مصادر التشريع الإسلامي


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فإن الله عز وجل قد خلق هذه البشرية ولم يتركها سدى، بل أرسل إليها الرسل لإقامة الحجة عليها: رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لأَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء:165].

وكان في كل فترة يرسل رسولاً بشرع يتناسب مع مستوى أهل تلك الفترة، مستوى معاشهم، ومستوى ثقافتهم ومستوى حضارتهم، ولم تزل البشرية في تطور مضطرب، وفي كل فترة يأتيها رسول بشريعة ناسخة للتي قبلها، ويأتي بمعجزة أيضاً مناسبة لحضارة ذلك العصر تقوم بها الحجة على كل من رآها، أو من نقلت إليه بالتواتر, إلى أن وصلت البشرية إلى نضجها واكتملت أطوار تطورها، فمكثت فترة من الرسل تتجول بين الأفكار والنظريات السابقة وبين التجارب التي قد خاضتها فلم يبقَ لها إلا الرجوع إلى آثارها أو توجيه جديد من السماء. هذه الفترة هي أطول الفترات بين الرسل، ولذلك وصفها الله تعالى بقوله: عَلَى فَتْرَةٍ مِنْ الرُّسُلِ [المائدة:19].

الجاهلية ومقت الله لأهل الأرض قبل البعثة

في هذه الفترة امتلأت الأرض بالجهل فلذلك سميت بالجاهلية، وامتلأت بالطغيان فلذلك توزعت الأمم النفوذ، وتوزعت الثروات, ولم يبق لحكم الله تعالى أي ذكر فوق هذه الأرض، ولذلك أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن واقع تلك الفترة في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه، وهو حديث طويل يقول فيه: ( إن الله نظر إلى أهل الأرض, فمقتهم عربهم وعجمهم غير بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنما بعثتك لأمتحنك وأمتحن بك ).

ففي هذه الفترة نظر الله تعالى إلى أهل الأرض فمقتهم جميعاً, أي: حل عليهم مقت الله تعالى (غير بقايا من أهل الكتاب) وهم الرهبان المنفردون في دور العبادة لعبادة الله تعالى، وقيل: معناه بعد بعثته لمحمد صلى الله عليه وسلم، وهذا يقتضي أن الله تعالى بعد أن نظر إلى أهل الأرض فمقتهم نظر أيضاً إليهم بعين الرحمة فأهدى إليهم هذه الرحمة المهداة التي هي ختام لما قبلها، وأيضاً استمرار لكل ما يأتي بعدها وهي بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الخطاب البليغ المؤثر فقال: ( إنما بعثتك لأمتحنك وأمتحن بك ).

امتحان النبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة

الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه ممتحن بهذه الرسالة هل يؤديها على الوجه الأكمل كما قد حصل أو ينكص على عقبيه، فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه الرسالة، وكان لافتتاح هذه الرسالة إرهاصات عجيبة، منها تكوينه صلى الله عليه وسلم، والعناية الربانية به حيث خرج عن طور عصره، وشق صدره وغسل منه مأوى الشيطان، ثم بعد ذلك ربي تربية خاصة تقتضي أن يغلب في قلبه جانب الرحمة على جانب القوة، ولذلك ربي على رعاية الغنم في فترة من فترات حياته، وربي أيضاً يتيماً من الأبوين، وعاش في كنف جده ثم مات جده قبل بلوغه فعاش في كنف عمه، ولم يكن له أخ ولا أخت وكل هذا مؤثر من مؤثرات التربية فيه، وذلك ليكون انتسابه وانتماؤه لهذا الدين الذي يأتيه، وليكون اعتزازه وولاؤه لله تعالى الذي أرسله واختاره وقواه.

ولذلك خاطب الله تعالى المؤمنين به بقوله: إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة:40].

الرؤيا الصادقة في النوم

فأول ما بدأ به من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، والرؤيا الصادقة إذا كانت للأنبياء فهي وحي من السماء، ولذلك ذكرت في أنواع الوحي في سورة الشورى في قول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [الشورى:51].

فقول الله تعالى: (( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً )) أجمع المفسرون أن المقصود بالوحي هنا الرؤيا الصادقة في النوم، (( أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ )) وذلك ككلام موسى من الشجرة، (أَوْ يُرْسِلُ رَسُولاً) كما في القراءة الأخرى وهي بالرفع: (أَوْ يُرْسِلُ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ) يرسل رسولاً وهو الملك المقرب، وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالتفصيل عن هذه الصورة الأخيرة، وذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما، وأخرجه البخاري ثاني حديث في صحيحه فقال: أخبرنا عبد الله بن يوسف قال: حدثنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله! كيف يأتيك الوحي؟ فقال: أحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعيي عنه ما يقول، وأحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي, فيفصم عني وقد وعيت ما قال).

اعتبار فترة الرؤيا الصادقة من فترة الرسالة

فهذا البيان الشافي لطريقة نزول الوحي أيضاً منبه إلى هذه العوامل المؤثرة في تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد مكث صلى الله عليه وسلم ستة أشهر لا يأتيه من الوحي إلا الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، وهذه الأشهر الستة هي الأولى طبعاً من فترة الوحي, إذا أضيفت إلى فترة رسالته منذ البعثة إلى وفاته وهي ثلاث وعشرون سنة، وقسمناها تقسيماً على الطريق الحسابي فإن نسبة ستة أشهر إلى ثلاث وعشرين سنة هي نسبة جزء من ستة وأربعين جزءاً؛ لأن ثلاثاً وعشرين سنة لو وزعت على اثنين، مثلاً ستة أشهر هي نصف السنة لو ضربت في اثنين كم يصير؟ ثلاثة وعشرون لو ضربت في اثنين: النتيجة ستة وأربعون، ستة وأربعون جزء واحد منها كم عدده على هذا؟ عدده ستة أشهر.

ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءاً من أجزاء النبوة )، فأجزاء نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لو وزعناها على ستة أشهر وهي ثلاث وعشرون سنة، فيكون الجزء الواحد من ستة وأربعين جزءاً هي ستة أشهر، وهذه هي فترة الرؤيا الصادقة التي بُدئ بها الرسول صلى الله عليه وسلم.

في هذه الفترة امتلأت الأرض بالجهل فلذلك سميت بالجاهلية، وامتلأت بالطغيان فلذلك توزعت الأمم النفوذ، وتوزعت الثروات, ولم يبق لحكم الله تعالى أي ذكر فوق هذه الأرض، ولذلك أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عن واقع تلك الفترة في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه، وهو حديث طويل يقول فيه: ( إن الله نظر إلى أهل الأرض, فمقتهم عربهم وعجمهم غير بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنما بعثتك لأمتحنك وأمتحن بك ).

ففي هذه الفترة نظر الله تعالى إلى أهل الأرض فمقتهم جميعاً, أي: حل عليهم مقت الله تعالى (غير بقايا من أهل الكتاب) وهم الرهبان المنفردون في دور العبادة لعبادة الله تعالى، وقيل: معناه بعد بعثته لمحمد صلى الله عليه وسلم، وهذا يقتضي أن الله تعالى بعد أن نظر إلى أهل الأرض فمقتهم نظر أيضاً إليهم بعين الرحمة فأهدى إليهم هذه الرحمة المهداة التي هي ختام لما قبلها، وأيضاً استمرار لكل ما يأتي بعدها وهي بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الخطاب البليغ المؤثر فقال: ( إنما بعثتك لأمتحنك وأمتحن بك ).

الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه ممتحن بهذه الرسالة هل يؤديها على الوجه الأكمل كما قد حصل أو ينكص على عقبيه، فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه الرسالة، وكان لافتتاح هذه الرسالة إرهاصات عجيبة، منها تكوينه صلى الله عليه وسلم، والعناية الربانية به حيث خرج عن طور عصره، وشق صدره وغسل منه مأوى الشيطان، ثم بعد ذلك ربي تربية خاصة تقتضي أن يغلب في قلبه جانب الرحمة على جانب القوة، ولذلك ربي على رعاية الغنم في فترة من فترات حياته، وربي أيضاً يتيماً من الأبوين، وعاش في كنف جده ثم مات جده قبل بلوغه فعاش في كنف عمه، ولم يكن له أخ ولا أخت وكل هذا مؤثر من مؤثرات التربية فيه، وذلك ليكون انتسابه وانتماؤه لهذا الدين الذي يأتيه، وليكون اعتزازه وولاؤه لله تعالى الذي أرسله واختاره وقواه.

ولذلك خاطب الله تعالى المؤمنين به بقوله: إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة:40].

فأول ما بدأ به من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، والرؤيا الصادقة إذا كانت للأنبياء فهي وحي من السماء، ولذلك ذكرت في أنواع الوحي في سورة الشورى في قول الله تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [الشورى:51].

فقول الله تعالى: (( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً )) أجمع المفسرون أن المقصود بالوحي هنا الرؤيا الصادقة في النوم، (( أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ )) وذلك ككلام موسى من الشجرة، (أَوْ يُرْسِلُ رَسُولاً) كما في القراءة الأخرى وهي بالرفع: (أَوْ يُرْسِلُ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ) يرسل رسولاً وهو الملك المقرب، وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالتفصيل عن هذه الصورة الأخيرة، وذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما، وأخرجه البخاري ثاني حديث في صحيحه فقال: أخبرنا عبد الله بن يوسف قال: حدثنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله! كيف يأتيك الوحي؟ فقال: أحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعيي عنه ما يقول، وأحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي, فيفصم عني وقد وعيت ما قال).

فهذا البيان الشافي لطريقة نزول الوحي أيضاً منبه إلى هذه العوامل المؤثرة في تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد مكث صلى الله عليه وسلم ستة أشهر لا يأتيه من الوحي إلا الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، وهذه الأشهر الستة هي الأولى طبعاً من فترة الوحي, إذا أضيفت إلى فترة رسالته منذ البعثة إلى وفاته وهي ثلاث وعشرون سنة، وقسمناها تقسيماً على الطريق الحسابي فإن نسبة ستة أشهر إلى ثلاث وعشرين سنة هي نسبة جزء من ستة وأربعين جزءاً؛ لأن ثلاثاً وعشرين سنة لو وزعت على اثنين، مثلاً ستة أشهر هي نصف السنة لو ضربت في اثنين كم يصير؟ ثلاثة وعشرون لو ضربت في اثنين: النتيجة ستة وأربعون، ستة وأربعون جزء واحد منها كم عدده على هذا؟ عدده ستة أشهر.

ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءاً من أجزاء النبوة )، فأجزاء نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لو وزعناها على ستة أشهر وهي ثلاث وعشرون سنة، فيكون الجزء الواحد من ستة وأربعين جزءاً هي ستة أشهر، وهذه هي فترة الرؤيا الصادقة التي بُدئ بها الرسول صلى الله عليه وسلم.

ثم كان من تكوينه أن حبب إليه الخلاء, فكان يخلو في غار حراء فيتحنث فيه، معناه يتعبد، وهو التعبد الليالي ذوات العدد، وذلك ليخرج عن هذه الدنيا وعن ما فيها، وعن ما يعلو فوق سطحها من الأوهام والخرافات، وعما يصبغها من صبغة الشرك، ونفاياته، فخرج الله رسوله صلى الله عليه وسلم إلى قمة هذا الجبل الوعر، وحبب إليه الخلو فيه بنفسه وبربه، فكان يتعبد في هذه الفترة. وقد اختلف العلماء في تعبده بأي ملة كان؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يبين لنا بأي ملة تعبد هو ربه في هذه الفترة، ولكن الراجح من الأقوال: أنه كان بملة إبراهيم.

النزول من الغار والمرحلة الثانية من الوحي

ثم نزل من قمة هذا الجبل إلى الأرض بعد أن أتاه الملك في آخر ليلة السابع والعشرين من رمضان على تمام ستة أشهر كما ذكرنا من تحبيب الخلاء، وقد غطه الملك ثلاثاً، وفي كل ذلك يبلغ منه الجهد، ثم يرسله وأنزل عليه قول الله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ [العلق:1-3]، فنزل بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خديجة يرجف فؤاده وقال: (زملوني زملوني)، وكانت هذه النزلة من رأس هذا الجبل بداية عهد جديد وبداية تفاعل بين المجتمع الأرضي، وبين مجلس الصدق عند مليك مقتدر جل وعلا، فنزل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أهل الأرض وهم حينئذٍ قد شملهم المقت، فأهل مكة كلهم قد دخلوا في هذا المقت في ذلك الوقت, وما هم إلا مثال واحد من أمثلة قرى الأرض، قد شملهم المقت ما عدا رجالاً محصورين معدودين على الأصابع منهم: ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب وهو ابن عم خديجة ، ومنهم أيضاً: زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب وهو والد سعيد بن زيد وابن عم عمر بن الخطاب .

الأمر بالنذارة وتحديد الوظيفة

جاء الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذا المجتمع وبدأ تكوين النواة الأولى اقتداءً بهذا الأمر الكريم، وهو قول الله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق:1]. فبدأ يقرأ ما أنزل إليه من ربه، ولكن فتر الوحي هنا, وهذا يدلنا على أهمية التربية في مجال التعليم؛ فتر الوحي بعد أن نزل عليه قول الله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ [العلق:1-3]. فتر الوحي ثلاث سنوات لا يأتيه جبريل ، فلما انتهت فترة الوحي بدأ فترة جديدة، وهي أمره بالنذارة والبشارة، وتحديد وظيفته صلى الله عليه وسلم، فحددت له وظيفته من البشارة والنذارة في قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ [المدثر:1-2].

فبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم علاج هذا المجتمع الذي قد حل عليه مقت الله تعالى، وبدأ يمارس فيه وظيفته التي وظفه فيها ربه جل وعلا، وكان في ذلك مؤيداً بعناية الله تعالى وبنصح الملك الذي يأتيه وبالوحي الذي ينزل عليه، وما هذا إلا بداية خيط هو الذي سنصل إليه، وهو: مصادر التشريع, بمعنى: نزول الوحي التشريعي عليه صلى الله عليه وسلم.

في هذه الحياة التي أشرنا إلى بعض معالمها نزل الأمر الرباني إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بأن ينذر، وبدأ نزول الوحي وحمي وتتابع، فكانت بداية الوحي بعد فترة الرؤيا الصادقة هي هذا القرآن، فالرؤيا الصادقة لم يكن فيها أمر ولا نهي, وإنما كان فيها تكوين روحي وتقوية حتى يقوى روحه صلى الله عليه وسلم على السماع من الملك وعلى مخالطة الملائكة.

من فوائد خلوته صلى الله عليه وسلم في الغار

وكذلك فترة الخلوة التي حبب فيه إليه الخلاء كانت لتقوية روحه بانفصاله عن بني آدم حتى يستعد لمخاطبة الملائكة، ولا شك أن من يكثر الاختلاء بنفسه من بني البشر يكون أشجع من غيره، وبالأخص إذا كانت الخلوة في مكان موحش كقمة جبل وعر في ظلام شديد، فإذا كان الشخص يذهب إلى الأماكن الخالية البعيدة, ويستغرق فيها في فترات الظلام المتقطعة، فلا شك أنه سيكتسب شجاعة وقوة، وهذا ما حصل في تربيته صلى الله عليه وسلم.

ثم نزل من قمة هذا الجبل إلى الأرض بعد أن أتاه الملك في آخر ليلة السابع والعشرين من رمضان على تمام ستة أشهر كما ذكرنا من تحبيب الخلاء، وقد غطه الملك ثلاثاً، وفي كل ذلك يبلغ منه الجهد، ثم يرسله وأنزل عليه قول الله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ [العلق:1-3]، فنزل بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خديجة يرجف فؤاده وقال: (زملوني زملوني)، وكانت هذه النزلة من رأس هذا الجبل بداية عهد جديد وبداية تفاعل بين المجتمع الأرضي، وبين مجلس الصدق عند مليك مقتدر جل وعلا، فنزل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أهل الأرض وهم حينئذٍ قد شملهم المقت، فأهل مكة كلهم قد دخلوا في هذا المقت في ذلك الوقت, وما هم إلا مثال واحد من أمثلة قرى الأرض، قد شملهم المقت ما عدا رجالاً محصورين معدودين على الأصابع منهم: ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب وهو ابن عم خديجة ، ومنهم أيضاً: زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب وهو والد سعيد بن زيد وابن عم عمر بن الخطاب .

جاء الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذا المجتمع وبدأ تكوين النواة الأولى اقتداءً بهذا الأمر الكريم، وهو قول الله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق:1]. فبدأ يقرأ ما أنزل إليه من ربه، ولكن فتر الوحي هنا, وهذا يدلنا على أهمية التربية في مجال التعليم؛ فتر الوحي بعد أن نزل عليه قول الله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ [العلق:1-3]. فتر الوحي ثلاث سنوات لا يأتيه جبريل ، فلما انتهت فترة الوحي بدأ فترة جديدة، وهي أمره بالنذارة والبشارة، وتحديد وظيفته صلى الله عليه وسلم، فحددت له وظيفته من البشارة والنذارة في قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ [المدثر:1-2].

فبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم علاج هذا المجتمع الذي قد حل عليه مقت الله تعالى، وبدأ يمارس فيه وظيفته التي وظفه فيها ربه جل وعلا، وكان في ذلك مؤيداً بعناية الله تعالى وبنصح الملك الذي يأتيه وبالوحي الذي ينزل عليه، وما هذا إلا بداية خيط هو الذي سنصل إليه، وهو: مصادر التشريع, بمعنى: نزول الوحي التشريعي عليه صلى الله عليه وسلم.

في هذه الحياة التي أشرنا إلى بعض معالمها نزل الأمر الرباني إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بأن ينذر، وبدأ نزول الوحي وحمي وتتابع، فكانت بداية الوحي بعد فترة الرؤيا الصادقة هي هذا القرآن، فالرؤيا الصادقة لم يكن فيها أمر ولا نهي, وإنما كان فيها تكوين روحي وتقوية حتى يقوى روحه صلى الله عليه وسلم على السماع من الملك وعلى مخالطة الملائكة.




استمع المزيد من الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
خطورة المتاجرة بكلمة الحق 4771 استماع
بشائر النصر 4274 استماع
أسئلة عامة [2] 4115 استماع
المسؤولية في الإسلام 4042 استماع
كيف نستقبل رمضان [1] 3979 استماع
نواقض الإيمان [2] 3934 استماع
اللغة العربية 3918 استماع
عداوة الشيطان 3918 استماع
المسابقة إلى الخيرات 3890 استماع
القضاء في الإسلام 3881 استماع