وما يقولون فيه، فذكر نحوه زاد قال: (وسأله رجل من مزينة أو جهينة فقال: يا رسول الله! فيم نعمل، أفي شيء قد خلا أو مضى أو في شيء يستأنف الآن؟ قال: في شيء قد خلا ومضى. فقال الرجل أو بعض القوم: ففيم العمل؟ قال: إن أهل الجنة ييسرون لعمل أهل الجنة، وإن أهل النار ييسرون لعمل أهل النار) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث جبريل من طريق أخرى وفيه الزيادة أن رجلاً من مزينة أو من جهينة سأله عن القدر فقال: (أفي شيء قد خلا أو مضى أو في شيء يستأنف الآن؟ قال: في شيء قد خلا ومضى). يعني: أن الناس يعملون في شيء سبق به علم الله وتقديره وكتابته ومشيئته، فقيل: (ففيم العمل؟) وهذا مثل ما جاء في حديث علي الذي مر قريباً وفيه أنهم قالوا: (أنتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: لا. اعملوا فكل ميسر، أهل السعادة ييسرون للسعادة، وأهل الشقاوة ييسرون للشقاوة)، ومعنى ذلك: أن الناس لا يتركون العمل بناءً على أنه سبق القضاء والقدر بما هم صائرون إليه -فإن الله تعالى قدر ما هم صائرون إليه، وقدر الأسباب التي توصل إليه- بل يأخذون بالأسباب التي قدرها الله عز وجل، والغايات تأتي بعد وجود السبب الذي قدره الله عز وجل من العمل الصالح أو العمل السيئ، فمن عمل صالحاً انتهى إلى نهاية حسنة، ويسر لعمل أهل السعادة، ومن عمل بخلاف ذلك انتهى نهاية سيئة، ويسر لعمل أهل الشقاوة والعياذ بالله!

تراجم رجال إسناد حديث العمل على ما خلا ومضى من القدر

قوله: [ حدثنا مسدد ].

هو مسدد بن مسرهد البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.

[ حدثنا يحيى ].

هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عثمان بن غياث ].

عثمان بن غياث ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثني عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن ].

هنا حميد بن عبد الرحمن يشارك يحيى بن يعمر في الرواية، والرواية السابقة هي من لفظ يحيى بن يعمر ، وحميد بن عبد الرحمن الحميري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ لقينا عبد الله بن عمر ].

عبد الله بن عمر مر ذكره.

شرح حديث جبريل في مراتب الدين بزيادة (والاغتسال من الجنابة) في تفسير النبي للإسلام

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمود بن خالد حدثنا الفريابي عن سفيان قال: حدثنا علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن ابن يعمر بهذا الحديث يزيد وينقص قال: (فما الإسلام؟ قال: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم شهر رمضان، والاغتسال من الجنابة).

قال أبو داود : علقمة مرجئ ] .

أورد أبو داود حديث ابن عمر من طريق أخرى وفيه أنه فسر الإسلام (بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم شهر رمضان والاغتسال من الجنابة).

الاغتسال من الجنابة هي زيادة على ما جاء في الحديث، والحديث جاء فيه زيادات عن عمر وعن أبي هريرة ، وكذلك عن غيرهم.

وإسناد هذا الحديث صحيح، رجاله كلهم ثقات، فإذاً هو صحيح، وهناك زيادات أخرى جاءت في طرق أخرى، وقد ذكر الحافظ ابن حجر تلك الزيادات التي جاءت في مختلف الأحاديث، وكذلك ابن رجب في شرح الحديث في جامع العلوم والحكم.

تراجم رجال إسناد حديث جبريل في مراتب الدين بزيادة (والاغتسال من الجنابة) في تفسير النبي للإسلام

قوله: [ حدثنا محمود بن خالد ].

هو محمود بن خالد الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا الفريابي ].

هو محمد بن يوسف الفريابي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سفيان ].

هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا علقمة بن مرثد ].

وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سليمان بن بريدة ].

وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن .

[ عن ابن يعمر في هذا الحديث يزيد وينقص ].

هو يحيى بن يعمر .

[ قال أبو داود : علقمة مرجئ ].

يعني: أنه ينسب إلى الإرجاء.

شرح حديث جبريل في مراتب الدين مع زيادة: اتخاذ النبي مكاناً مرتفعاً يجلس عليه ليعرفه الغريب

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن أبي فروة الهمداني عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي ذر وأبي هريرة قالا: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهري أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل، فطلبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعل له مجلساً يعرفه الغريب إذا أتاه قال: فبنينا له دكاناً من الطين، فجلس عليه وكنا نجلس بجنبتيه، وذكر نحو هذا الخبر، فأقبل رجل فذكر هيئته، حتى سلم من طرف السماط فقال: السلام عليك يا محمد قال: فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم) ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة وأبي ذر رضي الله تعالى عنهما، وما تقدم من طرق فهي لحديث عمر رضي الله تعالى عنه، وأما هذا فهو عن أبي ذر وعن أبي هريرة ، وأبو هريرة خرج حديثه البخاري أيضاً كما خرجه مسلم ؛ لأن حديث جبريل متفق عليه من حديث أبي هريرة ، وهو من أفراد مسلم من حديث عمر ، وقد شرح الحافظ ابن حجر حديث أبي هريرة شرحاً مطولاً في كتاب الإيمان، والإمام النووي رحمه الله لما ألف كتابه الأربعين النووية جعل أول حديث فيه أول حديث في البخاري ، وثاني حديث فيه أول حديث في صحيح مسلم ، فالحديث الأول والثاني هما أول ما في الصحيحين، فحديث عمر (إنما الأعمال بالنيات) أول حديث في صحيح البخاري ، وحديث عمر الذي هو حديث جبريل أول حديث في صحيح مسلم .

قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهري أصحابه فيجيء الغريب فلا يدري أيهم هو حتى يسأل، فطلبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعل له مجلساً يعرفه الغريب إذا أتاه) ].

أي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين أصحابه غير متميز عنهم، وإذا أتى شخص غريب لا يعرف الرسول صلى الله عليه وسلم لم يميز من هو الرسول صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الجالسين، فعرض عليه أصحابه أن يبنوا له مكاناً مرتفعاً يجلس عليه حتى يعرف أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحتى لا يلتبس على الناس، فوافق على ذلك فبنوا له دكاناً، أي: دكة من الطين، وهو مكان مرتفع، فكان يجلس عليه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

وجلوسه مع أصحابه بحيث لا يعرف يعد من تواضعه وكمال خلقه صلى الله عليه وسلم، فرأى أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم أن المصلحة أن يتميز حتى إذا أتى الغريب عرف الرسول صلى الله عليه وسلم من أول وهلة، فكان من شأنهم أن عرضوا عليه، وهذا من أدبهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فإنهم ما أقدموا على ذلك دون إذن، ولكنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الشيء وعرضوه عليه فأجابهم، فبنوا له دكاناً من الطين يجلس عليه وهم يجلسون حوله حتى يعرفه الغريب.

وفي هذا دليل على جواز كون المعلم يكون على مكان مرتفع كالكرسي أو غيره من أجل أن يكون بارزاً وأن يراه الجميع ويتمكنوا من الاستفادة منه.

قوله: [ (حتى سلم من طرف السماط) ].

يعني: المجلس، وهذا فيه دليل على أنه قد سلم، وأن ما جاء في بعض الروايات من عدم ذكر السلام لا يدل على عدمه؛ فيكون بعضهم ذكر ما لم يذكره الآخر، وأتى بما لم يأت به الآخر، فيكون كل ذلك معتبراً، ويكون كل ذلك ثابتاً مادام أنه جاء من طريق صحيح، فلا يقال: إن الرواية التي جاء فيها عدم ذكر السلام تدل على أن السلام لم يحصل، بل قد ثبت في بعض الطرق ما يدل على أن السلام قد وجد فيكون ذلك من فعل بعض الرواة إما لكونه لم يعرف ذلك، أو لكونه اختصر الحديث، فلم يذكر كل ما جاء فيه.

قوله: (فقال: السلام عليك يا محمد، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم) ]

جاء بلفظ: (السلام عليك يا محمد) ولا يبعد أن يكون سلم سلاماً عاماً، ثم سلم سلاماً خاصاً.

تراجم رجال إسناد حديث جبريل في مراتب الدين مع زيادة: اتخاذ النبي مكاناً مرتفعاً يجلس عليه ليعرفه الغريب

قوله: [ عثمان بن أبي شيبة ].

عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.

[ حدثنا جرير ].

هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي فروة الهمداني ].

هو عروة بن الحارث، وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ].

وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي ذر وأبي هريرة ].

أبو ذر هو جندب بن جنادة رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

وأبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن عثمان بن غياث قال: حدثني عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن قالا: لقينا عبد الله بن عمر فذكرنا له القدر وما يقولون فيه، فذكر نحوه زاد قال: (وسأله رجل من مزينة أو جهينة فقال: يا رسول الله! فيم نعمل، أفي شيء قد خلا أو مضى أو في شيء يستأنف الآن؟ قال: في شيء قد خلا ومضى. فقال الرجل أو بعض القوم: ففيم العمل؟ قال: إن أهل الجنة ييسرون لعمل أهل الجنة، وإن أهل النار ييسرون لعمل أهل النار) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث جبريل من طريق أخرى وفيه الزيادة أن رجلاً من مزينة أو من جهينة سأله عن القدر فقال: (أفي شيء قد خلا أو مضى أو في شيء يستأنف الآن؟ قال: في شيء قد خلا ومضى). يعني: أن الناس يعملون في شيء سبق به علم الله وتقديره وكتابته ومشيئته، فقيل: (ففيم العمل؟) وهذا مثل ما جاء في حديث علي الذي مر قريباً وفيه أنهم قالوا: (أنتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: لا. اعملوا فكل ميسر، أهل السعادة ييسرون للسعادة، وأهل الشقاوة ييسرون للشقاوة)، ومعنى ذلك: أن الناس لا يتركون العمل بناءً على أنه سبق القضاء والقدر بما هم صائرون إليه -فإن الله تعالى قدر ما هم صائرون إليه، وقدر الأسباب التي توصل إليه- بل يأخذون بالأسباب التي قدرها الله عز وجل، والغايات تأتي بعد وجود السبب الذي قدره الله عز وجل من العمل الصالح أو العمل السيئ، فمن عمل صالحاً انتهى إلى نهاية حسنة، ويسر لعمل أهل السعادة، ومن عمل بخلاف ذلك انتهى نهاية سيئة، ويسر لعمل أهل الشقاوة والعياذ بالله!

قوله: [ حدثنا مسدد ].

هو مسدد بن مسرهد البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.

[ حدثنا يحيى ].

هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عثمان بن غياث ].

عثمان بن غياث ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثني عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن ].

هنا حميد بن عبد الرحمن يشارك يحيى بن يعمر في الرواية، والرواية السابقة هي من لفظ يحيى بن يعمر ، وحميد بن عبد الرحمن الحميري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ لقينا عبد الله بن عمر ].

عبد الله بن عمر مر ذكره.




استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2882 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2832 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2828 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2723 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2692 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2671 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2669 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2649 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2639 استماع
شرح سنن أبي داود [024] 2626 استماع