تفسير سورة إبراهيم (5)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصِ الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس إن شاء الله كتاب الله، راجين أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

وها نحن مع سورة إبراهيم الخليل عليه السلام، فهيا بنا نصغي مستمعين إلى تلاوة الآيات مجودة مرتلة، ثم نتدارسها، والله نسأل أن يفتح علينا، وأن يعلمنا وينفعنا بما يعلمنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ * مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ * أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ [إبراهيم:15-20].

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَاسْتَفْتَحُوا [إبراهيم:15] أي: طلبوا الفتح والنصر، من هؤلاء؟ هم الرسل عليهم الصلاة والسلام، إذ كان السياق في حديث الله عنهم وبيان حالهم مع أممهم.

وقد تقدم ذكر هود وصالح ونوح قبل ذلك وإبراهيم، وهنا يقول تعالى: وَاسْتَفْتَحُوا [إبراهيم:15] أي: طلبوا الفتح من الله، الذي هو النصر لهم، وَاسْتَفْتَحُوا [إبراهيم:15] ففتح الله عليهم، واستنصروا الله فنصرهم، إي والله.

وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ [إبراهيم:15] الجبار: الذي يتكبر ويطغى ويجبر الناس على مراده وعلى هواه وشهوته وذلك لجبروته، والعنيد: ذاك الذي يعاند ولا يقبل الحق ولا المعروف، دائماً في معاندة وكبرياء، خاب والله، خاب الجبابرة وهلكوا بالعذاب في الدنيا بالخسف أو الرعد والصواعق، أما في الآخرة فستسمعون.

وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ [إبراهيم:15]، قاموا بدعوة الكفر والشرك وحاربوا رسول الله وأولياء الله المؤمنين، ولكن هل انتصروا؟ الجواب: لا، وانظر إلى عاقبتهم وكيف آل أمرهم إلى الدمار والخراب والخسران، وهذه سنة الله، ما من نبي ولا رسول يدعو إلى ربه ويثبت، ثم يستفتح الله ويطلب منه النصر والفتح إلا استجاب الله تعالى له، وأهلك الجبابرة وتلك الأمة الكافرة، وهذا إخبار الله بما وقع.

وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ [إبراهيم:15] وإلى الآن والله ليخيبن كل جبار عنيد مهما طغى واستعلى.

وقال تعالى: مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ [إبراهيم:16] هذا الذي هلك أهلكه الله لعناده وجبروته وطغيانه وكفره، مِنْ وَرَائِهِ [إبراهيم:16] أي: من أمامه جَهَنَّمُ [إبراهيم:16]، ما هو هلاك الدنيا فقط بالتدمير والتخريب ولكن وراءه عذاب آخر: جَهَنَّمُ [إبراهيم:16]، ولاحظ مِنْ وَرَائِهِ [إبراهيم:16] بمعنى من بعده، فيأتي إليها بعد موته، وجهنم -يا معشر الأبناء والإخوان- اسم علم على دركة من دركات النار وطبقة من طبقاتها، وهي شر طبقات النار، جَهَنَّمُ [إبراهيم:16].

مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ [إبراهيم:16] عندما يعطش ويلهث كالكلب ويطلب الماء تسقيه الزبانية، من أين؟ من ماء الصديد، والصديد معروف عندنا، والحقيقة أن هذا الماء هو ما يسيل من فروج الزناة، وهو عرق أهل النار ودموعهم وقيوحهم ودماؤهم فإنها تصبح أنهاراً يسقون منها، ما هنالك ماء إلا هذا.

وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ [إبراهيم:16]، وهذا الماء يطلبونه لشدة العطش والظمأ، فيقدم لهم فيستجرع الجرعة فلا يستطيع أن يستسيغه إلى بطنه أبداً، وتسقط فروة رأسه من ذلك الماء الحار في ذلك الإناء: كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ [الكهف:29].

قال تعالى: وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ [إبراهيم:16-17]، والتجرع هو: طلب الماء جرعة بعد جرعة في فمه، وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ [إبراهيم:17] ولا يكاد ولا يقرب أبداً بحال أن يستسيغه ويدخله إلى بطنه وجوفه، وذلك لشدة مرارته وحرارته وخبثه.

يا معشر الأبناء! قولوا: الحمد لله أننا مؤمنون مسلمون نرجو الله والدار الآخرة، فبلايين الكفار في كل مكان من هذه الأرض هم أهل هذا العذاب، وهم متهيئون له مستعدون، من ينجيهم؟ من ينقذهم؟ والله لا أحد إلا الله، وهذا حكم الله فيهم.

يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ [إبراهيم:17]، يأتيه الموت من فوقه ومن تحته وعن يمينه وعن شماله بأنواع العذاب التي تصب عليه، أي عذاب كان يميته، ولكن لا يموت؛ لأنه لو مات استراح من العذاب.

وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ [إبراهيم:17] من فوق ومن تحت وعن يمينه وشماله؛ إذ كل عذاب يصب عليه يميته لو كان يموت ولكن لا يموت، لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا [طه:74]، هذا الشقي صاحب النفس الخبيثة والروح العفنة المنتنة التي ما طابت ولا طهرت بالإيمان وصالح الأعمال ولكن خبثت بالشرك والذنوب والآثام، هذه أخبار الله جل جلاله وعظم سلطانه، وهي أحكامه وقضاؤه فلنتدبر.

وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ [إبراهيم:17] هذا عذاب الآخرة، عذاب الدنيا خفيف رقيق ما هو بغليظ ولا شديد، وإن كان خسفاً ودماراً، أو مسخاً وتدميراً، لكن عذاب الآخرة هو العذاب الدائم الشديد: وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ [إبراهيم:17].

من هذا يرحمكم الله؟ هذا كل كافر ومشرك مات على كفره وشركه، وإن كان ابناً لنبي أو أباً لرسول؛ لأن هذا هو حكم الله.

الحكم الإلهي بفوز النفس الزكية وخسارة النفس الخبيثة

أكرر هذا الحكم، يا معاشر المستمعين والمستمعات! أقسم الجبار أعظم إقسام فقال: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، سمعتم سورة الشمس وضحاها؟ نصفها أقسام الله وأيمانه، والمقسم عليه والمحلوف عليه: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10] من أبيض أو أصفر أو أسود، غنياً أو فقيراً، في الأولين أو الآخرين، فمن زكى نفسه باستعمال مواد التزكية والتطهير وجنبها مواد التلويث والتخبيث فقد أفلح وفاز ونجا من عذاب النار ودخل الجنة ليخلد في النعيم المقيم، ومن دساها وأخبثها ولوثها وعفنها وأنتنها بما يصب عليها من أوضار الكفر والشرك والذنوب والآثام، ثم ما تاب ولا غسل ولا طاب وتطهر ومات كذلك فحكم الله فيه الخيبة والخسران، حتى ولو كان ابن النبي أو أباه.

مرة ثانية تأملوا هذا الحكم: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:10] هل فيكم من لا يعرف الفلاح ما هو؟ إنه ضد الخيبة والخسران، زَكَّاهَا [الشمس:9] من هي هذه التي يزكيها؟ نفسه، روحه التي بين جنبيه، وتزكيتها تطييبها وتطهيرها، ويتجلى ذلك -والله- في الدنيا، فإن صاحب هذه النفس الطاهرة الزكية يموت ولا يفسق ولا يجرم لطهارة روحة وزكاة نفسه.

مرة ثانية اسمعوا هذا الخبر الإلهي وحكم الله: وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ [إبراهيم:15-17].

أكرر هذا الحكم، يا معاشر المستمعين والمستمعات! أقسم الجبار أعظم إقسام فقال: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، سمعتم سورة الشمس وضحاها؟ نصفها أقسام الله وأيمانه، والمقسم عليه والمحلوف عليه: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10] من أبيض أو أصفر أو أسود، غنياً أو فقيراً، في الأولين أو الآخرين، فمن زكى نفسه باستعمال مواد التزكية والتطهير وجنبها مواد التلويث والتخبيث فقد أفلح وفاز ونجا من عذاب النار ودخل الجنة ليخلد في النعيم المقيم، ومن دساها وأخبثها ولوثها وعفنها وأنتنها بما يصب عليها من أوضار الكفر والشرك والذنوب والآثام، ثم ما تاب ولا غسل ولا طاب وتطهر ومات كذلك فحكم الله فيه الخيبة والخسران، حتى ولو كان ابن النبي أو أباه.

مرة ثانية تأملوا هذا الحكم: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:10] هل فيكم من لا يعرف الفلاح ما هو؟ إنه ضد الخيبة والخسران، زَكَّاهَا [الشمس:9] من هي هذه التي يزكيها؟ نفسه، روحه التي بين جنبيه، وتزكيتها تطييبها وتطهيرها، ويتجلى ذلك -والله- في الدنيا، فإن صاحب هذه النفس الطاهرة الزكية يموت ولا يفسق ولا يجرم لطهارة روحة وزكاة نفسه.

مرة ثانية اسمعوا هذا الخبر الإلهي وحكم الله: وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ [إبراهيم:15-17].

ثم قال تعالى وقوله الحق: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ [إبراهيم:18] صفتهم التي تعرفونها أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ [إبراهيم:18].

مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا [إبراهيم:18] حالهم وشأنهم وصفتهم: أَعْمَالُهُمْ [إبراهيم:18] التي هي صلة الأرحام، بر الوالدين، إطعام الجائع، فك الأسير، إذا كانت أعمالهم صالحة، على سبيل المثال: النصارى اليوم عندهم مستشفيات للعلاج مجاناً وأدوية يوزعونها، هذه الأعمال والله كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً [النور:39]، وقد كان المشركون في مكة كانوا يصلون الرحم، كانوا يطعمون الجائع، كانوا وكانوا، هل أعمالهم هذه نفعتهم؟ والله لم تنفعهم؛ لأنهم ماتوا وأنفسهم خبيثة منتنة كأنفس الشياطين، فهيهات هيهات أن يدخلوا دار السلام مع الأبرار والصالحين!

وهذه أحكام الله تحملها أخباره الصادقة فيقول: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا [إبراهيم:18] وأشركوا به، ما معنى الكفر بالله؟ عدم الإيمان بلقائه والوقوف بين يديه، عدم الإيمان برسله وكتبه، عدم الإيمان بأنه خالق كل شيء ورب كل شيء، عدم الإيمان بتوحيده، فعبدوا معه غيره، وأشركوا في عبادته غيره من هذه المخلوقات.

مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ [إبراهيم:18] الرماد الذي ينتج بعد الإحراق بالنار من حطب أو غير ذلك، اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ [إبراهيم:18] العاصفة فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ [إبراهيم:18] لا يستفيدون من شيء مما عملوه من أعمال البر والخير في الدنيا.

الإيمان شرط لقبول العمل

وهذه تحتاج إلى موقف يا معشر الأبناء والإخوان، لا تفهم أن العمل الصالح إذا كانت النفس الخبيثة أنه ينفعهم، ما ينفعهم، فالمشرك بالله والكافر به مهما بذل، مهما أنفق في وجوه البر والإحسان والله لا يستفيد من ذلك ولا ينتفع به.

إذاً: يجب أن يؤمن أولاً، فإذا آمن وصدق إيمانه وأقبل على الصالحات فحينئذ كل عمل من صالح الأعمال يزكي نفسه ويرفع درجته في الدرجات العلا في جنة عدن.

مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ [إبراهيم:18] تعرفون العواصف التي مع الرياح، فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ [إبراهيم:18] ما ينتفعون بشيء من أعمالهم الصالحة التي عملوها في الدنيا وهم مشركون كافرون.

خسران العمل ضلال بعيد

ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ [إبراهيم:18] ما هو الضلال البعيد؟ هو: أن يعمل المرء من الصالحات ويتعب ويشقى ولا يثاب عليها ولا ينتفع بها، هذا هو الذي ضل ضلالاً بعيداً، وكل كافر وكل مشرك قد ضل ضلالاً بعيداً لا يرجع مع هذا الضلال للحق والنور والهداية الإلهية إلا إذا تاب توبة الصدق والنصح وعاد إلى الله ولو يوماً واحداً في عمره، فيرجى له السعادة والكمال؛ لأن نفسه تطهر بتلك التوبة، أما أن يموت على شركه وكفره فإنه لا ينتفع بشيء من أعماله التي يعملها في الدنيا.

ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ [إبراهيم:18] أي ضلال أبعد من هذا: يعمل الصالحات ولا يثاب عليها؟

وهذه تحتاج إلى موقف يا معشر الأبناء والإخوان، لا تفهم أن العمل الصالح إذا كانت النفس الخبيثة أنه ينفعهم، ما ينفعهم، فالمشرك بالله والكافر به مهما بذل، مهما أنفق في وجوه البر والإحسان والله لا يستفيد من ذلك ولا ينتفع به.

إذاً: يجب أن يؤمن أولاً، فإذا آمن وصدق إيمانه وأقبل على الصالحات فحينئذ كل عمل من صالح الأعمال يزكي نفسه ويرفع درجته في الدرجات العلا في جنة عدن.

مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ [إبراهيم:18] تعرفون العواصف التي مع الرياح، فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ [إبراهيم:18] ما ينتفعون بشيء من أعمالهم الصالحة التي عملوها في الدنيا وهم مشركون كافرون.

ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ [إبراهيم:18] ما هو الضلال البعيد؟ هو: أن يعمل المرء من الصالحات ويتعب ويشقى ولا يثاب عليها ولا ينتفع بها، هذا هو الذي ضل ضلالاً بعيداً، وكل كافر وكل مشرك قد ضل ضلالاً بعيداً لا يرجع مع هذا الضلال للحق والنور والهداية الإلهية إلا إذا تاب توبة الصدق والنصح وعاد إلى الله ولو يوماً واحداً في عمره، فيرجى له السعادة والكمال؛ لأن نفسه تطهر بتلك التوبة، أما أن يموت على شركه وكفره فإنه لا ينتفع بشيء من أعماله التي يعملها في الدنيا.

ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ [إبراهيم:18] أي ضلال أبعد من هذا: يعمل الصالحات ولا يثاب عليها؟




استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
تفسير سورة النحل (25) 4585 استماع
تفسير سورة النحل (4) 4007 استماع
تفسير سورة إبراهيم (9) 3687 استماع
تفسير سورة الحجر (12) 3606 استماع
تفسير سورة النحل (13) 3540 استماع
تفسير سورة النحل (3) 3503 استماع
تفسير سورة إبراهيم (12) 3462 استماع
تفسير سورة النحل (16) 3358 استماع
تفسير سورة النحل (1) 3225 استماع
تفسير سورة الحجر (6) 3155 استماع