أَمِنَ الْبُرُوجِ تُعَدُّ أَكْنَافُ الْحِمَى
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أَمِنَ الْبُرُوجِ تُعَدُّ أَكْنَافُ الْحِمَى | فلقدْ حوتْ منهُ الملاعبُ أنجما |
مَغْنى ً تَوَهَّمَتِ الْحِسَانُ بِأَرْضِهِ | أنَّ الهبوطَ بهِ العروجُ إلى السّما |
أكرمْ بها منْ أوجهٍ في أوجهِ | طلعتْ على جيشِ الدّجا فتصرّما |
فَلَكٌ تَدَلَّى أَطْلَساً وَإِذَا اسْتَوى | هبطتْ بهِ مصرٌ فصارَ منجّما |
فِي كُلِّ سِرْبٍ مِنْ فَرَائِدِ سِرْبِهِ | وَضَعَ الْجَمَالُ مِنَ الْفَرَاقِدِ تَوْأَمَا |
حَسَدَ الْهِلاَلُ بِهِ السِّوَارَ فَوَدَّ أَنْ | لَوْ حَالَ مِنْ بدَلِ الذِّرَاعِ الْمِعْصَمَا |
حَتَّى إِذَا سَطَعَتْ مَجَامِرُ نَدِّهِ | لَبِسَ النَّهَارُ عَلَيْهِ لَيْلاً مُظْلِمَا |
إنْ كانَ ما بينَ الدّيارِ قرابة ٌ | فَلَهُ إِلَى دَارِيْنَ أَطْيَبُ مُنْتَمَى |
حرمٌ يمسي بهُ المهنّدُ محرماً | وَتَرَى بِهِ الْمَاءَ الْمُبَاحَ مُحَرَّمَا |
أروتهُ ضاحكة ُ السّيوفِ بدمعها | حَتَّى نَهَتْ عَنْ تُرْبِهِ الْمُتَيَمِّمَا |
سَقْياً لَهُ مِنْ مَنْزِلٍ نَزَلَ الْهَوَى | بربوعهِ وبنى الخيامَ وخيّما |
وَبِمُهْجَتِي الْعَرَبُ الأُولَى لَوْلاَهُمُ | لَمْ تُعْرِبِ الأَجْفَانُ سِرّاً مُعْجَمَا |
عربٌ إذا ما البرقُ ضاحكَ بينهم | خجلاً بأذيالِ السّحابِ تلثّما |
يَا قَلْبُ أَيْنَكَ مِنْ بُلُوغِ بُدُورِهِمْ | ولو اتّخذتَ منْ حبالِ شمسكَ سلّما |
غُرٌّ تَغَانَوْا بِالْقُدُودِ عَن الْقَنَا | وَكَفَاهُمُ حُورُ الْعُيُونِ الأَسْهُمَا |
لَبِسَتْ أُسُودُهُمُ الْحَدِيدِ مُسَرَّداً | وظباؤهمْ وشيَ الحريرِ مسهّما |
تَبْدُو بِحَيِّهِمِ الْغَزَالَة ُ فِي الدُّجَى | والبدرُ يطلعُ بالنّهارِ مغمّما |
منْ كلِّ ضرغامٍ بظهرِ نعامة ٍ | لِلْطَّعْنِ يُمْسِكُ فِي الأَنَامِلِ أَرْقُمَا |
مَحَتِ السَّوَادَ خُدُودُهُمُ فَتَوَرَدَّتْ | وَجِفَانَهُمْ مِمَّا سَفَكْنَ مِنْ الدِّمَا |
تَجْرِي لَطَافَتُهُ بِشِدَّة ِ بَأْسِهِ | فيلينُ خطياً ويبسمُ مخذما |
عَشِقُوا الرَّدَى فَتَطَّلَبُوا أَسْبَابَهُ | فلذاكَ هاموا في العيونِ تيمّما |
وَتَرَشَّفُوا شَهْدَ الشِّفَاهِ لأَنَّهَا | تحكي اسمرارَ اللّدنِ في لونِ اللّمى |
ولحبّهمْ سفكَ الدّماءِ وشربها | شربوا لخمرتها المدامَ توهّما |
سَجَنُوا العَذَارَى فِي الْخِيَامِ فَأَشْبَهَتْ | خفراتها بقبابهمْ صورَ الدّمى |
سدّوا الكرى منْ دونهنَّ على الصّبا | كيلا يمرُّ بها النّسيمُ مسلّما |
بِوُجُوهِ فِتْيَتِهِمْ مَلاَحَة ُ يُوسُفٍ | ومآزرُ الفتياتِ عفّة ُ مريما |
ظَهَرَ الْجَمَالُ وَكَانَ مَعْنى ً نَاقِصاً | حتّى ألمَّ بحيّهمْ فتتمّما |
والدّرُّ في الدّنيا تفرّقَ شملهُ | حَتَّى حَوَتْهُ شِفَاهُهُمْ فَتَنَظَّمَا |
عذلوا السلوَّ عنِ القلوبِ وحكّموا | فِيهِنَّ سُلْطَانَ الْهَوَى فَتَحَكَّمَا |
للهِ كَمْ فِي حَيِّهمْ مِنْ جُؤْذُرٍ | يَسْطُو بِمُهْجَتِهِ فَيَصْرَعُ ضَيْغمَا |
ولكمْ بهمْ خدٌّ تورّدَ لونهُ | جدلاً وخدٌّ بالدّموعِ تعندما |
نظراتهمْ تردي القلوبَ كما غدتْ | يدُ محسنٍ تروي العطاشَ الهوّما |
غَيْثٌ لَدَيْهِ رِيَاضُ طُلاَّبِ النَّدَى | تزهو بروّادِ النّضارِ إذا همى |
سَمْحٌ أَيَادِيهِ لَنَا كَمْ أَوْضَحَتْ | منْ غرّة ٍ بجبينِ خطبٍ أدهما |
حسنٌ أزيدَ بهِ الزّمانُ ملاحة ً | فحلتْ ملاحتهُ وكانتْ علقما |
تلقاهُ في الأيامِ إمّا ضارباً | أو طاعناً أو معطياً أو مطعما |
طوراً تراهُ لجّة ً مورودة ً | عذبتْ وآونة ً شهاباً مضرما |
لَبِسَ الْعُلاَ قَبْلَ الْقِمَاطِ وَقَبْلَ مَا | خلعَ التّمائمَ بالسّلاحِ تختّما |
في وجههِ نورُ الهدى وبغمدهِ | نارُ الرّدى وبكفّهِ بحرٌ طمى |
لو أنَّ بعضاً منْ سماحة ِ كفّهِ | بِيَمِينِ قَارُونٍ لأَصْبَحَ مُعْدِمَا |
علمٌ على ظهرِ الجوادِ تظنّهُ | علماً تعرّضَ للكتائبِ معلما |
يهتزُّ منْ طربٍ مهنّدهُ فلو | غنّى الجمادُ لكادَ أنْ يترنّما |
وَيَكَادُ يَنْطِقُ فِي الْبَنَانِ يَرَاعُهُ | لو أنَّ مقطوعَ اللّسانِ تكلّما |
وافى وطرفُ المجدِ غضَّ على القذى | دَهْراً فَأَبْصَرَ فِيْهِ مِنْ بَعْدِ الْعمَى |
وأتى الزّمانَ وقدْ تقطّبَ وجههُ | غَضَباً عَلَى أَبْنَائِهِ فَتَبَسَّمَا |
قَمَرٌ تَلُوحُ بِوَجْهِهِ سِمَة ُ الْعُلاَ | فترسّما آثارها وتوسّما |
وتأملاهُ فتمَّ نورُ سعادة ٍ | وسيادة ٍ يأبى العلا أنْ يكتما |
تهمي براحتهِ السّيوفُ على العدا | نقماً تعودُ على المحبّة ِ أنعما |
نارُ الحديدِ لديهِ في حرِّ الوغى | أَشْهَى مِنَ الْمَاءِ الزُّلاَلِ عَلَى الظَّمَا |
لَيْسَ الْحَيَا طَبْعاً خَلِيقَتُهُ الْسَّخَا | بلْ علّمتهُ أكفّهُ فتعلّما |
لَوْلاَ فَصَاحَتُهُ وَنِسْبَة ُ حَيْدَرٍ | لَظَنَنْتُهُ يَوْمَ الْكَرِيهَة ِ رُسْتَمَا |
وَلَدٌ لأَكْرَمِ وَالِدٍ مِنْ مَعْشَرٍ | ورثوا المكارمَ أكراماً عنْ أكرما |
عنْ جدّهِ يروي أبوهُ مآثراً | لأَبِيهِ وَهْوَ الْيَوْمَ يَرْوِي عَنْهُمَا |
وَكَذَاكَ إِخْوَتُهُ الْكِرَامُ جَمِيعُهُمْ | نقلوا رواياتِ المحامدِ منهما |
منْ شئتَ منهم ْتلقهُ في حربهِ | والسّلمُ ليثَ وغى ً وبحراً منعما |
غُرٌّ بِأَخْلاَقِ الْكِرَامِ تَشَابَهُوا | حتى رأينا الفرقَ أمراً مبهما |
فهمُ البدورُ السَّاطعات وإنَّما | بالعدلِ بينهمُ الكمالُ تقشَّما |
مولايَ أنتمْ سادتي وسيادتي | منكم وقدري في مدائحكمْ سما |
قَرَّبْتُمُونِي مِنْ رَفِيعَ جَنَابِكُمْ | فغدوتَ مرفوعَ الجنابِ معظَّما |
لَو لَمْ يكَلِّفْنِي الْسُّجُودَ لِشُكْرِهَا | نعماؤكمْ عندي بلغت المرزما |
للهِ دُّرك من لبيب رأيهُ | لم يحظِ أغراضَ الزَّمانِ إذا رمى |
هنّيتَ بالولدِ السَّعيد وخنته | ورعاه خالقهُ الحفيظُ وسلَّما |
وَلَدٌ تَصَوَّرَ يَوْمَ مَوْلِدِهِ النَّدَى | وَالْمَجْدُ عَادَ إِلَى الشَّبِيبَة ِ بَعْدَمَا |
حملتْهُ من قمر الدُّجى شمسُ الضُّحى | نَالَتْ بِهِ نَجْلاً تَخَيَّلُهُ هُمَا |
طهَّرته بالختنِ وهوَ مطهرٌ | قَبْلِ الْخِتَانِ تَشَرُّعاً وَتَكَرُّمَا |
أَنَّى يُطَهَّرُ بِالْخِتَانِ صَبِيُّكُمْ | أو تنجسونَ وأنتم ماءُ السَّما |
شَهِدَتْ لَكْمْ آيُ الْكِتَابِ بِأَنَّكُمْ | منذُ الولادة طاهرونَ وقبل ما |
أنتمْ بنو المختارِ أشرفُ عترة ٍ | فعليكمُ صلَّى الإلهُ وسلَّما |